إمتاع الخلان بفوائد مجالس العلوان - (2) فوائد عن أحاديث الرسول (الزكاة - إنكار المنكر)

منذ 2014-05-31

كثير من الناس لا يفرق بين ما أُعدَّ للبيع وما أُعدَّ للتجارة، فمثلاً: هذا البيت لو كتبت عليه للبيع، ولم يتم بيعه إلا بعد سنتين، فلا زكاة فيه وكذلك من كان عنده أرض يبيعها لزواج أو لشراء سيارة، فهذا مما أُعدَّ للبيع لا للتجارة فلا زكاة فيه.

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..
استكمالاً لما سبق، هذه المجموعة الثانية (خمسون فائدة) من سلسلة فوائد شيخنا سليمان العلوان، أسأل الله لي ولك العلم النافع والعمل الصالح، وإليك أخي القارئ ما سطرته من فوائد شيخنا:

1- سئل شيخنا عن زكاة الأراضي؟ فأجاب: زكاة الأراضي على أربعة أقسام:
الأول: أن يشتري الأرض للسكنى حاضرًا أو بالتقسيط فلا زكاة فيها باتفاق الأئمة.
الثاني: أن يشتريها بقصد التجارة فهو يبيع ويشتري ويتاجر فزكاتها زكاة عروض التجارة، والحول تابع للمال، فإن كان عنده مال لتجارة الأراضي ومضى عليه 6 أشهر، ثم اشترى به أرضاً فإنه بعد 6 أشهر يزكيها.
الثالث: أن يشتريها انتظارًا لزمن الغلاء، فهو لا يريد بيعها ولا عمارتها، ولو جاءه شخص الآن لم يبعها انتظارًا لحظوة مستقبلية، فالصواب في هذه الصورة أنه إذا باعها زمن الغلاء زكاها عن سنة واحدة وهو مذهب الإمام أحمد، ولعله في هذه الصورة أقوى المذاهب.


الرابع: أن يشتري الأرض ونيته مترددة فيها تارة يريد بها حفظ المال، وتارة للسكنى فهو متردد وليس له نية متمخضة فهذه لا زكاة فيها.

2- نبَّه شيخنا حفظه الله: بأنه كثير من الناس لا يفرق بين ما أُعدَّ للبيع وما أُعدَّ للتجارة، فمثلاً: هذا البيت لو كتبت عليه للبيع، ولم يتم بيعه إلا بعد سنتين، فلا زكاة فيه وكذلك من كان عنده أرض يبيعها لزواج أو لشراء سيارة، فهذا مما أُعدَّ للبيع لا للتجارة فلا زكاة فيه.

3- الأراضي المحجوزة عند المحاكم لا زكاة فيها ولو مرت عليها سنين؛ لأن من شروط الزكاة تمام الملك وهذا الشرط اختل في هذه الصورة.

4- أموال الصغار والمجانين الزكاة فيها واجبة على الصحيح وهو قول الجمهور خلافًا للأحناف.
5- من كان له مال عند مماطل ومضى عليه عشر سنوات، فعند ابن تيمية لا زكاة عليه مطلقًا، وعند أحمد يزكيه لسنة واحدة، وهذا القول أحوط وقول ابن تيمية أقوى من حيث الاستدلال؛ لأن من شروط الزكاة تمام الملك، وهذا الشرط اختل بالتعامل مع المماطل.

6- سئل عن الأحاديث الواردة في الرايات وألوانها؟ فأجاب: كل الأحاديث في الرايات وأنها سوداء أو بيضاء، وكذلك الألوية ضعيفة، وقد تتقوى بمجموع الطرق هذا ممكن.

7- سئل عن المنهج الصحيح في تلقي العلم الشرعي عند من عنده ضلالات ليس لها علاقة بما يريد أخذه من العلم، كطلب العلم عند بارع في الفقه وهو في العقيدة عنده خلط؟ فقال الجواب فيه تفصيل: لا بد من النظر هل يوجد غيره أو لا؟ وهل ما يريد أخذه يتعلق ببدعته وضلاله؟ وهل يدعو لبدعته ولو من غير مناسبة في درسه؟ فإن كان كذلك فهذا لا يجلس إليه؛ لأن المعلم له تأثير على طالبه، والسلف يحذرون من الأخذ عن أهل الأهواء، يقول ابن سيرين: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"، وهذا يختلف من طالب لطالب، ففرق بين الطالب المبتدئ والحاذق، ومتى وجد غيره فلا يجلس إليه، فالطالب يتأثر بشيخه، هذا ابن عقيل الحنبلي باتفاق الناس من أذكياء العالم، ومع ذلك ترخَّص بالقراءة على بعض أهل الاعتزال فعَلُقَت به حبائلهم -وإن كان تاب آخر عمره لكنه انتقل من بدعة إلى بدعة من الاعتزال للأشاعرة-.

8- سئل عن سنية أخذ العصى للخطيب؟ فقال: هذا ليس بسنة على الصحيح، وإنما عادة تفعل للحاجة لاسيما في الزمن السابق، حيث المنابر ليس فيها ما يمسك به الخطيب، وكان من عادة بعض الولاة أخذ العصى لحاجتهم، كسترة أو تليين الأرض للبول، أو قتل حية، ونحوها من الحاجات، وكان الصحابة رضي الله عنهم يأخذون العصي وليسوا بطاعنين في السن وذلك للحاجة لا لسنيتها ولا لكبر سنهم، لكن قد يقال أن اتخاذ العصى من باب التأسي العام.

9- التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم له حالتان:
الأولى: التأسي الخاص، والذي يقصد منه التعبد وهذا سنة، كجلسة الاستراحة، والإقعاء على القدمين بنصبهما كما في حديث ابن عباس عند مسلم، ولبس البياض فهو سنة أيضًا.

الثاني: التأسي العام، الذي لم يثبت أنه سنة وفعله النبي صلى الله عليه وسلم على وجه العادة، كلبس العمامة، وإطلاق الأزرار، وأخذ العصا، وإعفاء الشعر على الصحيح ونحوها، والتأسي العام إذا فعله العبد حبِّاً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه يؤجر على حبه فهو يؤجر من حيث الفعل حبِّاً بالنبي صلى الله عليه وسلم ورغبة بطريقته.

10- أما من دخل هذا الباب للابتداع كجمع آثار النبي صلى الله عليه وسلم عصاه ورحاه ونعاله ونحوها، ويتخذونها متاحف كما تفعل طائفة في هذا العصر، ولا أدري من أين حصلوا على هذا، ولو فُرض أنه حصل عليها فهي من البدع والضلالات التي تجر الأمة إلى الغلو والضلال والشرك، فلا يجوز فتح متاحف وأماكن لتجميع هذه الآثار واتخاذها مزارات، فهذا بلاء عظيم على هذه الأمة، والفرق المبتدعة يفرحون بهذا كالصوفية، فيحرم زيارة المتحف والمشاركة فيه والدخول بل يجب التحذير منه..

ولا ينبغي أن نستحسن في الدين ما ليس منه، وكما قال الشافعي: "من استحسن فقد شرَّع"، وإنك لتعجب من هؤلاء، أينهم عمن طعن في النبي صلى الله عليه وسلم؟ الذي أصبح طعنه ظاهرة منذ 12سنة، أصحاب المولد يحتفلون ببدعة ولم يتحرك منهم أحد لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثر الناس نصرة هم أصحاب الاتباع لا الابتداع والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بسنتي» (مجموع الفتاوة لابن تيمية:399/4)، ولم يقل عليكم بالثوب والرحى والعصا و"اقتصاد بسنة خير من اجتهاد في بدعة".

11- سئل هل من السنة دعاء الخطيب آخر خطبة الجمعة؟ فأجاب بأنه سنة لحديث: "قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بأصبعه المسبحة".
12- وأما التزام قول: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56]، وكذلك الدعاء للصحابة والترضي فلا أصل له في خطبة الجمعة فلا يداوم عليه.

13 سألته: هل يلزم أن نحتاط لوقت الفجر للاشتباه بدخوله؛ لأن لكم فتوى قديمة بأن وقت الأذان في التقويم متقدم على دخول الفجر بثلث ساعة؟ فهل هو كذلك اليوم؟ فقال نعم يحتاط بثلث ساعة.

14- سئل عن السماع عن طريق البث المباشر هل يثبت به السماع ويعتد به؟ فقال: نعم إن كان مباشرًا.
15- وكلني شخص أسأل الشيخ بأن عنده خادمًا كافرًا وأحيانًا يحمل المصحف من مكان لمكان فهل يجوز للكافر حمل المصحف بهذه الصورة؟ فأجاب بسؤالي سؤالاً إنكاريًا فقال: هذا الكافر في جزيرة العرب؟ قلت نعم، فقال لا يبقى الكافر عندنا، أخبره بأنه لا يجوز له أن يبقيه عنده.

16- سئل شيخنا عن سنية نحر العقيقة في اليوم السابع؟ فأجاب: في الحديث: «تذبح عنه يوم سابعه» (النووي في الأذكار:361)، فهم بعض العلماء اشتراط أن تكون في اليوم السابع لهذا الحديث، والصواب قول الجمهور وأنه على الاستحباب.

17- أما ما ورد أنه إذا فات اليوم السابع فيستحب في اليوم الرابع عشر أو في اليوم الحادي والعشرين فقد وردت فيه آثار ضعيفة.

18- وأما العقيقة عن الكبير فلا دليل عليها، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أنه عق عن نفسه.

19- سئل عن حكم تعليق الأسورة على اليد لغرض طبي؟
فأجاب: تعليقها لا يخلو من أحوال:
الأولى: أن يعلَّقها بقصد دفع العين أو جلب النفع، فهذا نوع من أنواع الشرك الأصغر، وقد يرتقي للأكبر بحسب مقصده، كأن يقصد بأنها هي بنفسها التي تنفع وتضر، والقاعدة في هذا: (أن من جعل سببًا ما ليس بسبب لا في الشرع ولا في الحس فقد أشرك بالله تعالى) وهي قاعدة ذكرها شيخ الإسلام ويدخل فيها تعليق الأساور والخيط ونحوهما.

الثانية: أن يعلِّق خرقة وما شابهها على وجه التشبه بالكفار، كصنع بعض الشباب واللاعبين ونحوهم، فهذا محرم؛ لأنه من باب التشبه لقوله صلى الله عليه وسلم «من تشبه بقوم فهو منهم» (صحيح الجامع:2831)، وهذا أقل أحواله التحريم، وعادة لا يتشبه رجل بآخر إلا عن عمد وتجد فيه انهزامية في قلبه، وإلا فالمسلم لبغضه للكفار لا يتشبه بهم.

الثالثة: أن يعلِّق الأساور على وجه العلاج والتطبب، فهذا إذا كان له سبب حسي معروف وثابت بقول الأطباء الموثوق بهم فهو لا يمنع منه، وإن كان يخشى أن يساء به الظن بعد وضعها لغرض طبي فإنه يسترها أو يبين للناس سبب وضعها.

20- سئل عن تضييع الأوقات؟ فأجاب شيخنا: بأن الوقت أمانة عند العبد يجب المحافظة عليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لن تزول قدمًا عبد حتى يسأل عن أربع.. وعن عمره فيما أفناه» (صحيح الترغيب:3593)، وأحق الناس بحفظ أوقاتهم أهل الخير والصلاح، فإن كانوا يضيعونها فلا تسل عن حال غيرهم، والوقت أهم ما عني به الإنسان، فإن لم تشغل عمرك بالقرآن والعلم والذكر ونصرة الدين، فإنك ستنشغل بما لا تحب يوم القيامة أن يكون في صحيفتك، والقلوب لن تتسع وتنشرح إلا بذكر الله، قال تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد من الآية: 28] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت» (صحيح البخاري:6407)، وذكر ابن القيم مقسدات القلب ومنها كثرة الخلطة؛ لأنها تفسد القلب وتعميه.

21- سئل عن خروج المذي أو المني بعد الغسل لشدة البرد أو مرض؟ فأجاب: هذا لا يوجب الغسل، وإنما الوضوء على الصحيح إن كان غير مريض، فإن كان لمرض أو شدة برد فالوضوء فيه خلاف، والأكثر على أنه يوجب الوضوء، ويُلحقون به المستحاضة ومن به سلس، وعند مالك لا يوجب الوضوء؛ لأنه خرج بغير إرادة ولأنه خرج على غير وجهه المعتاد وهو أظهر.

22- لا يصح حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة بالوضوء مع كل صلاة، فإنها مع كثرتها بحثها ابن رجب في الفتح وحكم عليها كلها بالضعف، وعليه قول مالك، وهو أصح من الجمهور والوضوء أحوط.

23- سئل عن حديث: «من حلف على يمين فقال إن شاء الله لم يحنث» فأجاب: بأنه حديث معلول بالوقف، ووقفه أصح من رفعه فهو موقوف على ابن عمرو.

24- سئل عمن بلغه منكر في بلد غير بلده هل يجب عليه الذهاب لإنكاره؟ فأجاب: النهي عن المنكر فرض كفاية إن قام به بعض من يكفي سقط وإلا أَثِم جميع الناس، وليس النهي معلق بالرؤية في قوله: "من رأى منكم منكرًا" وإنما خرج مخرج الغالب، وإلا فالأعمى إذا علم بمنكر واستطاع إزالته وجب عليه، وكذلك الغائب إذا بلغه المنكر وقدر على إزالته، وعلى هذا من بلغه منكر خارج بلدته فله حالتان:

الأولى: إن يكون قادرًا على الإنكار فيجب عليه، فإن لم يقدر باليد وقدر بالكلام أو بالقلم وجب عليه، فإنه لن تبرأ ذمته إلا بالكتابة عن هذا المنكر، فإن لم يقدر وجب بالقلب، لكن إن قدر أن يبلغ من يقدر على إزالته وجب عليه التبليغ.
الثانية: ألا يكون قادرًا فيسقط عنه، وإنكار المنكر لا يحتاج إذن أحد فهو معلَّق بالرؤية والعلم.

25- سئل عن الضابط في الفرق بين الشرك الأصغر والأكبر؟
فأجاب: قالت طائفة: "الشرك الأكبر هو دعوى غير الله معه"، وهذا تعريف ببعض أفراد الشرك فليس تعريفا جامعًا، وقالت طائفة: "هو أن يجعل لله نداً"، وهذا أيضًا تعريف ببعض أفراده، وقالت طائفة: هو مساواة غير الله بالله، وهذا أيضًا تعريف ببعض أفراده، وقالت طائفة: "هو صرف العبادة المأمور بها إلى غير الله"، وهذا أحسن التعاريف، وهو تعريف جامع ولكنه ليس بمانع، فهو جامع لأن أي نوع من الشرك الأكبر لن يخرج عن هذا التعريف، لكنه ليس بمانع، أي أنه يدخل معه الشرك الأصغر، فلو قرأ شخص ليمدحه الغير فهذا شرك أصغر ويدخل في التعريف.

وأما ضابط الأصغر فهو كل شرك لم يصل إلى حد الأكبر، كالقاعدة التي ذكرناها قبل قليل: (أن من جعل سببًا ما ليس بسبب لا في الشرع ولا في الحس فقد أشرك بالله تعالى)، فالشرك الأصغر هو ما سماه الشارع شركاً ولم يصل إلى الشرك الأكبر، أو ما كان وسيلة للشرك الأكبر.

26- سئل عن الأصغر هل يدخل في المغفرة المرادة في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء من الآية:48]؟ فأجاب: قال بعض العلماء ومنهم ابن تيمية أن الأصغر لا يُغفر وهذا فيه نظر لوجوه:
أولا: إن كان الأصغر داخلاً في الاستثناء بالمغفرة، ما الدليل على إخراجه منه؟

ثانيًا: أن قوله: {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء من الآية:48]، المقصود به ما هو أعم من الشرك الأكبر بمعناه الخاص، فيدخل فيه الكفر، فليس المقصود الشرك الأكبر فقط، فالكفر أيضًا لا يغفر إن مات صاحبه عليه بلا توبة.
ثالثًا: أنه لا يختلف العلماء ومنهم ابن تيمية بأن صاحب الأصغر لا يُخلَّد في النار، إذن مرتبته دون الشرك الأكبر ودون الكفر.

رابعًا: أن الله تعالى يقول: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء من الآية:48]، وهذه قرينة واضحة أن الذي لا يغفره هو الأكبر.

27 سئل عن الابتعاث الخارجي؟
فأجاب بأننا تكلمنا كثيرًا عن هذا البلاء العظيم الذي حل بالمسلمين، أولا: لا يختلف العلماء في وجوب بغض الكفار ومعاداتهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء من الآية:144]، ثانيًا: لا يختلف العلماء على أن من لا يقدر على إظهار دينه أو لا يأمن على نفسه الفتنة لا يجوز له الذهاب لبلاد الكفار وهذا من أكبر الكبائر، ثالثا: أن كثيرا من الذين يذهبون ويبتعثون هم من الجهلة الذين لم يتضلعوا في دينهم، ولا يفقهون معاداة الكفار، ولا عندهم حصانة علمية ولا دينية وهذا من أكبر الكبائر، وتجويز ذلك من أعظم التغرير ونحن نرى أنهم يرجعون بعقيدة وأفكار غير أفكارهم.

28- لا يجوز السفر لديار الكفار إلا بشرطين: الأول: أن يكون قادرًا على إظهار دينه بالبراءة منهم وإقامة شعائر الإسلام، الثاني: أن يأمن على نفسه وعرضه منهم، ويأمن على دينه ونفسه، فإن تخلَّف شرط فلا يجوز، ويكون ذهابه لحاجة كعلاج أو دعوة ونحوها، أما من يذهب لنزهة فهذا من الأمور العظام وإن توسع كثير في هذا، ويدخل فيه كذلك بعض البلاد العربية التي فيها عري لا يجوز؛ لأنه لا بد أن يغيِّر المنكر، فإن قال لا أستطيع قلنا لا تذهب.

29- جاءت أحاديث كثيرة أنه سيأتي زمان لا يُترك بيت إلا ودخلته الفتنة في البخاري وغيره، واختلفوا في تعيينها ولا مانع من تنزيلها على بعض الفتن المعاصرة بغير جزم.

30- سئل هل يمكن أن نقول المقصود بالفتنة الواردة في حديث: «لا تقومُ الساعةُ حتى يكلمَ السِّباعُ الإنسَ ويكلِّمُ الرجلُ عذبةَ سوطِه وشِراكَ نعلِه ويُخبرُه فخُذْه بما أحدث أهلُه بعدَه» (السلسلة الصحيحة:241/1)، أنها الجوال؟ فأجاب: هذا لا يمكن لبعد تنزيلها عليه.

31- لم يرد عن السلف أنه قبل زيادة الثقة مطلقًا، ولا كانوا يردُّونها مطلقًا، بل كانوا يُعملون في ذلك بالقرائن، ولا يُعلم قبولها مطلقًا إلا عند الفقهاء وأهل الكلام.

32- الشاذ له أكثر من معنى، منه أن يخالف الثقة لجمع الثقات، ومخالفة الثقة لمن هو أوثق منه، ومنه تفرده عن أقرانه، وقد يعبر عن الشاذ بالمنكر.

33- سئل عن صحة حديث: «لبيك عن شبرمة»؟
فقال: جاء مرفوعًا وموقوفًا والموقوف أصح.
34- سئل عن صحة حديث: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»؟
فقال: جاء مرفوعًا عن أبي هريرة رضي الله عنه، ومرسلاً عن زين العابدين وإرساله أصح.

35- أجاب عن الجمع بين الأحاديث الدالة على أنه يغفر للشهيد كل ذنب، وبين الأحاديث التي استثني منها صاحب الدَّيْن، وكذلك حديث صاحب الشملة التي غلها فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها تحترق عليه؟ فقال الجمع: أن المغفرة تكون عن كل شيء من حقوق الله تعالى، أما حقوق الآدميين فإنها لا تغفر قال تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران من الآية:161].

36- يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله تعالى، هذا عند التنازع أما إذا لم يكن نزاع وتقدم من هو أقل فلا حرج في ذلك.
37- الجهل بالعقوبة ليس عذرًا بالاتفاق، وفرق بين الجهل بالحكم والجهل بالعقوبة.
38- سئل عن معنى الإسراع بالجنازة؟ فقال: الإسراع بالجنازة، قيل: "هو الإسراع في تجهيزها"، وقيل: الإسراع في المشي بها، وأما الركض بها فغير مشروع.

39- سئل عن حديث: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم ورقة أن تؤم أهل دارها" فقال هذا الخبر معلول، ولا يصح الاستدلال به في أن المرأة يجوز أن تؤم الرجال من محارمها لضعف الحديث، وإمامة المرأة للرجال الجمهور على منعه، والصواب جواز إمامتها للنساء.

40- ذكر الشيخ أنه كما أن بني آدم يتأذون من صاحب الثوم والبصل في الصلاة، فكذلك صاحب الدخان بل هو شر منهما، وليس هذا مسوغ له وإنما ليتق الله في جماعة المصلين ويزيل ما ابتلي به.

41- سئل هل الإصرار على الصغيرة يحوِّلها لكبيرة؟ فأجاب شيخنا: بأن هذا قال به جماعة من العلماء حيث قالوا: "لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار"، وورد شيء من هذا عن ابن عباس، واختُلِف في تفسير هذا القول، قالت طائفة: "أن الصغيرة تتحول كبيرة لوجود الاستهانة بعظمة الله" وهو تفسير ابن القيم في (المدارج)، وهذا التفسير ينبغي ألا يُختَلف فيه..

وقالت طائفة: "لا ينبغي أن تتحول إلى كبيرة ما دام السبب غلبة هوى لا استهانة بالله"، وهذا المعنى صحيح فإن الصغيرة لا تتحول إلا إذا اقترن بها عدم خوف من الله أو استهانة بعظمته، فإنها تتحول كبيرة، فإذا كان الشخص ينظر ولا يبالي بمن عصى، ولو رآه أحد استتر ويُظهر أنه من أهل الخير، فهذا لا يمكن أن نقول عنها صغيرة؛ لأن هذا يجعل الله أهون الناظرين إليه، ويظهر للناس أنه من أهل الخير والتقوى، هذا ليس في قلبه تعظيم لله، بخلاف شخص يتردد في النظر ويخاف ويوجل من عقاب الله تعالى كلما نظر، فهذا تبقى في حقه صغيرة، وجاء في الحديث: «لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضًا فيجعلها الله هباء منثورًا» (السلسلة الصحيحة:505).

42- سئل عن حديث: «أفعموايان أنتما»؟
فأجاب: رواه الترمذي وابن خزيمة وصححه، وضعفه بعضهم فيه (نبهان) قيل عنه مجهول وفي التضعيف نظر، والحديث صححه الترمذي.

43- سئل عن نظر المرأة للرجال الأجانب؟ فقال هو على أقسام:
الأول: أن تنظر للرجال نظر شهوة فهذا حرام بالإتفاق.
الثاني: أن تنظر لمصلحة دون تلمُّح وتقصُّد إلى النظر لشكله وتخاطيط وجهه، فهذا جائز ويمكن أن يكون متفق على جوازه، كنظر المرأة إلى البائع عند الحاجة وإلى الرجل في الطريق لتأخذ طريقها، وعليه يحمل نظر عائشة للحبشة.

الثالث: أن نتظر بقصد النظر إلى الملامح وإلى تخاطيط وجهه إلى عينيه وإلى تدوير وجهه، فهذا فيه خلاف إن كان لشهوة والصواب منعه، ويدل عليه حديث أم سلمة السابق «أفعموايان أنتما» وقوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور من الآية:31]، فالمرأة يحرم عليها كما يحرم على الرجل، ولأن النظر المتلمح يولد الشهوة والإعجاب، ومن هنا شرع للجنسين غص البصر، ولأن دواعي الشهوة كما هي موجودة عند الرجل فهي عند المرأة وأشد، أما عند الحاجة فلا يدخل كنظر المرأة إلى الخاطب والطبيب.

44- أما نظر المرأة في الفضائيات:
فأولاً: ينبغي النظر في حكم هذه الفضائيات، لأن بعضها لهم رؤى وتحزبات وأفكار يهدفون لها، إضافة إلى ذلك أنهم يتمشون مع رغبات الآخرين، فهم لا يقولون الحق الذي أمر الله بقوله، وقد يطعنون بالآخرين تلبية لرغبات مَن فوقهم، ويلبون ما يؤمرون به وينهون عنه، فمثل هؤلاء لا يمكن أن يقولوا الحق الذي عليهم.

ثانيًا: أن المرأة أو الزوج وإن كان يرى جواز إدخال الفضائيات للبيت فإنه لا يجوز للمرأة أن تنظر بتلمُّح إلى الرجال، وعلى المرأة وكذلك الزوج إدراك المفاسد المترتبة على ذلك، فكم من امرأة فُتنت وتعلَّقت، وحينئذ لا يجوز النظر ولا للرجل تمكين أهله منها.

45- سئل هناك من يسب الدين وهو لا يقصد دين الإسلام وإنما يقصد ديانة الرجل فما حكمه؟ فأجاب: هذا فيه تفصيل، والله تعالى يقول: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد من الآية:30]، حينما تكون هذه ظاهرة كأن يلعن شخص دين شخص، ونعتذر له أنه يريد عمل وديانة الشخص فهذا غير معذور ولاشك، وأما أن يسب ديانة الرجل لكونه متشدد فهذا قد يكون صحيحًا، أما الذين يسبون الذات الإلهية أو الرسول فهذا لا يُلتمس لهم العذر.

46 سئل عن حكم التورق؟ فأجاب بأن فيه خلاف، ابن تيمية يفتي بتحريمه، والجمهور على جوازه، وهو الصواب، لعموم قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} [البقرة من الآية:282] عام في كل دين، وحديث بلال حين اشترى صاعًا بصاعين قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أوّه أوه عين الربا» (صحيح مسلم:1594)، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يبيِّن له دل على جواز التورق وهو دليل قوي والحاجة داعية إليه.

47- سئل عمن قيل له حال الغضب قل (لا إله إلا الله) فردّ غاضبًا لن أقول (لا إله إلا الله) ما حكمه؟ فأجاب: بأن هذا لم يرفض كلمة التوحيد، وإنما رفض الاستجابة لأمر القائل فلم يقع في ناقض.

48- سئل عمن استدل لجواز بناء المسجد على القبر بقوله: «لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا» [الكهف من الآية:21]؟ فأجاب: هذا فهم خاطئ لأن الآية مساقة لبيان ضلالهم وانحرافهم، وأيضًا الآية جاءت لبيان خبرهم، وبناء المساجد على القبور كبيرة حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم حتى في آخر حياته في مرض الموت، حين لعن اليهود والنصارى لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ولا يختلف العلماء في تحريم بناء المساجد على القبور ووضع القبور في المساجد.

49- أما مسألة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فالصحابة أولاً: دفنوا النبي صلى الله عليه وسلم في حجرته في بيته، ولم تكن الحجرة في المسجد، وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما كانت الحجرة آنذاك خارج المسجد وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، ولكن بعد عام ثمانين أُدخلت الحجرة في المسجد النبوي، وما يوجد الآن من إدخالها محرم ولا يُقرِّه مسلم، ومتى ما قُدر عليه يجب تنحية المسجد، ويجب وضع فاصل بجدار بينهما، وأطال ابن تيمية في كتاب الزيارة، وبيَّن هذا وأنه لم يرض ذلك أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أئمة الهدى، وعلى العلماء بيان ذلك لئلا يحتج الناس للقبور الموجودة اليوم والقباب ونحوها.

50- سئل عمَّن قسَّم ميراثه كما ينبغي بين أبنائه قبل ستة أشهر ثم مات، هل يُمضون القسمة؟ فقال: الورثة يُمضون هذه القسمة إلا إذا وِلد له بعدما قسَّم، فيجب إعادة القسمة وإدخال المولود الجديد.

عبد الله بن حمود الفريح

حاصل على درجة الدكتوراه من قسم الدعوة والثقافة الإسلامية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، عام 1437هـ.

  • 2
  • 0
  • 13,624
المقال السابق
(1) فوائد عن أحاديث الرسول (الصلاة - طلب العلم)
المقال التالي
(3) فوائد من أحاديث الرسول (الصلاة - العقيدة - البدع)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً