تدبر - [328] سورة فاطر (1)- (2)

منذ 2014-08-03

تجارة من نوع مختلف، إنها تجارة رابحة دائمة، الربح فيها مضاعف، والسوق فيها منصوبة دائمًا والمعاملة مباركة باستمرار، تجارة لا يمكن أبدًا أن تخسر أو تبور.. إنها تجارة من الدين، تجارة مع رب العالمين {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} [فاطر:29].

(1)

ورحمته نافذة لا يمسكها شىء، ولا يمنعها مانع إن أراد لها أن تصل، نفذت إلى النار فكانت بردًا وسلامًا ورحمة على إبراهيم، ونفذت تحت نصل السكين وقد تُل إسماعيل للجبين، فكان البلاء المبين ثم الفداء العظيم، نفذت إلى السجن والأسر والظلم فخرج يوسف منه عزيزًا لمصر وعلى خزائنها أمين، ونفذت في ظلمة الليل والبحر وظلمة بطن الحوت فنجى الله بها يونس من الغم وكذلك ينجي المؤمنين، ونفذت إلى موسى في مواجهة فرعون اللئيم، وإلى أهل الكهف في كهفهم المظلم الموحش فجعل الله لهم فيه مرتفقًا والشمس تقرضهم عن الشمال واليمين، وإلى أصحاب الصخرة خلف أثقال صخرتهم العتيدة.

نفذت رحمة الله إلى كل هؤلاء وإلى غيرهم ممن احتاجها، وقضى الله أن تصل إليه فلم يمسكها أحد
وما كان لأحد أن يفعل {فَلا مُمْسِكَ لَهَا}

إن رجلًا تألى على الله مضيقًا تلك الرحمة وزاعمًا أنها لن تصيب آخر يعصي مولاه، فلم تنفعه طاعته وطرد من تلك الرحمة رغم سعتها، وشملت ذلك الذي احتقره وحجر رحمة الله عنه. لماذا؟! لأنه تألى على الله وضيقها، ضيق الرحمة التي وسعت كل شيء، إن قضى الرحيم أن تفتح فلن يغلقها أو يمسكها أحد {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر:2].

 

(2)

تجارة من نوع مختلف، إنها تجارة رابحة دائمة، الربح فيها مضاعف، والسوق فيها منصوبة دائمًا والمعاملة مباركة باستمرار، تجارة لا يمكن أبدًا أن تخسر أو تبور.. إنها تجارة من الدين، تجارة مع رب العالمين {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} [فاطر:29].

من أدركوا حقيقة هذه التجارة صاروا رجال أعمال (أخروية)، صاروا من المستبقين إلى أسواقها الرائجة وأرباحها المضمونة، بذلك الفهم أصبح الصديق صائمًا متصدقًا للمريض عائدًا وللجنازة متبعًا مواسيًا، وبذلك الفهم أمسى عبد الله بن عمر ولديه آلاف الدراهم فأصبح وقد أنفقها جميعا في تلك التجارة، وبذلك الفهم تصدق والده الفاروق بنصف ماله منافسًا ذلك التاجر الآخر فوجده قد سبقه وأنفق ماله كله، وبذلك الفهم كانوا يسارعون في الخيرات ويتسابقون إلى القربات وينهلون من نبع الطاعات يرجون أرباح تلك الصفقات والمعاملات، يرجون ريع هذه التجارة التي لا تبور.. ولن تبور 

  • 1
  • 0
  • 3,773
المقال السابق
[327] سورة سبأ (7)
المقال التالي
[329] سورة فاطر (3)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً