عاشوراء يومنا لايومهم وفرصتنا لا فرصتهم

منذ 2013-11-17

يومنا لا يوم يهود، الذين غيّروا وبدّلوا ولم يحفظوا حرمة رسالتهم ولا ميراث نبيهم عليه السلام، وكذبوا ببشارته بمحمد صلى الله عليه وسلم


وهو الرحيم سبحانه، دوماً يفتح لنا أبواب التوبة، ويمد لنا سبل الإنابة، ويدعونا إلى إصلاح مافات، وهو الرحيم سبحانه، يقدر لنا أيام الخير متتابعات، وييسر لنا من نفحات الهدى مرات ومرات، فلئن مرّ يوم قدمت أيام، فهيا أيها العائد المخلص، فقد فُتِحَت لك فرصة أخرى.

يوم جديد، بفرصة جديدة، وقيمة إيمانية جديدة، إنه يومنا، يوم الصالحات، إذ يكفر صومه ذنوب السنة الماضية، ويؤكد اتباع سنته صلى الله عليه وسلم والسير على نهجه حتى آخر رمق في حياتنا، يومنا، إذ فيه كان حد فاصل بين سبيل الضلال وسبيل اليقين، فأنقذ الله فيه موسى ومن معه أجمعين ثم أغرق الآخرين.

يومنا لا يوم يهود، الذين غيّروا وبدّلوا ولم يحفظوا حرمة رسالتهم ولا ميراث نبيهم عليه السلام، وكذبوا ببشارته بمحمد صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قَدِمَ النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: «مَا هَذَا؟»، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قال: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ» فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ" (أخرجه البخاري)[1].

يومنا، إذ يدعونا لوحدة الصف مع أهل الإيمان أجمعين، ووحدة صف المتبوعين من أنبياء الله جميعاً، فدعواهم واحدة، ومنهجهم واحد، وسبيلهم واحد، وغايتهم واحدة، والتابعون لهم على موعد حق مع التوحد على التوحيد، والمصرون على عنادهم وتفرقهم عن محمد صلى الله عليه وسلم يسيرون عكس تيار الهدى ويخالفون منهاج أنبيائهم الصالحين عليهم أفضل الصلاة والتسليم وعلى الجانب الآخر فهذه الأمة الرسالية هي أولى الخلق بأنبياء الله من أقوامهم الذين كذبوهم ولم يعرفوا حقهم كما قال صلى الله عليه وسلم في الصحيح: «أنتم أحق بموسى منهم».

إنهم وإن كانوا أقرب له من حيث النسب فإننا أقرب إليه من حيث العقيدة والتصديق والمحبة والأخوة.

نحن أحق بعاشوراء منهم إذ إنه يوم ذكرى لنصر الله عباده الصالحين ما أخلصوا وصبروا وتوكلوا على الله حق توكله قال سبحانه: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر:51]، إذ قال الله سبحانه في وصف ما حدث ذلك اليوم: {فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ . فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ . قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء:60-62].

وهو يومنا لا يوم المبتدعين من الشيعة الرافضين، الذين يجعلونه يوم ألم وأحزان، وبكاء وعويل ودماء، ويجعلونه يوماً تنتهك فيه حرمة التوحيد، وترفع فيه رايات البدعة والخرافة في دين الله، بعدما زوَّروا التاريخ وحرَّفوا الوقائع وأساءوا الفهم وأنكروا الصدق والحق على ألسنة الصادقين من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم.

هو يومنا لا يوم المبتدعين إذ النبي صلى الله عليه وسلم أكد فيه على معنى الاقتداء بسنته، فأمر بمخالفة أهل الكتاب، فأمر أن يصام ويزاد على يوم يهود، فإن يهود لم تكن تصمه بل كانت تفطر فيه كيوم عيد، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ». قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (أخرجه مسلم).

وعن سلمة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً ينادي في الناس يوم عاشوراء "أن من أكل فليتم أو فليصم، ومن لم يأكل فلا يأكل" (أخرجاه في الصحيحين).

وكان الصحابة رضي الله عنهم يُرَبُّون صبيانهم على صيامه كما في حديث الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: "فكنا نصومه ونصوم صبياننا" (أخرجاه في الصحيحين).

يومنا وزادنا الله سبحانه على خيره خيرات كثيرات، فحرصنا عليه واقتدينا بنبينا صلى الله عليه وسلم في الحرص عليه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ" (أخرجه البخاري).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عاشوراء، إني أحتسب على الله أن يُكَفِّر السنة التي قبله» (أخرجه مسلم).

ــــــــــــــــ

[1]- قوله: «هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ» في رواية مسلم: «هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرّق فرعون وقومه». قوله: «فصامه موسى»، زاد مسلم: «شكراً لله تعالى فنحن نصومه»، وفي رواية للبخاري: «ونحن نصومه تعظيماً له»، وقوله: «وأمر بصيامه» عند البخاري: فقال لأصحابه:
«أنتم أحق بموسى منهم فصوموا».


خالد روشه


 

  • 4
  • 0
  • 8,726

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً