من أسباب خيبة العِلم في بلادنا!

منذ 2014-10-31

أبناءنا وبناتنا في بلادنا لا هم حصلوا على حلاوة تدبُّر عظمة أفعال الله وإدراته للطبيعة؛ ولا هم حصلوا على إثارة وحلاوة أن يروا المعادلات تتحوّل إلى واقعٍ ملموس أمامهم... فكرِهوا العلم، وطبيعي في ظل هذه الطريقة المتدنية في تناوله أن يكروه!

كنت أُذاكِر مع ابنتي درس فيزياء حول الجاذبية، وكنت أشرح بحماسٍ وانفعالٍ واستشعارٍ لكل كلمة أقولها في الدرس، وفي الحقيقة كنت سعيدًا أني أُحبِّب ابنتي في الفيزياء! فقاطعتني قائلة: "لماذا تحب نيوتن إلى هذه الدرجة؟!".

قلت لها: "أنا لا أحب نيوتن... ثم أن نيوتن ليس هو مخترع القوانين بل هو مكتشفها، أما خالقها فهو الله".

قالت: "كيف؟".

قلت: "ان الفيزياء هي دراسة الأسلوب البديع الذي يُدير الله به الكون".

ثم أردفت: "ألسنا نحب الله تعالى؟! أرأيت لأن تأمّلنا في أفعاله واستشعرنا عظمته! ألا يكون ذلك شيءٌ يخفق له القلب حبًا لله؟".

فنظرت إليَّ ابنتي نظرة شفقةً علي! وعاملتني على قدر عقلي وقالت: "حسنًا، لكني لا أحب الفيزياء"...!

خرجت من هذا الحديث مكتئبًا حزينًا، ليس لأن ابنتي لا تحب الفيزياء! فالأمر هو ميولٌ أوّله وآخره، لكن لأنها كرِهت الفيزياء، وسبب كُرهها لها -في نظرها- أنها مادةً جافةً صماءَ تعج بالطلاسم ولن ننتفع بها في النهاية!

أما عن كونها جافةً صماء فهذا بسبب أنها لا ترى معنىً سامٍ وراء تِلكم الدراسة فهي دراسة بنكهةٍ إلحادية، دراسة تخلو تمامًا من ذكر الله إلا عندما يريدون نفي وجوده كما تكلّم ستيفن هاوكنج! والأمل الوحيد في ظل ذلك العَفَن المادي هو أن تنضج وتعلم أن تلك الدراسة تستطيع أن تخدم بها قضايا الإسلام!

والسبب الثاني: في كونها مادةًٌ كريهة -خاصةً في بلادنا- أن الأطفال لا يدخلون المعامل! إلا ليتعلّموا كيف يجرون التجربة في اختبار المعمل! إنهم لم يتذوقوا متعة رؤية ما يعرفونه من معادلاتٍ نظريةٍ حادثةً أمام عينيهم! حينها أريت لابنَتَي طريقة تدريس الدكتور Walter Lewin بروفيسور الفيزياء في MIT لمادة الفيزياء:

http://www.youtube.com/watch?v=7Zc9Nuoe2Ow

فتعجبتا جدًا من ذلك الرجل المخبول! الذي يتشعلق في البندول ويتأرجح به أمام الطبة ليثبت لهم أن الزمن الدوري للبندول لا يعتمد على الكتلة المُعلّقة في الخيط! فقاس الزمن الدوري بكتلة كرةٍ صغيرةٍ ثم تعلّق بالخيط وقاسه بكتلته هو - واثبت أمام الطلبة باستخدام ساعة الإيفاف stopwatch أن الزمنين متطابقين إلى دقةٍ عاليةٍ جدًا!

فقلت في نفسي حزينًا مُتحسِّرًا! أما هم في الغرب فقد حُرِموا نعمة تدبُّر عظمة الله من وراء ستار معادلات وقوانين الطبيعة، لكن بعضهم حظيَ بمثل هذا الرجل الفذ الذي يتحدّى الناس ألا يحبوا الفيزياء بعد محاضراته!

لكن أبناءنا وبناتنا في بلادنا لا هم حصلوا على حلاوة تدبُّر عظمة أفعال الله وإدراته للطبيعة؛ ولا هم حصلوا على إثارة وحلاوة أن يروا المعادلات تتحوّل إلى واقعٍ ملموس أمامهم... فكرِهوا العلم، وطبيعي في ظل هذه الطريقة المتدنية في تناوله أن يكروه!

قرّرت أن أكون إيجابيًا ولا أيأس من محاولاتي، وقرّرت أيضًا شراء معملٌ مُصغّر للعلوم في بيتنا حتى أُرِيَ ابنتي كيف يُدير الله عز وجل العالم بعظمةٍ تخفقُ لها القلوبُ وجلًا وحُبًا.

 

Editorial notes: برجاء خفض الصوت عند انطلاق الموسيقى في (الثانية: 26 حتى الدقيقة 1:18) الأخيرة من الفيديو.
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي

  • 0
  • 0
  • 3,188

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً