لطيفةٌ ولا أروَع.. في صَوم عَاشُــــوراء

منذ 2014-11-02

إذا قلنا: إن صومَ عَرفة يُكفِّر ذنوبَ سنتين، سنةٍ قبله إلى عَرفة السابق، وأخرى بعده إلى عَرفة القادم، هكذا سَنتان، وبينهما فقط عاشوراء واحد ، يُكفِّر هو الآخر ذنوبَ سَنة.. فكيف تُكفَّر ثلاثُ سنوات، مابين سنتين فقط؟!

مَعلومٌ أن صومَ يوم عَرفة يُكفِّر ذُنوبَ سنتين؛ سنةٍ ماضية، وسنةٍ باقية، وصوم يوم عاشوراء؛ يُكفِّر ذنوبَ سنةٍ ماضية فقط.. وها هنـــا إشكالان، وهـما:

الأول: إذا كان صومُ عَرفة سيُكفر ذنوبَ سنةٍ قادمة، وعاشوراء يأتي بعد عرفة، بقرابة شهرٍ فقط، فالظاهر حينئذٍ، أن صومَ عاشوراء لا قِيمة له؛ لأن يومَ عَرفة كفيلٌ بمغفرة ذنوب هذه السَّنة.

ثانيًا: إذا قلنا: إن صومَ عَرفة يُكفِّر ذنوبَ سنتين، سنةٍ قبله إلى عَرفة السابق، وأخرى بعده إلى عَرفة القادم، هكذا سَنتان، وبينهما فقط عاشوراء واحد يُكفِّر هو الآخر ذنوبَ سَنة.. فكيف تُكفَّر ثلاثُ سنوات، ما بين سنتين فقط؟!

وقد أجاب ابنُ القيِّم رحمه الله، عن هذه الإشكالات، جوابًا شافيًا، في كتابه الماتع (الوابِل الصيِّب)، أُلخِّصُه في نقاط:
أولًا: ها هنا قاعدتان مُهمَّتان، بهما تزولُ هذه الإشكالات، وغيرها:
الأولى: تفاضل الأعمال عند الله تعالى، بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإخلاص والمحبة وتوابعها.
الثانية: تكفير العمل للسيئات، بحسب كماله ونقصانه.

ثانيًا: ويا لله العجَب! فلَيتَ العبدَ إذا أتَى بهذه المُكفرات كلِّها؛ أن تُكفر عنه سيئاتِه باجتماع بعضها إلى بعض، والتكفيرُ بهذه؛ مَشروطٌ بشروط، موقوفٌ على انتفاء الموانع كلِّها، فحينئذٍ يقع التكفير، وأما عملٌ شَملتْه الغفلةُ أو لأكثره، وفقَد الإخلاصَ الذي هو روحُه، ولم يُوفِّ حقَّه، ولم يَقْدره حقَّ قَدْره؛ فأيُّ شيءٍ يُكفِّر هذا؟!

ثالثًا: ومُحبطاتُ الأعمال ومُفسداتها أكثر مِن أن تُحصَر، وليس الشأنُ في العمل، إنما الشأن في حِفظ العمل، مما يُفسدُه ويُحبطُه، وأكثرُ الناس ما عندهم خبرٌ من السيئات، التي تُحبط الحسنات، فمعرفةُ ما يُفسد الأعمال، في حال وقوعِها، ويُبطلها ويُحبطها بعد وقوعها مِن أهمِّ ما ينبغي أن يُفتِّش عليه العبدُ، ويحرصَ على عملِه، ويَحذَره.

رابعًا: لو سلَّمنا بأن الله قد قبِلَ العملَ، وكُفِّرت ذنوبُ سنتين؛ فما فضَل عن التكفير يَنال به العبدُ عُلوًّا في الدرَجات.

قلتُ: ولا حَرج على فضل الله وكرَمِه، فأحسِنُوا الظنَّ بالله، وأقبِلُوا..
فذُنوبُنا حقيرةٌ في كبير عَفْوِه، وسيئاتُنا ضئيلةٌ في عظيم فضلِه. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو فهر المسلم

باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله

  • 6
  • 0
  • 27,535

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً