الملحمة الكبرى

منذ 2013-11-18

يا أمةً مَا يَزالُ المجدُ في دَمها *** يجري، وإن جَرّهَا للذلِ غَاويها ملاحمُ الشامِ سُحْبٌ سوف تمنحنا *** غيثًا مِن الهمةِ الكبرى غواديها

 

ملاحِمُ الشَّام تجري في رَوابِيها *** حرباً تُؤجَّجُ في شتَّى نواحيها
تَجرِي بِحاراً مِن الأحدَاثِ مَائجة *** تَكادُ تغمرُ دُنيانا دَوَاهِيها

تَجرِي أَمامَ عيونِ النَّاسِ بارزةً *** قَد أشْبهتْ مَا بَدا مِنْها خَوافِيها
ملاحمُ الشَّام تفسيرٌ يُعلمُنَا *** مِن الأحاديثِ مَا تَخفى معَانِيها

رِسالة مِن إِلهِ العَرشِ تُنذِرُنَا *** منَ الأعادي التي تعدُو عَوادِيها
وللبشارةِ فيها مَا يبشِّـرنا *** َبأنَّ أمّتـنا تصحُو غَوافِيهَا

ملاحمُ الشَّام تمهيدٌ لملحَمةٍ *** كُبرى على مُستَوى الدُّنيا وَمَا فِيها
تُلملِم الشمل في مِصر الإباءِ وفي *** بَغدادِنا وتُباري مَن يُباريها

وتَبلُغُ المغربَ الأقصَى بَشائِرُها *** يطوي بِساطَ الهوى والوهمِ طَاوِيها
وَتَرسُمُ اليَمنُ المحبوبُ خارطةً *** خيوط حاضِرها شُدت بماضِيها

تبشرُ المسجدَ الأقصى بملحمةٍ *** تحرِّكُ الأرضَ قاصيها ودَانِيها
ملاحمُ الشَّام أبوابٌ مفتّحة *** على انتصارٍ كبيرٍ في مَغانيها

فيها برغم مآسيها وقسوتها *** بشارةٌ سوف تُنسيِنَا مَآسيها
تجمعتْ في ربوعِ الشامِ ألْويةٌ *** للرومِ والفرسِ قد بَانت مَرامِيها

شواطيءُ البحرِ فِيها كل حاملة *** للطائراتِ بها ضَجّت مَراسيها
والأرضُ في شامِنا الميمونِ قد جَمعَت *** مَا يثقل الأرضَ مِن أعدَى أعاديها

لكنها جَمعَت أَبطالَ أمتِنا *** كَأنهم فَوقها إِحدى رَواسِيها
ملاحم الشام للأمجاد نافذة *** وأخسرُ الناسِ فيها مَن يُجافِيها

تهزُّ غوطتها أحداث دابقها *** هزاً سيرفع فيها شأنَ حَامِيها
لا تسألوا حمصها عن ليل حسرتها *** لكنْ سَلوا فَجرها لما يُوافيها

سلوا دمشق وريفا قد أحاط بها *** عن روضها حينما تجري سواقيها
ولتسألوا حلبًا عَن صرحِ عِزتها *** لما يُنادي بما تهوى مُنادِيها
لا تسألوا قسوةَ الباغي وخسّتَه *** لا تَسألوا فِرقَةً بَانت مَخازِيها

سلوا رُبى الشام أعلاها وأسفلَها *** ماذا ستحمِلُ من خيرِ أياديها
كأنني بجيوشِ الغاصِبينَ رَمَى *** بها إلى خيبةِ الإذلالِ رامِيها

الفرس والروم والحزب الذي ذَهبَت *** بِهِ إلى الموتِ أحقادٌ يُواريها
وكلُ طائفةٍ بَانت مَطامِعُها *** وكُلّ مَن بَات من قومي يُوالِيها

وكُل من خَدعوا شامَ الإباءِ ومن *** تَاهت قوافلُهم فيها وحادِيها
كأنني بهم ارتدَّت جحافلهم *** يذوقُ رائحها ما ذاق غَادِيها

إني أرى فرقَ الإلحادِ جاثيةً *** على طريقِ الرَّدَى، يا قُبحَ جَاثيها
إني أراهم كأعجاز النخيل هوى *** فيها على ساحةِ الإذلالِ خاويها

كأنَّني برياح الذل تطمرهم *** بِما تسُوقُ إليهِم من سُوافِيها
نعم، ملاحم شام العز تُحزننا *** ولا غرابةَ أن تبكي بَواكِيها

فالخَطبُ فيها كَبيرٌ والقلوبُ بها *** وجِيبُها من جراحات تعانيها
قتلٌ وهدمٌ وتشريدٌ وطائفةٌ *** بَغَى على شَامنا الميمونِ بَاغيها

لكنها في طَريقِ النصرِ ملحمةٌ *** كُبرى سينشد لحنَ النصرِشاديها
بُشرى لمصرَ وللشامِ الأبي ويا *** بشرى لبغدادِنا فالخيرُ آتيها

يا أمةً مَا يَزالُ المجدُ في دَمها *** يجري، وإن جَرّهَا للذلِ غَاويها
ملاحمُ الشامِ سُحْبٌ سوف تمنحنا *** غيثًا مِن الهمةِ الكبرى غواديها

ملاحمُ الشَّامِ تمحو صفحة كتبتْ *** فيها مذلتنا، تمحو حواشيها
وتكتبُ المجدَ أسفارا مسطَّرة *** حروفها بدماءٍ فاح زاكِيها

غداً أذكِّركم بالنَّصرِ تُعلِنُهُ *** قصيدتي وبهِ تَشدو قَوافِيها


 

عبد الرحمن بن صالح العشماوي

الشاعر المعروف أستاذ النقد الحديث بجامعة الإمام محمد بن سعود

  • 2
  • 0
  • 3,041

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً