نحو نفس سوية في الحركة الإسلامية

منذ 2014-08-07

في الحقيقة ليس الغرض من كتابة هذا الموضوع هو بحث العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية السوية ولكن طرح الموضوع هو بهدف دراسة العلاقة بين الشخصية والتدين ذلك لأن "لطباع الشخصية أثراً في اتجاه الشخص نحو التدين أو ابتعاده عنه، وفي طريقة تدينه، وكلما كان الشخص أكثر استقراراً واتزاناً في شخصيته كان توجهه نحو التدين وتمسكه بتعاليم الدين وآدابه أكثر قوة وتعقلاً ورزانة وهدوءاً.

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد :-

في الحقيقة ليس الغرض من كتابة هذا الموضوع هو بحث العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية السوية ولكن طرح الموضوع هو بهدف دراسة العلاقة بين الشخصية والتدين ذلك لأن "لطباع الشخصية أثراً في اتجاه الشخص نحو التدين أو ابتعاده عنه، وفي طريقة تدينه، وكلما كان الشخص أكثر استقراراً واتزاناً في شخصيته كان توجهه نحو التدين وتمسكه بتعاليم الدين وآدابه أكثر قوة وتعقلاً ورزانة وهدوءاً.

وإذا كان في الشخصية بعض الاعتلال والخلل وعدم الاستقرار؛ فإن ذلك ينعكس على اتجاه الشخص نحو التدين وطريقته فيه بقدر ما في الشخصية من اعتلال" (الشخصية والتدين د. محمد عبد الله الصغير مجلة البيان عدد 180 وكتاب ما تحت الأقنعة ص 333).

إن دراسة العلاقة بين الشخصية والتدين وتقنين اختبارات نفسية تهدف إلى قياس وتحديد أنماط الشخصيات ومن ثم تهدف إلى التنبؤ بالسلوك المحتمل لهذه الشخصيات أمر في غاية الأهمية وذلك لأن اهمالنا لمثل هذه الدراسات أدى إلى إفراز نماذج سيئة في العمل الإسلامي وعلى سبيل المثال فلننظر إلى نموذج (نبيل عبد النعيم) و كيف وصل إلى ما وصل إليه في صفوف الحركة الإسلامية ثم ها هو الآن ضيف دائم في الفضائيات للسب المتواصل للحركة الإسلامية ورموزها والنباح ليل نهار بالأكاذيب وليتها أكاذيب فقط بل أنها أفجر الأكاذيب وأحقرها، وليت الأمر يقتصر على (نبيل عبد النعيم) فقط بل وللأسف يوجد من هو على شاكلته ونفس منواله ممن وصلوا ذات يوم إلى مواقع هامة في الحركة الإسلامية، لم يكن ليصلوا إليها لولا الغفلة عن كشف مكامن الخلل في شخصياتهم والجهل بنمط شخصياتهم فهناك من الأنماط الشخصية "من يستثمر التدين فيما يحقق له المصالح والمنافع الشخصية ومنهم كذلك من قد يقبل التدين، ولكن ينحصر عنده التدين في دائرة المعرفة ؛ فتجده يعرف الكثير من أحكام الدين ومفاهيمه معرفة عقلية مجردة من العواطف والسلوكيات ومنها ما يجتمع فيه العجب والكبر والمكر والمراوغة والأنانية فيحرص على الوصول إلى مواقع التسلط والنفوذ من خلال التدين، ويستغل ذلك في تلميع نفسه" (الشخصية والتدين د. محمد عبد الله الصغير مجلة البيان عدد 180 وكتاب ما تحت الأقنعة ص 333) إن عدونا يكيف خططه وفقاً لمستجدات الواقع ويحاول جاهداً تحقيق أهدافه من خلال خريطة نفسية لنا "وهي خريطة تجري عليها التعديلات الضرورية في كل يوم، يقوم بها رجال متخصصون مكلفون برصد الأفكار يرسمون خططهم النظرية، ويعطون توجيهاتهم العملية على ضوء معرفة دقيقة لنفسية من يواجهونهم، معرفة تسوغ لهم تحديد العمل المناسب لمواجهة الوعي حسب مختلف مستوياته وطبقاته (نحو مجتمع الحرية ص260 د.محمد محمد بدري حفظه الله).

إن ما فعله ذلك الملك الذي أرسل إلى كعب بن مالك أن قال له إننا أخبرنا أن صاحبك قد قلاك يعني بصاحبه (الرسول صلى الله عليه وسلم)، قد قلاك يعني قد هجرك وتركك فألحق بنا لنواسيك فلست بأرض هوان، يعد مثال من القديم عن تربص الأعداء بنا واستغلال أي ثغرة لينفذوا من خلالها إلى الصف بغرض تفتيته واختراقه، ومن هنا كان فعل كعب بن مالك حينما قال: "هذا والله من البلاء أيضاً" فأخذ الكتاب وأحرقه هو أنموذج للفعل الذي نريده من المسلم ذو الصحة النفسية الجيدة وذو الإيمان الذي يجعله يستعلي على الباطل.

"إن معرفة الرجال بعمق من أدق أعمال الرئيس وأكثرها تأثيراً، إنها ينبوع القوة التي يملكها، إنها سر الرؤساء العظام" (فن القيادة ص 32 وانظر (معرفة الرجال من سمات القيادة الناجحة) سامي سلمان مجلة البيان العدد 53) لذلك فإن من أسرار العظمة التي تمتع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قدرته على معرفة رجاله، وحسن توظيفه لهم، كلاً حسب قدرته ومواهبه فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أرأف أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأقضاهم علي، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أميناً وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» (سلسلة الأحاديث الصحيحة 1224).

إن معرفة السنن الربانية في الحياة والأحياء تضعنا على الطريق الصحيح للفهم ولكنها لا توضح لنا النسب ولا التفاصيل الصغيرة ولهذا فإننا مع فهم السنن نحتاج إلى البحوث والدراسات والإحصاءات المسحية (علامات على طريق فهم الواقع - دكتور عبد الكريم بكار- دار وجوه للطباعة والنشر) ومن ثم فقد مسحت الحاجة إلى عمل التالي:

1- استبيانات واختبارات لقياس الشخصيات في العمل الدعوي والإسلامي من آن لآخر.
2- نحتاج إلى فرز العناصر الجيدة أو الخامة البشرية التي ما زالت على الفطرة أو قريبة من الفطرة وبين الخامة التي انحرفت عن دينها وبعدت مسافات طويلة عن الفطرة السوية، وها هو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه يطبق هذا الميزان فقد "كان الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يشاور أفاضل الرجال في تعيين كبار موظفيه، فقال لهم يوماً: أشيروا علي ودلوني على رجل استعمله في أمر قد دهمني، فقولوا ما عندكم، فإنني أريد رجلاً إذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم وإذا كان فيهم وهو أميرهم كان كأنه واحد منهم، فقالوا: نرى لهذه الصفة الربيع بن زياد الحارثي، فأحضره وولاه. فوفق في عمله وقام فيه بما أربى على رجاء عمر وزاد عليه، فشكر عمر لمن أشاروا عليه بولاية الربيع" (أقوال في الإدارة - إبراهيم عبد الله المنيف - دار العلوم للطباعة والنشر - 1403هـ).
3- نحتاج لتوظيف الأكفاء الأمناء ذو الصحة النفسية الجيدة الذين لا يأسرهم الإيحاء النفسي والتضليل والاستغفال، الذين تحرروا من الخوف إلا من الله، فلم يستبد بهم الخوف والقلق، نحتاج لشخصيات لا تخلد إلى الاستكانة للأعداء أو الهزيمة النفسية أمامهم يأسًا من نصر الله، الشخصيات التي لاتستعبدها شهوات البطن والفرج والرئاسة والملك والشرف والمال ومضلات الفتن، الشخصيات التي تتصف بأنها ذات نفس طويل، وصبر ومصابرة ومثابرة، لأنها ترجو دائمًا إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة (وصايا لقمان الشيخ عبد المجيد الشاذلي رحمه الله تعالى بتصرف مني).

وبكلمة: إننا اليوم وليس غدًا مطالبين بأن نعيد النظر من جديد في صفوفنا للعمل على اكتشاف الخلل وعلاجه لأن هذا هو البداية الصحيحة نحو جيل النصر المنشود.

المصدر: موقع طريق النجاة

محمد المصري

معلم وباحث إسلامي مهتم بالقضايا التربوية والاجتماعية ،وله عديد من الدراسات في مجال الشريعة والعقيدة والتربية الإسلامية.

  • 8
  • 1
  • 3,648

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً