زاد المعاد - هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سجود القرآن

منذ 2014-12-15

كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذا مرَّ بسجدة، كبَّر وسجد، وربما قال في سجوده «سَجَدَ وَجهي لِلّذي خَلَقَهُ وَصوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصرَهُ بِحَولِهِ وَقُوَّتِهِ».

قال الإمام ابن القيم


كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذا مرَّ بسجدة، كبَّر وسجد، وربما قال في سجوده «سَجَدَ وَجهي لِلّذي خَلَقَهُ وَصوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصرَهُ بِحَولِهِ وَقُوَّتِهِ».
وربما قال: «اللهم احطط عَنِّي بها وِزرًا، واكْتُب لي بها أَجْرًا، واجْعَلْهَا لي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وَتَقبَّلها مِنِّي كَمَا تَقَبَّلتَها مِن عَبْدِكَ داودَ» ذكرهما أهل السنن.

ولم يُذكر عنه أنه كان يكبر للرفع من هذا السجود، ولذلك لم يذكره الخِرقي ومتقدمو الأصحاب، ولا نُقِلَ فيه عنه تشهد ولا سلام البتة وأنكر أحمد والشافعي السلامَ فيه، فالمنصوص عن الشافعي: إنه لا تشهدَ فيه ولا تسليم، وقال أحمد: أما التسليمُ، فلا أدري ما هو، وهذا هو الصواب الذي لا ينبغي غيره.

وصح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سجد في (الم تنزيل)، وفي (ص)، وفي (النجم) وفي؟ (إذا السَماء انشقَّت)، وفي (اقرأ باسْم رَبِّكَ الذي خَلَق).
وذكر أبو داود عن عمرو بن العاص، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أقرأه خمسَ عشرة، سجدة، منها ثلاث في المفصّل، وفي سورة الحج سجدتان.

وأما حديث أبي الدرداء، سجدت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحدى عشرة سجدة، ليس فيها من المفصَّل شيء: (الأعراف)، و(الرعد)، و(النحل)، و(بني إسرائيل)، و(مريم)، و(الحج)، و(سجدة الفرقان)، و(النمل)، و(السجدة)، وصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، و(سجدة الحواميم)، فقال أبو داود: روى أبو الدرداء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحدى عشرة سجدة، وإسناده واهٍ.

وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يسجد في المفصل منذ تحول إلى المدينة. رواه أبو داود فهو حديث ضعيف، في إسناده أبو قدامة الحارث بن عبيد، لا يحتج بحديثه. قال الإِمام أحمد: أبو قدامة مضطرِب الحديث. وقال يحيى بن معين: ضعيف، وقال النسائي: صدوق عنده مناكير، وقال أبو حاتم البستي: كان شيخًا صالحًا ممن كثر وهمه وعلَّله ابن القطان بمطر الوراق، وقال: كان يشبهه في سوء الحفظ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعيب على مسلم إخراجُ حديثه انتهى كلامه.

ولا عيب على مسلم في إخراج حديثه، لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضرب ما يعلم أنه حفظه، كما يطرح من أحاديث الثقة ما يعلم أنه غلِط فيه، فغلِط في هذا المقام من استدرك عليه إخراجَ جميع حديث الثقة، ومن ضعَّف جميع حديث سيء الحفظ، فالأولى: طريقة الحاكم وأمثاله، والثانية: طريقة أبي محمد بن حزم وأشكاله، وطريقة مسلم هي طريقة أئمة هذا الشأن والله المستعان.

وقد صح عن أبي هريرة أنه سجد مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في (اقرأ باسْم رَبِّكَ الَذي خَلَق)، وفي (إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّت)، وهو إنما أسلم بعد مَقدَم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدَينة بست سنين أو سبع، فلو تعارض الحديثان من كل وجه، وتقاوما في الصحة، لتعين تقديمُ حديث أبي هريرة، لأنه مثبت معه زيادة علم خفيت على ابن عباس، فكيف وحديثُ أبي هريرة في غاية الصحَة متفق على صحته، وحديث ابن عباس فيه من الضعف ما فيه.

والله أعلم.

  • 0
  • 0
  • 5,004
المقال السابق
هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قيام الليل
المقال التالي
هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الاستسقاء

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً