خطورة اللعن وعلاجه

هناك أمر خطير انتشر بين الناس بشكل كبير جداً ألا وهو اللعن؛ فقد كُنّا في السابق لا نسمع هذه الكلمة إلا في النادر والنادر جداً فلا نكاد نسمعها إلا في وقت الغضب الشديد جداً من بعض الأشخاص، ولكن في هذه الأيام صار البعض يلعن أو تلعن في الغضب والرضا والضحك والحزن والجد والهزل والتعب والراحة وعلى كل حال وفي كل وقت.

  • التصنيفات: عبارات وألفاظ لا تصح -

هناك أمر خطير انتشر بين الناس بشكل كبير جداً ألا وهو اللعن؛ فقد كُنّا في السابق لا نسمع هذه الكلمة إلا في النادر والنادر جداً فلا نكاد نسمعها إلا في وقت الغضب الشديد جداً من بعض الأشخاص، ولكن في هذه الأيام صار البعض يلعن أو تلعن في الغضب والرضا والضحك والحزن والجد والهزل والتعب والراحة وعلى كل حال وفي كل وقت.

وكنا نسمع الشخص الغاضب غضباً شديداً قد يلعن الشخص الذي غضب عليه فقط ولكن في وقتنا صرنا نسمع بعض الوالدين يلعنون ذريتهم والابن أو البنت يلعنون والديهم والذرية يتلاعنون فيما بينهم وبعض الأصدقاء كذلك والأقارب والصغار والكبار والزوجة قد تلعن زوجها وبالعكس وكذلك بعض الطلاب والطالبات وبعض المعلمين والمعلمات وبعض الرؤساء والمرؤوسين.

بل إن البعض قد يلعن أشياء لا تستحق اللعن فإذا تعطل جهاز لعنّاه وإذا تغير الجو فقد يطلق البعض اللعنة على الشمس أو الريح أو السحب أو الغبار وإذا شاهد البعض المباريات لعن الفريق المقابل والحكم والجمهور والمعلق وبعض اللاعبين وغير ذلك الكثير الكثير، فلا يمرُّ يوم إلا ونسمع من يطلق هذه الكلمة بلا مبالاة من دون أن يشعر بخطورة هذا الشيء الذي يفعله.

سوف أذكر سبعة أمور تبيّن لنا مدى خطورة اللعن ثم أعقبها بسبعة أمور علاجية للتخلص بإذن الله من هذه العادة السيئة.

خطورة اللعن:

1- حرمان الشفاعة يوم القيامة: عن أبي الدَّرْدَاءَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (أخرجه مسلم).

فاللعانون يحرمون هذه الشفاعة فلا يشفعون لإخوانهم الذين استوجبوا النار والعياذ بالله، فتخيلوا غفر الله لي ولكم أن أحد أحبابنا في النار وقد بلغت منه النار إلى نصف ساقيه أو إلى ركبتيه والعياذ بالله، وقد بلغ منه الهم والحزن والغم مبلغه ثم لا نستطيع أن نشفع له عند الله لماذا؟ لأننا تعودنا في الدنيا التلفظ بكلمة اللعن فحرمنا تلك الشفاعة.

2- حرمان الشهادةعن أبي الدَّرْدَاءَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (أخرجه مسلم) «ولا شهداء» فيه ثلاثة أقوال أصحها وأشهرها: لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأمم بتبليغ رسلهم إليهم الرسالات.

3- اللعن سبب في دخول النار: فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّي رأيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ..» الحديث.

والمشاهد إكثار بعض النساء من اللعن بشكل كبير جداً حتى صار وكأنه وجبة يومية لا بد من تناولها وهذا مصداق لحديث النبي صلى الله عليه وسلم السابق، وكذلك الرجال فإن من أكثر من اللعن يخشى عليه أن يدخل تحت هذا الوعيد حمانا الله وإياكم الوارد في الحديث.

4- اللعانون يسبُّون الدهر والله هو الدهر: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَالَ اللَّهُ عز وجل: «يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الْأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» (متفق عليه).

فالبعض قد يلعن الريح أو الشمس أو القمر أو السحب أو الليل أو النهار أو غير ذلك من مخلوقات الله، أو يلعن الرجل اليوم الذي غادر فيه مدينته إلى مدينه أخرى، أو تلعن المرأة الليلة التي أصيبت فيها بمرض وهكذا، وهذا من أشد أنواع السب، ومن فعل ذلك فكأنه والعياذ بالله يسب الله لأنه هو خالقها ومنشأها ومكورها بيده الأمر سبحانه وهو على كل شيء قدير.

5- قد تعود اللعنة على صاحبها: حديث أَبَي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَعَنَ شَيْئًا صَعِدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّمَاءِ، فَتُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهَا، ثُمَّ تَهْبِطُ إِلَى الْأَرْضِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُهَا دُونَهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا، رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ، فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلًا، وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى قَائِلِهَا» (أخرجه أبو داود).

6- قد يدخل في من لعنوا على لسان محمد صلى الله عليه وسلم: قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ الْمَنَارَ» (أخرجه مسلم).

فبعض الأشخاص قد ونعوذ بالله من ذلك يلعن والديه مباشرة ومنهم من قد يلعنهم بشكل غير مباشر فقد يقابل رجل رجل آخر ويطلق اللعنة على والده فيرد ذلك الشخص بلعن والد الرجل الأول وقد تلعن امرأة أم امرأة أخرى فتلعن تلك المرأة أم المرأة الأولى، وهكذا قد نتسبب في لعن والدينا بهذه الطريقة؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مِنَ الْكَبَائِرِ أَنْ يَشْتُمَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ»، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَهَلْ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَشْتُمُ أَبَاهُ، وَيَشْتُمُ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ» (متفق عليه).

7- أن لعن المؤمن كقتله: عَنْ أَبِي قِلَابَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ» (متفق عليه).

سبعة أمور علاجية تساعد بإذن الله في التخلص من اللعن:

1- الصلاة: فكما قال الله عز وجل: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت من الآية:45].

2- الدعاء: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر من الآية:60]، فألحوا على الله في أن يخلصكم من اللعن ويرزقكم السنة طاهرة نقية لا يخرج منها إلا ما يرضيه وصدقوني من صدق مع الله وألح في دعائه وتجنب موانع الدعاء فسوف يستجاب له بإذن الواحد الأحد.

3- الإكثار من قراءة القرآن: فمن تدبر كتاب الله وجد هناك الكثير من الآيات التي ذكر الله فيها أن القرآن هدى فلنجعل لأنفسنا ورداً من القرآن يومياً نقرأه فلو قرأنا جزء كل يوم لختمنا القرآن مرة شهرياً وكلما أكثرنا من قرآته وتدبره والعيش معه والوقوف عند عجائبه فبحول الله سوف يكون مطهراً لألستنا من هذا الداء الخطير.

4- التقرّب إلى الله بالنوافل: فعلينا الحرص بعد الفرائض على الاهتمام بالنوافل فلو حافظنا على صلاة النافلة وعلى صيام النافلة كصيام الإثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر وكان لنا صدقات وأعمال بِرّ خفية لا يعلمها إلا الله كل ذلك يساعدنا على الفكاك من أسر هذه الآفة.

5- التعويد والعقاب: فكما تعوّدت ألسنتنا على اللعن نعودها على تركه فبدل أن تقول الله يلعنك يا فلان قل الله يهديك الله يصلحك، فإذا لم ينفع ذلك فلابد من معاتبة النفس بل قولوا معاقبتها إما بحرمانها من شيء تحبه وإما بجبرها على شيء لا تريده وكان هذا من عمل الصالحين فقد عاتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه نفسه على تفويت صلاة عصر في جماعة، وتصدق بأرض من أجل ذلك تقدر قيمتها بمائتي ألف درهم.

6- مرافقة الصالحين: فالقرب من أهل الخير والصلاح علاج نافع لهذه العادة الذميمة، فلن نستطيع أن نلعن ونحن معهم وإذا انفلت اللسان بزلة ساعدونا على تركها ومع الزمن سوف تستقيم ألسنتنا ولا يخرج منها إلا كل ما يرضي ربنا.

7- مجاهدة النفس: قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ‏} [العنكبوت:69]. 


فكل الأمور التي ذكرتها لعلاج اللعن لابد لها من المجاهدة والمصابرة والتصبُّر لكي يتحقق الأمر الذي نريده. 

 

علي سعد لهجر