حتى يخلد الحب بين الزوجين

منذ 2013-10-22

كلمات تتكرر في الحياة الزوجية وتساهم بشكل كبير في الاستقرار الأسري بين الأزواج وهي (الفهم- القوامة)، وفي هذا المقال نحاول أن نوضح هذه الكلمات، وأثرها في جعل البيت السعيد مستقرًا، وأن يكون الحب دائمًا بين الزوجين.

 

كلمات تتكرر في الحياة الزوجية وتساهم بشكل كبير في الاستقرار الأسري بين الأزواج وهي (الفهم- القوامة)، وفي هذا المقال نحاول أن نوضح هذه الكلمات، وأثرها في جعل البيت السعيد مستقرًا، وأن يكون الحب دائمًا بين الزوجين.

فهم يؤدي إلى حب:

الفهم السليم والعميق للواقع النفسي للطرف الآخر هو دومًا وأبدًا عامل هام يميّز حياة الأزواج السعداء، فهم في كل نزاع بينهم يسعون لإيجاد مخرج من الأزمة والانتهاء بالصلح، ذلك أن فهم طبيعة الفروق بين الرجل والمرأة من شأنه أن يزيد من قدرة الزوجين على الانسجام الزوجي، ويجنبهما الكثير من المشكلات والصعوبات، التي ربما أدى عدم فهمها إلى تفسخ العلاقة الزوجية.

إن الفهم هو محور تخفيف المشاكل الزوجية، ومراعاة الظروف النفسية للطرف الآخر هي مقدمة التآلف، والمعرفة الكاملة بظروف الآخر صفح كامل عنه.
فهناك عدة صفات يختص بها الرجل عن المرأة أو العكس، لابد من معرفتها وتفهمها، حتى لا نُصدر حكمًا على شريك الحياة ونحن نجهله.

فالرجل كلامه ومشاعره وحركاته يغلب عليها العقلانية والقوة، وقليلاً ما ينظر إلى تفاصيل الأشياء ورؤية الأمور الدقيقة، وتفكيره في حل المشاكل يغلب عليه النزعة المادية، بينما المرأة تحب أن تخرج عاطفتها للرجل وتجالسه وتكثر من الحديث معه، وتهتم بالتفاصيل والأمور الدقيقة، ولها قوة هائلة من الخيال والعاطفة، وبالرجل والمرأة تتكامل الحياة كالليل والنهار.
فلابد أن يراعي الرجل مشاعر المرأة وعواطفها، وكذلك المرأة تراعي نفسية الرجل ومشاعره، ولا يتحقق ذلك إلا بـ (الفهم).

إن بعض الرجال يعاملون زوجاتهم بصورة خاطئة توارثوها عن آبائهم، مثل اعتقاد البعض أن المرأة لا وفاء لها ولا أمان لها أو أنها تأخذ ولا تعطي، أو أنها تتمتع بقدر كبير من الحقد والكراهية، وتصور مثل هذه الأمور وجعلها مقياسًا للتعامل بين الزوجين كفيل بإفساد الحياة الزوجية وإفشالها، بينما إدراك كلا الزوجين أن ما يبدو سلوكًا ظالمًا أو متسرعًا قد يكون نتاجًا لوجود أساليب مختلفة راجعة إلى اختلاف المرأة عن الرجل، يقلل من شعورنهما بالإحباط، قد تبقى خلافاتهما، ولكنها سوف تكون مجادلات على الأقل حول صرعات حقيقية محورها الاهتمام، لا أساليب للقتل.

ومن هنا، فإنه من الأهمية بمكان أن يتذكر كلا الزوجين أن هناك فروقًا فردية كثيرة بينه وبين شريك حياته، فهناك فروق وراثية، فما تلقاه هو من صفات عن أبيه وأمه يختلف عما تلقاه شريك حياته، وهناك فروق بيئية، فقد يكون شريك الحياة قد عاش في بيئة مختلفة.
وقد تكون هناك فروق مزاجية، فقد يكون أحد الزوجين من النوع المرح أو العكس من ذلك.
وهناك فروق أخلاقية، فقد يكون أحدهما من النوع المتسامح- مثلاً-، أو الكريم، والآخر أقل تسامحًا أو كرمًا.
وقد تكون هناك فروق ثقافية في المستوى التعليمي أو الثقافي أو غير ذلك.

ولكن رغم وجود كل تلك النقاط من الاختلاف، هناك نقاط التقاء أكثر، وهي التي ينبغي أن تستثمرها لكي تنمو وتقوى، في الوقت الذي تذوب فيه كثير من نقاط التباين والاختلاف.
فالتباين الموجود بين الزوجين في الخبرات ينبغي أن يكون عاملاً على تحقيق التكامل والعمل على سد النقص في خبرة كل منهما بالاستعانة بما عند شريكه من خبرات. ولابد من تحقيق بعض التنازلات عن بعض العادات والرغبات (أسعد نفسك، وأسعد الآخرين، د.حسان شمسي باشا، ص91).

أخي الزوج/ أختي الزوجة:

مهما يكن من أهمية فهمك لشريك حياتك، فلا ينبغي أن يغيب عنك أن مفتاح السعادة الزوجية يكمن أولاً وأخيراً في فهمك لنفسك، ففي النفس ميل لتبرئة الذات وإلقاء الذنب على شريك الحياة، وكأنه هو المسئول عن كل ذنب وكل خطأ.
إن البداية الصحيحة للسعادة أن تدركا أن ما يحدث في حياتكما من أخطاء موزع عليكما معًا، وأن الطريق إلى الخروج منها يبدأ من إحسان الفهم لشريك الحياة (استمتع بالحياة، لورنس جولد، ص79-80).

حقيقة القوامة:

للرجل قوامة جسدية ونفسية على المرأة، وهي بالتالي مستقبِل جسدي وعاطفي له (حرث الرجل) ولنتكلم بشئ من التفصيل عن الدلالة العاطفية للقوامة.
طالما جعل الإسلام القوامة النفسية والجسدية للرجل، فهذا لاشك موافق لفطرة كل منهما، وليس تكريمًا للذكر دون الأنثى، فكلاهما في منهج الإسلام إنسان مكرم.
ولذلك، فإننا نجد أنه في أشد حالات الحب بين الرجل والمرأة، تعبر ما بين كتف الرجل ورقبته في سكون تام، وما يحمل هذا الوضع من معنى يرتبط بحمايته لها، وشعورها أن هناك من يدافع عنها.
إن هذه الأوضاع وغيرها من الأوضاع الجسدية تؤكد هي الأخرى اختلاف الجنسين من حيث من يدافع ومن يُدافع عنه، ومن يعانق ومن يُعانق، ومن يدعم ومن يتلقى الدعم.

ولا يعني ذلك أن يتعالى الزوج على زوجته أو يتكبر عليها، وإنما يعني الرعاية والحفظ والرحمة من الزوج لزوجته، فالقوامة ليست سوى صلاحية من الصلاحيات يأخذها المدير، وليس من العدل أن تطالب إنسانًا بإدارة مؤسسة ثم تغلّ يده وتقول له: "كن مديرًا ولكن لا تفعل كذا" فلأن الله حمَّل الرجل مسئولية البيت، وجعل له هذه الصلاحية، وهو في الوقت نفسه لم يحرم المرأة من وجودها، بل أوصى الرجل بها خيرًا.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره فيها خلقًا رضي منها آخر» (رواه مسلم [1469])، وهذا الفهم الصحيح سيلزم الرجل بأن يفرق في معاملة زوجه بين التقاليد الموروثة وبين الدين الصحيح، كما أن هذا الفهم أيضًا لا ينفي دور الزوجة في الآسرة، فهي مسئولة عما استرعاها الله «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها» (رواه البخاري [2409]) وهكذا، تكون العلاقة بين الزوجين علاوة تكاملية كل يكمل الآخر وليست صراعًا وتفاضلاً.

أخي الزوج/ أختي الزوجة:

تتمثل مسئولية القائد في مؤسسة ما عن ضبط وإحكام المجهودات التي يقوم بها العاملين في المؤسسة نحو إنجاز أهدافها، وفي مؤسسة الأسرة، فإن القيادة تتجلى في مسئولية رب الأسرة في قيادة سفينة حياته الأسرية من خلال الأنشطة والأعمال والأدوار التي يقوم بها أفراد الأسرة بما فيهم هو نفسه من أجل الوصول إلى الأهداف والغايات المبتغاة من مؤسسة الزواج بالشكل الصحيح، وضمن موارد الأسرة وإمكاناتها وظروفها.
وهذا الدور القيادي يتسلمه رب الأسرة من منطلق مسئوليته عن القوامة التي أنيطت به.

ولأن القائد الحقيقي هو من يتبنى الآخرون رأيه من غير ضغط ولا قهر، فإن مسئولية رب الأسرة تتأكد في توزيع الأدوار بينه وبين زوجته، بحيث يكون لكل واحد منهما اختصاصه الذي يبدع فيه " ثم يكون التشاور بينهما على الأمور الكبيرة والاستراتيجية، فقد يفوّض الرجل زوجته في إدارة المنزل أو في التأثيث أو في غيرها.. وهكذا، المعيار هو ما اتفق عليه الطرفان في موضوع الإدارة والقيادة، ولكن المهم أن تكون الشورى موجودة والتعبير عن الرأي مكفول للجميع، وأن لا يكون مستلم دفة القيادة متسلطًا في ذلك أو متعسفًا في استخدام الحق (الحروف الأبجدية في السعادة الزوجية، جاسم محمد المطوع، ص43، بتصرف).

والشيخ ابن باز رحمه الله حينما تكلم عن القوامة قال في معرض رَدِّهِ على (الصابوني):
"قال -أي الصابوني-: "إنما القوامة للرَّجل قوامة تكليف وليست قوامة تشريف".
والجواب أن يُقال: هذا خطأ، والصواب أن يقال: إن قوامة الرِّجال على النِّساء قوامة تكليف وتشريف لقولِ الله جل وعلا: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا} [النساء:34], فأوضحَ سُبحانَهُ أنَّه جَعَلَ الرِّجال قوَّامين على النِّساء لأمرين: أحدهما: فَضلُ جنس الرِّجال على جنس النِّساء، والأمر الثاني: قيام الرِّجال بالإنفاق على النِّساء بما يدفعونه مِن المهور وغيرها من النفقات" (مجموع فتاوى ابن باز).

إلى الزوجات الصالحات:

عليكِ أيتها الزوجة أن تشعري زوجك بتلك القوامة، من خلال كلامك ومدحك له على ما يفعل من أجل البيت والأسرة، فحين تعترف الزوجة بالحصول على منفعة وقيمة شخصية من جهود وتصرفات الرجل، يشعر هو أنه مقدَّر حق قدره، والتقدير عند الرجل يشعره أن جهوده لا تذهب سدى، وبالتالي يعطي أكثر، كما أن هذا التقدير يدفعه بصورة آلية إلى احترام شريكه أكثر.
فكوني على يقين بأن بمجرد أن تشكري زوجك وتشجعيه وتشعريه برجولته، فهذا يدفعه إلى أن يحبك ويقدم لكِ ما تتمنيه، لأن الزوج يحب من يعترف له بالفضل والجميل.

المصادر:
أسعد نفسك، وأسعد الآخرين، د.حسان شمسي باشا.
استمتع بالحياة، لورنس جولد.
الحروف الأبجدية في السعادة الزوجية، جاسم محمد المطوع.
 

  • 22
  • 3
  • 55,940

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً