صناعة العلماء - (17) التقدم العلمي

منذ 2014-05-24

ترتبط الصحوة الإسلامية ارتباطًا وثيقًا بالتفوق العلمي، إذ من أخطر الظواهر التي أصابت أبنائها وخاصة في مرحلة الجامعة، هي ظاهرة الفشل العلمي، والتي يعد مشكلة واضحة أساسها خلل في فهم الطلاب، كون التفوق العلمي جزء م من الدين. تدورهذه الحلقة حول هذه المشكلة والطريق نحو الحل الأمثل لها... وهنا ملخص ما جاء فيها.

بسم الله الرحمن الرحيم

د. صلاح:

كل علم نافع هو علم واجب التعلم، وعلى المسلمون أن يتلقوا العلم عن الآخر ويصححونه ويطورونه، ونحن نريد نُبَغَاء في كل تخصص وخاصة الذي يحبه الطالب ويستطيع أن ينبغ فيه.

 

د. راغب:

هذه القضية هي غير واضحة في أذهان عامة المسلمين، وغياب هذا الوضوح له عدة ظواهر.

هناك صحوة إسلامية في كل بلاد العالم الإسلامي وفي البلاد الغربية، لكن بها خللًا واضحًا.

في الجامعات الحياتية في كلية الطب أو أي فرع من العلوم الأخرى غير العلوم الشرعية، ستجد أن الأوائل على هذه الكليات ليسوا من الشباب الملتزمين المتمسكين بدينهم! فهم يهتمون فقط بالدروس والمحاضرات الدينية ولا يهتمون بالمحاضرات الأساسية في الكلية ولا مذاكرتها.

 

د. صلاح:

لا نقبل أن الطلاب ينصرفون عن دراستهم العلمية! فيجب أن يكون هناك من يتعمق في الدراسات الشرعية وآخر يتعمق في الدارسات الكونية ويتكاملان.

 

د. راغب:

العلماء يجب أن يبصروا هؤلاء الشباب بالتوازن في حياتهم، فلا يصرف كل الوقت في العلوم الشرعية ويترك التفوق وينسى تخصصه الأساسي في الهندسة أو الكيمياء أو غيرها. وفي نفس الوقت لا يعيش حياه كاملة لدراسة هذا الفرع من العلم الكوني دون أن يعرف كيف يصلي ويصوم ويعرف أساسيات الدين، فيجمع بين هذا وذاك، ويظل في ذهنه العلم والتفوق في مجاله، لأن أمتنا تحتاج ذلك كله.

ويجب أن يفهموا أن دراستهم هي جزء من دينهم والوقت الذي يصرفه فيها في ميزان الحسنات إن أخذ به النية لإصلاح الأمة وتغيير حركة التاريخ.
 

وأمتنا الرائدة كان لها مكان في الريادة العلمية وتفوقت في هذه العلوم كلها عن غيرها، فكان لدينا البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وجميع علماء الفقه والتفسير وفي نفس الوقت كان لدينا الرازي والاصطخري والإدريسي والعلماء الكبار الذين غيروا الأمة.

الذي ينظر إلى الأمة بهذا التكامل يُقدر هذه الأمة، وهذا من أبلغ انواع الدعوة أن ترى الأمة رائدة وسابقة لغيرها.


د. صلاح:

على الإنسان أن يتعبد لله عزَّ وجلَّ بدراسته طالما وجد نفسه في هذا التخصص ويعتبر التفوق في هذا التخصص فرض عين عليه وفي نفس الوقت يأخذ من الدين، ما لا يسع المسلم جهله في العلوم الشرعية.

فكان هناك هذا الامتزاج بين العلوم الكونية والدينية والشرعية، وحتى لو حصل الانفصال الآن، فنحن نريد لعالِم العلوم الشرعية أن يتعلم جزءا من العلوم الحياتية ولعالِم العلوم الكونية أن يأخذ ما لا يسع المسلم جهله في أمور دينه، لكن لا بد أن يعرف كلٌ منهم  أنه يجب أن يتفوق تفوقًا فريدًا في التخصص الذي دخل فيه.

ونلاحظ خلال الـ 80 سنة الماضية، أن أول من تحرك بدعوة الله وحركها في العالم كله ليس الشيوخ بشكل أساسي وإنما هم طلاب وأساتذة الطب والهندسة وغيرها.

على كلٍّ نحن نريد أن نقول أن العلم الّذي يجب أن ننبغ فيه ونصنع به العلماء ليس فقط العلم الشرعي، فلا نريد عالِمًا شرعيًا فقط وإنما عالِمًا مبتكرًا مخترعًا في كل العلوم الحياتية المفيدة بإذن الله تبارك وتعالى.

وصيتنا لكل أب وأم، لا تُكره ولدك على تخصص لا يحبه، وإنما ساعده أن ينبغ ويتفوق ويكون مبتكرًا فيما أعده الله له وفيما يتوافق مع مَلَكَاتِه وقدراته، فلنصنع المستقبل من خلال صناعة العلماء المبتكرين المتميزين.

 

 


لسماع هذه الحلقة: التقدم العلمي

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 2
  • 1
  • 4,374
المقال السابق
(16) العلماء والتجارة بالعلم
المقال التالي
(18) التأخر العلمي للأمة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً