علاقة الشيطان بهجر القرآن

منذ 2014-12-21

الأمم المتقدمة عسكريًا تنفق مليارات الدولارات في التجسس على عدوهم لمعرفة خطته وأساليبه، ووسائله القتالية، وقد اختصر الله علينا هذا المجهود الكبير حينما وضح لنا عداوة الشيطان {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}، ووضح لنا وسائله في الإغواء في آيات عديدة.

ما من عبادة أمرنا الله بأن نبدأها بالاستعاذة غير تلاوة القرآن الكريم، فلماذا؟
القرآن هو الصراط المستقيم وهو المنهج القويم لإصلاح البشر، وقد عرف الشيطان هذا فيبذل كل مجهود في أن يحول بيننا وبينه، حتى يحقق أمنيته وهي أن يوردنا مورد الهلاك {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَاب} [فاطر من الآية:6].

الأمم المتقدمة عسكريًا تنفق مليارات الدولارات في التجسس على عدوهم لمعرفة خطته وأساليبه، ووسائله القتالية، وقد اختصر الله علينا هذا المجهود الكبير حينما وضح لنا عداوة الشيطان {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر من الآية:6]، ووضح لنا وسائله في الإغواء في آيات عديدة.

وقوله تعالى: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف من الآية:16]، دلالة واضحة على أن أهم أهداف الشيطان هو أن يحول بيننا وبين أن نصل إلى مراد الله من كلامه وهو القرآن الكريم، لذلك أرشدنا الله إلى أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند تلاوة القرآن فقال: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل:98]، حتى تتلقى منهج الله من خلال تدبر آياته، فلا يكون للشيطان دور أبدًا في أن يصرفك عن كلام الله، والاستعاذة في أدق معنى لها هي طلب العون من الله على هذا مواجهة هذا العدو اللعين..

وهنا عدة تساؤلات لماذا وجد الشيطان في حياتنا؟ وما هي الطرق والأساليب التي يتبعها لصدنا عن تلقى منهج الله من خلال كلامه؟ وهل هناك وسيلة جذرية لقطع هذه العداوة فلا يكون للشيطان علينا سبيل؟

أولاً: لماذا وجد الشيطان في حياتنا؟
الإجابة ابتلاء واختبار وتمحيص، وهذا هو الفارق بين الإنسان والملائكة، أن الإنسان لديه شهوات بخلاف الملائكة، فإذا تغلب الإنسان على شهواته وإغواء الشيطان له كانت النجاح والفلاح وإلا الخسران

ثانيا: الطرق والأساليب التي يتبعها في الإغواء كثيرة وفصلها الله في القرآن الكريم وأذكر منها: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} [الساء:119]، فيبدأ بالضلال فيبعدك عن الحق والصواب، ثم بالأماني ثم يصير الإنسان بعدها متبعًا لخطوات الشيطان فيأمره أمرًا ولآمرنهم لذلك قال الله محذرًا في أكثر من آية {لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [النور من الآية:21].

ووضح لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جانبًا من وسائله كما في الحديث: «يعقدُ الشيطانُ على قافيةِ رأسِ أحدِكم إذا هو نام ثلاثَ عُقَدٍ، يضربُ على كلِّ عقدةٍ: عليك ليلٌ طويلٌ فارقد، فإنِ استيقظَ فذكر اللهَ انحلَّتْ عقدةٌ، فإن توضأَ انحلَّتْ عُقدةٌ، فإن صلَّى انحلَّتْ عُقدةٌ فيُصبحُ نشيطًا طيِّبَ النفسِ قد أصاب خيرًا، وإن لم يفعل أصبح كسلانَ خبيثَ النفسِ، لم يُصِبْ خيرًا» (صحيح الترغيب:647).

ثالثا: هل هناك وسيلة جذرية لقطع هذه العداوة، فلا يكون للشيطان علينا سبيل؟
بالطبع نعم لأن الله حينما ذكر لنا وعود الشيطان قال مستثنيا فئة من الناس فقال: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر من الآية:42]، فحتى تنجو من وساوس الشيطان هناك شرط واحد، هو أن تكون من عباد الله، وهنا أود أن أوضح الفرق بين العباد والعبيد، فكلاهما مفرده عبد، لكن عبيد تشمل كل البشر، فكل العالم عبيد لله بإرادتهم أو بغير إرادتهم..

أما عباد فهم من تحكموا في شهواتهم وفق منهج الله تعالى، فجاهدوا أنفسهم على فعل الطاعات وعلى ترك المعاصي خوفًا وخشية من الله، وحبًا له وطلبًا لرضاه، فصاروا عبادًا لله ولذلك حينما تقرأ في سورة الفرقان في صفاتهم: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} [الفرقان:63]، إلى آخر الآيات فتجد أن الله استخدم لفظ عباد..

وهنا أود أن ألفت الانتباه إلى أمر هام للغاية في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة من الآية:186]، وكما سبق أن قلنا زوال الكون أهون على الله من أن يخلف وعده، فلماذا لا يستجيب الدعاء؟ أظنك عرفت الإجابة وهي في قوله {عِبَادِي} فشرط استجابة الدعاء أن تحقق أنت أولاً العبودية لله بعدها انتظر الإجابة، وفى قوله أيضًا {إِذَا دَعَانِ} أي إذا استجاب لأوامري وانتهى عما نهيته عنه، ويؤخذ هذا المعنى من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة» (سنن الترمذي:3247).

فما أردت أن أوضحه هنا أن هناك عدو لا هم له إلا إضلالنا وإبعادنا عن فهم القرآن الكريم يجب علينا أن نحتاط منه وأن نأخذ حذرنا

فلنحافظ على الصلوات في جماعة وخاصة صلاة الفجر، ولنقرأ الأذكار ولنحافظ على ورد قرآني يوميًا، ولنقرأ سورة البقرة وآل عمران في البيت الذي نعيش فيه، ولنحارب الشيطان بكل ما أوتينا من قوة، حتى نحقق الوصول إلى مراد الله من كلامه إذا ما قرأنا القرآن الكريم.

وفى النهاية أطلب من حضراتكم واجبًا عمليًا، ابحثوا في القرآن والسنة عن وسائل الشيطان لإغواء الإنسان، وابحثوا عن كيفية التصدي لعداوة الشيطان.. والله تعالى أعلم
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

سعد الدين فاضل

كاتب إسلامي مصري

  • 12
  • 0
  • 23,814

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً