من المناهي اللفظية - (7)

منذ 2014-06-23

في قول: قدَّس الله سره- قوة خفية- في التسمية بحباب- التطرف الديني.

* في قول "قدَّس الله سِرّه":

هذه من أدعية المتصوفة، والروافض، والسرُّ عندهم: سر الأسرار والروح الطاهرة الخفية.

وقد سرت إلى بعض أهل السنة، ولو قيل: "قدَّس الله روحه"، فلا بأس.

 

* في قول "قوة خفية":

أصل هذه العبارة ومثيلاتها:

قوة مدبرة، قوة عليا، العقول العشرة، القوى الصالحة في النفس، الجواهر العقلية، العقل الفعال في السماء، العقل المدبِّر.

من إطلاقات الفلاسفة على "الملائكة"؛ لأنهم ينكرون حقيقتهم على تفصيل مذاهبهم، وقد رد عليهم علماء الإسلام وانتشرت ردودهم، وإبطال مقولاتهم.

ونظيرها في حق الله تعالى تسمية الفلاسفة لله تعالى بقولهم: "علة فاعلة" وهذا من الإلحاد في أسماء الله تعالى. ومن هذه الأسماء الإلحادية التي سموا بها "الرب" سبحانه وتعالى:

"المبدأ"، "العلة الأولى".

ثم انتقلت هذه العبارات وأمثالها إلى كتابات بعض المعاصرين الذين يعتملون التوسع في الأُسلوب، فأطلقوا هذا العبارات على الله تعالى، فقالوا عن الله: "إنَّه قوة مدِّبرة". وهذا تعبير بدعي حادث، والقوة إنما هي وصف لله تعالى، كما في قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذريات:58] و "القوي" من أسمائه سبحانه كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: من الآية40 - 74] ، فمن أسمائه سبحانه: "القوي".

ونقف حيث ورد النص؛ فالله "ذو القوة المتين" ، والله هو "القوي العزيز"، ولا نقول: قوة مدبرة، ونحوها، كما لا نقول: أن الله تعالى: "عِزَّةٌ عظيمة" و "قدرة عظيمة" و "حقيقة كبرى". فكل هذه ألفاظ بدعة يجب التحاشي من التعبير بها، وإطلاقها على الله القوي العزيز القادر سبحانه وتعالى.

ومثلها في الابتداع: "مهندس الكون"، و"مبرمج المعلومات". واللفظ الأول من إطلاقات الماسونية، كما نصوا على ذلك في كتبهم، فخصوا التعبير عن الله بأنه "مهندس الكون"، تعالى الله عن قولهم.

وهو كسابقه في الابتداع، والله سبحانه هو: خالق كل شيء وهو مبدع الكون، وبارئ النسم:{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [لأعراف: من الآية54] .

وأما "مبرمج المعلومات" فهو إطلاق أكثر حدوثًا في أعقاب ظهور "الحاسوب" ونحوه من الآلات التي تُدْخلُ بها المعلومات.

وكل هذا منكر من القول ومرفوض، وابتداع في دين رب العالمين.

 

*في التسمية بـ "الحباب" وغيرها من الأسماء التي لا تجوز:

قال أبو داود رحمه الله تعالى في سننه: "وغيَّر النبي صلى الله عليه وسلم اسم العاص، وعزيز، وعتلة، وشيطان، والحكم، وغراب، وحباب، وشهاب، فسماه: هشامًا. وسمى حربًا: مسلمًا. وسمى المضطجع: المنبعث. وأرضًا عفْرة: خضِرة. وشعب الضلالة: سماه: شعب الهدى. وبنو الزنية: سماهم: بني الرَّشدة. وسمى بني مغوية: بني رشدة.

قال أبو داود: تركت أسانيدها للاختصار"، قال الخطابي: "وحباب: نوع من الحيات. وقد روي أن الحباب اسم الشيطان.

وذكر أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن هشام، عن أبيه أن رجلاً كان اسمه: الحباب. فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الله. وقال: «الحباب: الشيطان.»

وحارثة: غيره النبي صلى الله عليه وسلم إلى: عبد الرحمن

 

*في مقولة "التطرف الديني":

لهج المحدثون بهذا الاصطلاح في مطلع القرن الخامس عشر الهجري في وقت حصل فيه رجوع عامة شباب المسلمين إلى الله تعالى والتزامهم بأحكام الإسلام، وآدابه والدعوة إليه، فكان قبل ينبذ من هذا سبيله بالرجعية، والتعصب، والجمود، ونحوها.

ودين الله بين الغالي، والجافي، وقد كان علماء الإسلام يقررون النهي عن الغلو في الدين، وينشرون النصوص بذلك في الوقت الذي يحثون فيه على التوبة والرجوع إلى الله تعالى، فقلبت القوس ركوة في هذه الأزمان، فصار التائب المنيب إلى ربه ينبز بأنه متطرف؛ للتنفير منه، وشل حركة الدعوة إلى الله تعالى.

ومن الغريب أنه مع سوء ما يرمي إليه فهو وافد من -يهود قبحهم الله- فتلقفه المسلمون فيا ليتهم يرفضونه والمصطلح لدى أهل العلم هو "الغلو" كما في الحديث المشهور: «إيَّاكم والغلو»الحديث.

قال الذهبي: "قلت: غلاة المعتزلة، وغلاة الشيعة، وغلاة الحنابلة، وغلاة الأشاعرة، وغلاة المرجئة، وغلاة الجهمية، وغلاة الكرامية، قد ماجت بهم الأهواء..." أ.هـ.

بكر بن عبد الله أبو زيد

عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية سابقاً ورئيس المجمع الفقهي الدولي ... رحمه الله رحمة واسعة وغفر له ولوالديه ولمشايخه ولتلامذته ولمحبيه.

  • 0
  • 0
  • 1,588
المقال السابق
(6)
المقال التالي
(8)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً