إلى سامـي الحـاج وكلّ صحافي حـرّ

منذ 2008-05-16

هذا وقد كنت أقترحت على الناجين من معتقل غوانتنامو أن يشكلوا رابطة تجمعهم، فهم أصحاب رسالة مهمة في الأمـة، وتجربتهم مهمة حضارية عظيمة، واليوم أقتـرح أن يكون سامي الحاج أمين هذه الرابطة، أو الناطق الرسمـي بإسمها...


لاتقل قيمة جهاد سامي الحاج في صبره، ومثابرته، ومصابرته، لعدوّ الإسلام وعدوّه، وفي ثباته على مبادئه، حتى خرج من أسره، لاتقـل قيمة هذا الجهاد، عن قيمة أي جهاد من جهاد الأمّـة الممتد بحمد الله تعالى من جبهة مورو إلى مقديشو، ومن أرض الأقصى إلى بلاد الرافدين.

وهو أنموذج من مئات النماذج البرّاقـة، قـد خرجت من المعتقـل الذي يعبـّر عن عنوان المشروع الصهيوصليبي حقَّ تعبيـر، بكلّ ما يحمل هذا العنوان من بشاعة، واستهانة بالحياة البشرية، واحتقار لكرامة الإنسان، وجشـع لايعرف الضميـر، ولا يعتـرف بأي أخـلاق.

وهي نماذج عودتنا أن تخرج من تلك المحنـة، أشد صلابة، وأثبـت ثباتا، وآكـد إيمانا، وأعظم بصيرة، وأكثـر إصرارا على صدق قضية الإسلام، وعدالتها، في جهادها ضد الهجمة الإستعمارية الخبيثة التي تستهدف هذه الأمّـة.

لقد بدا سامي الحاج وضّـاء الوجه، ثابت الجنان، سديد القول، رغم ما رآه من الأهوال من عدو ذي إحـن، وما تعرض له من الشدائد، والمحـن.

لقد بدا كذلك، وهو يصـرّح أول تصريح له بعد خروجه من معتقـل خبث الإدارة الأمريكية، معلنا بعبارات جلية، كافية، وشافية، تعبـر عن جوهر الحملة الصهيوصليبية على أمّتنا:

فذكـر أنهم يركـزون هناك، على تدنيس المصحف، وإهانة المعتقدات الدينية، وأنَّ هدفهم من إعتقاله وهو مجرد صحافي، هـو إجهاض العمل الإعلامي العربي الحـرّ، وهذه هي حقيقة حربهم تماما، مختصرة في ذلك المعتـقل، ومفصَّـلة عبـر خارطة العالم الإسلامي كلّه.

نعـم.. بلا ريب، فقـد إعتاد الغرب الإمبريالي أن يتلاعـب بالعقول، بتحكمه بوسائل الإعلام، فيزيـف الحقائق، ويعبـث بالصورة، ويصيـغ الخبـر صياغة ماكرة، ظاهرها أنه أمين في نقل الأنباء، وباطنـها فيه أخبـث كيـد الأعـداء.

حتى إذا جاءت ثورة الإعـلام، والإتصالات، ويسـّر الله بها وسائلها، وأخذت الأمـّة بطرف منها ـ لايزال بحاجة إلى كثيـر من التحرر من التبعية والتسلط ـ ظهـرت حقيـقة هذا الغـرب في دعواه الحرية، وأنها مجرد شعارات زائفة، يستعلمها لتمريـر أبشـع صور الإستعباد للشعوب، تماما كما ظهرت حقيقة فرنـسا التي تدعي أنها أم الحرية، ظهـرت في حربها للحجاب، ثـم ها هـي آخـر مخازيهـا: منعـهم لطفل مسلم من الظهور الإعلامي في وسائل إعلامهم، لمجـرد أن أسمه إسلام!

حتى إذا جاءت هذه الثورة، ظهرت حقيقة هذا الغـرب بهجمة شرسـة على حرية التعبـير في بلادنا، تولّـت كبرها أمريكا ذات الشرور، وهي تستـر وراء أنظمة أكل عليها الفساد، وشـرب، ويطـلب المزيـد، واستمـرأت لـعـق الذل مـن حذاء المستعـمر الجديد.

ومن آخر مخازيهم ميثاق الفضائيات العربية، ميثاق الخزي والعار، الذي وقفت أمريكا حاملة شعلة الحريـة، صامـتة إزاءه، فكشفت سوءتها، وإن كانت قد إعتادت كشف العورة، حتى لم يعد لها عورة أصلا.

ذلك أنها تريد أن يستـمر الإعلام العربي في رسالته المفضَّلة، وهي إشغال الشعـوب بآخر أخبار العهَّار، والعاهرات، وما فضـل من الوقـت بتعبيد الشعـوب (لولاة الأمـور)، أولياء العدوّ العقور، وعقّار الخمـور، وأصحاب الفجـور، وأما رسالة الإسلام في وسائل الإعلام العربية، فيقدمها شيوخ (المخابرات)، الذين يتوعَّـدون كلَّ من يفكر بإستعادة حقوق الأمـة، ويدعو إلى نهضتها، وتخلصها من رقّ الأنظمة المستبدة، بالويل و الثـبور.

فلمَّا ظهـر بصيص نور يحترم عقول الأمة، فيكشف لها سبيل الحرية، ويضعها أمام حقيقة التحدي، ويبـرز معاناة المسلمين، ويظهـر كل مستـور، ويعـرف الأمـة بما وراء شعارات الغرب الزائفة عن الحرية، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، تلك التي فضحتها معتقلات النازية الأمريكية، والفاشية البريطانية، والسادية الصهيونية، في كوبا، والعراق، ومعتقلات الكيان الصهيوني، وأبشعها معـتقل غزة الكبيـر.

لما ظهر بصيص هذا النور في بعض الفضائيات ـ رغم ما فيها ـ جـنَّ جنـون أعداء الحرية، في الإدارة الأمريكية، إلى درجة التفكير بقصـف أحد الفضائيات العربية، أما إستهدافهم بالقتل لمراسلين صحافيين، يبحثون عن الحقيقة المحضة، فـقد كان للمسلمين منه أعـظم نصيـب، وذلك منـذ إنطلاق ما يسمى مشروع نشر الديمقراطية في العالم!!

وختـاما نقول لسامي الحاج، هنيئا لك هذا الثبات، ومبارك عليك هذا النصـر الذي شـرفت بـه أمتك، وإنهـا لتفخـر بـك وبأمثالـك.

واعلم أن سنوات أسرك لم تذهب سدى، بل أديت بها جهادا عظيما، بلغ تأثيره في الأمـة إلى أبعـد مدى.

ولاريب أنه من الواجب على كل صحافي عربي مسلم حر، أن يؤدي لسامي الحاج التحـية، ويحتفـي بإنتصاره، ليكون مثالا يحتذى به، وأنموجا لثورة إعلامية تقود الأمـة إلى تغييـر جذري، يسيـر بها نحـو الحرية من الهيمنة الأجنبية، وإستبداد الأنظمـة المحلية.

هذا وقد كنت أقترحت على الناجين من معتقل غوانتنامو أن يشكلوا رابطة تجمعهم، فهم أصحاب رسالة مهمة في الأمـة، وتجربتهم مهمة حضارية عظيمة، واليوم أقتـرح أن يكون سامي الحاج أمين هذه الرابطة، أو الناطق الرسمـي بإسمها.

والله ولي التوفيـق







المصدر: موقع الشيخ حامد العلي

حامد بن عبد الله العلي

أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية

  • 3
  • 0
  • 5,061
  • التفاهنى

      منذ
    [[أعجبني:]] صبر البطل سامى الحاج واراده القويه التى لفتت نظرى وجعلتنى اتابع الاخبار واقرا عن الامريكان وتعذيبهم للمسلمين فعلا لقد غير الحاج فى الكثير فقد اسر قلبى وهو اسير السجن
  • أبو ماهر

      منذ
    [[أعجبني:]] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نعم إن الاقتراح المذكور بناء وهادف وأتمنى على من بيده الأمر أن يقوم بتنفيذه.
  • زائر

      منذ
    [[أعجبني:]] اللهم ثبته و ارزقه الصبر و الرضا اللهم ارزق اسرته الصبر و الرضا
  • محمد

      منذ
    [[أعجبني:]] Trés bon article. Qui dénonce notre ennemi.
  • ابو قتادة

      منذ
    [[أعجبني:]] مقالة رائعة و اتمني ان تنشر في كل الصحف العربية

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً