زاد المعاد - هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجمعة وذكر خصائص يومها (2)

منذ 2015-01-02

سارعوا إلى الجُمُعة في الدنيا، فإن الله تبَارك وتعالى يَبْرُزُ لأهل الجنة في كل جمعة.

وقال ابن أبي الدنيا في كتاب (صفة الجنة): حدثني أزهر بن مروان الرقاشي، حدثني عبد الله بن عَرَادة الشيباني، حدثنا القاسم بن مُطيِّب، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حُذيفة، قال: قال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتاني جِبْرِيل وفي كَفّه مِرْآةٌ كأحْسَنِ المرَائي وأضْوَئِها، وإذا في وَسَطِها لَمْعَةٌ سوداءُ، فقلت: ما هذه اللَّمْعَةُ التي أرى فيها؟ قال: هذه الجُمُعَةُ، قلت: وما الجُمعَةُ؟ قال: يَوْمٌ مِنْ أَيَّام رَبِّكَ عظيم، وَسَأخْبِرُكَ بِشَرَفِهِ وفَضْلِهِ في الدّنيا، وما يرجى فيه لأهله، وأُخْبِرُك باسْمه في الآخِرة، فأما شَرَفه وَفَضْلُهُ في الدنيا، فإن الله عزَّ وجَلَّ جَمَعَ فيه أمر الخلق، وأمَّا ما يُرجَى فيه لأهله، فإنَّ فيه سَاعَةً لا يُوافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ أَوْ أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ يَسْأَلانِ الله تعالى فيها خَيْرًا إلا أعطاهما إياه، وأمَّا شَرَفُهُ وَفضْلُهُ في الآخِرَة واسْمه، فإنَّ الله تباركَ وتَعَالى إذا صَيَّرَ أهْلَ الجنَة إلى الجَنَّة، وأهْل النار إلى الناَّر، جَرَتْ عليهم هذه الأّيَام وهذه اللَّيالي، ليس فيها لَيلٌ وَلاَ نَهَارّ إِلاَّ قَدْ علم اللهُ عزَ وَجَلَّ مِقدَارَ ذَلِكَ وَسَاعَاتِه، فإذا كان يَوْمُ الجمُعَة حين يخرج أهل الجُمُعَةِ إلى جُمُعَتِهم، نادى أَهْلَ الجنَّة مُنَادٍ، يا أهْل الجَنَّة اخرجوا إلى وادي المَزيد، ووَادي المَزيد لا يعلم سعَة طوله وعرضه إلاَّ اللهُ، فيه كُثبَانُ المِسك، رؤوسها في السَّمَاء قال: فَيخْرُج غِلْمَانُ الأنْبِياء بمنابرَ مِنْ نور، ويخرج غِلْمَانُ المؤمنين بِكَراسي مِنْ يَاقوتٍ، فإذا وُضِعَتْ لَهم، وَأَخَذَ القَوْمُ مَجَالِسَهم، بَعَثَ اللهُ عليهم ريحًا تدعى المُثيرة، تُثيرُ ذلك المِسكَ، وتُدْخِله مِن تَحتِ ثِيابِهِم، وتُخْرِجهُ في وجوهِهِم وأشْعارِهِم، تِلْك الرِّيح أَعْلَم كَيفَ تَصْنَع بِذلِكَ المِسكِ مِن امرأةِ أحَدِكُم، لو دُفعَ إليها كُلُّ طِيب على وَجْه الأرض. قال: ُثم يُوحي الله تبارك وتعالى إلى حَمَلَة عَرْشِهِ: ضَعُوه بَين أَظهُرِهِم، فيكون أوّلَ ما يَسمَعونَهُ منه: إليَّ يا عبادي الذين أطاعُوني بِالغَيب وَلم يَروني، وصَدَّقوا رُسُلِي، واتَّبَعوا أمْري، سَلُوني فهذا يَومُ المَزيد، فيجَتَمِعُونَ على كَلِمَةٍ واحِدَةٍ: رضِيْنا عَنْك فَارْضَ عَنَّا، فيرْجِعُ اللهُ إلَيهم: أَنْ يَا أَهلَ الجَنَّة إِنِّي لَوْ لم أَرْضَ عَنْكُم لم أُسْكِنْكُم داري، فَسَلُوني فهذا يَوْمُ المَزيد، فَيَجْتَمِعُونَ على كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ: يا رَبَّنَا وَجْهَكَ نَنْظُرْ إليه، فيَكْشِفُ تلْكَ الحُجُبَ، فَيَتجَلَّى لهم عَزَّ وجَلَّ، فَيَغْشَاهُم مِنْ نُوره شَيءٌ لَوْلا أَنّه قَضَى ألا يَحْتَرِقُوا، لاحْترَقوا لِما يَغْشَاهُم مِنْ نُورِهِ، ثُمَّ يُقالُ لَهُم: ارْجعوا إلى مَنازِلِكم، فيَرْجِعون إلى مَنَازِلِهِم وَقَدْ أَعْطَى. كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ الضِّعْفَ عَلَى مَا كانوا فيه، فَيَرْجِعُون إلى أَزْوَاجِهِم وقد خَفُوا عَلَيْهِنَّ وَخَفِينَ عليهم ممَّا غَشِيَهمْ مِن نُورِهِ، فإذا رَجعُوا تَرادَّ النُّورُ حَتَّى يَرْجِعُوا إلى صُوَرِهم الّتي كانوا عَلَيْها، فَتَقول لَهُم أَزْوَاجُهُم: لَقَدْ خَرَجْتُم مِنْ عِنْدِنَا على صورة ورَجَعْتُم عَلى غَيْرِها، فيقولون: ذلك لأنَّ اللهَ عَزّ وجَلُّ تَجَلَّى لنا، فَنَظَرْنا مِنْه قال: وإِنَّهُ وَاللهِ ما أحاطَ به خَلْقٌ، وَلكنَّهُ قَد أراهم مِنْ، عظَمَتِهِ وَجَلالِهِ ما شَاءَ أَنْ يُرِيَهُم قال: فَذلِكَ قولهم فَنَظَرْنا مِنْه، قال: فَهُم يَتَقَلَّبُون في مِسْكِ الجَنَّة ونَعيمِها في كلِّ سَبعَةِ أَيَّام الضعفَ عَلى مَا كَانوا فيه . قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَذَلِكَ قَوْلُه تعالى: {فَلا تَعْلَمُ نَفسٌ ما أُخْفِيَ لَهُم مِنْ قُرَةِ أَعْينٍ جَزاءً بِمَا كَانوا يَعمَلون} [السجدة:17]».

ورواه أبو نُعيم في (صفة الجنة) من حديث عِصمة بن محمد حدثنا، موسى بن عقبة، عن أبي صالح، عن أنس شبيهًا به.
وذكر أبو نعيم في (صفة الجنة) من حديث المسعودي، عن المِنهال، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: سارعوا إلى الجُمُعة في الدنيا، فإن الله تبَارك وتعالى يَبْرُزُ لأهل الجنة في كل جمعة على كثيب من كافور أبيض، فيكونون منه سبحانه بالقرب على قدر سُرعتهم إلى الجمعة، ويُحدِثُ لهم من الكرامة شيئاً لم يكونوا رأوه قبل ذلك، فيرجِعون إلى أهليهم وقد أحدث لهم.

  • 0
  • 0
  • 922
المقال السابق
هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجمعة وذكر خصائص يومها (1)
المقال التالي
هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجمعة وذكر خصائص يومها (3)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً