تكامل الأدوار في الحياة الزوجية

منذ 2014-08-09

- التكامل بين الزوجين هو أن للزوج دور وللزوجة دور ويتضح ذلك في الحقوق والواجبات، فعلى كل منهما أداء الواجبات ليأخذ الحقوق وهذا العدل من أسباب النجاح في الحياة الزوجية.

هناك أشكال من العلاقات بين البشر منها:

1- التنافس: هي حالة من فوز الطرفين وحصولهما على مكاسب معينة يرضى بها كلا الطرفين، معنى ذلك أن هناك طرفين متنافسين والنتيجة النهائية هي فوز كليهما بشيء من الخيرات.

2- الصراع: في الصراعات لا يتقبل كلا الطرفين وجود الطرف الآخر إطلاقا ويسعى إلى إنهائه تمامًا، والخروج بفوز نهائي ساحق، بينما يخرج الطرف الثاني من الصراع متألمًا خاسرًا وهذه صراعات صفرية أي طرف فائز وطرف خاسر (قوانين النهضة، د. جاسم محمد سلطان، بتصرف، ص (177)).

لا أعتقد أن شكل العلاقة بين الزوجين هو حالة التنافس ولا حالة الصراع، ولكن أنسب ما يقال في شكل العلاقة بين الزوجين هو التكامل فلكل من الزوج والزوجة دور في الحياة الزوجية، وبأداء هذا الدور يحدث تكامل الأدوار بينهما وهذا التناغم في أداء الأدوار يشبه:

حركة التروس: فإذا تأملنا حركة التروس والفراغات التي تتداخل مع بعضها أثناء تحركها لتنتج لنا حركة الموتور، وجدنا نوع غريب ومتناسق من التناغم بين التروس لإحداث الحركة المطلوبة.

توزيع الأدوار في الأسرة:

توزيع الأدوار في الحياة الزوجية منطلق من الحديث النبوي الشريف «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته» (رواه البخاري)، غياب طرف سيكون على حساب الطرف الثاني.

الإدارة العائلية تتوخى تحقيق أعلى درجات الوئام بين الأم والأب والأطفال من جهة والعالم الخارجي من جهة ثانية.

إن اختلال توزيع المسئوليات والأدوار في الأسرة نذير بتفككها وخرابها ويبتدئ ذلك ببزوغ الأنانية والإهمال والسيطرة والابتزاز المالي والنفسي وينتهي بالتفكك، ويجب ألا ينفرد الزوج باتخاذ القرار لأن قراره سيكون ناقصًا، وليتذكر كل زوج أنه المدير الإداري في المنزل، أما المدير التنفيذي فهي الزوجة لأنها أكثر اتصالًا منه بالمنزل.

بعض المشاركات من قبل الرجل، في الأدوار المنزلية لها مفعول الدواء بالنسبة للزوجة. الإدارة الناجحة هي الإدارة القائمة على التشاور والتفاهم، والالتزام الدائم بالأسرة والمرونة في التعامل بين الزوجين، وأنجح القرارات الأسرية هو ما اتخذ بالتشاور بين جميع الأطراف المعنية. إن توزيع الأدوار ضمن الأسرة الواحدة وفق الخطوط الأساسية التي شرعها الله، إنما هو تكامل للأسرة وعامل قوة ذاتية فيها، وهو أحد متطلبات المودة الإنسانية والتراحم والتكافل الإسلامي. فبالتفاهم والمصارحة بالمسئوليات نحقق أسباب الاستقرار والحفاظ على الأسرة هادئة.

قصص من الحياة:

يؤكد أزواج عديدون أن الحياة المشتركة ينبغي أن تقوم على التكامل بين الزوجين، وتوزيع الأدوار بشكل سليم، إضافة إلى تحديد المسئوليات للطرفين.

الاختصاصي الاجتماعي د. حسين الخزاعي يرى أن النجاح في الحياة الزوجية يعتمد على الحقوق والواجبات المشتركة بين الاثنين، ويبين أن تحديد الأدوار التي يقوم بها كل واحد منهما تعمل على إنجاح الحياة الأسرية في ظل تغيير الأنماط التقليدية للرجل والمرأة. ويلفت إلى ضرورة ألا يتحيز كل طرف منهما لحقوقه وينسى واجباته أو يتحيز إلى واجباته وينسى حقوقه.

ريم تؤكد أن حياتها الزوجية كانت سعيدة، وأن الأمر في البداية كان لا يتعدى حدود اهتمام زوجها بأمورها، ما جعلها سعيدة بذلك الاهتمام. إلا أن الحالة تطورت، خصوصًا بعد إنجابهما طفلهما الأول، ليبدأ زوجها "يتدخل" في كل كبيرة وصغيرة تخص الطفل، إضافة إلى تدخله في طريقة تنظيف المنزل، وكيفية تحضير الطعام، ما أشعرها أن لا أهمية لها في المنزل، وأنها إنسانة غير موثوق بها.

اختصاصي الطب النفسي د. جمال الخطيب يبين أن الحشرية نمط من أنماط الشخصية. ويقول: "إنه عندما يُحاول الرجل القيام بوظائف غير المناطة به يصبح مزعجًا وثقيلًا في البيت"، خصوصًا إذا لم تكن هذه الوظائف تمارس بالاتفاق والتراضي.

إيمان تكشف أن زوجها كان يتدخل في كل شيء يخص المنزل والأطفال، حتى وصلت الأمور بينهما إلى طريق مسدود. ولكنها تؤكد أنها جلست معه وناقشا الموضوع بروية، ليصلا إلى حل في مصلحة الطرفين، وهو تحديد واجبات كل منهما، وعدم تعدي أحدهما على دور الآخر. إيمان سعيدة اليوم بما أنجزته هي وزوجها من تفاهم جعل بيتها أكثر استقرارًا ودفئًا، ولم يعد الموضوع يشكل حجر عثرة في طريق إحساسها بالسعادة.

إن الزوجين بحاجة إلى تحديد الحقوق والواجبات على أساس إدارة الأسرة، من أجل الوصول إلى حالة من الاستقرار يكونان فيها قادرين على إدارة المنزل وتربية الأطفال، بعيدًا عن التعصب للأدوار التي ينبغي أن تناقش بينهما قبل إقرارها.

من صور التكامل:

يعتقد كثير من الناس أن نقاط الاختلاف بين المرأة والرجل سبب للصدام والمشاكل، مع أنها هي سبب للوئام والتكامل وليس للصراع وهي حكمة ربانية لتوزيع الأدوار في الحياة.

توزيع المسئوليات على الأدوار:

يقوم الزواج الإيجابي على توزيع مسئوليات الأسرة بالتساوي على أدوار الزوج والزوجة في الحقوق والواجبات، مع المحافظة على تغاير الأدوار لا تشابهها وعلى تكاملها لأن الحياة في الأسرة تتطلب التغاير في الأدوار أكثر من التشابه بينها، ولأن طبيعة الرجل والمرأة تجعل مهمات كل منهما في الأسرة تكمل مهمات الآخر وتتلخص مسئوليات الأسرة الخاصة بالزوجين في أربعة أنواع هي:

1- رعاية حقوق الزوجين وإشباع حاجاتهما.

2- أعمال البيت وتدبير شئون المنزل.

3- تربية الأطفال ورعايتهم حتى يكتمل رشدهم.

4- كسب الرزق وتوفير حاجات الأسرة وتحسين ظروف معيشتها.

إن كلًا من الزوجين يسهم في القيام بهذه المسئوليات، بدرجات متفاوتة، بحسب ما هو مهيأ له وبما يحقق التكامل بينهما في تحقيق أهداف الزواج، وهذا يعني أن دور الزوج والزوجة ليس دورًا بسيطًا بل دورًا مركبًا من أربعة أدوار فرعية هي:

1- دور الزوجية: وهي الواجبات نحو الآخر.

2- دور البيت: وهي الأعمال المنزلية.

3- دور الأب أو الأم: وتخص تربية الأولاد.

4- دور العمل: ويتعلق بكسب الرزق وتوفير حاجات الأسرة.

"ويتقاسم الزوجان مسئوليات الحقوق الزوجية وتربية الأطفال، بينما تزداد مسئولية الزوجة على مسئوليات الزوج في الأعمال المنزلية. وتزداد مسئوليات الزوج على الزوجة في الكسب والإنفاق على الأسرة سواء كانت الزوجة تعمل خارج البيت أو لا تعمل لأنه مسئول من الناحية الشرعية عن الإنفاق سواء كانت الزوجة تعمل أو لا تعمل. ويتأثر التفاعل بين الزوجين بكفاءة كل منهما في القيام بهذه الأدوار الأربعة حيث يتعاون الزوجان، وتترابط الأسرة إذا كان كل منهما كفئًا في أداء مسئولياته الزوجية والبيتية والأمومية (أو الأبوية)، وكسب الرزق في حدود ما هو متوقع منه" (مستفاد من: العلاقة الزوجية والصحة النفسية في الإسلام وعلم النفس، د. كمال إبراهيم مرسي، ص (144)).

مبدأ المنفعة للجميع:

«لا يؤمن أحدكم حتى يُحبّ لأخيه ما يُحبّ لنفسه» (رواه البخاري) عبارة نبوية محكمة موجزة، لن يكتمل إيمانك حتى تحب لأخيك ما تحب لنفسك، إنه البعد عن الأنانية والتمحور حول الذات أن المؤمن تتسع نظرته، لتشمل العالم كله ويصير همه تحقيق المصلحة لنفسه وللآخرين ويصبح تفكيره المنفعة للجميع (سحر الاتصال، د. محمد أحمد العطار، ص (73-74)).

هذا المبدأ في التعامل بين الأزواج يتلاقى مع التكامل بين الزوجين في أداء الأدوار والمسئوليات وهذا ما يؤكده ستيفن كوفي حين يقول: "أغلب المواقف في الحقيقة تكون جزءًا من واقع يتطلب التعاضد والتعاون بيننا وبين الآخرين، وعندئذ تكون فلسفة المنفعة للجميع هي الخيار الوحيد من الخيارات الخمسة القابلة للتطبيق" (العادات السبع لأكثر الناس فاعلية، ستيفن كوفي، ص (298)).

ماذا بعد:

- تجنب التنافس والصراع في حياتك الزوجية لأنها طريقة غير مناسبة على الإطلاق.

- التكامل بين الزوجين هو أن للزوج دور وللزوجة دور ويتضح ذلك في الحقوق والواجبات، فعلى كل منهما أداء الواجبات ليأخذ الحقوق وهذا العدل من أسباب النجاح في الحياة الزوجية.
 

 أم عبد الرحمن محمد يوسف

المصدر: مفكرة الإسلام
  • 12
  • 2
  • 38,053

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً