مأساة النخبة والمصلحين في المجتمعات المتخلفة

منذ 2015-01-01

المؤلم حقاً أن يكون طلب الرزق في مجتمعاتنا المتخلفة مادياً وأدبياً يأكل الوقت كما تأكل النار الهشيم، فحتى بكون هذا وسيلة إنما هي وسيلة لا تتحقق الغاية من ورائها؛ لأنه لا لوقت لتحقيقها، والمؤلم أكثر أن يكون لديك وقت صغير لتحقيق غايتك من طلب رزقك، فلا يسلم هذا الوقت من طمع كل من له حقٌ فيه بدعوى أنه حق..

لا بد للإنسان من رسالة سامية في الحياة، يتحدد قدرها بما منَّ الله به عليه من نعم.
والنخبة الذين أنعم الله عليهم بنعمة العقل على وجه الخصوص هم أكثر الناس معاناة في مجتمعاتنا..
وطلب الرزق لا بد أن يكون وسيلة وإلا بكونه غاية ينُزع عن الإنسان إنسانيته، فهو لا يحقق حق العبادة لله تعالى؛ لأنه بدد ما أنعمه الله عليه في غير عبادة الله..

والمؤلم حقاً أن يكون طلب الرزق في مجتمعاتنا المتخلفة مادياً وأدبياً يأكل الوقت كما تأكل النار الهشيم، فحتى بكون هذا وسيلة إنما هي وسيلة لا تتحقق الغاية من ورائها؛ لأنه لا لوقت لتحقيقها، والمؤلم أكثر أن يكون لديك وقت صغير لتحقيق غايتك من طلب رزقك، فلا يسلم هذا الوقت من طمع كل من له حقٌ فيه بدعوى أنه حق، ولا شك أنهم يكونون محقين في أغلب الأحوال! ولكنهم ليس لديهم استعداد للتضحية.

بهذا يكون ذوو العقول في بلادنا قد وضعهم أعداؤهم من الداخل والخارج في حصار ضيق، أشبه بحضانات الأفكار المفيدة لهم، يفكرون لهم ولا ينفعون مجتمعاتهم إلا بالنذر اليسير وذلك يتحقق بالآتي:

1- أن يكون طلب رزقهم لا يتناغم مع أهدافهم التي تخدم مجتمعهم بواقعية، فنجد ذوي العقول مسروقين في الخارج، ومن لم يستطع العدو أن يسرقه لينتفع به خارج بلاده سرق وقته وجهده، وتفكيره لهدف ترقية بلاده في الخارج، لأنهم يشتغلون بأعمال هي أعلى ما يمكن عن المتطلبات الحقيقية لنهضة بلادهم.

2- أن تنتشر ثقافة الأنانية بين ذوي هؤلاء النخبة من الناس، فيطلبون لنفسهم البقية المتبقية من وقتهم وجهدهم، للالتفاف بهم والتحدث في أمور غير ذات معنى، وإن فاجأ ذو العقل هذا ذويه بمحاضرة مفيدة أو معلومات نفيسة فإنهم يُعرضون عنه كما يُعرض المتقون عن الفواحش والكبائر، فالناس تريد أن تعيش (لا أن تحيا) وحسب، فلا تجد التضحية عند ذوي النخبة إلا قليلاً، فيسقطون بتخليهم عن التضحية من رتبة النخبة -إذا ساعدوا ذوييهم- إلى مجرد مُلحقين بهم إن لم يكونوا عبئاً عليهم، فحالهم بين عدم اكتراث وعدم تشجيع بل تثبيط لهم.

3-أن يصابوا بالإحباطات المتكررة لعدم وجود من يؤازرهم في مجتمعاتهم، بل عدم وجود من يقدرهم ويشجعهم على استكمال الطريق الشاق بين الأشواك.

اللهم أحينا إن كانت الحياة خيراً لنا، وأمتنا إن كان الموت خيراً لنا، اللهم إليك المشتكى، اللهم إنا مغلوبون فانتصر. فحسبنا أنت ونعم الوكيل.
والله أعلم. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي

  • 0
  • 0
  • 1,261

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً