لا تحزن - السعادةُ موهبةٌ ربَّانيَّة

منذ 2014-05-25

ليس عجباً أنْ يكون هناك نفرٌ من الناسِ يجلسون على الأرصفةِ، وهم عُمَّالٌ لا يجدُ احدُهم إلا ما يكفي يومه وليلته، ومع ذلك يبتسمون للحياةِ، صدورُهم منشرِحةٌ وأجسامُهم قويةٌ، وقلوبُهم مطمئنَّةٌ، وما ذلك إلا لأنَّهم عَرَفوا أنَّ الحياة إنما هي اليومُ، ولم يشتغلوا بتذكُّرِ الماضي ولا بالمستقبلِ وإنما أفنوْا أعمارهم في أعمالِهم.

  • عسى أن يكون خيراً: للسيوطي كتابٌ بعنوان (الأرجُ في الفرج): ذَكَرَ منْ كلامِ أهلِ العلمِ ما مجموعُه يُفيدُنا أنَّ المحَابَّ كثيرةٌ في المكارهِ، وأنَّ المصائب تُسفرُ عن عجائب وعن رغائب لا يُدركُها العبدُ، إلا بعد تكشُّفِها وانجلائِها.

لعَمْرُك ما يدري الفتى كيف يتَّقي *** نوائب هذا الدَّهرِ أمْ كيف يحْذرُ
يرى الشيء ممَّا يُتَّقى فيخافُه *** وما لا يرى مما يقِي اللهُ أَكْبَرُ

  • السعادةُ موهبةٌ ربَّانيَّة: ليس عجباً أنْ يكون هناك نفرٌ من الناسِ يجلسون على الأرصفةِ، وهم عُمَّالٌ لا يجدُ احدُهم إلا ما يكفي يومه وليلته، ومع ذلك يبتسمون للحياةِ، صدورُهم منشرِحةٌ وأجسامُهم قويةٌ، وقلوبُهم مطمئنَّةٌ، وما ذلك إلا لأنَّهم عَرَفوا أنَّ الحياة إنما هي اليومُ، ولم يشتغلوا بتذكُّرِ الماضي ولا بالمستقبلِ وإنما أفنوْا أعمارهم في أعمالِهم.

وما أُبالي إذا نفسي تطاوعُني *** على النَّجاةِ بمنْ قدْ عاش أو هلكا

وقارِنْ بين هؤلاء وبين أناسٍ يسكنون القصور والدُّور الفاخرة، ولكنَّهمْ بَقُوا في فراغٍ وهواجس ووساوس فشتتهُمُ الهمُّ، وذهب بهم كلَّ مذهبِ.

لحا اللهُ ذي الدِّنيا مُناخاً لراكِبٍ *** فكُلُّ بعيدٍ الهمِّ فيها مُعذَّبُ

  • الذِّكْرُ الجميلُ عمرٌ طويلٌ: منْ سعادِة العبدِ المسلمِ أنْ يكون لهُ عمرٌ ثانٍ، وهو الذِّكْرُ الحسنُ، وعجباً لمنْ وجد الذكْر الحسنَ رخيصاً، ولمْ يشترِهِ بمالِه وجاهِه وسعيِه وعملِه.
    وقدْ سبق معنا أنَّ إبراهيم عليهِ السلامُ طلب منْ ربِّه لسان صدْقٍ في الآخرِين، وهو: الثَّناءُ الحسنُ، والدعاءُ له.

    وعجبْتُ لأُناسٍ خلَّدوا ثناءً حسناً في العالمِ بحُسْنِ صنيعهِم وبكرمهِم وبذْلِهم، حتى إنَّ عُمَرَ سأل أبناء هرِم بنِ سنانٍ: ماذا أعطاكمْ زهيرٌ، وماذا أعطيتُموهُ؟ قالوا: مَدَحَنا، وأعطيناهُ مالاً. قال عمرُ: ذهب واللهِ ما أعطيتموهُ، وبقي ما أعطاكمْ.
    يعني: الثناءُ والمديحُ بقي لهمْ أبد الدّهرِ.

أولى البرِيَّةِ طُرَّا أنْ تُواسِيهُ *** عند السُّرورِ الذي واساك في الحزنِ
إن الكرام إذا ما أُرسِلُوا ذكرُوا *** منْ كان يألفُهم في المنزلِ الخشنِ

عائض بن عبد الله القرني

حاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة الإمام الإسلامية

  • 1
  • 0
  • 2,073
المقال السابق
منْ فوائدِ المصائبِ
المقال التالي
أُمَّهاتُ المراثي (1)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً