باب لفتن أوسع وظلم أكبر خططوا له !
ملفات متنوعة
- التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة -
يتعرَّض الإسلام إلى هجمة شرسة منذ زمن غير قليل، إلا
أنه في هذه المرحلة أخذت الهجمة صورةً جديدةً فيها جرأةٌ على الإسلام
والمسلمين، واستخفاف بهم وتحدٍّ لهم.
وجمعت هذه الصورة الجديدة قسْوة الغزو العسكري ووحشيّته وامتداد الغزو
الفكري واتساع أثره وفتنته، والشدة والافتراء والكذب المنظم على
القرآن والرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
فقد نشرت صحيفة "لانكاشاير إيفنينغ تيليغراف" مقالاً لوزير الخارجية
السابق والنائب الحالي البريطاني جاك سترو دعا فيه النساء المسلمات
اللواتي يرتيدن النقاب إلى تليين موقفهن بعض الشيء من قضية
الحجاب.
حيث قال للمرأة التي زارته في مكتبه: ".... هل تعتقدين أن القرآن يطلب
ارتداء الحجاب؟! إنني لستُ خبيراً لكني سمعتُ علماء مسلمين عديدين
يقولون إن الحجاب الكامل ليس إلزامياً على الإطلاق.
كما أن النساء والرجال يذهبون إلى الحج في مكة ووجوههم مكشوفة، "قال
زوجها إن الموضوع ثقافي أكثر منه ديني".
قلتُ إنني سأفكر بما قالته لي السيدة، لكنّي طلبتُ إليها أن تفكِّر
فيما قلته أنا، خصوصاً فيما يتعلق بقلقي من أن ارتداء الحجاب الكامل
سيجعل من الصعب التقارب والإيجابية بين أطياف المجتمع.
فهو كالتعبير الواضح عن الانفصال والاختلاف! فكرت كثيراً قبل أن أتطرق
إلى هذه القضية قبل عام، وفكرت أكثر قبل أن أكتب هذا المقال. لكن إذا
لم أقم بذلك أنا، فمن سيقوم به؟!.
كان للمرأة قضية تثار في كلِّ مجتمع مضطرب الموازين منحرف القيم أو
جاهليٍّ أو ملحدٍ ، كان للمرأة قضيّة في العصر الجاهليّ في الجزيرة
العربيَّة، وفي اليونان وفي روما في عصور الانحلال والتفلّت، ولها
قضيّة كُبْرى في الحضارة الغربيّة التي سحقت المرأة اليوم وسرقت شرفها
وحطّمت كرامتها ورمتها في فتنة الدنيا ووحول فسادها، مخدّرة لا تُحسُّ
بحقيقة شقائها، خدَّرتها الشهوة المتفلَّتة، أو الجري اللاهث وراء
لقمة العيش، أو زهوة المراكز والمناصب والمسؤوليات.
ولكن لم يكن للمرأة مشكلة في عصر النبوة الخاتمة، ولا في عصر الخلفاء
الراشدين، ولا في أيّ عصر ساد فيه حكم الكتاب والسنَّة وكانت كلمة
الله فيه هي العليا.
إن مشكلة الحجاب في الغرب لم تكن وليدة اليوم ولا أمس، إنها مشكلة ذات
جذور وأبعاد بعيدة، وقد انتهز بعض الساسة في الغرب الأحداث الأخيرة في
عدد من بلدانها بجعلها من أهمِّ قضاياها وموضوعاً للمزايدة عليها في
تنافسهم في الانتخابات!
أين هي المشكلة وما أسبابها؟! عزا الكثيرون السبب إلى وجود تحدٍ
للإسلام والمسلمين، وهذا مظهر من مظاهر هذا التحدي، ونحن نؤكد وجوده
بصورة أوسع من الحجاب، وأوسع من بريطانيا وفرنسا وغيرهما.
إن نطاق التحدي للمسلمين واسع ممتدٌّ في الأرض، ممتدّ في الأساليب،
تتكاتف فيه قوى كثيرة.
هذه العصابة أو العصابات اكتسبت من خلال تجاربها خبرة جعلتها تعتقد أن
الذي يقف أمام ظلمها وعدوانها وجرائمها وإفسادها في الأرض هو الإسلام
وحده وجنوده الصادقون مع ربهم ودينهم وأمتهم، علموا من تجاربهم أن
الإسلام كما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم لا يُسَاوَم على حق،
ولا يقبل باطلاً، ولا يسمح بظلم ولا عدوان ولا جريمة.
لقد وجدت هذه العصابات المجرمة أنها قادرة على شراء الضمائر الخائرة
والنفوس المريضة، والمذاهب المنحرفة، والقوى المضللة، إلا الإسلام
فإنه حق لا يقبل إلا الحق، ولا سبيل إلى التنازل عن الحق.
لقد رأوا أن الإسلام يجردهم من متعة الفجور ولهو الترف واستعباد
الشعوب، وإذلال الإنسان، ونهب الثروات من الأرض كلها لتصبّ في جيوبهم
وحدهم، أو يتنازعوا عليها، أو يتقاسموها.
فترى الدول الغربية مثـلاً تنص في قوانينهـا على أنها دول علمانية لا
دينية، فلا تدخل الدين حسب القانون في السياسة والاقتصاد والتربية
وغير ذلك من الميادين، وتحجر على الدين، كما تدّعي في الكنائس، ولكن
سرعان ما تجدها تُغَذِّي الحركات التنصيرية وتموّلها، وتحارب كل حركة
إسلامية إلا إن انحرفت وتخلّت عن جوهر دينها، تفتح الأبواب لدين
وتغلقه أمام دين آخر، ويظلُّ الشعار الكاذب اتباع مبدأ المساواة بين
الأديان على أن لا يتدخل هذا الدين أو ذلك في شؤون الدولة.
إنها خطة الطبقة المجرمة الأولى، الطبقة التي لا تعبد إلا مصالحها
المادية، إنها تدرك أنها لا تستطيع أن تحقق أطماعها وظلمها وعدوانها
وجرائمها إلا بقوة عسكرية، ومؤسسات تجارية، وتأييد جماهيري.
لذلك استغلت كل الوسائل الممكنة لغرس الحقد على الإسلام والمسلمين في
الأطفال والناشئة، وفي أوسع قطاع من شعوبها.
أولاً: بالافتراء والكذب على الإسلام والمسلمين ونشر ذلك على أوسع
قطاع.
وثانياً: بوسائل الإعلام الواسعة ومناهج التربية التي تُدسُّ فيها
الافتراءات.
وثالثاً: في البيوت ومختلف المؤسسات.
ورابعاً: باستغلال الحوادث المتجددة لنشر الإعلام الكاذب عن دين الله
وعن المسلمين.
في هذه الدول غير المسلمة يمكن أن نقسم المجتمع كله إلى ثلاث
فئات:
1 ـ فئة لا تؤمن بأي دين إلا بمقدار ما تستفيد منه لتأمين مصالحها
المادية ومطامعها الدنيوية، معزولة عن كل تصور للدار الآخرة.
2 ـ فئة تدّعي التمسك بالدين ولكنها مسخرة في يد الفئة الأولى، محجورة
في الكنائس في دول يعلن نظامها الرسمي أنها دول علمانية لا دينية،
ولكنها تخرج من الكنائس لتكون أداة طيعة في يد الفئة المجرمة
الأولى.
3 ـ عامة الناس الذين غُرِسَ في قلوبهم الحقد على الإسلام والمسلمين،
فأصبحوا في معظم الأحوال أَداة طيعة في يد الفئة المجرمة الأولى، إلا
من رحم الله، ولا يمنع ذلك أن يظهر في أي فئة من هذه الفئات رجل أو
أكثر يبحث عن الحق، ويحب الحق ويكره الباطل.
من خلال هذا التصور الذي نلمسه حقيقةً واقعة في التاريخ البشري، نجد
أن هنالك طبقتين من الناس في هذه المجتمعات بصورة عامة، يُسْتَثنى من
ذلك بعض الناس.
هاتان الطبقتان هما الطبقتان اللتان يصفهما القرآن الكريم وصفاً
مفصلاً في كثير من السور والآيات، ويسميهما: المستكبرين والضعفاء أو
المستضعفين، أو الذين اتُّبِعُوا والذين اتَّبَعُوا، أو الكبراء
والأتباع:
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ
دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ
آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ
يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ
اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ . إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا
مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ
الأَسْبَابُ . وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً
فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ
اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ
مِنَ النَّارِ } [البقرة : 165ـ167]
إن هذا هو الداء القاتل الأول في حياة البشرية، حين تتكون طبقة تستأثر
بحب الناس حبّاً أكثر من حبهم لله، فيكون السادة الكبراء أو
المستكبرون من ناحية والأتباع الضعفاء المستضعفون من ناحية أخرى،
ويكون مصير الفريقين إلى النار.
لقد تميّزت هذه الحقبة من التاريخ بأن الفئة المجرمة في الأرض جمعت
أشتاتاً من المذاهب والأديان، على مصالح مادية دنيوية يتفقون حيناً
على تقسيمها، ويختلفون حيناً، فالتقت الحركة الصهيونية بفكرها
وفلسفتها ونشاطها مع النظام العلماني الرأسمالي ومع غيره من النظم
لتكون جزءاً من عصابة المجرمين في الأرض.
وإن جملة نيكسون: "إن أكثر ما يهمنا في منطقة الشرق الأوسط البترول
وإسرائيل".
إنه تعبير دقيق عن تلاقي المصالح المادية.
إن المجتمعات غير المسلمة تظنّ أن الإسلام عدوُّ لهم، هكذا صوّر قادة
أوروبا الإسلام لشعوبهم، وعلى هذا الأساس تحرّك عدد من الكتّاب
والشعراء بالإضافة إلى نشاط البابا والقادة السياسيين ورجال الكنيسة،
وهكذا صوّر "فوكوياما" الإسلام في كتابه "نهاية التاريخ والرجل
الواحد".
وهكذا صوّره نيكسون، وبوش للشعب الأمريكي وللعالم، وهكذا يسير "جاك
سترو" على نفس الخطى، وعلى نفس خطى فرنسا في التمهيد للقضاء على
الحجاب!
ولم تكن هذه الصورة التي نشرها هؤلاء عن الإسلام ناتجة عن دراسة تبحث
عن الحق وعن مصلحة الإنسان على الأرض، إنها صورة ناتجة كما ذكرنا
سابقاً من عبادتهم المطلقة لمصالحهم المادية ومن قناعتهم أن الإسلام
كما جاء من عند الله، يدعو إلى الحق والخير والصلاح للإنسان عامة
وللبشرية كافة، وأنه يحارب الظلم في الأرض بكل أنواعه، ويحارب العدوان
والفتنة والفجـور والفساد كله، وهم ظالمون معتدون يريدون نهب الثروات
والشعوب، ويريدون الباطل والفساد والفتنة في الأرض، لذلك السبب
الرئيسي اعتبروا الإسلام عدوّاً لهم، فكانوا ظالمين لأنفسهم وللبشرية
كلها.
إنهم لو أحبّوا الحق والخير لوجدوا الإسلام نعمة من عند الله على
الناس كافة، ولأسرعوا للتمسك به والدعوة إليه وإقامة أحكامه في
الأرض.
ولابد أن نشير هنا إلى أنه مما ساعد الدعاية الكاذبة عن الإسلام
والافتراء الظالم تقصير المسلمين في الدعوة إلى الله ورسوله،
وانصرافهم إلى الدنيا، وربما غرق بعض المسلمين فيما غرق فيه غيرهم من
ظلم وطمع وفتنة وفساد، إن تقصير المسلمين في الدعوة وتقصيرهم في إقامة
أحكام الإسلام، واضطراب الواقع الإسلامي اضطراباً أبعده عن الصورة
المشرقة للإسلام، واتباع المسلمين الغرب في الفكر والأدب والقانون
والنظريات الاجتماعية والفلسفية وغير ذلك، هذا كله ساهم مساهمة كبيرة
في نجاح الدعاية ضد الإسلام.
إن الإسلام دين الله الحق، جاء متكاملاً مفصّلاً ليكون صالحاً للناس
كافة، للبشرية كلها، وللعصور كلها، فلا يُعْقَلُ إذن أن لا يكون
الإسلام قد وضع السبيل الأمينة للتعامل مع كل شعب وفي كل عصر.
إذن من الإسلام نفسه، من منهاج الله ـ قرآنا وسنةً ولغةً عربيّة ـ
تخرج قواعد التعامل مع مجتمع غير مسلم.
إن الذين يريدون أن يجدوا وسائل للتعامل من خلال أهوائهم وشهواتهم تحت
غطاء إسلامي، أو الذين يريدون أن يجدوا الأساليب من خلال الانحراف عن
الإسلام أو التأويل الفاسد لآياته وأَحكامه، هؤلاء لا يحق لهم أن
يدَّعوا أن ما يريدونه من هوى وهوان، هو سبيل الإسلام.
وكذلك فإن الذين يريدون أن يدخلوا مدخلاً لا يجدون منه مخرجاً، أو
يخوضون في مواقف نتيجة لردود الفعل الآنية، أو الارتجال الطائش، أو
التمسك بآية واحدة تاركين سائر الآيات التي تمثل النهج المتكامل، إن
هؤلاء كذلك مخطئون.
إن التعامل مع مجتمع غير مسلم من خلال الانتماء الصادق للإسلام، يجب
أن يكون مجموعة متماسكة من القواعد تمثّل خُطّة ونهجاً، يسلكه
المسلمون ليعبدوا الله بها، ولينشروا دعوته وينصروا دينه.
إن الغرب يدّعي الحّرية ويوهم البشرية أنه أول من أوجدها ودعا إليها
ومارسها، إنه ادعاء غير صادق، ووهم مضل، إن الإسلام وحده هو الذي
ثبَّت معاني الحّرية الحقيقية التي خلق الله عباده عليها.
ولابد من دراسة موضوع الحرّية في ميزان الإسلام، حتى لا ينخدع المسلم
وهو في مجتمع غير مسلم بزخارف كاذبة أو فتنة خادعة.
لا ننكر أن محور ما يراه المسلم من حرّية في ديار الغرب يدور حول
النظام الإداري الذي ييسّر على الناس أمور حياتهم، بينما يُحرَم منه
معظم المسلمين في بلادهم.
أما حرّية الكلمة والرأي التي يتغنون بها، فإنها مباحة للناس في ظاهر
الأمر، ولكنها لا تدخل منطقة اتخاذ القرار.
إن مصالح الدولة العليا لا تُقَرَّر بالمظاهر التي يُسمَح بها، ولا
الصحافة التي يُطلق لها العنان.
وكأنما النظام يقول للناس: قولـوا كما تشاؤون ولكننا نحن سنتخذ
القرار، هذا خلاف الحرّية الفردية المتفلتة التي دفعت الناس إلى
الفاحشة والجريمة.
ولقد فصّل نيكسون في كتابه "نصـرٌ بلا حـرب" هذه القضية، وضرب أمثلة
متعددة كان يخرج منها برأيه الذي يؤكده، وهو أن القائد يصبح قائداً
ليقود وليوجّه، لا ليُقاد.
ولكن الإسلام وازن بين جميع الحالات وأرسى قواعد ربّانية للحرية،
قواعد تسمو في عظمتها فوق كل ما وضعته فلسفات البشر. وكل ما يُرجى هو
أن يطبّق المسلمون دينهم حقّ التطبيق لتبرز حقيقة الحرية فيه.
إن الحرية حق للإنسان، لكل إنسان، إنها مثل الهواء والماء والغذاء،
لذلك قدّرها الإسلام حق قدرها، وقتلها الظالمون المفسدون في الأرض
بالدكتاتورية والاشتراكية والديمقراطية والعَلمانيّة، والتفلّت من
القيم والأخلاق والإيمان.
إنّ الحضارة الغربيّة لم تقدَّم للإنسان حرّيّته الحقيقيّة، إنها
تصبُّ الخدر في عروق الناس بحرّية الفاحشة والخمر وغيرها، وبما
تقدِّمه من نظام إداريّ يسهّل له بعض أمور حياته، وبما تَدَّعيه من
إعطائه حرّية القول والاعتراض والمظاهرات، دون أن يؤثر ذلك في اتخاذ
القرار، وبهذا الخدر يغيب عن بال الإنسان في ظل هذه الحضارة أن يكتشف
أنه فقد سلامة الفطرة، وصفاء الإيمان والتوحيد، وأنه لا يلقى من جزاء
عمله وكَدِّه إلاَّ النزر اليسير، وأن الحصة الكبرى تغيب في جيوب
المجرمين الكبار، ويغيب عن باله أنه أصبـح مرتهناً بالنظام الاقتصادي
الظالم.
فكم من الناس بيوتهم بالتقسيط، وزواجهم بالتقسيط، وسياراتهم بالتقسيط،
ولقمة عيشهم بالتقسيط، ولو أخل بالأداء لهُدِّمت حياته وحياة أسرته،
ويغيب عن باله أنه يمكن أن يكون ضحيّة لأيّة جريمة.
فكم من الناس غير آمنين في بيوتهم، ولا في أعمالهم، ولا في مدارسهم!
غاب عن باله ازدياد معدّل الجريمة في مختلف ميادين الحياة، ويغيب عن
باله أن هذه الحضارة ترتكب أبشع الجرائم بحق الشعوب، ويغيب عن باله
ماذا فعلت هذه الحضارة من مآس وتدمير في العالم كله!
ونقول للمسلمين في أوروبا بعامة وفي بريطانيا بخاصة أن اثبتوا على دين
الله إيماناً وعلماً ودعوةً وبلاغاً على نهج جليٍّ، مهما كلّفكم
ذلك.
و اجْهروا بالحقِّ، بدين الله، بالإسلام ، عن إيمان وعلم وخشية من
الله لا خشية من الناس، وكونوا أمام الناس النموذج العمليّ للإسلام في
الممارسة والفكر، لا في التنازل والتفلّت.
فهو مصدر قوتنا وسبب نجاتنا، فاجهروا بدين الحق ولا تنحرفوا ولا
تتنازلوا مهما تكن المغريات، وإلا فالهلاك الهلاك!!
ونودُّ أن نعلّق على كلام "جاك سترو" ! لقد كان كلاماً مهذباً، ودخل
مدخلاً ذكيّاً يجعل حجته رأي كثير من علماء المسلمين وفقهائهم.
ولكن موقف الفتاة المسلمة كان موقفاً ضعيفاً، لقد كان أمامها فرصة
عظيمة لتدعو جاك سترو وحكومته وشعبه إلى الإسلام، فما قامت بذلك، كان
بإمكانها أن تبين له أن الحجاب جزء من تشريع كامل لا يحكم عليه إلا من
خلاله، وبذلك يكون الحجاب وسيلة تقارب والتصاق بالمجتمع المتماسك على
الحق.
وأما قول زوجها: "إنه موضوع ثقافي وليس ديني!" هذه صورة لمأساتنا حين
يتكلم عن الإسلام جهلاء لا يعرفون دينهم فيحرّفون ويتنازلون!
ولو درست واقع المسلمين في الغرب لوجدت أن نسبة الجهل بالإسلام ونسبة
المنحرفين عنه أعلى وأكبر.
وسواء أكان الأمر يتعلق بالمسلمين في الغرب أم في ديار الإسلام فإن
نسبة الذين يلتزمون دراسة الإسلام وفهمه وممارسته عن إيمان وعلم نسبة
قليلة.
والملايين من المسلمين يجهلون حديث رسول الله:
« طلب العلم فريضة على كل مسلم
»
والملايين يجهلون أنَّ مهمة المسلم أن يبلّغ رسالة ربه إلى الناس كافة
ويتعهدهم عليها، فكان من أثر ذلك أنَّ غير المسلمين لا يعرفون الإسلام
والملايين من المسلمين لا يعرفون الإسلام، وشغل الكثيرون بالشعارات
وبالانتخابات وبالسمعة والمناصب والمراكز عن الوفاء بالأمانة العظيمة
التي يحملونها والتي سيحاسَبون عليها.