حال المسلمين في العزاء!

منذ 2014-05-26

في معظم ديار الإسلام يقوم أهل الميت بإعداد ولائم الطعام للمُعزِّين وأصبحت هذه العادة السيئة من العُرف المتوارث وهي خلاف السنة..

في معظم ديار الإسلام يقوم أهل الميت بإعداد ولائم الطعام للمُعزِّين وأصبحت هذه العادة السيئة من العُرف المتوارث وهي خلاف السنة..

عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: لما جاء نعي جعفر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لآل جعفر طعامًا، فقد أتاهم ما يشغلهم، -أو: أمر يشغلهم» (رواه أبو داود: [3132]، والترمذي: [998]، وابن ماجة: [1316] واللَّفظ له، وأحمد: [1/205] [1751]. وصحَّحه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة: [1316]).

وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بحكم هذا الأمر بما يلي في ردها على سؤال:

"أولًا:

دلّت السنة الصحيحة على أن غير أهل الميت من إخوانه المسلمين هم الذين يصنعون طعامًا ويبعثون به إلى أهل الميت؛ إعانة لهم، وجبرًا لقلوبهم، فإنهم ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي إليهم عن صنع الطعام وإصلاحه لأنفسهم، فقد روى أبو داود في سُننِه، عن عبد الله بن جعفر قال: لما جاء نعي جعفر رضي الله عنه حين قُتِلَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لآل جعفر طعامًا فإنهم قد أتاهم أمر شغلهم» (رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، وحسَّنه الترمذي)..

أما صنع أهل الميت طعامًا للناس واتخاذهم ذلك عادةً لهم - فغير معروف فيما نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه الراشدين، بل هو بدعة، فينبغي تركها؛ لِمَا فيها من شغل أهل الميت إلى شغلهم، ولِمَا فيها من التشبه بصنع أهل الجاهلية، والإعراض عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم، وقد روى الإمام أحمد، عن جرير بن عبد الله البجلي: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يُعِدُّون الاجتماع إلى أهل الميت وصنع أهل الميت طعامًا لمن جاءهم بعد الدفن من النياحة، وكذا لا يجوز ذبح حيوان عند القبر أو ذبحه عند الموت أو عند خروج الميت من البيت؛ لما رواه أحمد، وأبو داود، من حديث أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا عقر في الإسلام».

ثانيًا

إذا خالف مسلم حكمًا ثابتًا بنص صريح من الكتاب أو السنة لا يقبل التأويل ولا مجال فيه للاجتهاد أو خالف إجماعًا قطعيًا ثابتًا بين له الصواب في الحكم، فإن قبِل فالحمد لله، وإن أبى بعد البيان وإقامة الحجة وأصر على تغيير حكم الله حكم بكفره وعومل معاملة المرتد عن دين الإسلام، مثال ذلك: من أنكر الصلوات الخمس أو إحداها أو فريضة الصيام أو الزكاة أو الحج وتأول ما دلّ عليها من نصوص الكتاب والسنة ولم يعبأ بإجماع الأمة.

أما إذا خالف حكمًا ثابتًا بدليل مختلف في ثبوته أو قابل للتأويل بمعان مختلفة وأحكام متقابلة فخلافه خلاف في مسألة اجتهادية، فلا يكفر، بل يُعذَر في ذلك من أخطأ ويؤجر على اجتهاده ويُحمَد من أصاب الحق ويؤجر أجرين: أجرًا على اجتهاده وأجرًا على إصابته، مثال ذلك: من أنكر وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، ومن قال بوجوب قراءتها عليه، ومن خالف في حكم صنع أهل الميت الطعام وجمع الناس عليه فقال: إنه مستحب، أو قال: إنه مباح، أو: إنه مكروه غير حرام، فمثل هذا لا يجوز تكفيره، ولا إنكار الصلاة وراءه، ولا تمتنع مناكحته، ولا يَحرم الأكل من ذبيحته، بل تجب مناصحته ومذاكرته في ذلك على ضوء الأدلة الشرعية؛ لأنه أخ مسلم له حقوق المسلمين. والخلاف في هذه المسألة خلاف في مسألة فرعية اجتهادية، جرى مثلها في عهد الصحابة رضي الله عنهم وأئمة السلف ولم يكفر بعضهم بعضًا ولم يهجر بعضهم بعضًا. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" (مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد الخامس عشر "العقيدة").

وقد نقل أحد طلاب العلم مذاهب الأئمة الأربعة في هذه البدعة:

أقوال العلماء في المذاهب الفقهية الأربعة في حُكم صُنْعِ أَهلِ الميِّتِ الطعامَ للناسِ في العزَاء:

المَذْهَبُ الحَنَفِي:

قال ابنُ عَابدِين في كِتَابِهِ (رَدِّ المُحتَار على الدُّرِّ المُخْتَار): "وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ الضِّيَافَةِ مِنْ الطَّعَامِ مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ، لِأَنَّهُ شُرِعَ فِي السُّرُورِ لَا فِي الشُّرُورِ، وَهِيَ بِدْعَةٌ مُسْتَقْبَحَةٌ! وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصُنْعَهُمْ الطَّعَامَ مِنْ النِّيَاحَةِ".

المَذْهَبُ المالكي:

قالَ في مَواهِبِ الجَلِيلِ في (شَرحِ مُختَصَرِ خَلِيل): "وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُهَيَّأَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامٌ ، [فَرْعٌ] قَالَ فِي الطِّرَازِ وَيَجُوزُ حَمْلُ الطَّعَامِ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ وَاسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَإِنَّهُمْ فَاجَأَهُمْ أَمْرٌ شَغَلَهُمْ» (خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد)، لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي الْبِرِّ وَالتَّوَدُّدِ لِلْأَهْلِ وَالْجِيرَانِ. أَمَّا إصْلَاحُ أَهْلِ الْمَيِّتِ أَمَّا إصْلَاحُ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا وَجَمْعُ النَّاسِ عَلَيْهِ فَقَدْ كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ وَعَدُّوهُ مِنْ الْبِدَعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِيهِ شَيْءٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْضِعَ الْوَلَائِمِ أَمَّا عَقْرُ الْبَهَائِمِ وَذَبْحُهَا عَلَى الْقَبْرِ فَمِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ..

قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْعَقْرُ الذَّبْحُ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَأَمَّا مَا يَذْبَحُهُ الْإِنْسَانُ فِي بَيْتِهِ وَيُطْعِمُهُ لِلْفُقَرَاءِ صَدَقَةً عَلَى الْمَيِّتِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَلَا مُفَاخَرَةً وَلَمْ يَجْمَعْ عَلَيْهِ النَّاسَ"

المَذْهَبُ الشافِعِي:

قالَ الهَيتَمِيُّ فِي (شَرحِ المِنهَاج): "وَمَا اُعْتِيدَ مِنْ جَعْلِ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا لِيَدْعُوا النَّاسَ عَلَيْهِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ كَإِجَابَتِهِمْ لِذَلِكَ، لِمَا صَحَّ عَنْ جَرِيرٍ كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصُنْعَهُمْ الطَّعَامَ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ".

قال الشَّرواني في الحاشية: "قَوْلُهُ [بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ] عِبَارَةُ شَيْخِنَا بِدْعَةٌ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ بَلْ تَحْرُمُ".

وقَال الغمروايُّ في (السِّراج الوَهَّاج على مَتنِ المِنهَاج): "وَأما إصْلَاح أهل الْمَيِّت طَعَاما وَجمع النَّاس عَلَيْهِ فبدعة تعد من النِّيَاحَ".

المَذْهَبُ الحنبلي:

قَال البهوتيُّ في (كَشَّاف القِناع):

"وَيُسَنُّ أَنْ يُصْنَعَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامٌ يُبْعَثُ بِهِ إلَيْهِمْ ثَلَاثًا.. أَيْ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، لِقَوْلِهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرَ طَعَامًا فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» (رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ).. وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَأَتَاهُمْ نَعْيُهُ.وَيَنْوِي فِعْلَ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ [لَا لِمَنْ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ، فَيُكْرَهُ] لِأَنَّهُ مَعُونَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ، وَهُوَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ.

نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ هُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَنْكَرَه شَدِيدًا، وَلِأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ عَنْ جَرِيرٍ وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ قَالَ: "كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ".

"وَيُكْرَهُ فِعْلُهُمْ" أَيْ: فِعْلُ أَهْلِ الْمَيِّتِ "ذَلِكَ" أَيْ: الطَّعَامِ "لِلنَّاسِ" الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ عِنْدَهُمْ، لِمَا تَقَدَّمَ. [قَالَ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ] كَالشَّارِحِ "إلَّا مِنْ حَاجَةٍ" تَدْعُو إلَى فِعْلِهِمْ الطَّعَامَ لِلنَّاسِ "كَأَنْ يَجِيئَهُمْ مَنْ يَحْضُرُ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الْبَعِيدَةِ وَيَبِيتُ عِنْدَهُمْ، فَلَا يُمْكِنُهُمْ" عَادَةً "إلَّا أَنْ يُطْعِمُوهُ" فَيَصْنَعُونَ مَا يُطْعِمُونَهُ لَهُ.

"وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ مِنْ طَعَامِهِمْ، قَالَهُ فِي النَّظْمِ وَإِنْ كَانَ مِنْ التَّرِكَةِ وَفِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ" أَوْ مَنْ لَمْ يَأْذَنْ "حَرُمَ فِعْلُهُ"، وَحَرُمَ "الْأَكْلُ مِنْهُ" (موسوعة شبكة الفتوى).
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 1
  • 0
  • 16,543

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً