استهداف المساجد

منذ 2014-03-15

إن المساجد أصبحت في مظم الدول الإسلامية للصلاة فقط ويتم غلقها، وطرد الناس منها واعتبار كل من يجلس فيها بعد الصلاة "إرهابي" وهي فكرة غريبة عن التاريخ الإسلامي الذي كانت المساجد فيه منارات للعلم والدعوة وتعليم الناس أمور دينهم، وهو ديدن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وظل كذلك لمئات السنين في ظل الازدهار الذي عاشته الأمة الإسلامية حتى انطفأت مشاعل الخلافة، وتقطعت أوصال الدولة الإسلامية الكبرى الحامية للمسلمين وبدأت عصور الاضمحلال والتدهور، وبدأنا نسمع عن "خطورة المساجد وأهمية فرض الرقابة على زُوَّارِها والخوف من زيادة عددهم" رغم أن هذه علامات صحة وعافية وليست علامات خوف وفزع!

أول ما يتبادر للقارئ عند قراءة عنوان المقال؛ أنه يتحدَّث عن التفجيرات التي تشهدها بعض الدول والتي تستهدف المساجد وتقتل المصلين، ورغم بشاعة هذه الجريمة إلا أنها أوضح من أن نتحدَّث عنها أو نُدِينها.

إن المقصود في المقال؛ هو التضييق على المصلين وعلى الدور الذي ينبغي أن تقوم به المساجد كإشعاع حضاري وثقافي، كان له دور عظيم في بناء نهضة المسلمين في مختلف العصور، وعندما اختفى الدور الشامل للمساجد تراجعت الكثير من أركان المحتوى الثقافي الذي كان سببا في تفوق العالم الإسلامي...

إن المساجد أصبحت في مظم الدول الإسلامية للصلاة فقط ويتم غلقها، وطرد الناس منها واعتبار كل من يجلس فيها بعد الصلاة "إرهابي" وهي فكرة غريبة عن التاريخ الإسلامي الذي كانت المساجد فيه منارات للعلم والدعوة وتعليم الناس أمور دينهم، وهو ديدن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وظل كذلك لمئات السنين في ظل الازدهار الذي عاشته الأمة الإسلامية حتى انطفأت مشاعل الخلافة، وتقطعت أوصال الدولة الإسلامية الكبرى الحامية للمسلمين وبدأت عصور الاضمحلال والتدهور، وبدأنا نسمع عن "خطورة المساجد وأهمية فرض الرقابة على زُوَّارِها والخوف من زيادة عددهم" رغم أن هذه علامات صحة وعافية وليست علامات خوف وفزع!

قد نتفهَّم أن تقوم الدولة بتعيين الأئمة بعد اجتياز عدد من الاختبارات، وأن تشترط أن يكونوا من أهل العلم والصلاح والأخلاق الطيبة؛ ولكن ما لا نفهمه أن يتم اشتراط أن يتكلموا في موضوعات محدَّدة وأن لا يتكلموا في موضوعات أخرى حتى لو كانت من جوهر الدين.

إن هذا الأمر يفتح الباب لتوجه الشباب لخارج المسجد؛ من أجل معرفة أمور دينهم، والسؤال عن الأمور الشائكة التي يرفض أئمة المساجد أن يُجِيبوا عليها  خوفًا من التعليمات والقوانين والمحاذير.

إن معظم الدول الإسلامية -أو جميعها- تقول أنها لا تُعارِض الدين وأحكامه، وأنها تريد من الشباب أن يعرفوا "الإسلام الحقيقي" من أهل العلم؛ فلماذا إذن إغلاق المساجد وعدم فتحها للدعاة المعتمدين والشباب لكي يتعلموا ويعرِفوا ما يحلو لهم من فقه دينهم؟!

لماذا لا تُملأ الأوقات بين الصلوات بمجالس العلم وحلقات تحفيظ القرآن؟!

إن البديل الذي تقوم به بعض السلطات عندما تريد مكافحة ما تُسمِّيه "التطرف والإرهاب" هو إغلاق المساجد وهو بديل ينمُّ عن جهلٍ بنفوس الشباب، وبطبيعة الروح الإنسانية التي إن لم تُملأ بالخير فستُملأ حتمًا بالشر...

إن العقلية الأمنية التي أصبحت تسيطر على الكثير من السلطات في البلاد الإسلامية؛ كانت سببًا مباشِرًا لتصاعُد أعمال العنف، ولحدوث شقاقٍ بين أهل العلم والشباب...

الخطورة الحقيقية أن هذا المنهج يصبُّ في النهاية في مصلحة الاتجاهات العلمانية التي تكره التيار الإسلامي، بل أن بعض هذه الاتجاهات تكره الإسلام نفسه وأحكامه وتهاجمه علنًا، وهو ما يُثير تساؤلاتٍ كثيرة حول مغزى هذه الحرية الممنوحةِ لهم لمهاجمة الدين؛ بينما غيرهم يضيق عليهم بالشبهات...

إن العودة للوراء في التعامل مع ظاهرة التدين في العالم العربي والإسلامي؛ لن تؤدي إلا لمزيد من تفاقم المعاناة التي عاشتها العديد من الدول والتي نتج عنها حالة من الغضب المكبوت، ومن القمع اللا محدود، حتى وصلنا في النهاية للثورات العربية.

إلا أن البعض؛ ما زال يراهِن على عودة الشعوب للحظيرة بشتى الوسائل الأمنية، متجاهِلًا طبيعة التغيرات التي حدثت في المجتمعات خلال السنوات الأخيرة.

خالد مصطفى

 

  • 1
  • 0
  • 2,033

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً