تدبر - [333] سورة يس (2)

منذ 2014-08-02

إنه رجل يعرف هدفه جيدًا، ويدرك أبعاد قضيته بشكل واضح، ويعلم أن مناط تلك القضية ليس مطلق ترتب الثمرة، ولا حصول الاستجابة، فتلك أمور بيد مولاه، لكن الصدع بالحق كان هو مبتغاه، والبلاغ عن الله كان هو غاية مسعاه، والدلالة على الخير وأهله هي مطلبه ومبعث رضاه.

لم تكن الحاجة إليه ماسَّة، ولم يكن الأمر عليه متعينًا، إن في مدينته أنبياء، ليس نبيًا واحدًا ولا اثنين بل كان هنالك ثلاثة أنبياء، وهو رجل عادي من عوام الناس، فماذا عساه أن يزيد عليهم أو أن يضيف؟

ما الفارق الذي يمكن أن يصنعه في وجود كل هذا العدد من أفاضل الخلق وأحسنهم بيانًا وأبلغهم حجة ومنطقاً؟ 
وهل بعد تكذيب مدينته لأولئك المعصومين يُنتظر له استجابة أو يُظن به قدرة على التأثير؟!
ربما دارت كل تلك الأسئلة والخواطر في ذهن حبيب النجار، بينما هو في طريقه من أقصى المدينة ساعيًا مُجِدًّا في سيره، ليبلغ مكان اجتماع الناس ومنتداهم. 

ولربما استرجع في تلك اللحظات ما لقيه المرسلون من عنت وصدود وتكذيب، ولعله قد دارت بخلده مشاهد الإهانة والتوبيخ التي قوبل بها أولئك الأخيار، والتي تجعل غالب الظن بعد كل ذلك أن يلقى ما لقيه أئمة الحق أو أشد لكنه مع ذلك ما انفك عن السعي، وما تباطأ به المسير أو قعد عن البذل!

إنه رجل يعرف هدفه جيدًا، ويدرك أبعاد قضيته بشكل واضح، ويعلم أن مناط تلك القضية ليس مطلق ترتب الثمرة، ولا حصول الاستجابة، فتلك أمور بيد مولاه، لكن الصدع بالحق كان هو مبتغاه، والبلاغ عن الله كان هو غاية مسعاه، والدلالة على الخير وأهله هي مطلبه ومبعث رضاه.

لذلك جاء..
ومن أقصى المدينة سعى..
ومن أعمق أعماق نفسه صدع:   {يَـٰقَوْمِ ٱتَّبِعُوا۟ ٱلْمُرْسَلِينَ} [يس من الآية:20]..

  • 2
  • 0
  • 7,125
المقال السابق
[332] سورة يس (1)
المقال التالي
[334] سورة يس (3)- (4)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً