قضايا الحاكمية تأصيل وتوثيق - (25) التغلب

منذ 2014-10-14

التغلُّب في تاريخ أُمَّتنا، لم يُعرَف فِي سُنَّة نبينا عليه السلام، ولا في سُنَّة الخلفاء الراشدين، (أبي بكر، وعمر، وعثمان وعليّ رضي الله عنهم أجمعين)، وإنَّما ظهر بعد ذلك. وعلى هذا، فإن ولاية المُتغلِّب تُعتبرُ حالةً طارئةً، على نظام الحُكم في الإسلام، بعد وفاة النبيِّ عليه السلام، وخُلفائِه الأربعة.

مُقدِّمة عن ظهور التغلُّب، وحقيقته، وحُكمه.

التغلُّب في تاريخ أُمَّتنا، لم يُعرَف فِي سُنَّة نبينا عليه السلام، ولا في سُنَّة الخلفاء الراشدين، أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ رضي الله عنهم أجمعين. وإنَّما ظهر بعد ذلك. وعلى هذا، فإن ولاية المُتغلِّب تُعتبرُ حالةً طارئةً، على نظام الحُكم في الإسلام، بعد وفاة النبيِّ عليه السلام، وخُلفائِه الأربعة وقَد أُقرِّها البعضُ؛ دفعًا لِما يُتوَهَّم من سفك الدماء، وإشاعة الفوضى، واقتتال المسلمين، مِمَّا يَؤول إلى فتنةٍ في الأرض، وفسادٍ كبير.

وقَد ذكر العلماء، هذا النوع من الحُكم، على سبيل أنَّه إحدى الطُّرق المَحكيَّة للولاية، لا أنَّه في القوَّة كالطُّرق الثلاث المتقرِّرة في الشريعة عن نبينا عليه السلام، وخُلفائِه الأربعة، والتي هي: "النَّص -على خلاف-، واختيار أهل الحَلّ والعقْد، والعهد".

قال القرطبي رحمه الله: "فإن تغلَّب مَن له أهليةُ الإمامة، وأخذَها بالقهر والغلَبة فقد قيل: إنَّ ذلك يكون طريقًا رابعًا". (تفسير القرطبي). فقوله: "فقد قِيل.." دليلٌ على كون التغلُّب ليس مَحلَّ إجماعٍ ولااتفاقٍ، بين عُلماء الأمَّة، وإن أتَى مَن يَذكر بعدُ الإجماع في ذلك.

فالخلافُ في ذلك مشهور، قال المَاورديُّ رحمه الله: "واختلف أهلُ العلم في ثُبوت إمامته -المُتغلٍّب- وانعقاد ولايته، بغير عقْدٍ ولا اختيار، فذهب بعضُ فقهاء العراق إلى ثبوت ولايته، وانعقاد إمامته، وحمْل الأمَّة على طاعته، وإن لم يعقدها أهل الاختيار؛ لأن مقصود الاختيار: تمييز المُوَلَّى، وقد تميَّز هذا بصفته. وذهب جمهورُ الفقهاء والمتكلمين، إلى أنَّ إمامتَه لا تنعقد إلا بالرضا والاختيار" (الأحكام السلطانية). وقال الجويني رحمه الله: "فإذا تُصوِّرت الحالةُ بهذه الصورة لم يَجز أن يُبايع.. والمختار أنه وإن وجبَ تقريرُه فلا يكون إمامًا، ما لم تَجرِ البَيعة" (غياث الأمم).

إذًا، فولاية المُتغلِّب هي سبيل اضطرارٍ لا اختيار، وضرورة لا مَشورة، قال الماوردي رحمه الله: "إمارة الاستيلاء التي تُعقد عن اضطرار" (الأحكام). وقال ابن الوزير اليماني رحمه الله: "الفقهاء قد أطلقوا القول بانعقاد إمامة المتغلِّب للضرورة" (العواصم).

وقَبُولُهم اضطرارًا لولاية المُتغلِّب؛ إنما هو لقيامه مقامَ الإمام العدْل -كما سيأتي- ونيابته عنه في إقامة العدْل والدِّين، والجهاد، والوفاء بالحقوق، وردّ المظالم، وحماية الثغور، وإلَّا صارتْ ولايةَ غَصبٍ واحتيال، وحاكمُها مُتسلِّطٌ غاصبٌ، لا صِفةَ له. وبالتالي فلا تَنسحِبُ جميعُ أحكام الولاية المُتقرِّرة، والحاكم العدْل على ولاية الاستيلاء والحاكم المُتغلِّب إلَّا إذا حلَّت مَحلَّها، وقامَت مقامَها.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو فهر المسلم

باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله

  • 9
  • 1
  • 11,928
المقال السابق
(24) هل هناك إجماع على حرمة الخروج على الحاكم الجائر؟!
المقال التالي
(26) ولاية المتغلب

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً