نكتة الموسم..إمارة إسلامية في غزة!

منذ 2007-06-27
كتب:خالد القحص

يعطي الناس مصداقية كبيرة لما يقرأونه ويسمعونه ويشاهدونه في وسائل الإعلام، الأمر الذي يؤثر في قناعاتهم وأفكارهم ونظرتهم للواقع الذي يعيشونه، وبالتالي يؤثر في تصرفاتهم وسلوكياتهم لمعطيات ذلك الواقع.
أفراد الجمهور ليس لهم القدرة على التواجد في كل بلدان العالم في نفس الوقت وليست لديهم الإمكانية لمعرفة كل الأخبار والأحداث التي تقع في العالم يومياً، بل ليست لديهم القدرة على أن يعرفوا كل ما يحدث في مدينتهم ومجتمعهم، دع عنك المجتمعات البعيدة. هذه الحقيقة تدفعنا (أو تضطرنا) إلى الاعتماد على مصادر أخرى غير مباشرة ولكن لها القدرة على أن تعرف عن كثير مما يحدث في العالم، وبالتالي تنقله لنا نحن أفراد الجمهور، من أهم هذه المصادر وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الإخبارية التي تتعاطى صناعة الخبر وصياغته وتوزيعه.

لكن هل يكفي أن تبث وسائل الإعلام أو وكالات الأنباء الخبر لكي يصبح صحيحاً وصادقاً أو موثقاً؟ الإجابة هي بالطبع لا، ولكن لاحظت الأدبيات الإعلامية أن أغلب أفراد الجمهور ليس متخصصاً (أو مهتماً) بمعرفة كل خلفيات الخبر أو لديه القدرة الفكرية والثقافية لكي يتحقق من الخبر، وهذا يعني أن أغلبنا يتقبل ما تبثه وسائل الإعلام الجماهيرية، ويتفاعل معها ويبني عليها مواقفه وسلوكياته.

بل تغدو الحقيقة مرّة حين نعلم أن أغلب أفراد الجمهور يعتمد على مصدر وحيد للأخبار، قد تكون صحيفة واحدة أو قناة فضائية واحدة أو إذاعة واحدة، الأمر الذي يجعله يقيم الواقع من مصدر أحادي النظرة.

ولكن هل تكذب وسائل الإعلام؟، الإجابة هي نعم، وسائل الإعلام لها القدرة على الكذب علينا (بحسن أو بسوء نية)، وقد يكون الخبر كاذباً وملفقاً بالأساس، وقد يكون حقيقياً ممزوجاً ببعض الكذب، وقد يكون الخبر حقيقياً بالكامل. تخبرنا التجارب الإعلامية بأنه كلما كان الخبر حساساً ومهماً وخطيراً، كان مجال الكذب فيه أوسع والتزييف أدعى، في حين أنه كان الخبر بسيطاً كلما كان أقرب للصدق، فخبر طريف عن أكبر كعكة في العالم، مثلاً، هو خبر صادق لضعف تأثيره في الواقع، ولكن خبر وجود أسلحة دمار شامل في العراق، يجب أن يجعلنا نتوقف وأن نفكر لأن تداعيات الخبر خطيرة وعميقة.
كذب وسائل الإعلام الإخبارية قد لا يكون سببه وسائل الإعلام نفسها، بل قد يكون الكذب من مصادر الإعلام نفسها وخاصة السياسين والمسؤولين الرسميين في الدول، الأمر الذي يجعل وسائل الاعلام ضحية مثلنا نحن أفراد الجمهور، وإن كانت مشاركة في الجريمة.

ما تتناقله وسائل الإعلام العربية حالياً من أن هدف حماس هو إقامة إمارة إسلامية في غزة، وبأنها استولت عليها من أجل هذا الهدف، وبأنها تلقت مساعدات من إيران، وبأن إيران ضالعة بشكل كبير فيما يحدث الآن في غزة، هذه الأخبار وغيرها تناقلتها وسائل الإعلام الإخبارية نقلاً عن مصادر فلسطينية وعربية وإسرائيلية وأمريكية، مما جعلنا كجمهور (يفتقد إلى أدوات التحقق من مصداقية الخبر) إلى أن نصدق هذه الأخبار، ولكن لو تفكر أحدناـ بعمقـ في هذه الأخبار لأدرك أن الأمر غير حقيقي، ولكن ذكره في وسائل الإعلام وعرضه كخبر أو تحليل أو لقاء مع خبير سياسي بالشؤون الفلسطينية، يعطيه زخماً وثقة لدى الجمهور.
بالله عليكم، كيف تستطيع حماس وهي محاصرة من البر والجو وتتحكم إسرائيل بإمدادات الكهرباء والماء والغاز، ولها أذرع أخطبوطية استخباراتية ومعلوماتية، وتتوغل يومياً في غزة، ناهيك عن العرب الذين منعوا المساعدات عن فلسطين، أقول كيف تستطيع حماس أن تقيم إمارة إسلامية بكل هدوء وسلاسة، دون أن تتدخل إسرائيل أو أمريكا؟!

إن الأمر غدا نكتة سمجة صدقها من أطلقها، فحماس التي يحاصرها الجميع ويحاربها الجميع ويتهمها الجميع، تدع كل هذا وراء ظهرها لكي تفكر بإقامة إمارة إسلامية في غزة بعد أيام قليلة من إقالة حكومة الوحدة الوطنية!

في عالمنا اليوم، أية خطوات سياسية أو عسكرية مهمة وحساسة، يجب أن يسبقها توطئة إعلامية وتهيئة للرأي العام حتى يتقبل الجمهور تلك الخطوات السياسية أوالعسكرية، أمريكا ادعت أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، وأقنعت العالم بأكمله، ثم لما احتلت أمريكا العراق على هذا الأساس، لم تجد شيئاً، ولكن العالم نسي حينها السبب الرئيس الذي أعطى لأمريكا الشرعية وصك دخول العراق. الآن نفس الأمر يتكرر ولكن بصورة أبشع حين يدعي مدير الإستخبارات الفلسطينية (استخبارات على من؟!) توفيق الطيراوي ايران بلعب دور كبير في سيطرة حماس على قطاع غزة، وتكبر كرة الثلج حين تصرح اسرائيل بنفس المعلومة، تمسك بطرف الخيط وتؤكد ذلك، ثم يأتي وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط لكي يقول إن طهران شجعت حماس على ما فعلته في غزة!

حماس تاريخ نضال كبير ولها رصيدها الشعبي لدى العرب والفلسطينيين على حد سواء، ولن يكون من السهولة بمكان شطبها من ذاكرة المواطن العربي، ولذا لابد من تهيئة إعلامية لذلك، بتشويهها وربطها بكل ما هو مثير للشبهة كإيران أو كفكرة إقامة "إمارة إسلامية في غزة" (بالمناسبة مساحة غزة هي 363 كم2)، حتى يتقبل الشارع العربي ـ والفلسطيني قبل ذلكـ الخطوات القاسية التي ستوجه لحماس في الأيام القادمة القريبة جداً، وما آفة الأخبار إلا وسائل إعلامها!
المصدر: الوطن الكويتية
  • 5
  • 0
  • 7,438
  • الكويتي

      منذ
    [[أعجبني:]] التحليل الاعلامي للكاتب بارك الله فيه و في امثاله [[لم يعجبني:]] المقدمة كانت طويلة قبل الدخول في عنوان المفالة
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على هذه المقالة الرائعة
  • علي منصور

      منذ
    [[أعجبني:]] بسم الله الرحمن الرحيم ما أعجبني هوخوف اليهود من الامارة الاسلامية لماذا وخوف حتى حكام العرب لماذا هذا دليل قاطع على أن النصر لا يأتي الا بالراية الاسلام وشكرا [[لم يعجبني:]] شيئ الذي لم يعجبني هو حكام العرب وحتى بعض طلاب العلم عن ما قالوه عن حماس اللهم أنصر اخواننا في فلسطين أأأأأأأأأأأأأأأأأأأمين أخوكم علي من الجزائر
  • أبو يوسف

      منذ
    [[أعجبني:]] توضيح المؤامرة القائمة على حماس وبأن حماس هي الجهة الوحيدة التي تدافع عن الأقصى [[لم يعجبني:]] فتح قاتلهم الله والتحرك الدائم للحكومةالمصرية والإسراع لدحر حماس وتثبيت القدس لليهود فهم ينصرون الإسلام خطوة ويدحرونه مائة خطوة وينصرهم في ذلك الإعلام فيظهر نصرتهم ويخفي حربهم على القدس فلا حول ولا قوة الا بالله " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين "
  • أبو عمر

      منذ
    [[أعجبني:]] نعم أن وسائل الإعلام لها جور خبيث في تأجيج الفوضى. [[لم يعجبني:]] هل تعلم كم كانت مساحة دولة الإسلام في المدينة النبوية؟؟؟؟؟؟ هل اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن فارس والروم كي يسمحوا له (صلوات ربي وسلامه عليه) أن يهاجر ويقيم دولة الإسلام؟؟؟؟؟ أرى أن هذا المقال مناسب جدا لموقع علماني ناهيك عن موقع طرق الإسلام.

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً