الإسلاميون والمشاريع المتعارضة

منذ 2014-06-03

عصر الرسول صلى الله عليه وسلم والمشروع الإسلامي في إطار اللبنة الأولى للدولة الإسلامية واجه المشروع الإسلامي العديد من المشاريع المتعارضة منها المشروع المسيحي ممثلا بدولة الروم والمشروع الوثني المجوسي ممثلا بدولة الفرس.

تواجه الأمم والدول والحركات دائما في مراحل صعودها وهبوطها في مراحل البناء والهدم عدة مشاريع متعارضة معها في التوجه والأهداف والغايات والبواعث والمنطلقات، هذه المشاريع قد تكون داخل القطر الواحد أو داخل القومية الواحدة أو على الصعيد العالمي بأثره، وهكذا كان المشروع الإسلامي على مر العصور واجهه في المنعطفات التاريخية والتحولات الزمنية على مر عصوره منذ بعث الله نبينا صلى الله عليه وسلم إلى الأن، بل وحتي قيام الساعة سيواجه العديد من المشاريع المتعارضة وباستعراضنا لتاريخنا الإسلامي نلحظ هذا الأمر واضحا، فعلى سبيل المثال وليس الحصر:

  • عصر الرسول صلى الله عليه وسلم والمشروع الإسلامي في إطار اللبنة الأولى للدولة الإسلامية واجه المشروع الإسلامي العديد من المشاريع المتعارضة منها المشروع المسيحي ممثلا بدولة الروم والمشروع الوثني المجوسي ممثلا بدولة الفرس.
     
  • فى نهاية عصر الخلفاء برزت مشاريع متعارضة للفهم الصحيح للدين الإسلامي من داخل الصف الإسلامي متمثلا في قلة الفهم الصحيح للدين وتمثل هذا في الخوارج والشيعة فأصبح لكل منهما مشروعه الخاص امتد عبر قرون واصطدم بالدولة بعد ذلك بل إن الدولة في إطارها الرسمي انحرفت أحيانا وإن ظل الفهم المجتمعي للإسلام صحيحا.
     
  • وإذا انتقلنا إلى عصر الحروب الصليبية رأينا أن في هذه الحقبة التاريخية كان هناك مشروعان متعارضان مع المشروع الإسلامي الصحيح المتمثل في المشروع السني واصطدم به المشروع الشيعي المتمثل في الدولة الفاطمية والمشروع الصليبي المتمثل فىصورتين هما الحملات الصليبية الممتدة والإمارات الصليببية التي أنشئت على الأراضى الإسلامية.
     
  • إذا انتقلنا بالعصر الحديث كانت هناك أيضا مشاريع متعارضة فالأول المشروع الإسلامي الذي بدأت شمسه في الأفول متمثلاً بالخلافة العثمانية، (وبالمناسبة المشروع الإسلامي لا يموت ولكن الدول هي التي تفنى ولكن يخمل أحيانا المشروع الإسلامي نتيجة حركة الحياة إلى أن تأتي صحوته مرة أخرى وسنناقشها فيما بعد عن حركة تاريخ الأمة صعودا وهبوطا لسهم تتبعا لسهم يقظتها وغفلتها)، المشروع الثاني في هذه المرحلة هو مشروع التحرر الوطني الذي تم تدجينه وتحول لهدم الخلافة المشروع الثالث هو الاستعمار ممثلا بالغرب والمشروع الأخير الذي بدأ يبرز في هذه المرحلة هو المشروع الصهيوني.

    هذه أربع حقب مختلفة في تاريخ الأمة الإسلامية منذ نشأتها إلى نهاية العصر الحديث والذي ينظر يجد أن هذا الأمر واضح صريح ليس فحسب في تاريخ الأمة بل في تاريخ البشرية كلها وهذا مأخوذ بالطبع مما تحدث عنه المنهج القرأني في حديثه عن سنة التدافع ولولا دفع الله الناس ببعضهم ببعض.
     
  • وإذا انتقلنا إلى عصرنا الحاضر لوجدنا أنه هناك العديد من المشاريع المتعارضة مع المشروع الإسلامي الصحيح فمنها المشروع الصهيوني ممثلاً بإسرائيل والمشروع الصفوي الإيراني والمشروع الصليبي الجديد ممثلاً بالإدارة الأمريكية اليمينية وعودة للمشروع الروسي وحتى المشروع الإسلامي عمد أصحاب المشاريع المتعارضة معه وفي غفلة من أصحابه إلى إضعافه عبر طريقتين:

    أولاً: أن جعلوا داخل كل قطر وكل قومية مشاريع متعارضة مع المشروع الإسلامي فإذا ما أراد أصحاب المشروع الإسلامي النهوض به اصطدموا أولاً بالمشاريع المتعارضة في قطرهم ثم بالمشاريع المتعارضة بمنطقتهم.

    ثانياً: الوسيلة الثانية التي اتخذوها هى إضعاف المشروع الإسلامي من الداخل فانقسم المشروع الإسلامي في داخله إلى مشاريع متعارضة منهم:

    1. الإسلاميون المدجنون الذين تم تدجينهم لصالح السلطة في قطرهم.

    2. فريق آخر، الإسلاميون الجهاديون الذين يتخذون القتال أسلوبا في غير وقته وفي غير زمانه فاتخذ أعداء المشروع الإسلامي هذا وسيلة لكي يصدروا للعالم أجمع الإسلاموفوبيا.

    3. وهناك فريق ثالث وهم أصحاب المشروع الإسلامي الأصيل وهؤلاء الذين اتخذوا الإسلام عقيدة في القلب وإصلاحا للنفس وبناءاً للحضارة الذين فهموا الإسلام بمفهومه الشامل الذي يمتد بعمر الإنسان قبل ميلاده ويبقى معه بعد انقضاء أجله لينظم ويسير شؤونه الشامل بامتداد الأرض ليوحدوا به شمل المسلمين من أمريكا إلى أفريقيا ويصلحوا به منهج الحياة فردا وأسرة ومجتمعا ودولة ليسيروا به الاقتصاد والسياسة والفكر والقانون وكل مناحي الحياة.
     
  • أصبح هؤلاء محاصرين بين مشاريع متعارضة بناها أعدائهم في عدة دوائر كالآتي:

    أولاً: في صفوفهم أي في داخل الصف الإسلامي فأصبحت المشاريع المتعارضة مع المشروع الإسلامي خط الصدام الأول للمشروع الإسلامي ويتم تزكية هذه المشاريع المتعارضة لكي تكون خط دفاع أول لأعداء الأمة فتشتت الجهود داخل الصف ويفتت أبناء التيار الإسلامي كل منهم الآخر.

    ثانياً: ثم في أقطارهم كخط دفاع ثاني عبر الأنظمة الديكتاورية والفساد الاقتصادي والإداري إذا ما فكر أصحاب الفكرة الإسلامية في إدارة بلادهم لكي ينهضوا بها فتصبح قوة عالمية.

    ثالثاً: ثم في قوميتهم بدلاً من أن تتحد القوميات المختلفة تحت راية التوحيد وتحت المنهج الإسلامي تتشتت في صراعات قومية إلى عرب وأمازيغ وتركمان وأكراد.

    رابعاً: حتى إذا تأهبوا إلى السيطرة على حركة الحياة وخرجوا من هذه المعارك الثلاث خرجوا منها ليقابلوا المشاريع المتعارضة معهم على الصعيد العالمي وهم منهكين القوى من طول المعركة وشدتها وتنوع أساليبها وكثرة محاربيها.

    لذا وجب على العاملين للأمة الإسلامية ومشروعها الحضاري أن يتنبهوا للمعارك التي يجب أن يخوضوها الناتجة من المشاريع المتعارضة معهم وتحضير أنفسهم للمرحلة تلو المرحلة حتى عندما ينهوا مرحلة لا يصطدموا بعقبة نتيجة غفلتهم عن المرحلة التي تليها.
     
  • وأرى أن هناك أربعة دوائر يجب أن ينتبه لها الإسلاميون وهي كالآتي:

    الدائرة الأولى: وهي الدائرة الدعوية يجب عليهم أن يتبصروا على الصعيد الدعوي بالمشاريع الإسلامية على الساحة بالمجالات المختلفة سواء على صعيد الجماعات أو على صعيد الأحزاب السياسية الإسلامية التي تتخذ الإسلام مرجعية لها بالعمل وعلى الصعيد الفكري الذي يقدم للأمة الإسلامية وأبناء الدعوة الإسلامية والصحوة والمجتمع وكذا على الصعيد الاقتصادي الإسلامي وكل مايمت للعمل الإسلامي بصلة ففي كل جانب من هذه الجوانب قد وضعت لنا العراقيل في داخل الإطار الإسلامي لكي يستخدموه في قسم الصف وما مثال حزب النور منا ببعيد وأن يكون النهج الذي يجب أن يتخذوه دائما هو واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا.

    الدائرة الثانية: هي الدائرة القطرية عليهم أن ينظروا بالمشاريع التي تسوق داخل قطرهم سواء أكانت يسارية أم ليبرالية سواء مع انفتاح السوق الاقتصادي أم سيطرة الدولة وفي المشاريع الانتمائية التي تقدم داخل قطرهم عليهم أن يتبصروا للمشاريع كلها هل هي للانكفاء على الوطن والانغلاق عليه أم تشتيت الأمة داخل قوميات متعارضة سواء عربية أم كردية أو أمازيغية أو طورانية وأيضا هل المشاريع السياسية التي تقدم تسمح بالحركة لمشروعهم والمشاريع الأخريات تمتع بالحرية الكافية أم مشاريع ديكتاورية تتسلط على الشعب بالحديد والنار.

    الدائرة الثالثة: هي دائرة الأمة فعلى صعيد الأمة الإسلامية يدركوا جيدا أن هناك مشاريع وضعت داخل الأمة لتفتيتها من بينها المشاريع القومية كالمشروع الكردي أو المشاريع الطائفية كالمشروع الشيعي الفارسي وأنه لا محالة سيكون اصطدام بهذه المشاريع.
    على الصعيد العالمي يجب أن ندرك المشاريع على الساحة العالمية فهناك المشروع الصهيو صليبي وهناك مشاريع أخذة في النمو كالدب الروسي والمشروع الصيني.
     
  • هذه النظرات في المحاور الأربعة الحقل الإسلامي والقطر والأمة والعالم لازمة للعاملين لنهضة الأمة وإعادة تاريخها لعدة أمور منها:

    1. يعرفوا جيدا مساحات التلاقي والاختلاف مع المشاريع المتعارضة معهم.

    2. معرفة من من الممكن أن يتحالفوا معه وفي أي مساحة من العمل؟ وهل هذا التحالف سيكون مؤقتا على المدى القصير والمتوسط أم على المستوى البعيد وهل هذه التحالفات هي في الأهداف والغايات أم في الوسائل.

    3. التخطيط لكيفية مواجهة المشاريع المتعارضة معه في بناء أمتنا الإسلامية من جديد فأحياناً تكون المعركة صفرية.

    4. عدم تشتيت الجهد وتضييع الأوقات بمواجهة خطر آجل قبل مواجهة خطر عاجل وإنما ترتيبا للأولويات من حيث التصدى للمشاريع الهدامة للمشروع الإسلامي ووضع الخطط والأهداف على المستويات الثلاث القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى.

    5. توزيع جهد أبناء الأمة وادخار رجالها فكل له معركته فمنهم من له معركة فكرية وآخر اقتصادية وثالث سياسية ومنهم من يستطيع أن يعمل على صعيد القطر ومنهم من طاقته وإمكاناته تؤهله لخدمته على المستوى العالمي.

    6. معرفة الوسائل التي يمكن بها إدارة كل مرحلة والسلاح النافذ في كل معركة وما يمكننا من الانتصار في كل موقعة فما ينفع على المستوى الدعوي لا يجوز استخدامه في دائرة السياسة والحكم في الدائرة القطرية وأي جدىد في دائرة الأمة لا يصلح ونحن نواجه مشاريع متعارضة معنا على مستوى الصعيد العالمي.

    7. أخيراً هو عدم الغفلة حتى لا نتوهم أننا عندما ننتصر في مرحلة الوعي الدعوي نصطدم بعدم قدرتنا على إقامة الدولة وعندما نقيمها نفاجأ بأزمات الأمة تتفجر أمامنا وبصراعتها.

    هذه النظرات في المشاريع المتعارضة مع مشروعنا الإسلامي يجب أن تظل أمام أعيننا لا لكي نفقد الأمل ونظن أننا أمامنا معارك عظيمة ولن نسلم منها ولكن لكي نشمر سواعدنا للعمل لأمتنا ويعد كل منا نفسه للعمل فيما يحسن من عمل وتوظف الدعوات أبنائها والأمة رجالها كل منهم لما يصلح لمهمته وليكن كل منا على ثغر فحالنا نحن أبناء الأمة الإسلامية كالطبيب في جناح الاستقبال بالمشفى وجيء له في وقت واحد بأكثر من حادثة وفي كل حادثة منهم الحالات الحرجة فإن لم ينظر في الحالات ويصنفها ويرتبها من حيث الأولوية والأكثر أهمية لربما أخذته حالة واحدة وقتا وجهدا طوال الليل وهي من الإصابات المتوسطة وأهمل باقي الإصابات الحرجة فأصبح وقد وجدها فارقت الحياة، فالسهام المصوبة إلى الأمة كثيرة وجراحها عظيمة فهلا من مشمر للجهد.
    وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
     

أحمد المسلمي

كاتب إسلامي

  • 5
  • 0
  • 2,009

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً