نور الإسلام يسطع على بنما

منذ 2013-07-14

ونحن اليوم بصدد زيارة أحد دول أمريكا الوسطى لنقف على حجم الوجود الإسلامي هناك وعن أحوال المسلمين الذين يقطنون تلك البلاد، فهيا بنا نقتفي أثر المستكشفين الأوائل ونقوم بزيارة لبنما.


ما أروع التجوال في ربوع أرض الله الفسيحة، وما أجمل أن يستمتع المرء بمشاهدة عجائب صنع الله في ملكوته، وما أبدع أن تقع عين المسلم على بقاع النورعلى وجه البسيطة وتفقد أحوال الأحبة الذين يحملون المشاعل التي أضاءت تلك البقاع.

إخوتي أخواتي من المعلوم أن المسلمين الذين يكونون أمة الإسلام في عصرنا الحاضر ينتشرون في قارات العالم المختلفة إذ لا يخلو بلد من بلدان العالم من جماعة إسلامية قل عددها أم كثر. هذا ويعيش ثلث المسلمين في دول يكونون فيها أقليات.

ونحن اليوم بصدد زيارة أحد دول أمريكا الوسطى لنقف على حجم الوجود الإسلامي هناك وعن أحوال المسلمين الذين يقطنون تلك البلاد، فهيا بنا نقتفي أثر المستكشفين الأوائل ونقوم بزيارة لبنما.

الموقع: رسمياً جمهورية بنما هي إحدى دول وسط أمريكا الجنوبية، يحدها من الشمال البحر الكاريبي والمحيط الأطلنطي ومن الجنوب المحيط الهادئ ومن جهة الجنوب الشرقي كولومبيا ومن جهة الشمال الغربي كوستاريكا. كذلك فإن بنما تقع على جزء من اليابسة الذي يربط بين أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية.

ويغلب على أراضي جمهورية بنما الطبيعة البركانية والتي تقطعها المجاري المائية والتي تتجه غرباً إلى المحيط الهادي، أو شرقاً نحو البحر الكاريبي. وتمتد منطقة المنخفضات الساحلية بمحاذاة ساحل بنما من جهة المحيط الأطلنطي، وساحلها من جهة المحيط الهادي وبها مساحات كبيرة من الأراضي الخصبة، ويوجد عدد من الجزر بالقرب من سواحل بنما يبلغ عددها حوالي 800 جزيرة أكبرها جزيرتي كويبا، وراي. وتقع كلتا الجزيرتين على ساحل بنما على المحيط الهادي.

تعتبر جمهورية بنما أقل بلدان أمريكا الوسطى من حيث الكثافة السكانية، فهناك مناطق شاسعة غير مأهولة، ويتجمع السكان في ربع المساحة، ويتكون سكان بنما من خليط فيشكل الأسبان حوالي ثمن السكان والأفريقيون حوالي السدس والباقي مزيج من العنصرين، وأقلية من الهنود الأمريكين وأقلية عربية ضئيلة وبعض الآسيويين، كما أن بنما مركز أعمال دولي مهم، وذلك بسبب موقعها الجغرافي المهم. بالإضافة أن لبنما أكبر اقتصاد في منطقة أمريكا الوسطى وذلك قبل جواتيمالا، كوستاريكا والسلفادور. غير أن اقتصاد بنما هو من أسرع اقتصاد من ناحية النمو والأكبر من ناحية دخل الفرد في أمريكا الوسطى.

جمهورية بنما:

- العاصمة: مدينة بنما وهي أكبر مدينة.
- أهم المدن: بوكاس، جيركي، كولون، وفراكوس.
- المساحة: تبلغ مساحة بنما 75,517 كم2.
- عدد السكان: يبلغ عدد سكانها3,332,576 نسمة حسب التعداد السكاني عام 2010 م.


- اللغة الرسمية: اللغة الأسبانية، وتستخدم الإنجليزية كلغة ثانية، وهناك لغات محلية أخرى معترف بها كاللغة الهيستيزوساحلية.

- المجموعات العرقية: هستيزو 58.1%، 14% أفارقة ومولاتتو، 6.7 % أمريكيون، 8.6% بيض، 5.5% آسيويون، 7.1% آخرون.

- الديانة: الرسمية المسيحية الكاثوليكية ونسبتها 85%، والبروتوستانية 14% وهناك1% ديانات أخرى.

- عدد المسلمين: يقدر عدد المسلمين مابين 830 ألف - 500 ألف مسلم ولا توجد إحصايات رسمية.

- المساجد والمراكز الإسلامية: يوجد تسعة مساجد فقط أهمها المسجد الكبير في بنما سيتي - والمعروف باسم مسجد هنا -، ودافيد وكولون وهو تابع للمركز الثقافي الإسلامي بنفس المدينة، ومسجد سليمان بيكو- وهو من أقدم المساجد - وهناك أيضاً مصلى الهدى في باكو، يوجد كذلك العديد من المراكز الخيرية والإسلامية، على سبيل المثال المركز الثقافي الإسلامي في كولون، والمركز الثقافي الإسلامي في العاصمة، والمنظمة الإسلامية البنمية.

- المدارس والجامعات: هناك العديد من المدارس الإسلامية، يوجد أيضاً مركز البحوث والدراسات الإسلامية في بنما، والأكاديمية العربية في مدينة كولون، والجامعة العربية الإسلامية الدولية - وهي أول جامعة تعنى بنقل وتدريس الثقافة الإسلامية في أمريكا اللاتينية-.

نبذة تاريخية:

نتناول في حديثنا بشئ من التفصيل تاريخ أمريكا الوسطى حيث أن بنما جزء منها، ثم نجمل بعد ذلك ما يخص بنما, ففي العصور التي سبقت كولومبوس (عصر قبل كولومبي)، كان معظم أمريكا الوسطى جزءًا من حضارة وسط أمريكا.


وقد شغل الأمريكيون الأصليون في مجتمعات وسط أمريكا الأراضي التي تمتد من وسط المكسيك في الشمال وحتى كوستاريكا في الجنوب. وقد قامت ثقافات ما قبل كولومبوس في بنما بممارسة التداول التجاري مع أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية، وهي تعد بمثابة مرحلة انتقالية بين هاتين المنطقتين الثقافيتين.

تتكون أمريكا الوسطى من سبع دول مستقلة، هي: بيليز وكوستاريكا والسلفادور وجواتيمالا والهندوراس ونيكاراجوا وبنما. وبعد الاحتلال الإسباني في القرن السادس عشر، تشارك معظم سكان أمريكا الوسطى في نفس التاريخ.


وكان الاستثناء من ذلك منطقة غرب الكاريبي، التي اشتملت على الساحل الكاريبي وضمت الأنظمة السياسية الحاكمة الأصلية شبه المستقلة ومجتمعات العبيد الآبقين الهاربين والمستوطنين، خصوصًا المستوطنين الإنجليز الذين قاموا في النهاية بتكوين الهندوراس البريطانية (والتي يطلق عليها في العصر الحالي اسم بيليز)، ومنطقة ذات كثافة سكانية منخفضة تم تأجيرها من قبل الجواتيماليين لبريطانيا العظمى مقابل إنشاء طريق سريع لم يتمكنوا من إنهائه مطلقًا، ثم سرقوا تلك الأرض واحتفظوا بها بعد ذلك. وقد حصلت الهندوراس البريطانية وبيليز للإسبان والجواتيماليين على استقلالها عن بريطانيا العظمى عام 1981م واتخذت اسمًا لها هو "بيليز"، رغم أن جواتيمالا ما زالت تدعي بأن لها حقوقًا إقليمية في هذه المنطقة.


ومن القرن السادس عشر وحتى عام 1821م، قامت أمريكا الوسطى بتشكيل القبطانية العامة لجواتيمالا، والتي يطلق عليها أيضًا في بعض الأحيان اسم مملكة جواتيمالا، والتي تتكون من جزء من دولة تشياباس (المكسيك الحالية) وجواتيمالا والسلفادور والهندوراس ونيكاراجوا وكوستاريكا.


وبشكل رسمي، كانت القبطانية تابعة للتاج الملكي لإسبانيا الجديدة وبالتالي كانت تقع تحت إشراف نائب الملك الإسباني في ميكسيكو سيتي. إلا أنها رغم ذلك لم تكن تخضع لإدارة نائب الملك أو من ينوب عنه، ولكنها كانت تدار من خلال "قبطان عام" كان يتخذ في البداية من أنتيجوا جواتيمالا ثم من جواتيمالا سيتي مقرًا له.

في عام 1811م، اندلعت حركات الاستقلال في السلفادور كرد فعل على الأحداث التي حدثت في حرب شبه الجزيرة، ثم مرة أخرى في عام 1814م بعد استعادة فرديناند السابع. وقد تم قمع كلتا الثورتين بسهولة، وتم تصنيف الاضطرابات السياسية على أنها تأتي ضمن العملية السياسية العامة في العالم الإسباني مما أدى إلى صدور الدستور الإسباني لعام 1812م. وبين عام 1810م و1814م، قامت القبطانية العامة باختيار سبعة مندوبين لقاديس كورتيس، بالإضافة إلى تشكيل مفوضية محافظات يتم انتخابها محليًا.

وفي عام 1821م أعلن كونجرس أمريكا الوسطى كريولو عن استقلالها عن إسبانيا، بدءًا من الخامس عشر من سبتمبر من هذا العام. وهذا اليوم ما زال يعتبر هو يوم الاستقلال لدى معظم الدول في أمريكا الوسطى. وقد تعاطف القبطان العام الإسباني جابينو جاينزا مع الثوار وتم اتخاذ قرار بأن يبقى قائدًا مؤقتًا إلى أن يتم تشكيل حكومة جديدة. ولم يدم الاستقلال طويلاً، حيث رحب القادة المحافظين في جواتيمالا بالإنضمام إلى الامبراطورية المكسيكية الأولى التابعة لأوجستين دي لتوربيد في الخامس من يناير عام 1822م.

هذا وقد عارض الليبراليون من أمريكا الوسطى ذلك، ولكن قام جيش قادم من المكسيك بقيادة الجنرال فيسنتي فيليسو باحتلال جواتيمالا سيتي وقمع المعارضة. وعندما أصبحت المكسيك جمهورية في العام التالي، أقرت بحق أمريكا الوسطى في تقرير مصيرها. وفي الأول من يوليو عام 1823م، أعلن كونجرس أمريكا الوسطى الاستقلال التام عن إسبانيا والمكسيك وعن أي دولة أجنبية أخرى، بما في ذلك أمريكا الشمالية، وتم تأسيس نظام حكومي جمهوري.


وقد كان لدى الليبراليين في أمريكا الوسطى آمالاً عريضة لتكون جمهورية فيدرالية، حيث كانوا يعتقدون أنها يمكن أن تتطور إلى دولة حديثة وديمقراطية، تثريها التجارية التي تعبرها بين المحيطين الأطلنطي والهادي. وقد تم عكس هذه الطموحات في شعارات الجمهوية الفيدرالية. وقد تم حل الاتحاد أثناء الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1838 م و1840م. قد بدأ التفكك عندما انفصلت الهندوراس عن الاتحاد في الخامس من نوفمبر عام 1838م.

وهكذا بعد خوض تلك الدول عدة محاولات لتكوين اتحاد فيدرالي، وفشلها في ذلك، قامت تلك الدول في عام1907م، بإنشاء محكمة عدل أمريكا الوسطى وفي الثالث عشر من ديسمبر، عام 1960م، قامت جواتيمالا والسلفادور والهندوراس ونيكاراجوا بإنشاء السوق المشتركة لأمريكا الوسطى. وقد اختارت كوستاريكا، بسبب الازدهار الاقتصادي النسبي والاستقرار السياسي بها، اختارت عدم المشاركة في السوق المشتركة لأمريكا الوسطى. وتتمثل أهداف السوق المشتركة لأمريكا الوسطى في خلق توحيد سياسي أوسع نطاقًا وإنجاح سياسات التصنيع الذي يحل محل الاستيراد.

وقد عمل برلمان أمريكا الوسطى كجهة استشارية فقط، منذ عام 1991م. وقد رفضت كوستاريكا العديد من الدعوات للانضمام إلى البرلمان الإقليمي، والذي يضم مقاعد لمندوبين من الدول الأربعة التي كانت أعضاء في الاتحاد من قبل، بالإضافة إلى مندوبين من بنما وجمهورية الدومينيكان.

وبعد المبادرة المعروفة باسم حرية حركة الأشخاص التي فتحت الحدود بين نيكاراجوا وجواتيمالا، مما أدى إلى عدم ضرورة حمل جوازات السفر من أجل عبور الحدود، فكل ما تحتاج إليه لعبور الحدود هو بطاقة هوية قومية. وقد كانت هذه المبادرة نتاجًا للمفاوضات الخاصة لجنة أمريكا الوسطى لمديري الهجرة مع دعم من المنظمة الدولية للهجرة. وهذه المبادرة سارية منذ 2007م.



خلاصة القول مما فصلناه أعلاه؛ أنه تم اكتشاف بنما واحتلالها من قبل الأسبان خلال القرن السادس عشر الميلادي، ثم تمكنت من الحصول على استقلالها عام 1821م، بعد ذلك انضمت إلى اتحاد يشمل كل من كولومبيا، وفنزويلا، والإكوادور مكونة جمهورية كولومبيا الكبرى، وظلت هكذا حتى انحل هذا الاتحاد عام 1830م، وصارت إحدى المقاطعات الكولومبية، وبمساعدة الولايات المتحدة تمكنت بنما من الانفصال عن كولومبيا في الثالث من نوفمبر 1903م.


وقد وقعت بنما مع الولايات المتحدة الأمريكية معاهدة يتم بموجبها السماح للأمريكان بشق قناة بنما وفرض سيادتها على قطاع من الأراضي الملاصقة لجانبي القناة، واستغرق حفر القناة عشر سنوات في الفترة ما بين 1904م إلى 1914م.

بعد سلسلة من المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية وبنما تم توقيع معاهدة في السابع من سبتمبر 1977م يتم بموجبها نقل ملكية القناة من أمريكا إلى بنما وذلك بحلول عام 1999م، وبالفعل تم تنفيذ الاتفاقية ونقلت ملكية القناة إلى سيطرة بنما في 31 ديسمبر 1999م. وفي أكتوبر 2006م وافقت بنما على خطة طموحة لتوسعة القناة لتضاعف قدرتها وتكتمل الخطة بحلول عام 2014م - 2015م.

نكتفي بهذا القدر في حلقة اليوم مع وعد بمواصلة رحلتنا على أراضي بنما في الحلقة القادمة إن شاء الله.

 

المصدر: مفكرة الإسلام
  • 8
  • 0
  • 7,463

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً