لا تحزن - بَسْمةٌ في البدايةِ (3)

منذ 2014-06-04

البيتُ السعيدُ هو العامرُ بالأُلفةِ، القائمُ على الحبِّ المملوءُ تقوى ورضواناً: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.

قال ابنُ الجوزيِّ في صيدِ الخاطرِ: متى رأيت صاحبك قد غَضِبَ وأخذ يتكلَّمُ بما لا يصلحُ، فلا ينبغي أن تعقد على ما يقولُه خِنْصِرا أي لا تعتدَّ به ولا تلتفتْ إليه، ولا أن تؤاخذه به، فإن حاله حالُ السكرانِ لا يدري ما يجري، بل اصبرْ ولو فترةً، ولا تعوِّلْ عليها، فإن الشيطان قد غلبه، والطبعُ قد هاج، والعقلُ قد استتر، ومتى أخذت في نفسِك عليه، أو أجبته بمقتضى فعْله، كنت كعاقل واجه مجنوناً، أو مفيقٍ عاتب مغمىً عليه، فالذنبُ لك، بل انظرْ إليه بعينِ الرحمةِ، وتلمَّحْ تصريف القدر له، وتفرَّجْ في لعبِ الطبعِ به.

واعلم أنه إذا انتبه ندِم على ما جرى، وعَرَفَ لك فضْل الصَّبْرِ، وأقلُّ الأقسامِ أن تُسْلِمه فيما يفعلُ في غضبِه إلى ما يستريحُ به.

وهذه الحالةُ ينبغي أن يتلمَّحها الولدُ عند غضب الوالدِ، والزوجةُ عند غضبِ الزوج، فتتركه يشفى بما يقولُ، ولا تعوِّلْ على ذلك، فسيعودُ نادماً معتذراً، ومتى قُوبل على حالته ومقالتِه صارتِ العداوةُ متمكِّنةً، وجازى في الإفاقةِ على ما فُعِل في حقِّه وقت السُّكْرِ.

وأكثرُ الناسِ على غيْرِ هذا الطريقِ، متى رأوا غضبان قابلُوه بما يقولُ ويعملُ، وهذا على غيْرُ مقتضى الحكمةِ، بل الحِكمةُ ما ذكرتُ، وما يعقلُها إلا العالمون.

 

  • رِقْقاً بالقوارير: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. {وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}.
    وفي الحديثِ:
    «استوصُوا بالنساءِ خيراً، فإنهنَّ عوانٍ عندكم».
    وفي حديثِ آخر:
    «خيرُكم خيركم لأهِلهِ، وأنا خيرُكم لأهلي».
    البيتُ السعيدُ هو العامرُ بالأُلفةِ، القائمُ على الحبِّ المملوءُ تقوى ورضواناً:
    {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.
     

عائض بن عبد الله القرني

حاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة الإمام الإسلامية

  • 0
  • 0
  • 1,681
المقال السابق
بَسْمةٌ في البدايةِ (2)
المقال التالي
حبُّ الانتقامِ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً