حوار د. محمود مزروعة لـ(الشعب)

منذ 2013-10-29

حوار: مصطفى إبراهيم


د. محمود مزروعة لـ (الشعب): عزل الرئيس المختار من الأمة حق للشعب وحده؛ ولا يجوز لأي جهة القفز على الشرعية (2-2)

حوار: مصطفى إبراهيم

* لا يصح شرعاً تنحية حاكم منتخب سوى للكفر البواح أو الجنون أو العجز عن القيام بمهام المنصب.

* الانقلابيون اصطنعوا أزمات السولار والبنزين وانقطاع المياه والكهرباء لخداع الناس بعجز د. مرسي عن الحكم.

* الإمام المحجور والعاجز لا تنطبق على الرئيس مرسي. ومن يقولون بذلك يزيفون الحقائق ويقلبون الأمور.

* العلماء مجمعون على ضرورة تحرير الأمير المأسور. لأن الأمة مأسورة بأسره.

* الخروج هو المقاومة المسلحة للحاكم الشرعي المبايَع من الشعب.

* من أعان على إزهاق الأرواح قاتل. ومن أحل الحرام مرتد. والمهلل لسفك الدماء شريك في الإثم.

* مؤامرات الطغمة العلمانية لتغيير الهوية الإسلامية لا تتوقف. ومصير اللادينيين للفشل.

في الحلقة الثانية من حواره مع "الشعب" أكد الدكتور محمود مزروعة -رئيس جبهة علماء الأزهر والعميد الأسبق لكلية أصول الدين- مقولة أن عزل الرئيس المنتخب والمختار من الأمة لا يجوز من أي جهة غير ممثلة للشعب، ولا يصح لأي شخص أو مسئول أو وزير أن يقدم على هذه الكارثة، رافضاً مقولة أن عزل الدكتور محمد مرسي أخف الضررين، مؤكدا أنه أشر الشرور وأكبر المصائب وأعظم الكوارث.


وشدّد د. مزروعة على أن من يحل المحرمات مرتد، مؤكداً أن الدماء أشد المحرّمات في الإسلام بعد الشرك بالله، وأن من يُعين على القتل شريك في الإثم ولا يقل جرمه عمن قتل بيده، منتقداً قيام بعض المنتسبين للعلم بإصدار الفتاوى الفاسدة وقلب الحقائق لإباحة سفك الدماء والضرب في المليان والولوغ في دماء الأبرياء، مؤكدا أيضاً أن مقولات الإمام المحجور والعاجز لا تنطبق على الرئيس محمد مرسي، مشيراً إلى اتفاق العلماء على ضرورة تحرير الإمام المأسور لكون الأمة مأسورة لأسره.

وحذر من المساس بهوية مصر الإسلامية، مؤكداً أن هذه المحاولات مصيرها الفشل كسابقاتها، وإلى نص الحلقة الثانية من الحوار.

* وبماذا تردون على مقولة ارتكاب أخف الضررين التي استدل بها شيخ الأزهر؟

- شيخ الأزهر الذي قال هذه المقولة لم يعلن تنحية رئيس الجمهورية صراحة؛ قال وافقت على ما وافق عليه الحاضرون، كما أنه لدينا حديث يقول إذا بويع حاكمان فاقتلوا الآخر كائناً من كان، وقول الطيب أخف الضررين مردود وخطأ جسيم، بل هو أشر الأشرار، وأكبر المصائب وأعظم الكوارث، بل إن أغلبية الأمة فيما عدا الانقلابيين تطالب بعودة الدكتور محمد مرسى، ولو كانت غير ذلك لقام الانقلابيون بإجراء استفتاء، وهذه القاعدة التي استند إليها الدكتور أحمد الطيب تطبق على الأفراد أو من ينوبون عن الأمة وليس آحاد الأفراد، وهو لا يمثل علماء الأزهر لأنه أتى بالتعيين، وحتى إذا تسلّم منصبه بالانتخاب فهو يمثل المؤسسة العلمية الشريفة الأزهر، وهذا لا يبطل حق الأمة في انتخاب ممثلين يُعبِّرون عنها وكل من شارك في هذا الأمر معينون ماعدا تواضروس، وأخف الضررين لا يقرره إلا من يملك الأمر يعنى من نصبوا الرئيس مرسي هم الذين يقررون ما هو الأخف وما هو الأشد وهم هنا الأمة كلها، ولتوضيح ذلك أقول إنه من يحكم بأخف الضررين هو صاحب القضية والمعنى بها وهي الأمة بأسرها، وأخف الضررين لرئاسة الدولة بقاء مرسي أو الموافقة على الانقلاب العسكري أو إقصاء د. مرسي تقرره الأمة عبر استفتاء أو انتخاب للأمة كلها، يعني أنا لي قضية معينة وأعلم أن بها ضرراً وأمراً آخر بمعنى الأمة التي اختارت، والكنسية وضعها الديني يحرم عليها العمل بالسياسة، والحديث الآخر في صحيح مسلم من بايع إماماً وما فعله السيسي ومجموعة الضباط لا يعنى سوى انقلاب عسكري، ويقول قررنا خارطة طريق وما كنا لأن نقعد ساكتين ونترك الأمة تتقاتل، ومن فوضهم للحديث باسم الشعب وهل ادعاؤهم بالملايين هي دعوى لا دليل عليها وباطلة يقيناً لأنها معللة بالغرض والهوى، ولو كان هواهم على غير ذلك لجعلوا الثلاثين مليوناً نصف مليون، بينما الانتخابات فيها دقة وتحقيق الشخصية وهى توافرت في انتخابات د. محمد مرسي، ولم تتحقق في حديثهم عن التفويض، وجوجل أكدت أن الميادين المصرية لا تسع لأكثر من أربعة ملايين، وهؤلاء الموجودون كثير منهم من الشرطة والجيش والبلطجية.

ويقول أبو الأعلى المودودي الجيوش لا تصلح لحكمنا لأننا نربيهم لأعدائنا، والقضاة يحكمون باسم الوالي لأنه يقول باسم الله ثم باسم الأمة وينوب عن الأمة حاكمها ولرئيس الدولة العفو عن بعض الأحكام، ولا يكون منهم سوى قاضي القضاة وهو رئيس محكمة النقض فقط، يعني لا ينوب القضاة ولا الشرطة ولا الجيش عن الأمة ولا عن المجالس المنتخبة التي يحق لها وحدها مساءلة الرئيس المختار، فإذا ثبتت إدانته كما قلت يعرض الأمر على الشعب وهو وحده الذي يحق له عزل الرئيس وهو وحده فقط صاحب القرار ولا أحد سواه.

التفويض

*وماذا عن قولهم بالتفويض؟

- بالبحث في المجامع الفقهية لم أجد تفويضاً في الأحكام سوى للمرأة في تزويجها أو يفوضها زوجها لتطليق نفسها.

*فماذا عن الوزير المفوض؟

- الوزير المفوض يتولى مهام الرئيس لمرضه أو سفره، ولصاحب الحق سحب التفويض حتى قبل انتهاء المدة، وهذا موجود في الدول البرلمانية فقط.

* ما حالات سحب شرعية الرئيس المنتخب في الفقه الإسلامي؟

أولها الردة التي لا لبس فيها وتظهر ردته للناس بالسخرية للحكم الشرعي ويرتكب أحد أمور نواقض الإيمان، وعلى رأسها إنكار ما علم من الدين بالضرورة، وغيرها من نواقض الإيمان، والأمر الثاني حدوث الجنون المستمر أو المتقطع، والأمر الثالث العجز عن إدارة الأمور، مثل المجون، أو ضعف في عقله أو بدنه.

ولا يدخل فيها الأمور المرنة مثل الظلم مثلما حدث مع عثمان رضي الله عنه، والنبي صلى الله عليه وسلم أسر لعثمان في أذنه وقال له إذا ألبسك الله قميصاً ثم أرادك عليه الناس ونوزعت على خلعه فلا تنزع قميصاً ألبسك الله إياك، لأن الخلافة أو الحكم مسئولية وإيثار لمصلحة الأمة على مصلحة الحاكم، وعندما طلب أبو بكر الإقالة قال له عمر رضي الله عنهما:" لا إقالة ولا استقالة"، وذلك تغليباً لمصلحة الأمة على مصلحة الخليفة لأنه فرد، فمصلحة الأمة تغلب على مصلحة الشخص الواحد.

عجز الحاكم

* هم يستدلون بقول الماوردي وغيره عن عزل الحاكم إذا عجز عن أداء مهامه ويدللون على ذلك بنقص السولار والبنزين والكهرباء والمياه؟

- الأزمات كانت قائمة قبل مجيئه وزادت بفعل مؤامرات ومكائد الانقلابيين ومعاونيهم، وبافتراض حدوث ذلك فإن هذا العجز تقرره المجالس المنتخبة، وتقرر ماذا يفعل بشأنه وهل تحاسب الرئيس عليه وإذا ثبتت إدانته تعرض الأمر على الأمة لكي تقول كلمتها ببقائه أو عزله، وهذه دعاوى مغرضة، وهذه الشبهات يمكن أن تقال مع أي حاكم، ولتأكيد أن الأزمات كانت مصطنعة اختفائها بمجرد عزل مرسي، ولا تفسير لذلك سوى بأن هذه الأزمات كانت مصطنعة وإن لم يكن ذلك فليخبرونا هل أمطرت السماء سولاراً وبنزيناً، أم أن الآبار تفجرت عن الوقود مكرر ومصفى ومعبأ في محطات البنزين، كما أننا شاهدنا البنزين أو السولار يفرغ في الصحراء، وكان يجب على الشعب والأمة مساعدة الحاكم على الأجهزة الفاسدة لإصلاحها وتطهيرها وإعادة هيكلتها وبنائها من جديد، ولماذا نسي هؤلاء المفتون إجماع العلماء على العمل على تخليص الحاكم المنتخب ووجوب تخليصه لأن الأمة مأسورة بأسره، وهذا قرره الماوردي وغيره من العلماء بإجماع ولا خلاف فيه.

الإمام المحجور

* فماذا عن جزئية الإمام المحجور؟

- الحجر نوعان إما لسفه في العقل أو للإفلاس، والمحجور السفيه العاجز عن القيام بالمهام وهو لا ينطبق على د. مرسي، فهل كان د. مرسي سفيها، وكذلك الحجز على المال للدين المادي غير متحققة في الدكتور مرسي، وقد تم التلبيس على الناس بين الإمام المأسور وهو المنطبق على الدكتور مرسي وبين الإمام المحجور الذى بينت حالته وهو لا ينطبق على حالة الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي.

* فماذا عن جزئية الأمير المتغلب؟

- هو الذى يقوم بأمر الحق بغير طريق الحق، لأنه من أهل الحكم يعنى تتوافر فيه شروط وصفات ومؤهلات الحاكم ولكنه لم يتم انتخابه بطريق شرعي صحيح بل حصل على الحكم أو وصل إليه بالقوة وقام بالحق فيه، ورغم ذلك إمامته مرفوضة عند أغلبية العلماء، وما حدث عندنا لا ينطبق عليه مقولة الإمام المتغلب المختلف عليها بين العلماء، وتكون عند تنازع الخلفاء أو الأمراء، وشرطها أن تكون الخلافة شاغرة ويكون هذا الأمير المتغلب قوياً ولم يستطيعوا منعه، فيجب على الأمة خلعه ولو بالقتل، وبهذا الوضع لا ينطبق وضع الأمير المتغلب على الانقلابيين.

الخوارج

*من هم الخوارج؟

- الخروج المعروف هم من خرجوا بغير الحق على الإمام الحق بالسلاح وله شوكة أي جماعة ومنعة، وفى اللغة كل من خرج على إمام الأمة بغير الحق، وبالنسبة لنا نحن المسلمون نتكلم عن فرقة أو طائفة معينة وهي التي حدثت في عهد على بن أبى يطالب رضى الله عنه، وهؤلاء المنطبق عليهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «طوبى لمن قتلهم أو قتلوه» (رواه الإمام أحمد)، والمقصود به الطائفة التي ظهرت على عهد الإمام علي فقط، ومنهم الأزارقة والمحكمة الأولى، ولا ينطبق على من يخالف الحكام، والرد على ادعاء ذلك من أمرين أن صفاتهم لا ينطبق على مخالفي الانقلاب والمطالبين بالشرعية، بل إنه ينطبق على الانقلابيين الذين قتلوا الأبرياء وهم ركع سجود في رءوسهم ومن رفض إطلاق الرصاص من الجنود قتلوه، وفي فتوى علي جمعة قلب للحقائق فبدلاً من أن يسقط الحكم على الانقلابيين الذين خرجوا بالسلاح على الحاكم المنتخب وليس لا عكس، وهو أسوأ من الذين خرجوا على الإمام الشرعي الذى يفتيهم ويبيح لهم هذه الجرائم ويزينها لهم.

*ما السبيل الشرعي لمعاملة المعارضين للحكومة الشرعية والمنتخبة إذا لم يرفعوا سلاحاً أو يفزعوا آمناً؟

- الحكم الشرعي لها أنه لا بد من وجود معارضة لإظهار وجهة النظر الأخرى، ولا يوجد نظام في العالم كله إلا وتوجد معارضة له تختلف معه في الرأي والرؤية، والخلاف تنوعي وليس تضادياً، وينطبق عليه قول النبي عليه السلام لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: «لو اتفقتما على شيء ما خالفتكما» (رواه الطبراني في الأوسط عن البراء ابن عازب)، وقد قال الأستاذ مصطفى صادق الرافعي: "إن الحقيقة في افتقارها إلى من يجحدها أشد احتياجاً منها إلى من يؤمن بها لأن من يؤمن بها يعطيها حق الوجود، ومن يجحدها يعطيها حق الاستمرار في هذا الوجود".

فتاوى مزيفة

* ما حكم الإسلام فيمن يقلب الحقائق ويزيف الفتاوى ويزين الباطل بثوب الحق ممن ينسب إلى العلماء؟

- القاعدة الشرعية أن الدال على الخير كفاعلة والدال على الشر كفاعله، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، ولو أن أحداً من العلماء دعا إلى قتل الناس المعارضين أو المتظاهرين كما وقع من بعض المنسوبين إلى أهل العلم، فهذا الذى دعا إليه رغم علمه أنه حرام يجعله مرتداً عن دين الله لأنه استباح الدماء التي حرّمها الله تبارك وتعالى ويدخل بذلك فيمن أنكر ما علم من الدين بالضرورة.

وديننا علمنا أنه ليس هناك حرمة على المؤمن أشد من حرمة الدم، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً» (رواه البخاري).

وقال صلوات الله عليه وسلم أيضاً فيما معناه لو قتل إنسان في المشرق ورضي عن ذلك إنسان في المغرب لقي الله يوم القيامة ومكتوب على جبهته آيس من رحمة الله، وفي الحديث الشريف: «من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة ومكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله» (رواه ابن ماجة).

وحديث جرير بن عبد الله البجلي: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» (أخرجه مسلم في صحيحه).

وكذلك الحديث الشهير قَالَ: «إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ لَوْ أَنَّ لي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا فَهُوَ يَخْبِطُ في مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا، فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ» (أخرجه أحمد والتِّرمِذي، وقال الشيخ الألباني: "صحيح").

وقبل ذلك قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93].

كما أنه يوجد حديث للإمام مالك في الموطأ عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: "إذا فعلت المعصية بأرضٍ كان من حضرها وأنكرها كمن غاب عنها ومن غاب عنها ورضيها كمن حضرها، فكل من رضي فهو شريك في تلك الجريمة".

وقد اتفقت الأمة على ست وثلاثين مسالة لا عذر فيها بجهل منها المفتي الذى يفتي بغير علم فيؤدي ذلك إلى قتل مسلم، كما قال الناظم كذاك طبيب قاتل بعلاجه بلا علم أو مفت تعد تجاهله.

* تتم الآن محاولات مستميتة لتغيير هوية مصر الإسلامية. فماذا تقولون عن ذلك؟

- هذه المحاولات تتم من طغمة فاسدة لم تخف سعيها لتنحية الإسلام عن لعب أي دور في الساحة المصريَّة، بل يزعمون أن العلمانية لا تعادي الدين بل تترك للناس الحرية في حسم خياراتهم، وهذا تضليل مبين؛ فالعلمانية لم تظهر إلا عداءً للإسلام ورغبة في تذويب هوية المسلمين، ومن ثم فلا يمكن أن يزعم أحد أنه مسلم وعلماني في آنٍ واحد فالإسلام والعلمانية نقيضان لا يلتقيان، وأعتقد أن التغييرات التي شهدها العالم العربي ستسدّد رصاصة الرحمة على هذه الطغمة الفاجرة، بل ستفتح الباب واسعًا للدعوة الإسلاميَّة لتعويض ما فاتها طوال السنوات الماضية بفعل مناخ الحرية ورفع القيود الأمنيَّة عنها وتمتع دعاته بفرصة لن تتكرر لإعادة المجتمعات العربيَّة للإسلام، وهي المهمَّة التي يجب على الدعاة أن يضعوها نصب أعينهم بدلاً من الدخول في معارك فرعيَّة لا تفيد.

* وما توقعاتكم لمصير الدعوات المتتالية لإيجاد دستور علماني لا يقرّ بالمرجعيَّة الإسلاميَّة لمصر؟

- هوية مصر الإسلاميَّة لم تكن أبدًا محلّ شك مهما حاول المتنطعون اللعب بهذه الورقة، فهذه الهوية محل إجماع من المصريين الذين لن يقبلوا المساس بها، بل وسيبذلون الغالي والنفيس من أجل إفشال هذه الحملات، والتي ظهرت جليَّةً واضحة من خلال تناديهم لجمعة الشريعة وسعيهم للذود عنها من الغارة المكثفة عليها عبر ما يطلق عليه المبادئ الحاكمة للدستور، لذا فأنا مطمئن بشدة لفشل هذه المساعي المحمومة للنيل من هوية مصر، ولكن هناك أمر ينبغي التأكيد عليه ويتمثل في أن الذين يقفون في وجه الشريعة ويمنعون تطبيقها لا دين لهم، أما الذين يغلبون على أمرهم ولا يستطيعون تطبيقها فهم معذورون.

وعلى كل من يعلم أن يعرف المخلصين المجهلين المغيبين، وأُنبِّه إلى أنه توجد العديد من الأسباب الداخلية التي تسهم في هدم الأمة وتمكن أعدائها منها وذلك حين تراجَعت أيدي الكثيرين عن الاعتصام بحبل الله والاستِمساك بالقرآن والسنَّة وما عليه سلف الأمة، ولهذا حين تراخَى المسلمون في ذلك كان سهلاً أن تَنتشِر بينهم تلك الفتن الداخلية، بالإضافة إلى ما يفِد عليهم في ديارهم من تلك التيارات فتعمل عملها، وتتجمَّع عوامل ضَعف التمسُّك بالدين من الداخل مع التآمر الخارجي؛ لتَنتشر الفِتن والأفكار الهدَّامة؛ لأنَّها تجد الأرض خِصبة ومُمهَّدة لها، وما زِلنا نُعاني من ذلك حتى اليوم.

 

  • 3
  • 0
  • 4,684

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً