تدبر - [209] سورة طه (10)

منذ 2014-07-20

وقد يظن البعض أن ثمة تعارض بين الأمر بالقول اللين لفرعون أثناء دعوته، والذي نصت عليه سورة طه {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ} [طه:44]، وبين رد موسى على فرعون في آية الإسراء {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء من الآية:102] أي هالكًا يأخذك الله، ومثله الأمر بالإغلاظ على الكفار والمنافقين.

وقد يظن البعض أن ثمة تعارض بين الأمر بالقول اللين لفرعون أثناء دعوته، والذي نصت عليه سورة طه {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰوبين رد موسى على فرعون في آية الإسراء {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء من الآية:102] أي هالكًا يأخذك الله، ومثله الأمر بالإغلاظ على الكفار والمنافقين. 

والحقيقة أنه ليس هناك تعارض، وذلك لفارق التوقيت والسياقات، إن سياق الآية الأولى يشير إلى بداية الدعوة،
مُفتتح تعريف فرعون بالله ودعوته، ويناسب ذلك القول اللين المنتقاة ألفاظه، إذ لا يعقل أبدًا أن يبدأ الإنسان دعوته بالإغلاظ على الناس، لابد ابتداء من تعريفهم وبيان الحق لهم بلين ورغبة صادقة في الهداية، وهذا ما فعله موسى فقال بدماثة ورفق {هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّىٰ . وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ} [النازعات من الآيتين:18-19].

لكن بعد الدعوة الدمثة، والنصح الصادق المشفق اللين، وإظهار الآيات والمعجزات، ومقابلة ذلك كله بالجحود من فرعون، والإيذاء والتوعد والوعيد كانت الأخرى {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا}، فها هنا سياق متأخر بعد مراحل التكذيب الرهيب، ومع اقتراب الإهلاك وعلم موسى بذلك، كان لابد من إعلان وبيان للمصير الذي ينتظره، كان المقام قد تحول إلى مقام مفاصلة، وسياق تحدي لا يستعمل فيه اللين،  ومثله سياق {جَـٰهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَـٰفِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التحريم من الآية:9]، فها هنا سياق قتال ومجالدة لا يكون فيها إلا الإغلاظ، ووضع النّدى في موْضعِ السّيفِ بالعلى = مضرٌّ كوضْع السيفِ في موضع النّدى. 

فلا تعارض ولكن سياقات ومراحل والله أعلم.

  • 0
  • 0
  • 2,103
المقال السابق
[208] سورةه طه (9)
المقال التالي
[210] سورة طه (11)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً