رمضان شهر الصدقة والجود

منذ 2013-07-07

هذانقاط ذكرها العلماء في حكمة زيادة جوده صلى الله عليه وسلم في رمضان وفوائدها وأسبابًا كثيرة.


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ» (متفق عليه).

وقد ذكر العلماء في حكمة زيادة جوده صلى الله عليه وسلم في رمضان فوائد وأسبابًا كثيرة:

1- منها شرف الزمان، ومضاعفة الأجر فيه.

2- ومنها إعانة الصائمين والقائمين على طاعتهم، فينال من أعانهم مثل أجرهم، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ» (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

3- ومنها أن الجزاء من جنس العمل، فمن جاد على عباد الله، جاد الله عليه، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء.

4- ومنها أن الصائم لابد أن يقع منه خلل ونقص، والصدقة تجبر ما فيه من الخلل والنقص، ولذا شرعت صدقة الفطر.

5- ومنها أن الصائم يدع طعامه وشرابه لله، فإذا بذله لغيره عند الإفطار كان ممن أطعم الطعام على حبه، لينال بذلك ثواب الإيثار.

فيا أخي، هذا شهر الجود والكرم والمواساة، والجود من معالي الأخلاق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكُرَمَاءَ جَوَّادٌ يُحِبُّ الْجَوَدَةَ يُحِبُّ مَعَالِي الأَخْلاقِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا» (رواه ابن العساكر، وصححه الألباني).  

وكان السلف رضي الله عنهم يواسون من إفطارهم أو يؤثرون به ويطوون:


ـ كان ابن عمر رضي الله عنهما يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، وكان يتصدق بالسكر، ويقول: «سمعت الله يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92]، والله يعلم إني أحب السكر».

لقد تعلموا ذلك من نبيهم صلى الله عليه وسلم الذي كان أجود الناس، وأكثر الناس حضًا لأتباعه على الجود والنفقة، قال صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الأعْمَالِ أَنْ تُدْخِلَ عَلَى أَخِيكَ الْمُؤْمِنِ الْمُسْلِمِ سُرُورًا ، أَوْ تَقْضِيَ لَهُ دَيْنًا ، أَوْ تُطْعِمَهُ خُبْزًا» (رواه ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج، وحسنه الألباني).

وقال صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ, وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ, أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً, أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا, أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا, وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ شَهْرًا, وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ, وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ, وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامِ» (رواه الطبراني، وحسنه الألباني).

وقال صلى الله عليه وسلم: «صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ، وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» (رواه الطبراني، وحسنه الألباني).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِىٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ» (متفق عليه).

فيا أخي، انظر عظيم كرم الله، إنها سقت كلبًا من العطش فغفر لها، فما ظنك بكرمه إذا أطعمت وسقيت مسلمًا صائمًا؟!

أخي، للصدقة وجوه كثيرة تـُغتنم منها الحسنات وترفع بها الدرجات:

ـ منها إطعام الطعام، قال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان:8].

إن عبادة إطعام الطعام، عبادة ولادة، ينشأ عنها فضائل كثيرة، منها:

الحب في الله، ومجالسة الصالحين، وتوثيق التعارف، وإعانتهم بهذا الطعام على طاعة الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ» (رواه مسلم).

- ومنها: بذل المال، وهو الصورة المباشرة الواضحة التي تدفع فيها المال إلى يد الفقير، كانت عائشة رضي الله عنها تعطر الصدقة قبل إخراجها، فقيل لها...، فقالت: «إنها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد الفقير».

- ومنها بذل المال في الدعوة إلى الله، وذلك بإقامة المساجد، وإقامة الجمع والأعياد، وشراء المراجع لطلبة العلم، والإنفاق على الفقراء منهم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كَانَ أَخَوَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَالآخَرُ يَحْتَرِفُ، فَشَكَا الْمُحْتَرِفُ أَخَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ» (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

- ومنها الصدقة الجارية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (رواه مسلم).

فاجتهد في شهر الجود، أن تكون من أجود الناس، كما كان سيد الناس صلى الله عليه وسلم.



سعيد محمود

 

  • 5
  • 0
  • 26,628

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً