تدبر - [258] سورة الفرقان (3)

منذ 2014-08-02

سورة الفرقان من أكثر السور التي تكرَّر فيها لفظ {وَقَالُوا}.. وبعد هذا اللفظ يأتي بيان مفصل لشُبهات المشركين واستهزائهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وتشكيكهم فيه من خلال الحرب الإعلامية والهجوم القولي الكاسح.. وفي مقابل ذلك تجد توجيهين في غاية الأهمية لذلك النوع من الحرب الفكرية.. ستجد توجيهًا للرسول ومن اتبعه للجهاد بالقرآن: {فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}..

وسورة الفرقان من أكثر السور التي تكرَّر فيها لفظ {وَقَالُوا}..

وبعد هذا اللفظ يأتي بيان مفصل لشُبهات المشركين واستهزائهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وتشكيكهم فيه من خلال الحرب الإعلامية والهجوم القولي الكاسح..

وفي مقابل ذلك تجد توجيهين في غاية الأهمية لذلك النوع من الحرب الفكرية..

ستجد توجيهًا للرسول ومن اتبعه للجهاد بالقرآن: {فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان:52]..

إنه جهاد الكلمة والحجة والبيان..

جهاد إظهار الحق الذى يزهق به باطلهم وتدحض به شبهاتهم..

وقد دلَّه مولاه على سلاحه وعتاده في هذا النوع من الجهاد فقال {وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}..

والضمير هنا عائد على كلام الله الذي هو أمضى ما تواجه به الشبهات وأقوى ما تُدحَض به الافتراءات
ثم تختم السورة العظيمة بالتوجيه لصناعة النموذج القرآني البديع..

حينما تتأمَّل سورة الفرقان وتجد كم الشبهات والتشكيك والاستهزاء الرهيب الذي تعرَّض له النبي صلى الله عليه وسلم ثم تتأمَّل خاتمة السورة التي أجمل لنا فيها ربنا صفات عباد الرحمن..

في تلك اللحظة يتبيَّن لك أن أبلغ رد على التشكيك والإهانة وحملات التشويه التي تُشنَّ على الدين وأهله هو في إقامة النموذج العملي للدين..

إقامة نموذج مجتمع يتصف بتلك الصفات الراقية والأخلاقيات الرفيعة المذكورة في ختام السورة العظيمة
مجتمع عابد خاشع متوسط لا يُسرِف ولا يقتر..

لا يشهد زورًا..

ولا يقتل ولا يزني..

وقبل ذلك هو مُوحَّد صحيح المعتقد..

صفات رائعة لمجتمع مثالي..

ذلك هو النموذج المتكامل الراقي الذي يُلجم رونقه، ونضارة وحيوية أخلاقه، وفكره، ومعاملاته، وعباداته، ألسن الخراصين، وابتذال المغرضين..

نموذج عباد الرحمن..

نموذج المجتمع المسلم المترابط الذي يُعنى بمعالي الأمور، ويترفع عن سفسافها قائلًا للجاهلين سلامًا، هذا النموذج المُبهر الذي يجمع بين إخبات العُبَّاد ونقاء الزهاد، وبين اعتدال الناجحين وقصد المقسطين الذين لا يشهدون الزور وإذا مرُّوا باللغو مرُّوا كرامًا إلى غير ذلك مما ذُكِر من الأخلاق العظيمة، والصفات الجليلة لهذا المجتمع الراقي بخصاله الحسنة، وبمعاملاته، وعباداته وعدله، وإقساطه محققًا ذلك النموذج الذي إن أقيم في الأمة عمليًا فقد يُشكِّل ردًا أقوم للحجة من عشرات المعارك الجدلية والمراء العقيم الذي قد تنفق فيه أعمار دون جدوى..

بل إن هذا هو مبتدأ الرد العملي على من ينتقصون مِن مُعلم هذه الأمة ويُشكِّكون في وحيها..

أن تكون الأمة عنوانًا وضيئًا لخاتمة الرسالات..

أما والحال على ما هو عليه الآن، والجفوة القائمة بين مجتمعاتنا وبين تلك التعاليم والأسس التي يقوم عليها هذا النموذج، فللأسف ربما تكون الأمة قد شاركت من حيث لا تدري في تلك الإهانة لدينها وهي تُصِر أن تكون أسوأ عنوان لرسالة نبيها..

ما أحوج الأمة اليوم لإقامة هذا النموذج..

ما أحوجها إذا أرادت أن تغير الواقع للأفضل أن تكون هي أولًا واقعًا أفضل.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 2,581
المقال السابق
[257] سورة الفرقان (2)
المقال التالي
[259] سورة الفرقان (4)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً