كيف ينظر العبد إلى نعم الله؟

منذ 2014-03-28

فالقناعة أن يرضى الإنسان بما قدّر الله له، وأن ينظر إلى من هو أدنى منه في العافية والمال والأهل، فإن ذلك أقرب إلى معرفة النعمة وشكرها، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم في هذه الأشياء، فإن ذلك يؤدي إلى القلق وكفران النعماء.

الحمد لله اللطيف بعباده فيما يجري به المقدور، المدبِّر لهم بحكمته وعلمه وفي الميسور والمعسور، الذي فاضل بينهم في الذوات والصفات وجميع الأمور، {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك من الآية:2]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في التقدير والتدبير، وأشهد أن محمداًً عبده ورسوله الذي فاق جميع الخلق في الصبر على الضراء، والشكر عند السرور صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسانٍ على مَرِّ الأيام والدهور، وسلّم تسليماً.

أما بعد أيها المؤمنون:

اتقوا الله تعالى الذي خلقكم، ورزقكم، وعافاكم، وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة، وأولاكم، فإن المؤمن لا يزال في نعمة الله «إن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له» (من حديثٍ رواه مسلم)، وعليكم بالقناعة فإنها كنزٌ لا ينفد، وذخرٌ لا يفنى، فهي غنىً بلا مال، وعزٍ بلا جنود ولا رجال. 

فالقناعة أن يرضى الإنسان بما قدّر الله له، وأن ينظر إلى من هو أدنى منه في العافية والمال والأهل، فإن ذلك أقرب إلى معرفة النعمة وشكرها، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم في هذه الأشياء، فإن ذلك يؤدي إلى القلق وكفران النعماء.

فالمعافى في بدنه أو ماله أو أهله ينظر إلى من ابتُلي بشيء منها ليعرف قدر نعمة الله عليه، وإذا كان هو مبتلىً بشيءٍ من ذلك، فلينظر إلى من هو أعظم ابتلاءً منه، فإنه ما من مصيبة تصيب العبد إلا وفي الوجود ما هو أعظم منها فإذا كان غنياً، فلينظر إلى الفقير، وإذا كان فقيراً، فلينظر إلى من هو أفقر منه مما لا يملك الفتيل، ولا القطمير.

ومهما أصيب المؤمن في شيء من دنياه؛ فإن ذلك ليس بشيء عند سلامة دينه الذي هو عصمة أمره في دنياه وأخراه، فدين الإسلام، ولله الحمد، هو الكسب الذي نعتزُّ به، ونفاخر، وهو الذخر الذي نعدّه لليوم الآخر. 

الدين هو التجارة التي تُنجّي من العذاب الأليم، وتقرّب العبد إلى المولى الرحيم، فيا أيها المبتلى اصبر على البلوى، واذكر من هو أعظم منك وأكثر، ضرراً، ثم انظر إلى ما أنعم الله به عليك من الإيمان، واستعن به على مقاومة المصائب بالصبر، ومقابلة النعم بالشكران.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم... إلخ. 

محمد بن صالح العثيمين

كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

  • 2
  • 1
  • 7,040

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً