تدبر - [118] سورة يوسف (3)

منذ 2014-07-12

قبل أن يُسارِع بتأويل الرؤيا وإجابة السؤال تذكَّر رسالته والهمّ الذي يحمله في صدره.. نظر إلى حال المخاطبين وتأمَّل طبيعة المتلقين فكانت الرسالة قبل الإجابة والدعوة قبل النفع المباشر.. في البدء كانت الطمأنة أن الجواب لديه.. {لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا}..

لم يكن لسؤاليهما علاقة بمعتقده أو معتقداتهما..

لم يسأله صاحباه عن ربه ولم يشاوراه في شأن أربابهما..

السؤال كان عن رؤيا...

عن حلم رآه كل منهما..

لكن إجابته كانت في صميم العقيدة.

قبل أن يُسارِع بتأويل الرؤيا وإجابة السؤال تذكَّر رسالته والهمّ الذي يحمله في صدره..

نظر إلى حال المخاطبين وتأمَّل طبيعة المتلقين فكانت الرسالة قبل الإجابة والدعوة قبل النفع المباشر..

في البدء كانت الطمأنة أن الجواب لديه..

{لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا} [يوسف من الآية:37]..

هكذا قرَّر يوسف عليه السلام وبيَّن أنه على علمٍ بالتأويل، وأن مطلبهما عنده وزيادة؛ لكن ذلك كله ليس بفضله أو بكسبه وإنما هو من عند ربه وهنا يأتي التدرُّج في توصيل المعنى والرسالة التي يريد لها أن تصل..

{ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} [يوسف من الآية:37]..

هنا بدأ ذكر ربه ومولاه..

لقد أدار دفة الحديث إلى أمر الدين بشكلٍ سلس ويسير ثم استمر في رسالته وأداء مهمته..

{إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [يوسف من الآية:37]..

ثم تستمر الدعوة داخل جدران السجن..

{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [يوسف:39]..

دعوة رقيقة راقية ومنطق سهل بسيط والأهم رسالة لا ينساها حاملها..

ثم بعدها جاءت إجابة السؤال وتأويل الرؤى..

لكن الأهم كان ذلك الهمّ الذي يشغله..

همّ إنقاذ الناس من ظلمات الشرك في الدنيا ونيران الجحيم في الآخرة..

ذلك الهمّ الذي نسيه البعض اليوم والذي لم يعد يشغلهم في ظل حمى التأطير والتصنيف المتبادل..

همّ أخشى أن يتحوَّل بعد حين إلى تاريخ يُتحاكى عنه بعد أن يندثر تحت طبقات سميكة من تصفية الحسابات وسوء الظن والصراع المحتدم الذي يجعل الناس في النهاية إما أعداء وإما أولياء..

إنه همُّ الدعوة إلى الحق والحرص على هداية الخلق..

همّ الأنبياء ومن تبعهم مِمَّن تحملوا الأمانة وفهموا معنى أن تكون حامل رسالة..

وعندما يستعيد حملة الرسالة تلك القيمة وتتعالى من جديد في نفوسهم فسيدركون أن كثيرًا مما يفعلون لم يكن دائمًا هو الأولى وأن ليس كل مخالف عدوًا حتى وإن بدا كذلك في الظاهر..

بل كثيرًا ما يحتاج ليتغير أن يراك من المحسنين وأن يسمع منك إحسانًا ونُصحًا طيبًا.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 1
  • 0
  • 3,907
المقال السابق
[117] سورة يوسف (2)
المقال التالي
[119] سورة يوسف (4)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً