إلى أين أيها المسلمون... الصورة الكاملة

منذ 2013-02-08

أيها الإخوة، الأمر جد خطير و لابد من إعادة الرؤية والتصور بين التيارات الإسلامية، وعدم التسرع في اتخاذ القرارات... فما سنصنعه بأيدينا الآن سيحسب علينا أمام الله وسيصعب على أبنائنا وأحفادنا تغييره بسهولة...


الأمر في غاية البساطة وهو أننا فريق كرة قدم محترف تم استدراجه لمواجهة فريق كرة سلة محترف.
ولكن ليس في ماتش لكرة القدم بل ماتش كرة سلة.... فالنتيجة الطبيعية أن فريق كرة القدم ولو كان أحسن فريق في العالم سيهزم هزيمة ساحقة....
نعم أيها الإخوة... نحن نلعب بأدوات الخصم و ليست أدواتنا... نزعت منا كل أسباب القوة الكامنة... تدربنا سنوات طوال للعب كرة القدم و فوجئنا بأننا نلعب السلة.... الحركة الإسلامية تعيش أكبر تناقض مرت به عبر التاريخ نتكلم لغة لا نفهمها (من يضع المفردات و معانيها... هو من يمتلك أدواتها)، كيف تم استدراجنا إلى هذا الشرك...؟ هل يتسنى لنا المخاطرة بمشروعنا الذي نعيش من أجله؟؟... وندخله في هذا الشرك الكبير... و نجد المبررات الشرعية لذلك... لعلنا سنتعلم أدوات الخصوم اثناء اللعب... ؟؟
هل هي محاولات السقوط الثاني للخلافة الاسلامية...؟؟

نعم قد يسأل البعض هل توجد أصلا دولة الخلافة حتى تسقط ؟
الإجابة نعم موجودة فعلا و لكن في نفوس المسلمين... الصادقين... لم تستطع كل الأساليب الخبيثة، والتشويه المعرفي، والتخريب الأيدولوجي... في إسقاط الفكرة، ظلت الفكرة حية عبر التاريخ في نفوس الناس ظلت تراود الأمة من وقت لآخر... ظلت المحاولات لا تنقطع، استشهد من أجلها آلاف المخلصين تعددت المناهج ولكن الفكرة واحدة حية لم تمت ولن تموت بإذن الله، ولكننا يبدو أننا نساعد في محاولة تفريغها التام من عناصر قوتها دون أن ندري، نعم أيها الإخوة... رضينا الدنية في ديننا... قدمنا السبت... والقوم إجازة يوم الأحد ولم ولن نحصل على شيء.... يبدو أننا نحاول أن نجد في سنن الله ثغرة... ولكننا أيضا نعلم يقينا أننا لن نجد في سنن الله تبديلا ولا تحويلا... السقوط الأول كان سقوطا سياسيا فقط تحت ضغوط القوى... الاستعمارية... ولكنه كان سقوطا شكليا سطحيا فقط... أما الآن فالأمر أكثر خطورة... الأمر هو سقوط حقيقي للمشروع الاسلامي... فقد علم القوم أن سر القوة من وجهة نظرهم هو التأييد الشعبي الجارف للمشروع الإسلامي في المنطقة، وهذا سيهدد بقيامه في أي لحظة، فكان لابد من تغيير هذا المزاج الطاغي لشعوب المنطقة... فتم تسليمنا الأسلحة الفاسدة، وفرحنا بالسماح لنا بالمشاركة في النظام العالمي الجديد بل حتى وبقيادة الأمر في بلداننا، لم ندرك أنهم سلمونا أسلحة (فشنك)، أسلحة فاقدة الصلاحية، إذا صوبناها نحو الدفاع عن مشروعنا وحلمنا القديم الجديد ارتدت الرصاصات لتقتل كل مرة منا المئات بل الآلاف بل الأخطر من ذلك كله هو قتل الإرادة... كلما فرح الشباب بزعامة وبقيادة لهث وراءها وعندما وصل إليها وجدها سرابا، ولم يجد عندها ماءا.

الأمر جيد، ليس محبطا بقدر ما هو جيد... فلابد من الفرز و التجنيب... ولا بأس أن نشرد قليلا عن سنن الله لنتأكد أننا لن نجد غيرها سبيلا فربما عدنا إليها على عجل... واستخدمنا أدواتنا نحن، وليس أدواتهم ودفعناهم نحن إلى لعب كرة القدم وليس كرة السلة...

ولفهم الأمر بصورة أوضح... وباستخدام المنهج العلمي في التحليل وأسس التحليل السياسي... لابد هنا من قراءة الأحداث في سياق الصورة الأكبر كما ذكرنا سابقا... و وضع التفاصيل في سياق كليات المشهد.

والتفاصيل هنا هو ما يحدث في مصر والمنطقة الإقليمية وهذه (الفوضى الخلاقة) كما جاء على لسان (كونداليزا رايس) و لا سيما بعد كسر قبضة الحكام الديكتاتوريين... ثم صعود ما يسمى (بشبكات الإسلام المعتدل) وفقا لتقرير مؤسسة راند 2005، وأيضا بالنظر الى ما آلت إليه بعض الدول العربية (كالسودان و الصومال و لبنان و سوريا و ليبيا) بل والأحداث الجارية في مالي والمغرب العربي بصفة عامة... إضافة الى التكتلات والأحلاف الجديدة في المنطقة (حلف إيران والصين وروسيا في مقابل حلف أمريكا وإسرائيل والإتحاد الأوربي وتكوين حلف ثالث وهو تركيا و مصر و بعض الدول العربية مثل قطر) سنجد أن قراءة تلك الصورة منعزلة في تفاصيلها سيصعب فهمها، أو من الممكن أن تؤدي إلى قراءات خاطئة ...

وكما ذكرنا أن من أسس العلوم السياسية والتحليل السياسي وضع التفاصيل في إطار الكليات، الكليات هنا تشمل التحولات العالمية والتاريخية في الخريطة الجيوسياسية... و بلا شك الاقتصادية... و موازين القوى... والأهم و الأخطر هو عدم إغفال الصراع الحضاري و العقدي الذي هو من وجهة نظري المحرك الأساسي للسياسات الدولية وإن كان بشكل غير ظاهر، ومن الطبيعي أن يكون كذلك لأن ظهور هذا الصراع سينسف النظريات الفلسفية السياسية المعلنة على الساحة، والتي تأخذ أشكال مختلفة عبر التاريخ كالشيوعية والليبرالية والعلمانية... الخ والتي تعلن عدم اصطدامها مع حرية المعتقدات على عكس الحقيقة فهي بالأساس وضعت للتحكم وتوجيه المعتقدات الدينية، ولنفهم ذلك يجب الرجوع إلى بعض الوثائق التاريخية الهامة التي تأتي في هذا السياق ...

في تقرير (برنارد لويس) الشهير الذي تم عرضه على الكونجرس الأمريكي في عهد (كارتر) يقول بأن الدول العربية هي الأكثر تعرضا لخطر التفكك، وأنها ليست الوحيدة، فالاتجاه نحو التفكك سيزداد بتشجيع من الشعور الإثني و الشعور الطائفي والإيدولوجي المتناميين مع الترويج لفكرة حق تقرير المصير لهذه الاقليات التي تشكل تلك الدول.

إن غالبية دول الشرق الأوسط مصطنعة، وحديثة التكوين، وهي مكشوفة لعملية التفتيت، خاصة في حال إضعاف السلطة المركزية، التي يؤدي غيابها إلى تحقيق عملية التفتيت فليس هناك برأيه، مجتمع مدني حقيقي يضمن تماسك الكيان السياسي للدولة، و لاشعور حقيقي بالهوية الوطنية المشتركة أو ولاء للدولة الأمة.

و لقد وضع (رالف بيترز) وهو مقدم متقاعد في الاستخبارات العسكرية الأمريكية مخططاً لإعادة تقسيم الشرق الأوسط، عبر مقال نشرته مجلة القوات المسلحة الأمريكية في عدد يونيو حزيران 2006 يقول فيه: إن ظلما فادحا لحق بـأقليات الشرق الأوسط، نتيجة اتفاقية سايكس بيكو، و يذكر منهم الأكراد، والشيعة العرب، ومسيحيي الشرق الأوسط والبهائيين وغيرهم.

وينطلق (بيترز) من أن كراهية شديدة موجودة بين الجماعات الدينية، والإثنية في المنطقة، ولذلك يجب أن يعاد تقسيم الشرق الأوسط انطلاقا من تركيبته السكانية غير المتجانسة، القائمة على الأديان والمذاهب، والقوميات، والأقليات حتى يعود السلام إليه .

ويقدم بيترز خريطته للشرق الأوسط الجديد، فيتحدث عن تقسيم العراق إلى ثلاث دول كردية في الشمال، وشيعية في الجنوب، وسنية في الوسط، وكذلك السعودية، وباقي الدول العربية.

