المدرس الداعية

منذ 2014-07-20

عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس، نجد أن هناك خيرًا كثيرًا قد لا تراه العيون أول وهلة، لقد جربت ذلك، جربته مع الكثيرين، حتى الذين يبدو في أول الأمر أنهم شريرون أو فقراء الشعور شيء من العطف على أخطائهم وحماقتهم، شيء من الود الحقيقي لهم، شيء من العناية -غير المتصنعة- باهتماماتهم وهمومهم، ثم ينكشف لك النبع الخير في نفوسهم، حين يمنحونك حبهم ومودتهم وثقتهم، في مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك، متى أعطيتهم إياه في صدق وصفاء وإخلاص.


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وأَنْتمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102] {يَا أيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا ونِسَاءً وَاتقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَائَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقيبًا} [النساء:1]. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آم?نُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70-71]. 

أما بعد:
فإن أحسن الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار

فإسهامًا مني في هذه السلسلة المباركة والتي يراد منها إعداد مجتمع الدعوة إلى الله جل وعلا اخترت العنوان الأول وهو كيف يكون المعلم والمعلمة من الدعاة إلى الله تعالى وقبل أن أبدأ البحث آثرت عرض الموضوع على عدد من المعلمين للإفادة من خبراتهم خلال عملهم في مجال التدريس والدعوة إلى الله تعالى خلال تلك الفترة فخرجت بجملة من التجارب العملية والتي قد أعرض لبعضها أثناء هذا البحث المختصر والذي سأتحدث فيه عن الآتي:

الفصل الأول: مقدمة في وجوب الدعوة.
المطلب الأول: وجوب الدعوة على كل مسلم. 
المطلب الثاني: المعلم راعي فيجب أن يحفظ رعيته.

الفصل الثاني: الدعوة الذاتية: وتنقسم إلى قسمين: 
المطلب الأول: الدعوة بالقدوة الحسنة. 
المطلب الثاني: الدعوة من خلال عرض المادة العلمية الجيدة الشيقة. 

الفصل الثالث: الدعوة العملية: وتنقسم إلى الأقسم التالية:
المطلب الأول: احترام الطالب. 
المطلب الثاني: تقديم المساعدة للطالب عند حاجته لها.
المطلب الثالث: زيارة الطالب عند المصائب.
المطلب الرابع: زيارة الطالب في الأفراح.
المطلب الخامس: محاولة الوصول لجوهر قلبه. 
المطلب السادس: يجب أن لا ينسى المعلم الداعية هدفه. 
المطلب السابع: الرفق خير كله. 

الفصل الرابع معوقات الدعوة: 
المطلب الأول: معوقات نفسية. 
المطلب الثاني: معوقات خارجية. 

هذا ما تيسر جمعه في هذا البحث والله الموفق لكل خير وبر. 
الفصل الأول: مقدمة في وجوب الدعوة 
المطلب الأول: وجوب الدعوة على كل مسلم 

الآيات الدالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو من الدعوة: 
{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104]، {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ ?لْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 110]، {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ ءَايَاتِ اللَّهِ ءَانَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ. يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 113- 114].

{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف:157]، {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:71]، {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 112]. 

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]، {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج:41]، {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان:17].

الآيات الدالة على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم منذر، والإنذار هو الدعوة: 
{أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ} [يونس: 2]. {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ} [إبراهيم: 44]. {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء:214]، {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأحقاف: 21] {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [نوح:1]، {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 1- 2]. 

التصريح بوجوب الدعوة:
{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: 94]. {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108] {وَالَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ} [الرعد: 36]. 

الأحاديث الدالة على وجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: 
1. أخرج مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ».

2. أخرج مسلم عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ». 

3. أخرج مسلم عن أَبي سَعِيدٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ». 

4. أخرج البخاري عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا».

5. أخرج البخاري عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رعِيَّتِهِ» قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ «وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». 

المطلب الثاني: المعلم راع: 
المعلم راع فهو مسئول عن رعيته، رعيته ابني وابنك وأخي وأخوك، رعيته أولاد المسلمين فهؤلاء من أعظم الرعايا فيجب عليه حفظهم بتعليمهم أمور الدين وتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة وتعليمهم ما أوكل إليه من المواد النافعة لهم في أمور أخراهم ودنياهم. 

الفصل الثاني: الدعوة الذاتية 
المطلب الأول: الدعوة بالقدوة الحسنة: 
في هذا المطلب لا يحتاج المعلم أن يقول أو يأمر بل يفعل وهنا يكمن المحك الحقيقي لأن القول سهل ميسر ولكن العمل شاق على النفس قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف:2]، وهنا المعلم محاسب على كل أفعاله التي يأمر بها ثم لا يأتيها. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ أَيْ فُلَانُ مَا شَأْنُكَ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنْ الْمُنْكَرِ قَالَ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ» (صحيح البخاري) فهذا حال من أمر الناس بالخير ولم يفعل ما أمرهم به. 

المطلب الثاني: الدعوة من خلال عرض المادة العلمية الجيدة: 
وهنا يكمن فن من فنون الدعوة فهذا معلم الفنية يرسم زهرة جميلة ثم يشرح للتلاميذ كيف صورها ربها ونفخ فيها هذه الرائحة الجميلة، حتى يقولوا سبحان الله ما أعظم الله! 

وهذا معلم العلوم يشرح لهم إعجاز القرآن أو السنة في درس من دروسهم مر عليهم حتى يقولوا سبحان الله ما أعظم الله! وهذا معلم النحو يعرب آية من كتاب الله ثم يسأل لم جاءت هذه الكلمة هنا وبين شيئًا من إعجاز كلام الله، حتى يقولوا سبحان الله ما أعظم الله! وهو متقن لمادته لا يضيع شيئًا منها بل مبدع في شرحها وقد تحصل على احترام طلابه له. 

الفصل الثالث: الدعوة العملية 
المطلب الأول: احترام الطالب: 
لا يمكن لأي إنسان أن يقبل منك وأنت تهينه أو تتنقص من قدره هل سمعت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أهان أحد من مشركي مكة ابتداءً؟ بل كان مثال للداعية الحريص على نجات الناس. وهذا الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إبراهيم يسأله كافرون عن رؤى رؤها فقال لهما: {لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ . وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ ءَابَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ . يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ. مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَءَابَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ . يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف: 37- 41]. 

أنظر له وهو يقول لهما يا صاحبي السجن ولم يقل يا مساجين أو نحو تلك العبارات مع أنه سبب سجنه غير سبب سجنهما فهو نبي مظلوم رغبت به زوج الوزير وكبار نساء الملأ وهما ليسا كذلك مع هذا جعلهما مثله. 

المطلب الثاني: تقديم المساعدة للطالب عند حاجته لها: 
قد تمر بالطالب ظروف معينة يحتاج معها للمساعدة وهي الشفاعة قال تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء: 85]، أو ما نسميه بتعبيرنا (الفزعة) وعندها يحسن بالمعلم أن يتدخل، وقد ذكر لي أحد المعلمين أن طالب كاد أن يطرد بسبب الشك فيه أن أفسد أحد أجهزة المدرسة وكان خارج حجرة المدير فلما رآه المعلم قال رأيت وجه ليس بوجه كذاب سألته فصدقني فشفعت له عند المدير فقبل شفاعتي فهداه الله بهذه الشفاعة ولله الحمد. 

وقد يحسن كذلك السكوت عن خطأ قام به بعض الطلاب إذا علم أن السكوت سيؤثر عليه، ومن ذلك أن أحد المدرسين شاهد طالب يغش في أحد الاختبارات بأسلوب بدائي -هكذا قال- ويظهر منه أن غير متقن لهذه الحرفة فدخل عليه في القاعة وقال: "هات الورق الذي عندك فأخرجها الطالب وقلبه يكاد يخرج من بين ظلوعه، فأخذها المعلم ولم يتكلم ولما رآه بعد الاختبار قال له: أنت من عائلة محترمة فعليك بالصراط المستقيم ولا تنحرف". فكم أثرت فيه هذه الكلمات وبقي سنين يذكرها لهذا المعلم. 

وقال الآخر: "أنه دخل على جملة من الصفوف لتفتيشيهم والبحث عمن يحمل الدخان أو سكاكين ونحوها فرأيت أحدهم في جيبه سكين وهو من الطلبة الهادئين فنظرت له وكأني أكلمه حتى لا يراني المدير وقلت له: ترى شفتها، وهي آخر مرة؟" فقال: "وعد آخر مرة". فبقي هذا الطالب يحفظ للمعلم بل لكل المتدينين هذا الفضل. 

المطلب الثالث: زيارة الطالب عند المصائب: 
الطالب كغيره من الناس تمر بع المصيبة وهو بحاجة للموساة. وقد تكون مصائب بعض الطلاب دائمة بسبب أبٍ قاسٍ أو أمٍ زاهدة فيه أو أب ضال فاجر، فهو بحاجة للحنان من أي أحد من الناس وبدلا من أن يلتف عليه الفسقة، المفسدين ليلتقفه هذا المعلم الداعية، وينجيه من براثن أهل الفساد. ويكمن الخطر كل الخطر لو كانت هذه المبتلاة بنت لأنها ستبحث عمن تسري عن همها؛ وهنا يكمن الخطر لأن الذي يستمع لها بإنصات في غالب الأمر سيكون ذئبًا جبانًا فاسقـًا يريد جسدها لينهشه. 

المطلب الرابع: زيارة الطالب في الأفراح:
لا يمنع أن يزور المعلم الطالب في الأفراح ويقدم التبريكات ولكن بقدر، ولو لم يتمكن من الزيارة اكتفى بالتبريك ولو في قاعة الدرس أمام الطلاب فإن هذا سيدخل السعادة والسرور على نفس الطالب. 

المطلب الخامس: محاولة الوصول لجوهر قلبه: 
قال سيد قطب رحمه الله: "عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس، نجد أن هناك خيرًا كثيرًا قد لا تراه العيون أول وهلة، لقد جربت ذلك، جربته مع الكثيرين، حتى الذين يبدو في أول الأمر أنهم شريرون أو فقراء الشعور شيء من العطف على أخطائهم وحماقتهم، شيء من الود الحقيقي لهم، شيء من العناية -غير المتصنعة- باهتماماتهم وهمومهم، ثم ينكشف لك النبع الخير في نفوسهم، حين يمنحونك حبهم ومودتهم وثقتهم، في مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك، متى أعطيتهم إياه في صدق وصفاء وإخلاص.

 

إن الشر ليس عميقًا في النفس الإنسانية إلى الحد الذي نتصوره أحيانًا، إنه في تلك القشرة الصلبة التي يواجهون بها كفاح الحياة للبقاء، فإذا آمنوا تكشفت تلك القشرة الصلبة عن ثمرة حلوة شهية، هذه الثمرة الحلوة، إنما تتكشف لمن يستطيع أن يشعر من الناس بالأمن من جانبه، بالثقة في مودته، بالعطف الحقيقي على كفاحهم وآلامهم، وعلى أخطائهم وعلى حماقتهم كذلك، وشيء من سعة الصدر في أول الأمر كفيل بتحقيق ذلك كله، أقرب مما يتوقع الكثيرون لقد جربت ذلك، جربته بنفسي. فليست أطلقها مجرد كلمات مجنحة وليدة أحلام وأوهام!".

المطلب السادس: محاولة الثناء عليهم بما فيهم من الخير 
ومنطلقنا هنا قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ» (صحيح البخاري)، فما ترك ابن عمر رضي الله عنهما قيام الليل حتى مات. فهذه بضع كلمات فيها ثناء صادق حثت ابن عمر رضي الله عنهما على قيام الليل، فكذا الطالب يحتاج منك إلى تشجيع وهو شيء من الثناء وفيه نصيحة طيبة. 

قال سيد قطب رحمه الله: "عندما تنمو في نفوسنا بذور الحب والعطف والخير نعفي أنفسنا من أعباء ومشقات كثيرة. إننا لن نكون في حاجة إلى أن نتملق الآخرين لأننا سنكون يومئذ صادقين مخلصين إذ نزجي إليهم الثناء. إننا سنكشف في نفوسهم عن كنوز من الخير وسنجد لهم مزايا طيبة نثني عليها حين نثني ونحن صادقون؛ ولن يُعدَم إنسان ناحية خيرة أو مزية حسنة تؤهله لكلمة طيبة؟ ولكننا لا نطلع عليها ولا نراها إلا حين تنمو في نفوسنا بذرة الحب! كذلك لن نكون في حاجة لأن نحمل أنفسنا مؤونة التضايق منهم ولا حتى مؤونة الصبر على أخطائهم وحماقاتهم لأننا سنعطف على مواضع الضعف والنقص ولن نفتش عليها لنراها يوم تنمو في نفوسنا بذرة الحب! وبطبيعة الحال لن نجشم أنفسنا عناء الحقد عليهم أو عبء الحذر منهم فإنما نحقد على الآخرين لأن بذرة الخير لم تنم في نفوسنا نموًا كافيًا ونتخوف منهم لأن عنصر الثقة في الخير ينقصنا! كم نمنح أنفسنا من الطمأنينة والراحة والسعادة، حين نمنح الآخرين عطفنا وحبنا وثقتنا، يوم تنمو في نفوسنا بذرة الحب والعطف والخير!".

المطلب السادس: يجب أن لا ينسَ المعلم الداعية هدفه: 
قال لي كثير من المعلميين: "دخلنا التعليم من أجل هدف واضح وهو الدعوة إلى الله تعالى؛ ولكن بعد مضي عام يتلوه عام تركنا هذا الهدف واشتغلنا بأمور دنيوية تنافسنا عليها!"، فيجب على المعلم الداعية أن لا ينسى هدفه الأكبر وهو الدعوة وأن يطرح قضيته الكبرى في كل درس بحسبه. 

المطلب السابع: الرفق خير كله: 
أخرج البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا»، وأخرج مسلم عن عَائِشَةَ قالت سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ»، والمعلم له ولاية على هؤلاء الطلاب. وأخرج مسلم عَنْ جَرِيرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ يُحْرَمْ الرِّفْقَ يُحْرَمْ الْخَيْرَ»، وأخرج مسلم عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ». فهلا سمع المعلمون هذا الحديث. 

وأخرج مسلم عن أَنَسٌ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا أَذْهَبُ؛ وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ: «يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ». قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ أَنَسٌ وَاللَّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ مَا عَلِمْتُهُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا أَوْ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا". 

الفصل الرابع: معوقات الدعوة 
المطلب الأول: معوقات نفسية 

1. الفهم الخاطئ لقوة الشخصية: 
حين يفهم المعلم قوة الشخصية فهمًا خاطئًا فيسيطر عليه هذا الهاجس فسيؤثر هذا الفهم على أدائه الدور المنتظر منه. ويبدأ هذا المعلم بتطبيق النظريات التي أخذها ممن سبقه في هذا المجال فالابتسامة ممنوعة والكلام حرام والضرب بالعصا حتم واجب. وكل هذا يبعد بين الطالب والمعلم. 

2. الحواجز المصطنعة: 
يضع المعلم حاجز نفسي بينه وبين الطلاب فهو لا يتحدث ولا يدعو إلا الطلاب المتدينين فقط وقد يزيد الأمر سوء إن كان لا يحدث ولا يدعو إلا فئة معينة من المتدينين، وأما باقى الطلاب أي المئات الآخرين فهو صاد عنهم وعابس في وجوههم. 

3. النظرة المتشائمة تهلك الطلاب: 
قال الشيخ محمد الدويش: "لا جدل أن واقع الشباب اليوم لا يسر مسلمًا وأن شقة الإنحراف قد اتسعت لتشمل رقعة واسعة من خارطة حياة الشباب المعاصرة ولا جدال أن المسافة بين واقع الشباب اليوم وبين ما يجب أن يكون عليه ليست قريبة بحال". 

ولكن أيعني ذلك أن الخير قد أفل نجمه؟ وأن الشر قد استبد بالناس أليست هناك صفحات أخرى من حياة أولئك المُعرِضين غير هذه الصفحات الكالحات؟

ألم يقرأ هذا وأمثاله ما أخرجه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ»؟ 

قال النووي رحمه الله : "اتفق العلماء على أن هذا الذم إنما هو فيمن قاله على سبيل الازدراء على الناس، واحتقارهم، وتفضيل نفسه عليهم، وتقبيح أحوالهم، لأنه لا يعلم سر الله في خلقه. قالوا: فأما من قال ذلك تحزنًا لما يرى في نفسه وفي الناس من النقص في أمر الدين فلا بأس عليه". 

وقال الخطابي رحمه الله : "معناه لا يزال الرجل يعيب الناس، وتذكر مساويهم، ويقول: فسد الناس، وهلكوا، ونحو ذلك فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم أي أسوأ حالا منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم، والوقيعة فيهم، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه، ورؤيته أنه خير منهم". 

قال سيد قطب رحمه الله: "حين نعتزل الناس لأننا نحس أننا أطهر منهم روحًا، أو أطيب منهم قلبًا، أو أرحب منهم نفسًا أو أذكى منهم عقلاً لا نكون قد صنعنا شيئًا كبيرًا، لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبيل وأقلها مؤونة! إن العظمة الحقيقية: أن نخالط هؤلاء الناس مشبعين بروح السماحة والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع! إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العليا ومثلنا السامية أو أن نتملق هؤلاء الناس ونثني على رذائلهم أو أن نشعرهم أننا أعلى منهم أفقـًا.. إن التوفيق بين هذه المتناقضات وسعة الصدر لما يتطلبه هذا التوفيق من جهد: هو العظمة الحقيقية!". 

المطلب الثاني: معوقات خارجية: 
1. التربية الأسرة الخاطئة. 
2. وسائل الإعلام. 
3. الصحبة السيئة. 
4. الإدارة غير المتفهمة. 
5. كثرة التكاليف (الأعمال المطلوبة من المعلم. 
6. كثرة الطلاب في الصف الواحد. 

وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم.

 

عبد الرحمن بن محمد الهرفي

  • 4
  • 0
  • 6,557

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً