فترة العقد .. مميزات ومحاذير

منذ 2013-08-21

عقد الزواج نقطة فاصلة في طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة، فبعد أن كانا أجنبيين غريبين ستجمعهما أعمق علاقة في الوجود؛ علاقة الميثاق الغليظ؛ علاقة المودة والرحمة، ولكن يحدث أحيانا أن تقف العلاقة بعض الوقت، في مرحلة عقد الزواج دون الدخول، بحيث تبقى الزوجة في منزل أسرتها، فترة تطول أو تقل، وفقا لما يتم الاتفاق عليه، ووفقا للظروف الخاصة التي يمر بها كل من الزوجين. هذه الفترة شديدة الحساسية، وقد تكون غاية في الجمال والبهجة، وقد تكون فترة عصيبة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان


عقد الزواج نقطة فاصلة في طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة، فبعد أن كانا أجنبيين غريبين ستجمعهما أعمق علاقة في الوجود؛ علاقة الميثاق الغليظ؛ علاقة المودة والرحمة، ولكن يحدث أحيانا أن تقف العلاقة بعض الوقت، في مرحلة عقد الزواج دون الدخول، بحيث تبقى الزوجة في منزل أسرتها، فترة تطول أو تقل، وفقا لما يتم الاتفاق عليه، ووفقا للظروف الخاصة التي يمر بها كل من الزوجين. هذه الفترة شديدة الحساسية، وقد تكون غاية في الجمال والبهجة، وقد تكون فترة عصيبة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان.

مميزات رائعة
من المعروف، أن الخطبة هي مجرد وعد بالزواج، وهي لا تحل شيئا في العلاقة بين الرجل والمرأة؛ وبالتالي لا يجوز لهما الخروج معا، ولا الجلوس معا منفردين، والتعارف والتآلف يكون قليلا جدا، أما فترة عقد الزواج، فالأمر مختلف، فهما قد أصبحا زوجا وزوجة، وإن لم تحدث الخلوة الشرعية بعد، فهما يتحدثان سويا دون حرج، ويتطرقان لكافة الأمور، فيتكون رصيد عاطفي جميل، يكون سندا في أوقات الشدة عندما تتزايد الضغوط على الزوجين. وكثير من الأزواج قبل الدخول يخططان سويا لحياتهما الجديدة، بدءا من المفروشات والأثاث، وانتهاء بآلية اتخاذ القرار في البيت، وطبيعة العلاقة مع الأهل، بحيث يصبحان في غاية الانسجام والتوافق فيما بعد. بالطبع تختلف الحياة الواقعية، عن هذه الحياة الافتراضية، التي كانا يخططان لها، ولكن كلما كان هناك تفكير مسبق، كلما ضاقت الفجوة بين الواقع والمتخيل، كما أن هذه الأفكار تصلح كمسودة دستور للحياة الواقعية القادمة، وهذه نقطة مهمة جدًا لاستقرار هذه الحياة الوليدة.

فترة حساسة
بمجرد عقد الزواج، يحل كل من الزوجين للآخر، فيحدث بينهما تقارب جسدي وحسي، وهو الوجه الآخر للتقارب النفسي والعاطفي، ولكن الزوجة لم تزل بعد في بيت أبيها ولم يُعدَّ الزوج منزل الزوجية، الذي يستطيع فيه الخلوة بالزوجة، ومن ثم فليس من حقه أن يطالب بكامل حقوقه، وهو بعد لم يوف بكامل واجباته، وفي هذا يقول مركز الفتوى بالشبكة الإسلامية: (ينبغي على العاقد، أن يراعي العرف الجاري في بلده، وأن يوفي بالاتفاق مع ولي المرأة، إن كان هنالك اتفاق، على أن الدخول مرجأ إلى موعد متأخر عن العقد، أو كان هنالك عرف قائم مقام الاتفاق. ولا يخالف هذا العرف نصًا من كتاب ولا سنة، بل إن الشرع علق أحكامًا على مجرد العقد، وأخرى على الدخول، ومما علقه على مجرد العقد، حرمة الأم بمجرد العقد على البنت، وأن المرأة المعقود عليها تصير محرمة على التأبيد على أب الزوج. ومن الأحكام التي علقها الشارع على الدخول: وجوب جميع المهر، وإيجاب العدة عليها بالطلاق. فعلى الرجل أن يراعي ما اتفق عليه، وأن يسير على العرف الجاري لديهم، وإن حدث جماع أو خلوة شرعية صحيحة، فلا إثم عليه إن شاء الله، لأنها زوجته حقيقة، وتنبني على ذلك أحكام الدخول كلها، فالولد ولده والمهر يلزمه كاملاً".

بدون فرحة
الحقيقة أن تجاوز العرف قد يؤدي إلى مشكلات حقيقية، كان الزوجان في غنى عنها. تحكي إحدى الزوجات، أنه قد عقد زواجها على ابن عمها، وكان والدها يتركهما سويا منفردين في غرفة استقبال الضيوف، وقد أغلق الباب حتى أنه كان أحيانا ينام مبكرا ويتركهما سويا ساهرين، وبالتالي كانت الظروف مهيأة تماما للقاء زوجي كامل، في وقت كان الانتهاء من منزل الزوجية، لم يزل حلما بعيدا.. تكرر اللقاء أكثر من مرة حتى تيقنت الزوجة من حدوث الحمل.

تقول هذه الزوجة: "على الرغم من أنه لم يجبرني على اللقاء، إلا إنني شعرت بغصة ومرارة، عندما تركني وغادر، فلم أشعر إنني عروس يمكث معها زوجها، ويبارك لها الأهل، وتجلس مدللة، بل كان على أن أقوم وأتحرك بشكل طبيعي جدا.. كنت أشعر أن فرحتي قد سرقت مني، وعندما تيقنت من موضوع الحمل، وعلى الرغم أني زوجته شرعا فلم أستطع أن أخبر أحدا غيره.. أما هو فقد استدان كثيرا حتى ينتهي من إعداد منزل الزوجية، وكان ينقصه الكثير، مما أحدث خلافا بينه وبين والدي (عمه) لأنه لم يجهز المنزل بالطريقة التي تم الاتفاق عليها..

ويوم زفافي الذي تأخر أكثر من ثلاثة أشهر، بسبب هذه المشكلات كان كل ما يشغلني في ثوب العرس، ألا يظهر انتفاخ بطني.. ولم أشعر بالفرحة خاصة أن زوجي قد أصبح عصبيا جدا، بسبب الديون والمشكلات التي حدثت.. وعندما جاء موعد ولادتي، بعد أقل من أربعة أشهر من زواجي، لم أستطع أن أخبر أمي، بل ذهبت وحدي معه لمستشفى عام لأنه كان عليه ديون وأقساط، ورفضوا دخوله معي، وسألوني عن سيدة مرافقة فاعتذرت.. ولكم أن تتخيلوا كيف تكون أول ولادة وأنا وحيدة وقلقة.. فوجئ أهلنا جميعا بالطفل معنا، وعرفوا بما حدث وهو أمر حلال شرعا، ولكنه مستنكر عرفا، حتى أن أبي خاصمنا فترة ليست بالقصيرة، لأننا في رأيه لم نحترم ثقته فينا، وحتى الآن لم تعد علاقته بزوجي كما كانت سابقا.. وعندما أراجع هذه التجربة القاسية، أقول لنفسي ليتنا صبرنا، وتساهلنا في تجهيز منزل الزوجية، حتى أتذوق فرحة البنت بعرسها، عندما يكون تحت الأضواء المبهرة".


فاطمة عبد الرؤوف
 

  • 40
  • 9
  • 237,787

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً