كيف أتوب - عقوبات المعاصي

منذ 2014-05-22

من عقوبات المعصية: أن يصير أسيرا في يد أعدائه.. ويضعف تأثيره فلا ينفذ أمره.. ومنها.. زوال أمنه وتبدله مخافة.. فأخوف الناس أشدّهم إساءة...

ومن عقوبات المعاصي:

زوال الأنس واستبداله بالوحشة.. وكلما ازداد إساءة ازداد وحشة.. وتقع للعاصي وحشة بينه وبين أصدقائه وأصحابه.. ثم بينه وبين أهله.. ثم لا يلبث أن تقع الوحشة بينه وبين نفسه.. فيصير مهموما.. محزونا ولا يعرف لذلك سببا إلا ذنوبه.. ثم تقع الوحشة بينه وبين الله وتلك أكبر العقوبات.. فيحاول أن يرفع يده ليدعو ربه فلا يستطيع.. يحاول أن يتذكر دعاء لكشف كرباته فلا يذكر..

تلك الوحشة لبن العبد وبين الله  هي أكبر وأخطر أنواع الوحشة وهي من عقوبات المعاصي.. فإذا كنت قد أوحشتك الذنوب فخلي النفس عنها واستأنس .. تب إلى الله فيبدل وحشتك أنسا.. وكفى بالقرب من الله أنسا.

ومنها.. زوال الرضا.. واستبدال السخط به..

ومنها.. زوال الطمأنينة والسكون إلى الله والإيواء عنده.. فيطرد عن الله ويبعد عنه..

ومنها.. وقوع العبد في بئر الحسرات.. فلا يزال في حسرة دائمة كلما نال لذة نازعته نفسه إلى نظيرها.. وإن لم يقض منها وطرا.. وإن قضاها نازعته نفسه إلى غيرها. فيظل في بئر الحسرات فيجد أنه كلما قضى وطره من لذة عجز عن أضعاف.. أضعاف ما يقدر عليه وكلما اشتد نزوعه.. وعرف عجزه اشتدت حسرته وحزنه.. فيا لها من عقوبة.. نار في الدنيا قبل الآخرة.. قد عذب بها القلب في هذه الدار.. قبل نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة.

ومنها.. فقره بعد غناه.. فإنه كان غنيا بالإيمان.. فلما عصى افتقر..

ومنها.. نقصان رزقه: «إنّ العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه»؛ (صحيح ابن حبان).

ومنها: ضعف بدنه.

ومنها.. زوال المهابة والحلاوة التي اكتسبها بالطاعة.. فيبدل بها حقارة.

ومنها.. حصول البغض والنفرة منه في قلوب المؤمنين: "إنّ العبد ليخلو بمعاصي الله فيلقى بغضه بينه وبين قلوب المؤمنين وهو لا يشعر".

ومنها.. ضياع أعز الأشياء عليه وأنفسها وأغلاها وهو العمر.

ومنها.. طمع عدوه فيه وظفره به فإن الشيطان إذا رآه منقادا مستجيبا اشتد طمعه فيه وحدث نفسه بالظفر به وجعله من حزبه حتى يصير الشيطان مولاه من دون الله.

ومنها.. الطبع على قلبه: فإن العبد إذا أذنب ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود القلب فإذا تاب صقل قلبه.. وذلك هو الرّان  {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14].

ومنها.. الحرمان من حلاوة الطاعة: فإذا فعل الطاعة لم يجد حلاوتها فإن الطاعة تثمر اللذة بشرط التوبة.. سئل بعض السلف: هل يجد العاصي لذة الطاعة؟ قال: لا والله ولا من همّ.

ومنها.. أن المعاصي تمنع القلب من ترحله إلى الآخرة فإنّ القلب لا يزال مشتتا.. مضيعا.. حتى يرحل من الدنيا وينزل بالآخرة فإذا نزل القلب في الآخرة جاءته فأقبلت إليه وفود التوفيق والعناية من كلّ  جهة أما إذا لم يترحل إلى الآخرة فالتعب والعناء والشتات والكسل والبطالة لازمة له لا محالة.

ومنها.. إعراض الله عنه: وإذا أعرض الله عن جهة أظلمت أرجاؤها ودارت بها النحوس.. فإذا أعرض العبد عن طاعة الله عز وجل واشتغل بمعاصيه أعرض الله عنه وإذا أعرض الله عنه أعرضت الملائكة عنه فحرم التوفيق والإعانة وخذل.. كما أنه إذا أقبل على الله. أقبل الله عليه: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال:12]. {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصّلت:30].

ومنها.. أنّ الذنب يستدعي ذنبا ثانيا.. ثم يقوي أحدهما الآخر.. فيستدعيان ذنبا ثالثا ثم رابعا.. وهكذا.. حتى يستحكم الهلاك.

ومنها.. علمه بفوات ما هو أحب إليه وخير له من جنسها (يعني من جنس المعصية) وغير جنسها.. فإنّ الله لا يجمع للعبد أبدا لذة المحرمات ولذة الطاعات.. فالمؤمن لا يذهب طيباته في الدنيا لذلك يخاطب الكافرون يوم القيامة {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [ الأحقاف: 20] وفي الحديث القدسي «لا أجمع على عبدي أمنين ولا أجمع له خوفين»؛ (السلسلة الصحيحة للألباني).

ومنها.. علمه الذي هو زاده ووسيلته إلى دار إقامته.. فإن تزوّد من معصية الله.. أوصله ذلك الزاد إلى دار العصاة والجناة.. وإن تزود من طاعته وصل إلى دار أهل طاعته وولايته.

ومنها.. علمه بأن عمله سيكون في قبره جليسه فإذا عمل السيئات فجليسه أسود منتن مخيف.

ومنها.. علمه بأن أعمال البر تنهض بالعبد.. وتقوم به حتى توصله إلى الله {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10].

ومنها.. أن العاصي قد خرج من حصن الله الحصين.. الذي لا ضياع على من دخله.. فيخرج بمعصيته حتى يصير نهبا  للصوص وقطاع الطرق.. فما الظن بمن خرج من الحصن الحصين.. لا تدركه فيه آفة.. إلى خربة موحشة مأوى اللصوص وقطاع الطرق.. هل يتركون معه شيئا..؟!

ومنها.. أنه بالمعصية تعرض لمقت الله فتمحق بركة عمره.. وبركة ماله.... وبركة أهله.. بالجملة تمحق بركة العبد..

هذه سبع وعشرون عقوبة لكي تردعك.. لتترك المعصية وتصبر عنها.. وهذه أمثلة فقط وإلا فالعقوبات على المعاصي لا تنحصر..

__________________
ملخص من كتاب "كيف أتوب؟" لـ: "محمد حسين يعقوب"

محمد حسين يعقوب

داعية إسلامي مصري، حاصل على إجازتين في الكتب الستة وله العديد من المؤلفات

  • 14
  • 2
  • 15,773
المقال السابق
يا نفسُ... ويحكِ!
المقال التالي
علل التوبة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً