يــا واقـفـاً

منذ 2013-08-17

مالي أراكَ مُذبذباً قـلِقا *** حيرانَ يشكو طرفُك السهَرا؟ هذا قطارُ العمرِ، ما وقفتْ *** عرباتُه يوماً ولا انتظَرا فإلى مَتى تبقى بلا هدفٍ *** اسماً كأنكَ تجهلُ السفرا؟ هبّت رياحُ المرجفين على *** إسلامنا، فلتُحسِن النظرا

 

ما لي أراكَ تُقلبُ النظرا *** وكأن عينُكَ لا تَرى أثرا؟
وكأن قلبُكَ لا يُحسُ بما *** يجري ولا يَستشعرُ الخطرا

وكأن مَا في الكونِ من عِبرٍ *** ومن المواعظِ وَاجهَت حَجرا
مَا لي أراكَ عقدتَ ألويةً *** للوهمِ سَاقت نحوكَ الكَدرا؟

أوَ مَا ترى شمسَ الضُحى وإذا *** جن الظلامُ، أما تَرى القَمرا؟
أوَ مَا تَرى الأرضَ التي ابتهَجت *** أوَ مَا تَرى النبعَ الذي انحدَرا؟

يا هارباً مِن ثَوبِ فِطرَته *** أوَ مَا ترى الأشواكَ والحُفرا؟
أوَ مَا ترى نارَ الظـلالِ رَمت *** لهباً إليكَ وأرسَلت شررا؟

ما لي أراكَ كرِيشة علقت *** ببنانِ مرتعشٍ رأى الخَطرا؟
تُصغِي لقولِ المُصلحين وإن *** فُتِحَ المجال، تبعتَ من فجرا

إن أحسنَ الناسُ اقـتديت بهم *** وإذا أسـاؤا تتبعَ الأثرا
أتظلُ بينَ الناسِ إمعةً يَسري *** بكَ الطُوفانُ حيثُ سَرى؟

عجباً أما لك منهجٌ وسطٌ *** كمحجةٍ نِبراسُها ظَهرا؟
يا ساكنا في دارِ غَـفلتهِ *** مُتوارياً وتُعاتِبُ القَدَرا

أنسيتَ أن الأرضَ حينَ ترى *** وجهَ الجفافِ تُراقِب المطرا؟
أنسيتَ أن الغصنَ يسلُبُه *** فصلُ الخريف جمالَه النضِرا

مالي أراكَ مُذبذباً قـلِقا *** حيرانَ يشكو طرفُك السهَرا؟
هذا قطارُ العمرِ، ما وقفتْ *** عرباتُه يوماً ولا انتظَرا

فإلى مَتى تبقى بلا هدفٍ *** اسماً كأنكَ تجهلُ السفرا؟
هبّت رياحُ المرجفين على *** إسلامنا، فلتُحسِن النظرا

أو ليس للقرآنِ جَلجلة *** في قلبِكَ الشاكي الذي انْفطرا؟
أجزعتَ؟ كيفَ ودِيننا أفق *** رحبٌ وأدنى مَا لديكَ ذرا؟!

خَسِر الجَزُوع وإن سعى سعياً *** نحو المرادِ، وفازَ من صَبرا
الأرضُ كلُ الأرضِ تَرقُبُنا *** وتقول: هذا بَابي انكسرا

لم تسلكْ الدربَ الصحيحَ فهل *** ترجو النجاةَ وتطلبُ الظَّفرا؟
إن الكريم إذا أساءَ بلا قصدٍ *** وأخطأ تابَ واعتذرا

هَذي بلادُك، ذكرُها عَطِرٌ *** فبها تسامَى المجدُ وازدهرا
رفعت لواءَ الحقِ مُنذُ هَوت *** أصنامُها وضلالُها اندَحرا

هي واحةُ الدنيا فكم نشرت *** ظلاً على من حَج واعتمرا
فافخر بها إن المحبَّ إذا *** صدقَ الهوى، بحبيبِهِ افتخرا

دعْ عنْك مَن مَاتت مَشاعِرُه *** وفؤادُه في حقدهِ انصَهرا
أرأيتَ ذا عقلٍ يمد يداً *** نحو الترابِ ويتركُ الثمَرا؟

فإلى متى أبقى تُدنسُني *** مدنيةٌ، وجدانُها كُفرا؟
ولديكُم الإسلام يُنقذني *** مما أُعانِي يدفعُ الخطرا

الأرضُ تدعُونا أنترُكها *** ونكون أول عاشقٍ هجرا؟
يا واقفاً والركبُ منطلقٌ *** أو ما ترى الأحداثَ والعبرا؟

أو ما ترى في العصر عولمةٌ *** جلبتَ إليكَ بنفعِها الضررا
ولديكَ مِفتاحُ الصعودِ بها *** إنْ لم تكن ممن بها انبهرا

عُد يا أخي فالبحرُ ذو صَلَفٍ *** كم مركبٍ في مَوجهِ انغمرا
كُن واضحاً كالشمسِ صافية *** بيضاء يجلو نورها البصرا

 


 

عبد الرحمن بن صالح العشماوي

الشاعر المعروف أستاذ النقد الحديث بجامعة الإمام محمد بن سعود

  • 6
  • 0
  • 5,048

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً