المعادلة الربانية

منذ 2013-11-14

ما أكرم الله سبحانه وتعالى به مصر بعد ثورة 25 يناير لن يضيع سدىً ولا هباء، فالمتتبع لأحداث ثورة 25 يناير وما فيها من أحداث وخطوات وقرارات، يرى الربانية والمشيئة الإلهية وحكمة الله وقدرته وقدره في تسيير الأحداث والمواقف بلطف منه ورحمة بهذا الجيل العظيم.


ما أكرم الله سبحانه وتعالى به مصر بعد ثورة 25 يناير لن يضيع سدىً ولا هباء، فالمتتبع لأحداث ثورة 25 يناير وما فيها من أحداث وخطوات وقرارات، يرى الربانية والمشيئة الإلهية وحكمة الله وقدرته وقدره في تسيير الأحداث والمواقف بلطف منه ورحمة بهذا الجيل العظيم.

فما أكرمنا ليحرمنا وما منّ علينا لينقصنا وما أعطانا ليسلبنا وما وهبنا ليفضحنا. من عوّدنا الجميل لن يبخل علينا به ومحال أن يحسن منا الظن ولا يحسن منه المنّ. فلنتأكد أن الله تعالى يمهِّد لأمر عظيم ولابد له من تضحياتٍ عِظام حتى تجري سنة الله في أرضه بانعدام الأسباب الأرضية، ولا يكون لها من دون الله كاشفة، ليصير على أرض الواقع. إنما النصر من عند الله ينصر من يشاء، وهو العزيز الرحيم، فحينئذ تتدخل يد الله تعمل في الخفاء تمهد لدينه وتغرس لدعوته وتنصر أولياءه لتكون كلمة الله هى العليا.

وما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها، {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يونس من الآية:107] وسيجعل الله بعد عسر يسرًا.

{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق:2-3].

ولن يكون في كون الله إلا ما يريده الله، وما مكرهم وكيدهم إلا ابتلاء وتمحيص وتمايز للقلوب المؤمنة لتتأهل للنصر المبين: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوه} [الأنعام من الآية:112].

{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30].

{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ . يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ . وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال:5-7].

هو سبحانه من أخرجنا من بيوتنا وأولادنا وأعمالنا وأموالنا بالحق وللحق، ليُقيم الحجة الدامغة على الجميع؛ الطائع والعاص حتى لا نتعلق بالأسباب وليكون الله ورسوله أحب إلينا من أنفسنا والناس أجمعين. وربما يتململ البعض ويخرج كارهًا أومكرهًا يود حلولًا وسطية غير حاسمة، أو خيرًا قريبًا سهلًا بسيطًا سريعًا جزئيًا منقوصًا غير كاملًا {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال من الآية:7].

ولكن ربك بالمرصاد يدبر لخير عظيم ومعركة فاصلة ونصر حاسم مبين وفتح قريب، {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ . لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال:7-8].

أرادها المسلمون الأوائل يوم بدر عيرًا وأرادها الله فرقانٌ مبين. أرادوها يومًا عمرة في مكة وأرادها الله بيعة تحت الشجرة لتكون فتحًا قريبًا مبينًا.

وما ظن نوح عليه السلام أن الله سيغرق الكون كله من أجله.

وما فكر إبراهيم عليه السلام في أن النار ستتوقف خصائصها له.


المعادلة الربانية ببساطة وسهولة ويسر يوضحها ربنا جل وعلا لمن كان له قلب: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ . وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ . وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ . أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ . وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ . وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ . وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:138-145].

وسيجزي الله الشاكرين الصابرين الصامدين الواثقين في الله بلا حدود، وسيزول الألم ويبقي الأمل والأجر والثواب رغم ضيق الصدر وقسوة الخلق وضيق الأرض {حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة من الآية:118].

{إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا . هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً . وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً} [الأحزاب:10-12]. حينها فقط تتنزل الرحمات وتغفر الذلات وترفع الدرجات وتتدخل يد الله تعمل في الخفاء تمهد لدينه وتنصر دعوته {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل:40]. {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة:117].



 

يا جنود الله صبرا *** إن بعد العسر يسرا
لا تظنوا السجن قيدا *** رب سجن قاد نصرا


اللهم إن العبد يمنع رحله فامنع رحالك.
لا يغلبن صليبهم ورحالهم أبدًا رحالك.
فإن كنت تاركهم وقبلتك، فأمر قد بدا لك.

ننتظر فتوحات السماء وبركات الأرض وجنود الله التي لا يعلمها إلا هو، مع أخذنا بالأسباب والجد والاجتهاد والصبر والصمود وأن نُريَ الله من أنفسنا خيرًا. ولنتفائل ونثق ونوقن في الله بلا حدود. ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبًا.

{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف من الآية:21].



ماهر إبراهيم جعوان

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 2
  • 0
  • 3,913

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً