التنوع العرقي في الحضارة الإسلامية

منذ 2014-06-24

يرتبط التنوع في الحضارة الإسلامية ببداية بعثة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث تطالعنا كتب السيرة بأسماء للصحابة مثل (سلمان الفارسي) وبلال الحبشي وصهيب الرومي وعمار بن ياسر (اليمني) وكذلك مارية القبطية زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأم ولده إبراهيم، هذا التعدد العرقي والجنسي كان ينبئ أننا أمام رسالة عالمية تتعلق بجميع بني البشر على وجه الأرض.

يرتبط التنوع في الحضارة الإسلامية ببداية بعثة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث تطالعنا كتب السيرة بأسماء للصحابة مثل (سلمان الفارسي) وبلال الحبشي وصهيب الرومي وعمار بن ياسر (اليمني) وكذلك مارية القبطية زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأم ولده إبراهيم، هذا التعدد العرقي والجنسي كان ينبئ أننا أمام رسالة عالمية تتعلق بجميع بني البشر على وجه الأرض.

وعندما أتى عهد الخلفاء الراشدين وامتدت حركة الفتوحات الإسلامية لتشمل مصر والشام وبلاد فارس وما وراء النهر احتضنت الحضارة العربية الإسلامية ثقافات شعوب تلك البلاد المفتوحة وهضمتها تدريجياً، وشيئاً فشيئاً دخلت الحضارة الإسلامية عناصر يونانية ورومانية وفارسية وهندية فتحولت إلى حضارة عالمية فريدة من نوعها، وما إن جاء العصرالأموي حتى تحقق لتلك الحضارة الفريدة الامتداد الجغرافي الشاسع فامتدت من تخوم الصين شرقاً إلى حدود جنوب فرنسا في الغرب.

وما إن جاء العصر العباسي حتى راجت الحركة الفكرية والثقافية وهنا ظهر دور التنوع العرقي جلياً، فقام السوريان وهم السكان الأصليين لبلاد الشام بترجمة الكتب اليونانية في مجالي الطب والفلسفة مستغلين بذلك معرفتهم للغة اليونانية وبذلك استفادت الحضارة الإسلامية من كنوز الإغريق في الطب والفلسفة، كما قام الفرس بترجمة كتب الأدب من الفارسية إلى العربية حيث قام ابن المقفع بترجمة كتاب كليلة ودمنة من الفارسية إلى العربية، وهكذا لعب التنوع العرقي والثقافي دوراً كبيراً في إثراء الحركة الثقافية إبان العصر العباسي، حيث كانت العناصر غير العربية حلقة وصل بين الحضارة الإسلامية والحضارات الأخرى.

وعن طريق الترجمة اقتبست الحضارة الإسلامية عناصر أجنبية من الحضارات الأخرى، فاقتبست الطب والفلسفة من اليونان والأدب من الفرس والتشريع من الرومان وعلم الحساب من الهند.

وقد قدمت كل الشعوب التي تنتمي إلى الحضارة الإسلامية علماءً أفذاذ مثل ابن حزم "الإسباني" وابن سينا "الفارسي" والخوارزمي "الفارسي" وابن النفيس "المصري" وهكذا فقد انصهر الجميع في بوتقة الحضارة الإسلامية، واعتبرت العروبة لساناً وثقافة وليست قومية أو عنصر عرقي.

كما لعب التعدد العرقي دوراً كبيراً في الدفاع عن أراضي الإسلام والزود عنه. فنسمع أن صلاح الدين صاحب إنتصار حطين كان كردياً. أما قطز الذي دافع عن ديار الإسلام ضد الغزو الهمجي لقبائل المغول فيتحدر أصله من خراسان من سلالة ملوك الدولة الخوارزمية، أما طارق ابن زياد صاحب فتح الأندلس فأصله أمازيغي من شمال إفريقيا.

كما قامت دول كثيرة تنتمي إلى شعوب شتى بالدفاع عن أراضي الإسلام، وما أن تموت دولة حتى تسلم لأختها راية الإسلام لتكمل المسير، فالسلاجقة الذين أرعبوا الدولة البيزنطية وهزموها في موقعة (ملازكرد) كانوا ينتمون إلى العنصر التركي (الغز) وما إن ذبلت دولتهم حتى قامت الدولة الزنكية بهذا الدور وواكب ذلك الهجمة الصليبية فقام الزنكيون بدورهم في الدفاع عن أراضي الإسلام في الشام وما إن ضاعت الدولة الزنكية حتى قامت على أنقاضها الدولة العثمانية (التركية) التي توجت فتوحها في شرق أوربا بفتح (القسطنطينية) عاصمة البيزنطيين، ومن الدولة الزنكية انبثقت الدولة الأيوبية في مصر لترث ممتلكات آل زنكي في الشام وتدافع عن أراضي الشام في مواجهة الصليبيين وتوجت انتصاراتها بنصر حطين، وعلى أنقاض الدولة الأيوبية قامت دولة المماليك التي وقفت في وجه المغول ووقفت في وجه بقايا الصليبيين.

أما في المغرب فكانت دولة المرابطين التي قامت في شمال إفريقيا والتي تنتمي إلى العنصر الأمازيغي، حيث قدمت يد العون لمسلمي الأندلس ضد الخطر الإسباني فكانت معركة (الزلاقة) التي هزم فيها الإسبان بقيادة ألفونسو السادس وانتصر المسلمون أندلسيين وأمازيغ.

خلاصة القول أن التنوع العرقي والثقافي إذا تم التعاطي معه بشكل إيجابي بمعنى التعددية والتنوع والثراء الثقافي فإننا نرى نتائج مبهرة على أرض الواقع كالتي شهدتها الحضارة العربية الإسلامية أما إذا تم التعاطي معه بشكل سلبي كعامل مفتت للأمة فإنه يجزئ الأمة كما حدث في الأندلس في عصر ملوك الطوائف حيث انقسمت الأندلس إلى اثنتا وعشرين دويلة وكان هذا إيذاناً بسقوط الأندلس وإنهيارها تماماً. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد السعيد

كاتب إسلامي متخصص في التاريخ

  • 3
  • 17
  • 17,368

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً