امتحان القلوب - (2) لماذا الحديث عن القلب

منذ 2014-04-30

يكتسب الحديث عن القلب أهمية خاصة، لعدة أمور أجملها فيما يأتي:

يكتسب الحديث عن القلب أهمية خاصة، لعدة أمور أجملها فيما يأتي:


أولًا: أن الله سبحانه وتعالى أمر بتطهير القلب، وتنقيته، وتزكيته، بل جعل الله سبحانه وتعالى من غايات الرسالة المحمدية تزكية الناس، وقدمها على تعليمهم الكتاب والحكمة لأهميتها، يقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة:2]. قال ابن القيم رحمه الله في قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر:4]: "جمهور المفسرين من السلف ومن بعدهم على أن المراد بالثياب هنا: القلب". فهذا سبب بارز ومهم للحديث عن القلب.

ثانيًا: أثر هذا القلب في حياة الإنسان فهو الموجه والمخطط، والأعضاء والجوارح تنفذ. يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "القلب ملك، والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث القلب خبثت جنوده".

ثالثًا: غفلة كثير من الناس عن قلوبهم وانشغالهم بما هو أدنى.
رابعًا: أن كثيرًا من المشكلات بين الناس، وبالأخص بين طلبة العلم، سببها أمراض تعتري القلوب؛ مثل: الحسد، والغل، والكبر، والاحتقار، وسوء الظن... إلخ، وسبيل حلها الأمثل هو علاج هذه القلوب.

خامسًا: إن سلامة القلب وخلوصه سبب لسعادة الدنيا والآخرة، فسلامة القلب من الغل والحسد والبغضاء وسائر الأدواء سبب للسعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88، 89].

سادسًا: يقول الإمام عبد الله بن أبي جمرة. "وددت أنه كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم؛ فما أتي كثير ممن أتي إلا من قبل تضييع ذلك". فنحن بحاجة إلى من يتقن الحديث عن مقامات القلب وأحواله، وأعماله وعلله وأدوائه، فيعلمها الناس ويصحح مقاصدهم ونياتهم.

سابعًا: ما أعطي الله لهذا القلب من مكانه في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} [ق:31]. فأين القلب المنيب وما صفته؟ وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» (مسلم).

ثامنًا: أن أقوال القلب، وأعماله وحركاته من: خوف ورجاء ومحبة وتوكل وخشية وغيرها. هي أعظم أركان الإيمان عند أهل السنة والجماعة، وبتخلفها يتخلف الإيمان.

وأخيرًا: إذا كانت هذه مكانة القلب وأهميته. فهلا وقفنا مع أنفسنا لننظر كيف عملنا بقلوبنا، بل ماذا عملت بنا قلوبنا.

ملخص من كتاب: امتحان القلوب.

ناصر بن سليمان العمر

أستاذ التفسير بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض سابقا

  • 5
  • 2
  • 4,378
المقال السابق
(1) المقدمة
المقال التالي
(3) معنى امتحان القلوب

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً