اللهم ارزقنا السعادة

منذ 2013-10-22

إننا في أمس الحاجة إلى التخلص من ذرات الغبار التي تعلو فوق صفحة حياتنا لكي تصبح حياتنا صافية لامعة، وليكن الصدق في الأقوال والأفعال والمشاعر، هو النبراس الهادي إلى حياة زوجية موفقة يسودها الحب، وترفرف عليها الرفاهية والسعادة؛ ولكي نحقق ذلك يجب علينا أن نعمل كل ما في وسعنا، ونتقبل الأمور بصدر رحب، ومعرفة دقيقة.. ونتجاوب مع شريك حياتنا في إطار من الصدق، والصراحة.

 


(الصدقة- الضحك- الصراحة- الطلاق) كلمات لها واقع يومي في حياة الزوجين، وتمثل هذه الكلمات أكبر الأثر في الحياة الزوجية، ومن الممكن أن تساهم هذه المعاني الجميلة في تحقيق العيش السعيد بين شريكا الحياة الزوجية.

الصدقة بالمعروف:

عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل دينار ينفقه الرجل، دينار ينفقه على عياله. ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله»
قال أبو قلابه: "وبدأ بالعيال".. ثم قال أبو قلابة: "وأي رجل أعظم أجراً من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم أو ينفعهم الله به ويغنيهم عنه" (رواه مسلم).

وهكذا يؤكده حيث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك. فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا» (صححه الألباني).

فيجب أن نعيش واقعًا لا خيالًا، نراعي أحوالنا المادية والاجتماعية ونحسن إلى أهل بيوتنا، فذلك مما يزيد المودة والألفة، وهو من المعاشرة بالمعروف التي دعا لها الدين.

زوجة...احذري أن تكوني مثلها:
"معلمة" كانت ذات راتب شهري ورصيد من الوفر لا بأس به، أما زوجها فكان لضيق ذات اليد يطالبها بالمشاركة في نفقات البيت أو على الأقل دفع قسط البيت الذي يرغبان في تملكه. لكن الزوجة، وبكل جفاء وغلظة، كانت تمانع محتجة بحريتها في التصرف بمالها، تلك الحرية التي حفظها لنا الشرع!! وتجد راحتها في زيادة رصيدها، والمبالغة في الإنفاق على ما فيه رفاهيتها هي فقط!!

النبي المعلم:

لقد سمعت زينب امرأة عبد الله رضي الله عنها، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن»، فرجعت إلى عبد الله فقالت: "إنك رجل خفيف ذات اليد، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة، فأته فاسأله، فإن كان ذلك يجزئ عني، وإلا صرفتها إلى غيركم"، فقال لها عبد الله: "بل ائتيه أنت".
قالت: فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله وحاجتي حاجتها.
وفي الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لهما أجران، أجر القرابة، وأجر الصلة»
(رواه مسلم) (أولويات المرأة المسلمة، خولة درويش، ص107-108، بتصرف).

ولا تقتصر الصدقة على الصورة المالية، الكلمة الطيبة صدقة {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة:263]. كلمة طيبة تضمد الجراح وتفعمها بالرضى والبشاشة، ومغفرة تغسل أحقاد النفوس، وتحل محلها المودة والرحمة.

ضحك يذهب الهم والحزن:

لقد وصفت لنا عائشة رضي الله عنه في كثير من الأحاديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ضحَّاكًا بسَّامًا، فالتحلي بالبشاشة والبشر يزيد المحبة والألفة في الحياة الزوجية، ونجد في الحياة اليومية للأزواج بعض المواقف الغريبة حينما تأتي الزوجة إلى زوجها وتحكي له موقف حصل معها أو مع إحدى صديقاتها، تجده يستمع إليها دون تأثر أو اكتراث، وإن أحس مجاملتها تبسم، ولكن لو حكى له صديقه نفس الموقف لوجدته لا يستطيع أن يتمالك نفسه من كثرة الضحك.

إن النبي صلى الله عليه وسلم أيها الأزواج كان ضحَّاك، أي يبالغ في الضحك من أجل إسعاد أهل بيته، وإضفاء روح مرحة في البيت، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضاحكهم ويتبسم في وجههم. "إن المزاح والدعابة أمر ضروري بين الزوجين، لأنه يُجدد حياتهما، ويجدد نشاطهما وأيامها، فالضحك رمز الأنس والفرح والسعادة، أما التجهم والصمت، فإن الحياة معه تصبح مملة كئيبة، يتمنى معها شريك الحياة أن يمكث خارج المنزل أكثر من بقائه فيه" (الحروف الأبجدية للسعادة الزوجية، جاسم محمد المطوع، ص33).

وقود الحياة (الصراحة":

هناك فكرة جميلة تضمن للزوجين قلة المشاكل بينهما بإذن الله إذا أحسنا ممارستها، والفكرة عنوانها "نعم.. ولكن".. ومضمونها أنه إذا دار الحوار بين الزوجين، وطلب أحدهما من الآخر أن يبدي رأيه في الموضوع موافق أم لا؟ فلا يقول نعم أو لا، ثم يبدأ يحاور نفسه دون أن يسمعه الآخر بمشاعر يبين فيها عدم رضاه عن هذه الإجابة، وإنما يخرح ما في نفسه ويصارح الطرف الآخر، حتى لا يبقى في النفس شيء.

إن أكثر الخلافات الزوجية يصعب علاجها بسبب كبت الزوجين في نفسيهما لأمور غير مرضية، الصراحة مع الطرف الآخر حتى يصل الأمر إلى الانفجار، إن الإنسان يشعر بالراحة إذا أخرج ما في نفسه من مشاعر وآراء، وأحياناً يكون علاج المشاكل إخراج ما في النفوس.

خذ مثالاً:
يتأخر الزوج خارج البيت، وتشعر الزوجة بالخوف من أن مكروهاً قد أصابه، هذا شعورها الحقيقي ولكنها حين يأتي إلى البيت لا تخبره أنها خافت عليه، وإنما تسأله: "ما الذي أخرك؟ لماذا لم تتصل؟" فيبدأ الزوج في الرد على هذا (الهجوم) بـ (دفاع) مناسب فيبدأ الجدل.

أبغض الحلال (الطلاق):

"رغم أن الموت حق، وأن الطلاق حلال، إلا أننا نبغض هاتين الكلمتين.. في الحقيقة المعنى واحد، فالانفصال موت، والموت انفصال.. نعم، لا مفر أحياناً من الطلاق في بعض الأحيان، ولكم هذا أمر مختلف عن ترديد الكلمة بدون داعٍ، أو ربما بدون أن تقصدها، أو بدون أن نعيها..

ربما كان (لا شعور) المرأة أو (عقلها الباطن) هو الذي يدفعها أحياناً-إلى ترديد هذه الكلمة وطلبها ؛ لكي تسعد برفض زوجها تطليقها، فتؤكد لذاتها أنها هي التي تريد الرحيل، وزوجها هو الذي يرفض رحيلها، أنها هي الرافضة وليست المرفوضة، أنها هي المرغوبة والمطلوبة، وأنه يتمسك بها، ولا شك أن هذا السلوك دليل على عدم الطمأنينة، وهذا يعني وجود خلل في العلاقة الزوجية.

المرأة قد تردد هذه الكلمة (طلقني) في الأوقات الحرجة التي تمر بها، وخاصة في فترة ما قبل الدورة الشهرية، وحين تقترب من سن انقطاع الطمث، كما يرددها الرجل حين يكون متواضع المستوى الأخلافي والجتماعي، أو حين يكون باغياً ظالماً أمام زوجة ضعيفة في حاجة ماسة إليه!!

نعم.. إن الوصية الزوجية هنا..

لا تردد هذه الكلمة على الإطلاق، فهي حين تكون بلا معنى لا تعني إلا أحد الأمرين الحمق أو سوء الخلق" (متاعب الزواج، عادل صادق، ص297).

إبليس يفرح:

عن طلحة بن يافع عن جابر بي عبدالله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الشيطان ليضع عرشه على الماء. ثم يبعث سراياه في الناس، فأقربهم عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة. يجيء أحدهم فيقول: "مازلت بفلان حتة تركته يقول كذا وكذا"، فيقول إبليس: "لا، والله ما صنعت شيئاً!!" ويجيء أحدهم فيقول: "ما تركته حتى فرقت بينها وبين أهله". قال: فيقربه ويدنيه ويلتزمه، ويقول: "نِعم أنت"» (رواه مسلم).

وإذًا، فزرع بذور الفتنة بين الزوجين عمل شيطاني كبير، يتقرب به أعوان إبليس إليه؛ فيقربهم ويدنيهم ويلتزمهم. ولا شك أن نسب الطلاق المتزايدة يوماً بعد اخر، لتشير إلى ما يحققه جنود إبليس في المجتمعات. ولذلك فإن القرآن يلاحق قلوب الأزواج والزوجات كي تصفو وترق وتخلو من كل شائبة، يلاحقها باستجاشة شعور مراقبة الله ؛ ليسود التجمل والتفضل جو هذه العلاقة الزوجية ناجحة كانت أم خائبة، ولتبقي القلوب نقية موصولة بالله في كل حال خالصة صافية.

إن أصعب قرار يتخذه الإنسان في حياته هو قرار الانفصال عن شريك الحياة، ومع ذلك فمن ينظر إلى نسب الطلاق، فإنه يلاحظ زيادتها وكثرتها، وكأنه أصبح في زماننا من القرارات السريعة السهلة!!

لاشك أن هناك أسباباً كثيرة لتوتر العلاقة الزوجية ؛ ولكني أعتقد أن من أهمها عدم إفصاح كل طرف عن مشاعره الداخلية للآخر، وإخفاء الغضب في النفس وعدم إظهاره، وعدم وجود حوار هادئ وفعال بين الزوجين، وسؤال أحدهما الآخر ماذا تقصد؟ ماذا تحتاج من هنا تنشأ العلاقة المتوترة، ويكثر الخلاف ويعيش كل طرف من أطراف العلاقة الزوجية عالمه الخاص، ثم يكون قرار الانفصال عند حدوث أية مشكلة.

ماذا بعد الكلام؟
إننا في أمس الحاجة إلى التخلص من ذرات الغبار التي تعلو فوق صفحة حياتنا لكي تصبح حياتنا صافية لامعة، وليكن الصدق في الأقوال والأفعال والمشاعر، هو النبراس الهادي إلى حياة زوجية موفقة يسودها الحب، وترفرف عليها الرفاهية والسعادة؛ ولكي نحقق ذلك يجب علينا أن نعمل كل ما في وسعنا، ونتقبل الأمور بصدر رحب، ومعرفة دقيقة.. ونتجاوب مع شريك حياتنا في إطار من الصدق، والصراحة.

حاولا أن توسعا نظرتكما للأمور وأن تتمتعا بروح الدعابة والمرح، واحرصا على أن يملأ الابتسام حياتكما، فهذا الابتسام يجعل الحياة سهلة ومريحة وبسيطة ويُهوِّن الصعاب، وأنتما بهذا الابتسام تستهينان بكل تعب، وتواجهان معًا كل مشاكل الحياة دون جزع ودون خوف ودون قلق أيضًا.

لا يكون الطلاق هو الحل للمشاكل الزوجية، فالطلاق له آثار اجتماعية سيئة على الزوجين وعلى الأولاد، فلتكن المودة والرحمة هي السائدة بين الأزواج.


المصادر:
· متاعب الزواج، عادل صادق.
· الحروف الأبجدية للسعادة الزوجية، جاسم محمد المطوع.
· أولويات المرأة المسلمة، خولة درويش.
 

  • 1
  • 0
  • 6,075

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً