نعمة الابتلاء

منذ 2014-05-19

إن من السنن الكونية وقوع البلاء على المخلوقين اختباراً لهم، وتمحيصاً لذنوبهم، وتمييزاً بين الصادق والكاذب منهم قال الله تعالى ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)، وقال تعالى: ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)


إن من السنن الكونية وقوع البلاء على المخلوقين اختبارًا لهم، وتمحيصًا لذنوبهم، وتمييزًا بين الصادق والكاذب منهم قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة:١٥٥]
 

وقال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [ص:١٤٧]
وقال تعالى: {الم . أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ } [العنكبوت:١-٢]  وقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  « إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط» (رواه الترمذي) وقال حديث حسن. 
 

وأكمل الناس إيمانًا أشدهم إبتلاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبًا اشتد به بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة» (أخرجه الإمام أحمد وغيره)

وفوائد الإبتلاء: 
• تكفير الذنوب ومحوالسيئات . 
• رفع الدرجة والمنزلة في الآخرة. 
• الشعور بالتفريط في حق الله واتهام النفس ولومها . 
• فتح باب التوبة والذل والانكسار بين يدي الله. 
• تقوية صلة العبد بربه. 
• تذكر أهل الشقاء والمحرومين والإحساس بالآمهم. 
• قوة الإيمان بقضاء الله وقدره واليقين بأنه لاينفع ولا يضر الا الله . 
• تذكر المآل وإبصار الدنيا على حقيقتها. 

والناس حين نزول البلاء ثلاثة أقسام: 
الأول: محروم من الخير يقابل البلاء بالتسخط وسوء الظن بالله واتهام القدر
الثاني: موفق يقابل البلاء بالصبر وحسن الظن بالله. 
الثالث: راض يقابل البلاء بالرضا والشكر وهو أمر زائد على الصبر
والمؤمن كل أمره خير فهو في نعمة وعافية في جميع أحواله قال الرسول صلى الله عليه وسلم  « " عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له» ( رواه مسلم)
 

واقتضت حكمة الله اختصاص المؤمن غالبًا بنزول البلاء تعجيلًا لعقوبته في الدنيا أو رفعًا لمنزلته أما الكافر والمنافق فيعافى ويصرف عنه البلاء. وتؤخر عقوبته في الآخرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد» ( رواه مسلم)


والبلاء له صور كثيرة: بلاء في الأهل وفى المال وفى الولد، وفى الدين، وأعظمها ما يبتلى به العبد في دينه. 
وقد جمع للنبي كثير من أنواع البلاء فابتلى في أهله، وماله، وولده، ودينه فصبر واحتسب وأحسن الظن بربه ورضي بحكمه وامتثل الشرع ولم يتجاوز حدوده فصار بحق قدوة يحتذي به لكل مبتلى . 

والواجب على العبد حين وقوع البلاء عدة أمور: 
(1) أن يتيقن ان هذا من عند الله فيسلم الأمرله. 
(2) أن يلتزم الشرع ولا يخالف أمر الله فلا يتسخط ولا يسب الدهر. 
(3) أن يتعاطى الأسباب النافعة لد فع البلاء. 
(4) أن يستغفر الله ويتوب إليه مما أحدث من الذنوب. 

• ومما يؤسف له أن بعض المسلمين ممن ضعف إيمانه إذا نزل به البلاء تسخط و سب الدهر، ولام خالقه في أفعاله وغابت عنه حكمة الله في قدره واغتر بحسن فعله فوقع في بلاء شر مما نزل به وارتكب جرماً عظيماً. 

• وهناك معاني ولطائف اذا تأمل فيها العبد هان عليه البلاء وصبر وآثر العاقبة الحسنة وأبصر الوعد والثواب الجزيل : 
أولًا: أن يعلم أن هذا البلاء مكتوب عليه لامحيد عن وقوعه واللائق به أن يتكيف مع هذا الظرف ويتعامل بما يتناسب معه. 
 

ثانيًا: أن يعلم أن كثيرًا من الخلق مبتلى بنوع من البلاء كل بحسبه و لايكاد يسلم أحد فالمصيبة عامة، ومن نظر في مصيبة غيره هانت عليه مصيبته. 
 

ثالثًا: أن يذكر مصاب الأمة الإسلامية العظيم بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم  الذى انقطع به الوحي وعمت به الفتنه وتفرق بها الأصحاب " كل مصيبة بعدك جلل يا رسول الله" 
رابعًا: ان يعلم ما أعد الله لمن صبر في البلاء أول وهلة من الثواب العظيم قال رسول الله «إنما الصبر عند المصيبة الأولى».


خامسًا: أنه ربما ابتلاه الله بهذه المصيبة دفعًا لشر وبلاء أعظم مما ابتلاه به، فاختار الله له المصيبة الصغرى وهذا معنى لطيف. 
 

سادسًا: أنه فتح له باب عظيم من أبواب العبادة من الصبر والرجاء، وانتظار الفرج فكل ذلك عبادة . 
سابعًا: أنه ربما يكون مقصر وليس له كبير عمل فأراد الله أن يرفع منزلته و يكون هذا العمل من أرجى أعماله في دخول الجنة
 

ثامنًا: قد يكون غافلًا معرضًا عن ذكر الله مفرطًا في جنب الله مغترًا بزخرف الدنيا، فأراد الله قصره عن ذلك وإيقاظه من غفلته ورجوعه الى الرشد. 

فاذا استشعر العبد هذه المعاني واللطائف انقلب البلاء في حقه الى نعمة، وفتح له باب المناجاة ولذة العبادة، وقوة الاتصال بربه والرجاء وحسن الظن بالله وغير ذلك من أعمال القلوب، ومقامات العبادة ما تعجز العبارة عن وصفة . 
 

قال وهب بن منبه: لا يكون الرجل فقيها كامل الفقه حتى يعد البلاء نعمة ويعد الرخاء مصيبة، وذلك أن صاحب البلاء ينتظرالرخاء وصاحب الرخاء ينتظر البلاء و قال رسول الله « يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقارض» (رواه الترمذي).

ومن الأمور التي تخفف البلاء على المبتلى وتسكن الحزن وترفع الهم وتربط على القلب
(1) الدعاء: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الدعاء سبب يدفع البلاء، فإذا كان أقوى منه دفعه، وإذا كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه، لكن يخففه ويضعفه، ولهذا أمر عند الكسوف والآيات بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة". 
 

(2) الصلاة: "فقد كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم اذا حزبه أمر فزع الى الصلاة" (رواه أحمد)
(3) الصدقة وفى الأثر "داوو مرضاكم بالصدقة" 
(4) تلاوة القرآن: " وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين"
(5) الدعاء المأثور: "وبشر الصابرين الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون" وما استرجع أحد في مصيبة إلا أخلفه الله خيرًا منها. 

 

خالد سعود البليـهد
 

  • 44
  • 0
  • 95,137

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً