إحسان الظن بالله - (23) يا من تشكو القدر

منذ 2014-10-22

صيغت قصيدة في لحظات صعبة من بلاء، وجهتها لنفسي أولاً؛ لأكبت شيطانها وأقمع بوادر التململ منها، ثم أوجهها صرخة للشاكي المتأفف من القدر، صرخة منه إليه، صرخة تصرخها أعضاؤه والأيام الجميلة في حياته، والنعم الكثيرة التي أنعم الله بها عليه، لكن الطبع اللئيم أنساه ذلك كله وانشغل بالتململ من البلاء، وكأنه يرى أن الله منعه ما يستحقه من نعمة!

السلام عليكم ورحمة الله


إخوتي الكرام طرحنا سؤالا في حلقة (حب بلا رجعة) فقلنا:
بعد هذا الإنعام الإلهي إن لم تصل محبتك لله مرحلة اللارجعة فمتى تصل؟ وأي شيء يوصلها؟!
هل سنبقى كلما امتحن الله حبنا له ببلاء دنيوي يتزعزع حبنا له ويتعكر صفو مودتنا؟!
هل سنبقى نفشل في الامتحان؟!

ضمن هذه المعاني صيغت قصيدة في لحظات صعبة من بلاء، وجهتها لنفسي أولاً؛ لأكبت شيطانها وأقمع بوادر التململ منها، ثم أوجهها صرخة للشاكي المتأفف من القدر، صرخة منه إليه، صرخة تصرخها أعضاؤه والأيام الجميلة في حياته، والنعم الكثيرة التي أنعم الله بها عليه، لكن الطبع اللئيم أنساه ذلك كله وانشغل بالتململ من البلاء، وكأنه يرى أن الله منعه ما يستحقه من نعمة!

فيما مضى من حلقات كنا نلتمس الرضا بالقضاء والقدر في الترغيب.
لكن الشدة تنفعنا أحيانًا، خاصة حين لا ينفع الترغيب، فلا تنفر يا أخي من مواطن الشدة في هذه القصيدة، وادخرها لليوم الذي يسوء فيه ظنك لتقمع النفس الأمارة بالسوء.


تقول إذا إبتلاك الله يومًا *** بذنب منك رب لم ابتليت
تشك بحكمة الباري الحكيم *** على سوء الظنون قد انطويت
نسيت أيا أخا السوء الخطايا *** ألا فانظر على من افتريت
ألا لو لمتَ نفسك حين أورت *** لهيبًا من لظاه قد اكتويت

بذرت على السنين بذور سوء *** وتجزع حين تحصد ما جنيت
وسرك من إلهك حلم دهر فما *** صنت الجميل وما استحيت
أتبصر أيها الشاكي نعيمًا *** من الباري أم اٌنك قد عميت
أغيرُ الله قد أعطاك سمعًا *** فهمت به كلام من التقيت

أغيرُ الله قد أعطاك عينًا *** بصرت بها طريقك فاهتديت
أغير الله قد أعطاك رِجلاً *** ففي كل المسالك قد مشيت
وتمسك باليدين كما تشاء *** وترسل بل وترمي ما رميت
وتشكو باللسان وما اللسان *** تُقَلّبه لتأكل ما اشتهيت

ويكلؤك الرحيم بحسن حفظ *** بلغت به أشدك واستويت
ألم يسترك في ظلم الليالي وأنت *** بسوء فعل قد سعيت
تحين وقت قد نام الأنام *** ويطلع الإله فما ارعويت
ألا تكفيك آلاء الجليل فتبقى *** كلما امتحن اشتكيت

إذا لم يكف هذا فأنت ميت *** وإن لم تدر بعدُ فما دريت؟
وإن غمرتك أفضال الكريم *** ولم تروِ الفؤاد فـأنت ميت
وإن لم يسر في دمك الثناء *** على نعم الإله فأنت ميت
وإن لم يشف صدرك صبر شوق *** إلى يوم الجزاء فأنت ميت

فرَضِّ النفس عن قدر الخبير *** وإلا فالمهالك إن أبيت
وقل يا رب أنّى لي بشكر *** يوافي ما امتننت وما اعتنيت
ألا فاذكر نعيمًا سرمديًا *** بغمس فيه إذا بك قد نسيت
ستنسى كل بأساء وضر كأنك *** ما حزنت وما بكيت 

  • 11
  • 1
  • 3,656
المقال السابق
(21) قصيدة بحب الله أتصبر
المقال التالي
(24) لماذا لا نستمتع بالنعم

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً