أخطاؤنا مع القرآن الكريم

منذ 2014-12-21

مليار ونصف المليار مسلم على ظهر الأرض وليست كلمتهم العليا! ومعظم بلدانهم محتلة فعليًا أو فكريًا وهذا الواقع لا يخفى على أحد، ولهذا الوضع المؤسف أسباب، وأهم هذه الأسباب التخلي عن القرآن الكريم كمنهج ومرشد وموجه وهاد إلى الطريق المستقيم..

الحمد لله وبعد..
قال الله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء من الآية:141]، لكن الحال أن لغير المسلمين على المسلمين سبيل وألف سبيل، ولزوال الدنيا أهون على الله من أن يخلف وعوده، إذًا ما المشكلة؟ المشكلة في المسلمين وليس في وعد الله، مليار ونصف المليار مسلم على ظهر الأرض وليست كلمتهم العليا! ومعظم بلدانهم محتلة فعليًا أو فكريًا وهذا الواقع لا يخفى على أحد، ولهذا الوضع المؤسف أسباب، وأهم هذه الأسباب التخلي عن القرآن الكريم كمنهج ومرشد وموجه وهاد إلى الطريق المستقيم، وأذكر هنا بعض مظاهر هذا التخلي وبعض أخطائنا مع القرآن الكريم..

أولا: الهجر وهو أنواع (هجر إيمان، هجر عمل، هجر تلاوة واستماع وتدبر).
وقد ذكر الله لنا في سورة الفرقان أن الرسول يشتكي أمته إلى الله فقال: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان:30].

فهجر الإيمان بالقرآن الكريم وهو أخطر أنواع الهجر، وينتج عن عدم الإيمان به عدم التصديق بما فيه وعدم تطبيق أوامره واجتناب نواهيه، وهذا ظاهر لدى كثير من الناس، والسبب الرئيسي في ضعف الإيمان بالقرآن هو عدم معرفة الله تعالى معرفة حقيقية، فلو عرفنا الله حق المعرفة سينتج عن ذلك تصديق كلامه فمشكلة العالم الإسلامي الحقيقية أنهم لا يعرفون الله حق المعرفة، فنحن نعرف الأوامر ولكننا لا نعرف الآمر وهو الله، وإذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر، وهناك ثلاث طرق رئيسية للتعرف على الله.

التعرف عليه من خلال أسمائه، والتعرف عليه من خلال كلامه، والتعرف عليه من خلال النظر في الكون، وسأكتب قريبًا عن معرفة الله لأوضح الأمر أكثر..

والنوع الثاني من الهجر هجر العمل والتطبيق، ويتعلق هذا الهجر أكثر بمن منَّ الله عليهم بحفظ القرآن، فحفظ القرآن من أعظم النعم.

والنوع الثالث من الهجر هجر التلاوة والاستماع، وقد قال الله: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} [المزمل من الآية:4]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} [فاطر:29].

والنوع الرابع هجر التدبر، وهل نزل القرآن إلا لنتدبره ولنعمل بما فيه؟ قال الله تعالى {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29].

ثانيا: الحرج والضيق من القرآن، وقد حذر الله تعالى من ذلك فقال: {كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ} [الأعراف من الآية:2] فتجد بعض الناس لديه حرج وكسوف من أن يتحدث بالقرآن، أو أن يصدع بتلاوته، أو أن تحتوي خطبته ودرسه على آيات القرآن الكريم..

ثالثا: الاهتمام بالكتب والمؤلفات الأخرى وترك القرآن! وهذه مشكلة كبيرة وظاهرة خطيرة حيث كثرت المؤلفات في شتى المجالات والتخصصات آلاف الرسائل وآلاف الأبحاث وانشغلنا كثيرًا عن القرآن، حتى تجد أحدهم وهو يقرأ مقاله أو كتاب عندما يأتي على الآية القرآنية يمر عليها ولا يقرأها وحاله يقول أعرفها وأحفظها..!

رابعًا: ترك تعلمه وتعليمه وقد قال عليه الصلاة والسلام: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (صحيح البخاري:5027)

خامسًا: ترك الاحتكام إليه فيما يعترضنا من مشاكل وهموم في حياتنا، وقد حذر الله من ذلك فقال: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء من الآية:65].

سادسًا: أننا نتعامل مع القرآن وكأنه يخاطب قومًا آخرين، وهذا ترسب لدى البعض بسبب أخطاء بعض التفاسير في طرح معنى الآية، ولا أقصد طبعا ما أثر وما ثبت بنص يقوي المعنى، فيجب علينا أن نتعامل مع القرآن على أنه يخاطبني أنا بشخصي، وأستطيع أن أقول إن القرآن الكريم يعتبر بمثابة رسول خاص لكل واحد فينا، فإذا انقطعت الرسالة وختمت برسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن القرآن باقٍ إلى أن تقوم الساعة بحفظ الله تعالى، وسأتحدث بالتفصيل في مقال قادم عن القرآن المعجزة.

والله تعالى أعلم..
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الخير الكبير.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

سعد الدين فاضل

كاتب إسلامي مصري

  • 10
  • 0
  • 13,904

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً