أحكام سجود السهو
1 - عن عَبْداللَّهِ بن بُحَيْنَةَ ـ رضي الله عنه ـ: « أَ » [متفق عليه].
2 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: «»[متفق عليه].
3 - عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ـ رضي الله عنه ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم »[أخرجه مسلم].
4 - عن عَبْد اللَّهِ بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: « »[متفق عليه].
وفي رواية لهما: «أ ». وفي رواية لمسلم بلفظ: « ».
5 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « ِ»[أخرجه مسلم].
6 - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « »[أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: «هذا حديث حسن غريب صحيح»، وصححه النووي في المجموع (4/107)، وصححه من المعاصرين الألباني (صحيح سنن الترمذي، ح 399).].
ومن فوائد هذه الأحاديث:
أولاً: أن سجود السهو واجب على من سها في صلاته بزيادة أو نقص أو شك في الأركان والواجبات. قال ابن تيمية بعد أن أورد الأدلة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأمره في السجود: «وهذه دلائل بينة واضحة على وجوبهما، وهو قول جمهور العلماء، وهو مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة، وليس مع من لم يوجبهما حجة تقارب ذلك»[مجموع الفتاوى (23/28)] .
ثانياً: مشروعية التكبير لسجود السهو. قال ابن الملقن: « يشرع التكبير لسجود السهو، وهذا مجمع عليه »[الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (3/294)] .
ثالثاً: إذا تكرر السهو في الصلاة فإنه يكفيه بسجود السهو مرة واحدة؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك التشهد الأول، والجلوس له ولم يكرر سجود السهو، كما في حديث عبد الله بن بحينة. قال ابن دقيق معلقاً على هذا الحديث: «فيه دليل على عدم تكرار السجود عند تكرار السهو؛ لأنه قد ترك الجلوس الأول والتشهد معاً، واكتفى لهما بسجدتين »[ إحكام الأحكام ، ص 283 ] .
رابعاً: إذا كان سجود السهو بعد السلام، فيشرع له سلام آخر بعده. وهو الراجح من قولي العلماء لظاهر حديث أبي هريرة وعمران وابن مسعود رضي الله عنهم.
خامساً: من شك في صلاته فعليه أن يتحرى الصواب أولاً؛ فإن ترجَّح له أحد الأمرين عمل به، وإن لم يترجح له شيء بنى على اليقين وهو الأقل؛ ويدل عليه مجموع حديث عبد الله بن مسعود، وحديث أبي سعيد، وابن عوف رضي الله عنهم».
سادساً: هل يكون سجود السهو قبل السلام أو بعده؟ هذا الأمر فيه خلاف بين العلماء على أقوال:
القول الأول: أن محل السجود كله قبل السلام. وهو مذهب الشافعية، وقول الزهري، و مكحول، والأوزاعي، والليث بن سعد.
القول الثاني: أن محل السجود كله بعد السلام. وهو مذهب الحنفية، وقول الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والثوري.
القول الثالث: أن الأصل في السجود أن يكون قبل السلام، إلا ما جاءت السنة بالسجود فيه بعد السلام؛ فإنه يسجد بعده. وهو المشهور عن الإمام أحمد.
القول الرابع: أن الأصل في السجود أن يكون بعد السلام، إلا في حالين فيكون المصلي مخيراً فيهما بالسجود قبل السلام أو بعده: إذا نسي الجلوس للتشهد الأول، وإذا شك هل صلى ثلاثاً أو أربعاً. وهو قول ابن حزم.
القول الخامس: أن ما ثبت في السنة من السجود قبل السلام أو بعده فإنه يفعل كما ورد، وما عدا ذلك فإن المصلي مخير بين السجود قبل السلام وبعده. وهذا قول الشوكاني.
القول السادس: أن المصلي مخير بين السجود قبل السلام وبعده مطلقاً. وهو قول بعض الشافعية، واختيار الصنعاني.
القول السابع: إذا كان السهو عن نقص سجد قبل السلام، وإن كان عن زيادة سجد بعد السلام. وهو مذهب المالكية. وهذا القول جزء من القول الذي يليه.
القول الثامن: إذا كان السهو عن نقص سجد قبل السلام [ والمراد بالنقص هنا ترك الواجب: كترك التشهد الأول، والجلوس له، وتكبيرات الانتقال، وقول سبحان ربي العظيم في الركوع، وقول سبحان ربي الأعلى في السجود، وقول ربي اغفر لي في الجلوس بين السجدتين. فمن ترك شيئاً من ذلك فإنه يجبر بسجود السهو قبل السلام ] . وإذا كان عن زيادة سجد بعد السلام. وإذا كان عن شك فإنه يتحرى الصواب؛ فإن غلب على ظنه شيء عمل به وسجد بعد السلام، وإن لم يغلب على ظنه شيء بنى على اليقين وهو الأقل، وسجد قبل السلام. وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
وهذا أرجح الأقوال وأقربها إلى الصــواب وبه تجتمــع الأدلة ولا تتعارض. فالنبي صلى الله عليه وسلم سجد قبل السلام جبراً للنقص حين ترك التشهد الأول؛ كما في حديث عبد الله بن بحينة. وسجد بعد السلام حين زاد في الصلاة ركعة خامسة كما في حديث عبد الله بن مسعود، وسجد بعد السلام أيضاً حين زاد سلاماً بعد الثانية في صلاة الظهر كما في قصة ذي اليدين. وأمر بالسجود قبل السلام عند الشك في عدد الركعات بعد البناء على اليقين كما في حديث أبي سعيد، وحديث ابن عوف ـ رضي الله عنهما ـ وأمر بالسجود بعد السلام إذا شك ثم تحرى وعمل بما ترجح له بعد التحري. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: « فهذا القول الذي نصرناه هو الذي يستعمل فيه جميع الأحاديث، لا يترك منها حديث مع استعمال القياس الصحيح فيما لم يرد فيه نص، وإلحاق ما ليس بمنصوص بما يشبهه من المنصوص» [ مجموع الفتاوى (23/25) ] .
مناقشة الأقوال الأخرى:
أما القول الأول فهو مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسجود بعد السلام.
والقول الثاني مخالف أيضاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسجود قبل السلام.
والقول الثالث جعل الأصل في السجود قبل السلام، وهذا يحتاج إلى دليل خاص.
والقول الرابع جعل الأصل في السجود بعد السلام، ودليلهم حديث ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « » [ أخرجه أبو داود، رقم 874. كما أخرجه أحمد وابن ماجه، وفي إسناده عندهم زهير بن سالم العنسي، وهو ضعيف. قال عنه الدارقطني: «منكر الحديث». وقال عبد الحق الإشبيلي عن هذا الحديث في الأحكام الوسطى (2/29): «وليس إسناده مما تقوم به حجة». وقال النووي في المجموع (4/155) : «حديث ضعيف ظاهر الضعف» ] .
وعلى فرض صحته فإنه محمول على الأحوال التي يكون السجود فيها بعد السلام جمعاً بينه وبين الأحاديث الأخرى التي ثبت فيها السجود قبل السلام من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأمره.
وتتمة القول الرابع: أنه ذكر حالين يكون المصلي فيهما مخيراً بعد السلام. وكيف يكون مخيراً والنبي صلى الله عليه وسلم سجد قبل السلام في الحال الأولى، وأمر بالسجود قبل السلام في الحال الثانية، والصواب الاقتداء بفعله وامتثال أمره.
والقول الخامس شبيه بالقول الراجح إلا أنه جعل المصلي مخيراً بالسجود قبل السلام أو بعده في كل صورة لم يرد فيها دليل خاص. فمثلاً: النبي صلى الله عليه وسلم صلى العصر ثلاثاً وسلم، ولما نُبه أتى بركعة وسجد بعد السلام كما في حديث عمران ـ رضي الله عنه ـ فلو صلى الإمام ركعة في صلاة الفجر ثم سلم ناسياً، ثم نُبه؛ فهل يسجد بعد إتيانه بالركعة بعد السلام إلحاقاً بنظيرها في حديث عمران وقصة ذي اليدين، أو يكون مخيراً؛ لأنها صورة جديدة؟! الأقرب أن يسجد بعد السلام ـ وهو الراجح كما سبق ـ لأن إلحاق النظير بنظيره أوْلى من إفراده بحكم آخر من غير دليل صريح عليه.
أما القول السادس وهو القول بالتخيير مطلقاً؛ فضعيف أيضاً؛ إذ كيف يكون المصلي مخيراً والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسجود قبل السلام في أحوال، وأمر به بعد السجود في أحوال أخرى؟ ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم خير بالسجود، أو أمر بالسجود قبل السلام وبعده في حال واحدة، أو أنه فعل ذلك. قال شيخ الإسلام: «ولم ينقل عنه في صورة واحدة أنه سجد تارة قبل السلام وتارة بعده، ولو نقـل ذلك لدل على جواز الأمرين» ثم قال: «الشــارع حــكيم لا يفرق بين الشيئين بلا فرق، فلا يجعل بعض السجود بعده، وبعضه قبله، إلا لفرق بينهما» [ مجموع الفتاوى (23/ 21 ـ 22) ] .
أما القول السابع فهو جزء من القول الثامن.
سابعاً: ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث السابقة أنه تكلم بعدما سلم وقبل أن يأتي بما بقي من صلاته وسجود السهو. وغيَّر مكانه، وخرج من المسجد، وأن الصحابة تكلموا، وتشوشوا، وخرج بعضهم من المسجد وهم يتكلمون قبل أن يتموا صلاتهم مع النبي صلى الله عليه وسلم . ثم أتم النبي صلى الله عليه وسلم ما أخل في صلاته، ولم يجعل هذا الفصل بالكلام والخروج من المسجد وبمضي قدر من الوقت مبطلاً للصلاة بل أتم عليه.
وقد اختلف العلماء في من سها في صلاته وسلم ناسياً ثم خرج من المسجد أو تكلم أو طال الفصل قبل أن يتم صلاته ويسجد للسهو: هل يبدأ من جديد لطول الفصل، أو يتم صلاته ويسجد للسهو ولو طال الفصل؟ وفي هذا خلاف بين العلماء على أقوال:
القول الأول: أن الضابط هو البقاء في المسجد فإذا خرج وجب عليه إعادة الصلاة.
وهذا القول لا دليل عليه، ثم هو مردود بفعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الذين خرجوا من المسجد.
القول الثاني: أن الضابط هو الكلام؛ فإذا تكلم في غير مصلحة الصلاة وجب عليه الإعادة.
وهذا القول لا دليل عليه أيضاً، ثم إن الصحابة تشوشوا، وخرج السَّرَعان وهم يتكلمون، والنبي صلى الله عليه وسلم دخل بيته، كل ذلك قبل أن يسجدوا للسهو، ويبعد جداً أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم بيته ويخرج الصحابة من المسجد بصمت تام دون مخاطبة الآخرين. ثم لو كان الكلام في غير مصلحة الصلاة قبل السجود مبطلاً لها لبينه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولسأل الصحابة الذين شوشوا وخرجوا من المــسجـد أن مـن تكـلم في غيــر مصلحتهـا فعليه الإعـادة. فلما لم يحصل شيء من ذلك كان مؤكداً لضعف هذا الضابط.
القول الثالث: أن الضابط هو طول الفصل، فإذا طال الفصل وجب عليه الإعادة، وطول الفصل ضابطه العرف.
وهذا القول أيضاً لا دليل عليه. والقاعدة أن ما ورد في الشرع ولا ضابط له فيه ولا في اللغة يرجع فيه إلى العرف. أما اعتبار طول الفصل فلم يرد في الشرع أصلاً حتى يضبط بالعرف.
والذي يظهر من الأدلة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتبر طول الفصل لمنع الإتمام على ما سبق من صلاته وسجود السهو؛ فدخول النبي صلى الله عليه وسلم بيته، وخروج السرعان من المسجد يأخذ وقتاً ليس بالقليل، ولو كان طول الفصل معتبراً في منع البناء لبينه النبي صلى الله عليه وسلم .
القول الرابع: أنه يتم صلاته ويسجد للسهو ولو طال الفصل أو تكلم أو خرج من المسجد. وهذا أقرب الأقوال كما يظهر من مناقشة الأقوال السابقة. قال ابن تيمية: «وعن أحمد رواية أخرى أنه يسجد وإن خرج من المسجد وتباعد، وهو قول للشافعي وهذا هو الأظهر؛ فإن تحديد ذلك بالمكان أو بزمان لا أصل له في الشرع، لا سيما إذا كان الزمان غير مضبوط؛ فطول الفصل وقصره ليس له حد معروف في عادات الناس ليرجع إليه ولم يدل على ذلك دليل شرعي ولم يفرق الدليل الشرعي في السجود والبناء بين طول الفصل وقصــره، ولا بين الخروج من المسجد والمكث فيه، بل قد دخل هو صلى الله عليه وسلم إلى منزله وخرج السرعان من الناس كما تقدم» [ مجموع الفتاوى (23/43) ]. وقال أيضاً عن خروج السرعان من المسجد: «لا ريب أنه أمرهم بما يعملون. فإما أن يكونوا عادوا أو بعضهم إلى المسجد، فأتموا معه الصلاة بعد خروجهم من المسجد، وقولهم قصرت الصلاة، قصرت الصلاة. وإما أن يكونوا أتموا لأنفسهم لما علموا السنة، وعلى التقديرين فقد أتموا بعد العمل الكثير، والخروج من المسجد. وأما أن يقال: إنهم أمروا باستئناف الصلاة: فهذا لم ينقله أحد ولو أمــر بـه لنقـل، ولا ذنب لهم فيما فعلوا» [ مجموع الفتاوى (23/40 ـ 41) ] .
ثامناً: هذا التفصيل في السجود قبل السلام وبعده هل هو على الوجوب أو على الاستحباب؟ قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: «ذهب كثير من أتباع الأئمة الأربعة إلى أن النزاع إنما هو في الاستحباب، وأنه لو سجد للجميع قبل السلام، أو بعده جاز.
والقول الثاني: أن ما شرعه قبل الســلام يجـب فعله قبله، وما شرعه بعده لا يفعل إلا بعده. وعلى هذا يدل كلام أحمد وغيره من الأئمة وهو الصحيح.. فهذا أمر فيه بالسلام ثم بالسجود، وذلك أمر فيه بالسجود قبل السلام، وكلاهما أمر منه يقتضي الإيجـاب...
ولكـن مـن سـجد قبل الســلام مطلقـاً، أو بعـده مطلقاً متأولاً فلا شيء عليه، وإن تبين له فيما بعد السنة استأنف العمل فيما تبين له، ولا إعادة عليه» [ مجموع الفتاوى (23/ 36 ـ 37) ] .
مسألة: من نسي التشهد الأول وذكره أثناء الصلاة، فلا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يتذكر التشهد الأول بعدما استتم قائماً في الركعة الثالثة. فهذا يتم صلاته، ويسجد للسهو قبل السلام جبراً لنقص هذا الواجب.
الحال الثانية: أن يتذكره أثناء النهوض، وقبل أن يستتم قائماً ؛ فالواجب عليه أن يرجع فيجلس للتشهد، ولا يلزم في هذه الحالة سجود سهو.
والدليل على هذا التفصيل ما رواه قيس بن أبي حازم قال: «صلى بنا المغيرة بن شعبة، فقام من الركعتين قائماً، فقلنا: سبحان الله! فأومأ وقال: سبحان الله! فمضى في صلاته؛ فلما قضى صلاته سجد سجدتين وهو جالس، ثم قال: صلى بنا رسول الله فاستوى قائماً من جلوسه فمضى في صلاته، فلما قضى صلاته سجد سجدتين وهو جالس، ثم قال: إذا صلى أحدكم فقام من الجلوس، فإن لم يستتم قائماً فليجلس، وليس عليه سجدتان، فإن استوى قائماً فليمض في صلاته وليسجد سجدتين وهو جالس» [ أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/440) ] . قال: « حدثنا ابن مرزوق ( وهو إبراهيم بن مرزوق بن دينار الأموي) قال: حدثنا أبو عامر ( وهو عبد الملك بن عمرو العقدي)، عن إبراهيم بن طهمان، عـن المغيرة بن شبيل، عــن قيس بن أبي حازم بــه» [ وهذا إسناد جيد. قال الألباني في الإرواء (2/110): «إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات» ] .
مسألة: قال ابن المنذر: « وأجمعوا على أن ليس على من سها خلف الإمام سجود. وانفرد مكحول وقال عليه» [ الإجماع له (ص 8 )، وانظر المغني (2/439) ] .
ولم ينقل عن الصحابة أنهم كانوا ينفردون بسجود السهو خلف إمامهم وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، والسهو في الصلاة لا يسلم منه البشر، مع كثرة المصلين خلف النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة، واستمرار الصلاة خلفه أكثر من عشر سنوات؛ فيبعد جداً أن لا يقع من أحدهم سهو وهو مؤتم. ولو سجدوا لنقل إلينا لتوافر دواعي النقل.
مسألة: إذا سجد المصلي للسهو بعد السلام؛ فإنه يسلم بعد سجود السهو، ولا يتشهد على الصحيح من قولَيِ العلماء؛ وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في سجود السهو من قوله وفعله وليس في شيء منها حديث صحيح أنه تشهد أو أمر به. قال النووي عن التشهد بعد سجود السهو: «لم يصح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء»اهـ.
أما حديث عمران بن حصين ـ رضي الله عنه ـ: « » [أخرجه الترمذي، رقم 361 ] .
فإن قوله: «ثم تشهد» زيادة شاذة تفرد بها أشعث بن عبد الملك عن محمد بن سيرين. وقد رواه جمع من الثقات عن ابن سيرين دون هذه الزيادة. وممن حكم بشذوذها البيهقي وابن عبد البر وابن حجر، ومن المعاصرين الألباني في الإرواء .
قال ابن حجر: «وضعفه البيهقي وابن عبد البر وغيرهما، ووَهَّموا رواية أشعث لمخالفته غيرَه من الثقات عن ابن سيرين، فإن المحفوظ عن ابن سيرين في حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد، وروى السراج من طريق سلمة بن علقمة أيضاً في هذه القصة: قلت لابن سيرين: فالتشهد؟ قال: لم أسمع في التشهد شيئاً.اهـ فصارت بزيادة أشـعث شــاذة؛ ولهـذا قال ابن المنذر: لا أحسب التشهد في سجود السهو يثبت. لكن ورد في التشهد في سجود السهو عن ابن مسعود عند أبي داود والنسائي، وعن المغيرة عند البيهقي، وفي إسنادهما ضعف. فقد يقال إن الأحاديث الثلاثة في التشهد باجتماعها ترتقي إلى درجة الحسن. قال العلائي: وليس ذلك ببعيد، وقد صح عن ابن مسعود من قوله. أخرجه ابن أبي شيبة» [ الفتح (2/79) ] .
فالتشهد عند ابن المنذر والعلائي محتمل للتحسين، لكنهما لم يجزما به. والأصل في العبادات هو المنع حتى يتبين ثبوت الدليل.
مسألة: قال ابن قدامة: «ولا يشرع السجود للسهو في صلاة جنازة.. ولا في سجود تلاوة.. ولا في سجود سهو. نص عليه أحمد. وقال إسحاق: هو إجماع» [
- التصنيف:
أبو راشد محمودال الحوامدة
منذمالك المطري
منذأبوعبد العزيز
منذأحمد حمدى
منذ