هذه الأفكار التي تخدم مشروع الصهاينة، و تلقى تشجيعا من اللوبي الصهيوني في أمريكا، لاقت أيضا رواجا ممن يسمون بالمسيحيين الصهاينة المنتمين إلى الأكثرية البروتستانتية في أمريكا، والواقعة تحت تأثير هذا اللوبي، مما جعلها أكثر تحمسا للكيان الصهيوني من اليهود أنفسهم، ورفعت شعارا يقول: "لكي تكون مسيحيا جيدا، عليك أن تدعم اسرائيل". ويبلغ عددهم نحو 35 مليون في الولايات المتحدة، ويسمون بالطائفة التدبيرية، منظمون تنظيما جيدا، ولهم سفارات في كثير من العواصم، يجتمعون باستمرار، لمراجعة أعماله، وتحت تأثير المحافظين الجدد، حددت إدارة بوش برنامجا سياسيا واضح المعالم في الشرق الأوسط، استند أساسا إلى البنود التي تضمنتها استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، والتي تم إعلانها في العشرين من أيلول عام 2002 والقاضية بعدم ظهور قوى منافسة للولايات المتحدة إقليميا و دوليا و للاستفادة من سيطرة المحافظين الجدد على السلطة في أمريكا، وتسخير توجهاتهم العدوانية لصالح المشروع الصهيوني في المنطقة العربية، باشرت قوى الشر الصهيوني بوضع الخطط لتنفيذ ما تحلم بتحقيقه.

ولتجسيد المخطط على أرض الواقع، عقد اجتماع مشترك بين المجلس اليهودي العالمي في نيويورك، ومنظمة إيباك الصهيونية عام 1982 حضره رئيس الوزراء الصهيوني السابق إسحق رابين، وتم في هذا الاجتماع، الاتفاق على خطة لتقسيم 7 دول عربية، خمس منها حدد العام 2020 للانتهاء من تقسيمها وهي السودان، والصومال، والعراق، وسوريا، ولبنان واثنتان حدد العام 2030 للانتهاء من تقسيمها وهي مصر والسعودية، وقد اقترح (رابين) في ذلك الاجتماع، دمج المرحلتين والانتهاء من مشروع تفتيت تلك الدول عام 2025.

ولو نظرنا إلى الواقع لوجدنا أن المخطط يحقق تقدما على الأرض فالصومال أصبح بحكم المجزء والسودان يعيش حالة إرباك، وما صدور قرار مجلس الأمن 1706 القاضي بإرسال قوات أممية إلى إقليم دارفور بداية تقسيم السودان وقد تم، وحال العراق بوضعه الحالي يعيش مقدمات التفتيت، ولقد تحسب الاحتلال إلى عدم تحقيق مشروعه بإثارة الفتنة الطائفية فعمد إلى نشر ثقافة الفيدرالية بين الأوساط السياسية التي تتحكم بالسلطة الحالية، وعمد إلى تضمين الدستورالعراقي الذي كُتب تحت إشراف أمريكي نصا يقر بمبدأ الفيدرالية تجذيرا لهذا المبدأ وإعطاءه غطاءً قانونياً، لتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات .

فالاحتلال تحسب لكل شيء قبل فعلته، إلا شيئا واحدا لم يكن في حساباته، وهو ظهور المقاومة (الإسلامية) بهذا الشكل، فقد خدعه عملاؤه حين أوهموه أن الورد العراقي سيكون باستقبال جنوده معتقدا أنه سيمر مرور الكرام على العراق متجها نحو الغرب منهيا آخر قلاع القومية في الوطن العربي، وقد مهد لهذا العمل بإصدار قانون محاسبة سورية، وإصدار مجلس الأمن القرار 1559 و من ثم اغتيال الحريري، وإعطاء الضوء الأخضر للقوى العميلة له في لبنان بالتحرك، وهكذا ظهرت قوى الرابع عشر من شباط، وبدأت الإلتفات الى سوريا، وبالطبع مستفيدين بنظام بشار الأسد الدموي، وتوظيف نظامه المستبد... في تقسيم سوريا وتفتيت جيشها ...

الإخوة الأحبة... المتابع لبعض التصريحات الصادرة عن رموز أمريكية تاريخية أمثال (هينري كيسنجر) مؤخرا، و التي تسير في نفس التصور سيرى أننا لابد من عدم إهمال تلك الرؤية و لا يجب التقليل منها بل ومن المفروض أن تخضع لدراسات عميقة لمحاولة ربطها بالأحداث الجارية الآن.

حيث نشرت صحيفة (ديلي سكيب) الأميركية مؤخرا و عنها نقلت العديد من الصحف الأجنبية والعربية خلال الفترة الزمنية الماضية بعض التصريحات الصحفية المثيرة للجدل لوزير الخارجية الأمريكي السابق و مستشار الأمن القومي في حكومة (ريتشارد نيكسون)، الباحث السياسي المخضرم، وأحد أبرز مهندسي السياسة الخارجية الأمريكية في عهد إدارتي كل من الرئيسين (ريتشارد نيكسون) و (جيرالد فورد)، ونقصد (هنري كيسنجر).

ومن أبرز مقتطفات ذلك التصريح الصحفي قوله بحسب الصحيفة سالفة الذكر: لقد أبلغنا الجيش الأميركي أننا مضطرون لاحتلال سبع دول في الشرق الأوسط نظرًا لأهميتها الاستراتيجية لنا، خصوصا أنها تحتوي على البترول وموارد اقتصادية أخرى ولم يبق إلا خطوة واحدة، وهي ضرب إيران...
- وعندما تتحرك الصين وروسيا من غفوتيهما سيكون "الانفجار الكبير" والحرب الكبرى التي لن تنتصر فيها سوى قوة واحدة هي إسرائيل وأمريكا، وسيكون على إسرائيل القتال بكل ما أوتيت من قوة وسلاح لقتل أكبر عدد ممكن من العرب واحتلال نصف الشرق الأوسط.
وأضاف: "أن طبول الحرب تدق الآن في الشرق الأوسط وبقوة، ومن لا يسمعها فهو بكل تأكيد أصم..."

وأشار (كيسنجر) إلى أنه إذا سارت الأمور كما ينبغي، فسيكون نصف الشرق الأوسط لإسرائيل، وقال: "لقد تلقى شبابنا في أمريكا والغرب تدريبا جيدا في القتال خلال العقد الماضي، وعندما يتلقون الأوامر للخروج إلى الشوارع ومحاربة تلك "الذقون المجنونة" فسوف يطيعون الأوامر ويحولونهم إلى رماد".

وأوضح (كيسنجر) أن إيران ستكون المسمار الأخير في النعش الذي تجهزه أمريكا وإسرائيل لكل من الصين وروسيا بعد أن تم منحهما الفرصة للتعافي والإحساس الزائف بالقوة، وبعدها سيسقطان وللأبد، لنبني مجتمعا عالميا جديدا لن يكون إلا لقوة واحدة وحكومة واحدة هي الحكومة العالمية (السوبر باور)، وقد حلمت كثيرا بهذه اللحظة التاريخية،
إلا ان أقدار الله حالت دون استكمال هذا المخطط فكانت ثورات الربيع العربي، والانتفاضات الشعبية مما أربك المخطط والجدول الزمني... الأمر الذي جعل أمريكا والنظام العالمي يغيرون من استراتيجيتهم محاولين توظيف تلك الثورات لصالحهم... وبعد إفراز تلك الثورات هذا المزاج الإسلامي... كانت الاستراتيجية هي السماح لتلك التيارات الإسلامية بقيادة المرحلة وفق حالة معينة تضمن الاستمرار في مخطط التقسيم وتم وضع ثلاث محاور رئيسية للمرحلة هي:
- العمل على إفقاد التيارات الإسلامية مفاتيح القوة وهي التأييد الشعبي الجارف...
- إعطاء القوى الليبرالية وقت زمني لإيجاد موضع قدم لهم في الشارع، بعد تجربة العراق... ودعمهم دعما كبيرا غير معلن...
- العمل على إضعاف السلطة المركزية... والإبقاء على حالة الفوضى بين الدولة واللادولة،
ومن هنا يمكن قراءة المشهد المصري... بل يمكن أيضا فهم تلك الحركات الجديدة مثل (البلاك بلوك) و (الإناركية) وغيرها، وتحديد دورها في إضعاف السلطة المركزية...

فبالطبع إذا ربطنا كل ما يجري الآن على الساحة (ثورات الربيع – الفوضى الخلاقة - مخطط برنالدلويس – التحالفات الجديدة – الصراعات الإيدولوجية – الصراعات الطائفية – صعود التيارات الإسلامية للمشهد السياسي)... نستطيع أن نفهم المسارات والسيناريوهات المحتملة... وربما سيساعدنا كثيرا متابعة دراسات بعض مراكز الأبحاث الهامة جدا الأمريكية والمعنية بمنطقة الشرق الأوسط ...

كنت أراجع بعض مواقع مراكز الأبحاث الأمريكية أثناء الفترة السابقة بعد ثورات الربيع العربي وفوجئت بأنها تراقب وتحلل الأحداث بشكل شبه يومي ليس فقط الأحداث المعلنة في الإعلام والصحف، بل حتى الجدل القائم على صفحات الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي جميعها... ولكنى وجدت أن أخطرها على الإطلاق معهد (كارينجي) للسلام الدولي لأنه معني بكل قوة بمنطقة الشرق الأوسط مخترقا كل التفصيلات وأيضا يربط بين الدول العربية في كيان واحد، ومنظور شامل مكونا تنظيرا عمليا لفكرة الشرق الأوسط الجديد تلك الفكرة التاريخية والتى هي هدف من أهداف التحالف الصهيوأمريكى الاستراتيجية والتي بدأت منذ أن نظر لها العراب الفيلسوف اليهودى الأمريكي (برنارد لويس)... و لأن هذا المعهد يعتمد على باحثين عرب ومصريين وليسوا من الغرب كأمثال السيد (عمرو حمزاوي) الذي استطاع بالفعل - في مدة قصيرة جدا- أن يجد له مكان ومركز قوى في صناعة القرار في مصرـ والجدير بالذكر أن هذا المعهد له مشروع كامل لإعادة بناء منطقة الشرق الأوسط... ولكن السؤال الجديد هنا:

كيف تكون آليات تعاطي هذا المركز ورجاله مع الزخم الإسلامي الذي أصبح واضحا بعد ثورات الربيع العربي لتمرير تلك الدراسات والأفكار والبحوث للوصول إلى الشرق الاوسط الجديد... الأمر كان معقداً في البداية نظرا لتسارع الأحداث، ولكن سرعان ما استطاع رجال (كارينجي) استيعاب الصورة عن قرب بعد التقرب من قادة العمل الإسلامي، فالأمر الآن أصبح واضحا لرجال (كارينجي) فكان من أهم أولويات هؤلاء الرجال في هذه المرحلة هي تثبيت أرجلهم في المشهد السياسي كرجال وطنيين بعد أن كانوا بعيدا عن الوطن ثم هبطوا بالباراشوتات بعد الثورة مباشرة... الأمر الذى سينقلنا إلى تساؤل آخر بمناسبة الباراشوتات وهو: من هي جبهة الإنقاذ؟؟ وكيف تكونت؟؟ وما هو سر القوة التي تتحدث بها برغم عدم امتلاكها لأي دعم جماهيري ولا عسكري؟؟ وما هو دور الدكتور محمد البرادعي؟؟؟ وهل سيكون هو ممثل النظام العالمي الجديد، ورأس الحربة لإعادة العربة على مسارها نحو الشرق الأوسط الجديد الذي سبق الحديث عنه (مخطط برنالد لويس) بعد عرقلة سير العربة بفعل ثورات الربيع ذات المزاج الإسلامي؟؟؟

يبدو لي أن دور البرادعي هو بلا شك في المرحلة القادمة، حيث تم استخدام العناصر المدربة من رجال معهد (كارينجي) لتمهيد الوضع لمشاركة البرادعي أعلى هرم السلطة بعد فشله في المشاركة بداية الأمر، وكان هذا أول خطأ استراتيجي وقع فيه المنظرين الأمريكان، والذى تم تداركه سريعا بعد زيارة كارتر الشهيرة، والتي بعدها بيوم واحد أعلن الدكتور البرادعي انسحابه المفاجئ من سباق الرئاسة، فعلى الأقل يجب ترك فرصة من الزمن لرجال معهد (كارينجي)، ومساعديهم وعقد التحالفات مع فلول النظام السابق، بل حتى مع البلهاء من أصحاب الإيدولوجيات المعادية للمشروع الإسلامي كحمدين صباحي والناصريين وخلافه لتمهيد الأمر، ولا سيما بعد تلك الأمواج الإسلامية العاتية التي ضربت المنطقة بعد الثورات والتي تعد بعبع الاستراتيجيين الأمريكان ومراكز بحوثهم. وتم تكليف رجال مراكز البحوث الأمريكية بالسعي والعمل الدؤوب علهم يتداركون خطأ التسرع في دفع رجل أمريكا (البرادعي) مبكرا قبل تمهيد الأمر لدى الأطراف المختلفة، ولعلهم يستطيعون أن يجدوا لرجلهم (البرادعي) مكانا في هرم السلطة، ولكن لن يكون ذلك إلا بالتوافق الكامل مع الأصدقاء الجدد (قادة العمل الإسلامي) ولكن أيضا لا مانع من استخدام وتشجيع أصدقاء الماضي اللدودين وهم المخزون القديم اليساري المصري أمثال عادل حمودة، وإبراهيم عيسى، و صلاح عيسى، و فريدة الشوباشي، و منى الشاذلي التى كانت الجسر الرابط بين الموروث اليساري الاشتراكي وحداثة الليبرالية صاحبة التوجه الشيوعي المصبوغ بالليبرالية الحديثة (فالوالد كان شيوعي، ولكن حداثة الجامعة الأمريكية صبغت الموروث ليبرالية جديدة) وغيرهم وتلاميذهم من الصحفيين والإعلاميين الأشبال من تشويه العمل الإسلامي وقادته من إخوان وسلفيين في القنوات الفضائية والصحف الجديدة والتى أعدت خصيصا لهذا الغرض، وهذا ما يفسر منهجية الحملات المنظمة لتشويه المشروع الإسلامى وذلك ليسهل التفاوض، و يضغط أيضا في اتجاه دفع رجل النظام العالمي الجديد (البرادعي)، حيث سيصبح ذلك مطلباً إسلامياً لتخفيف الضغط اليساري والفلولي وحتى الضغط الخارجي، وسيأتي الرجل مرغوبا وليس مطرودا (كما حدث في السابق) لعمل الاتزان في المعادلة، فالأمر بسيط لا زال شكل الدولة المصرية لم يرسم دستوريا ويمكن محاكاة بعض الأنظمة العالمية لتقاسم السلطة بين الرئيس، ورئيس الوزراء فيما يسمى بالنظام البرلماني المختلط، والذى سيسمح بتمرير رجل النظام العالمي دون انتخابات ودون الاعتماد على ذلك الشعب المصري القاسي الذي لا يعرف مصلحته و الذي رفضه بكل قسوة هو و نظامه الجديد.

ولكن السؤال الآن: ما هي نسبة المشاركة المسموحة لكل من الطرفين (طرف النظام العالمي الجديد، وطرف خيار الشعب المصري الإسلامي)؟ وما هو الشكل الذي سيكون عليه هذا المركب المخلوط الجديد؟ يبقى هذا السؤال هو الأكثر تعقيدا في هذه المرحلة... فالأمر الذي زاد الطين بلة... واعتبره من الأخطاء القاتلة... وفقا للظروف الحالية هو ما جاء في الدستور بخصوص صلاحيات رئيس الوزراء... لأن هذا النظام فتح الثغرة الكبيرة لاختطاف السلطة من التيار الإسلامي دون انتخابات، و باب خلفي لهيمنة النظام العالمي عبر عملائه في الداخل أمثال البرادعي من خلال ما سنسمعه كثيرا هذه الأيام عن الحكومة الائتلافية والتي بالطبع سيشارك فيها بل حتى سيطالب برئاستها عناصر جبهة الإنقاذ العميلة... وبالطبع تحت ضغط (الفوضى الخلاقة) وجماعات (البلاك بلوك) وعناصر أقباط المهجر وفلول النظام القديم... والخلافات الإسلامية الإسلامية في الرؤية والتصور ...


أيها الإخوة، الأمر جد خطير و لابد من إعادة الرؤية والتصور بين التيارات الإسلامية، وعدم التسرع في اتخاذ القرارات... فما سنصنعه بأيدينا الآن سيحسب علينا أمام الله وسيصعب على أبنائنا وأحفادنا تغييره بسهولة...

وقبل أن أختم مقالتي أريد أن أؤكد أنني متيقن وكلي ثقة في أن كل تلك الأمور غير خافية على قادتنا الجدد، ولا سيما دكتور محمد مرسي ومعاونيه والذي أدعو الله أن يوفقه ومن حوله من المخلصين، لعلمي بحساسية المرحلة ودقتها وتعقيداتها... كما أدعو الجميع على الصبر عليهم ومعاونتهم فالأمر واضح أنه ليس سهلا وأن هناك استحقاقات محلية وعالمية يجب النظر لها بكل دقة و حذر، وعمل التوازنات غير المخلة في هذه المرحلة الحرجة

والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين


وللكلام بقية ...


م / خالد غريب
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 8
  • 0
  • 13,081

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً