محمد الأمين؛ شيخ بألف

منذ 2015-01-04

ومن علو همته أنه انقطع للعلم حتى فاتته الكثير من حظوظ الدنيا، ولم يلتفت لها طلبًا للحور العين.

من أعلام القرن الماضي العلامة المفسر؛ شيخ المسجد النبوي؛ الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله.

قال عنه صاحب كتاب صلاح الأمة: "محمد الأمين الشنقيطي صاحب (أضواء البيان)، حفظ القرآن في بيت أخواله وعمره عشر سنوات، وتعلم رسم المصحف العثماني عن ابن خاله، وقرأ عليه التجويد في مقرأ نافع برواية ورش، وقالون من رواية أبي نشيط، وعمره ست عشرة سنة".

ومن علو همته أنه انقطع للعلم حتى فاتته الكثير من حظوظ الدنيا، ولم يلتفت لها طلبًا للحور العين.

وقد صور الشيخ شدة انشغاله في شأن طلب العلم في شبابه، بقوله رحمه الله: "ومما قلت في شأن طلب العلم؛ وقد كنت في أخريات زمني في الاشتغال بطلب العلم دائم الاشتغال به عن التزويج؛ لأنه ربما عاق عنه، وكان إذ ذاك بعض البنات ممن يصلح لمثلي يرغب في زواجي ويطمع فيه، فلما طال اشتغالي بطلب العلم عن ذلك المنوال، أيست مني، فتزوجت ببعض الأغنياء، فقال لي بعض الأصدقاء: إن لم تتزوج الآن من تصلح لك؛ تزوجت عنك ذوات الحسب والجمال، ولم تجد من يصلح لمثلك، (يريد أن يصرفني عن طلب العلم)، فقلت في ذلك هذه الأبيات:

دعاني الناصحون إلى النكاح    .:.      غداة تزوجت بيض الملا

فقالوا لي: "تزوج ذات دلٍّ       .:.     خلوب اللحظ جائلة الوشاح

- (2872) يقال وِشاحٌ جائِلٌ: أَي سَلِسٌ. (تاج العروس؛ للزبيدي:28/253).

ضحوكًا عن مؤشرة رقاق    .:.      تمج الراح بالماء القراح

- (2873) والماء القراح: الماء الذي لم يخالطه شيء يُطيب به. (لسان العرب؛ لابن منظور:2/561).

كأن لحاظها رشقات نبل       .:.       تذيق القلب آلام الجراح

ولا عجب إذا كانت لحاظ     .:.       لبيضاء المحاجر كالرماح

- (2874) محاجر: جمع محجر، وهو من العين: ما دار بها، وبدا من البرقع، أو ما يظهر من نقابها.

انظر: (القاموس المحيط؛ للفيروزآبادي:ص 372).

فكم قتلت كميًا ذا دلاص       .:.     ضعيفات الجفون بلا سلاح".

- (2875) ذا دلاص: ذا درع لينة.
انظر: (لسان العرب؛ لابن منظور:7/37).

فقلت لهم: "دعوني إن قلبي  .:.   من الغيِّ الصُّراح اليوم صاح

- (2876) الغي: الضلال والخيبة.
(انظر لسان العرب؛ لابن منظور:15/140).

ولي شغل بأبكار عذارى     .:.    كأن وجوهها غرر الصحاح

أبيت مفكرًا فيها فتضحى    .:.     لفهم الفدم خافضة الجناح".

- (2877) صلاح الأمة في علو الهمة؛ لسيد العفاني:1/576).

وقد ترجم الداعية الشيخ عبد الرحمن الهرفي تاريخ حياة العلامة محمد الأمين رحمه الله فقال:

ترجمة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (1).

- اسمه ونسبه:
الإمام العلامة المفسر محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر بن محمد بن أحمد نوح بن محمد ابن سيدي أحمد بن المختار الشنقيطي واسمه الصحيح آب، وهو من قبيلة حمير العربية.

- ولقبه:

آبّا، بمد الهمزة وتشديد الباء؛ من الإباء.

- ولادته ونشأته:
ولد رحمه الله عام خمسة وعشرون وثلاثمائة وألف من الهجرة، ونشأ يتيمًا فقد توفي والده وهو صغير، وترك له ثروة من الحيوان والمال.

- طلبه للعلم:
حفظ القرآن وهو دون العاشرة من عمره ، درس خلال حفظه للقرآن بعض المختصرات في فقه الإمام مالك؛ كرجز الشيخ ابن عاشر، ودرس خلالها الأدب والنحو، والسيرة على زوجة خاله، قال الشيخ رحمه الله: "أخذت عنها مبادئ النحو، ودروس واسعة في أنساب العرب، وأيامهم، ونظم الغزوات لأحمد البدوي الشنقيطي، وغيرها".

ثم درس بقية العلوم على جمع من العلماء؛ منهم الشيخ محمد بن صالح المشهور، والشيخ محمد الأفرم، والشيخ أحمد عمر، والشيخ محمد زيدان، والشيخ محمد النعمة، والشيخ أحمد بن مود، وغيرهم، فقد أخذ عنهم النحو والصرف والأصول والبلاغة والتفسير والحديث، أما المنطق وآداب البحث والمناظرة فيقول: "أنه حصله بالمطالعة".

قال الشيخ رحمه الله: "لما حفظت القرآن، وأخذت الرسم العثماني، وتفوقت فيه على الأقران، عنيت بي والدتي وأخوالي أشد عناية، وعزموا على توجيهي للدراسة في بقية الفنون؛ فجهزتني والدتي بجملين أحدهما عليه مركبي وكتبي، والآخر عليه نفقتي وزادي، وصحبني خادم، ومعه بَقَرَات وقد هيئت لي مركبي كأحسن ما يكون المركب، وملابس كأحسن ما تكون فرحًا بي، وترغيبًا لي في طلب العلم.(2)

- همته في طلب العلم:

وطلب العلم حتى بز فيه الأقران، ولما طلب منه بعض أقرناءه الزواج قال رحمه الله في جوابهم:

دعاني الناصحون إلى النكاح      .:.      غداة تزوَّجتْ بيض الملاحِ

فقالوا لي تزوج ذات دلٍّ        .:.      خلوب اللحظ جائلة الوشاحِ

تبسم عن نوشرة رقاق          .:.          يمج الراح بالماء القراح

كأن لحظها رشقات نبل        .:.          تذيق القلب آلام الجراح

ولا عجب إذا كانت لحاظ      .:.          البيضاء المحاجر كالرماح

فكم قتلت كميًّ إذا دلاصٍ     .:.       ضعيفاتُ الجفونِ بلا سلاحِ

فقلت لهم دعوني إن قلبي      .:.      من العي الصراح اليوم صاحٍ

ولي شغل بأبكار العذارى     .:.      كأن وجوهها ضوء الصباح

أراها في المهارق لابسات     .:.        براقع من معانيها الصحاح

أبيت مفكرًا فيها فتضحي         .:.       لفهم القدم خافضة الجناح

أبحت حريمها جبرًا عليها     .:.      وما كان الحريم بمستباح

قال الشيخ عطية حدثني الشيخ رحمه الله فقال: "جئت للشيخ في قراءتي عليه، فشرح لي كما كان يشرح، ولكنه لم يشف ما في نفسي، على ما تعودت، ولم يروِ لي ظمئي (3)، وقمت من عنده وأنا أجدني في حاجة إلى إزالة بعض اللَبْسِ، وإيضاح بعض المشاكل، وكان الوقت ظهرًا، فأخذت الكتب والمراجع، فطالعت حتى العصر، فلم أفرغ حتى المغرب، فأوقد لي خادمي النار، وكنت أشرب الشاي الأخضر كلما كسلت، حتى انبثق الفجر، وأنا في مجلسي لم أقم إلا لصلاة، أو تناول طعام، حتى فرغت من درسي، وزال اللبس عني".


- وبرز في الشعر، ومما قاله رحمه الله:

أنقذت من داء الهوى بعلاج         .:.    شيب يزين مفارقي كالتاج

قد صدني حلم الأكابر عن لمى(4)   .:.    شفة الفتاة الطفلة المغناج

ماء الشبيبة زارع في صدرها     .:.     رمانتي روض كحق العاج

وكأنها قد أدرجت في برقع      .:.       يا ويلتاه بها شعاع سراج

وكأنما شمس الأصيل مذابة     .:.       تنساب فوق جبينها الوهاج

يعلي لموقع جبينها في خدرها   .:.       فوق الحشية ناعم الديباج

لم يبك عيني بين حي جيرة      .:.      شدوا المطي بأنسع الأحداج

نادت بأنغام اللحون حداتهم      .:.      فتزيلوا والليل أليل داج

لا تصطبيني عاتق في دلِّها    .:.       رقت فراقت في رقاق زجاج

غضوبة منها بنان مديرها      .:.      إذ لم تكن مقتولة بمزاج

طابت نفوس الشرب حيث أدارها    .:.  َشأٌ رمى بلحاظ طرف ساج

أو ذات عود أنطقت أوتارها    .:.      بلحزون قول للقلوب شواجي

فتخال رنات المثاني أحرفًا     .:.      قد رددت في الحلق من مهتاج

قال الشيخ عطية رحمه الله: "سألت الشيخ عن تركه الشعر مع قدرته عليه، وإجادته، فقال رحمه الله: لم أره من صفات الأفاضل، وخشيت أن أشتهر به، والشعر أكذبه أعذبه فلم أُكْثِر منه".

وكان الشيخ رحمه الله يتورع عن الفتوى إلا في شيء فيه نص من كتاب أو سنة، قال ابنه الشيخ عبد الله: "جاءه وفد من الكويت، في آواخر حياته فسألوه في مسائل، فقال أجيبكم بكتاب الله، ثم جلس مستوفزًا وقال: الله أعلم {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء:36]، لا أعلم فيها عن الله، ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم شيئًا، وكلام الناس لا أضعه في ذمتي، فلما ألحوا عليه قال: فلان قال كذا، وفلان قال كذا، وأنا لا أقول شيئًا.

قال الشيخ عطية: "وسألته عن تركه للفتوى، فقال: يجب التحفظ فيما ليس فيه نص قاطع من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم"، ويتمثل بقول الشاعر:

إذا ما قتلت الشيء علمًا فقل به     .:.   ولا تقل الشيء الذي أنت جاهله

فمن كان يهوى أن يرى متصدرًا   .:.    ويكره لا أدري أصيبت مقاتله

- أعماله في بلاده:

من بين أعماله التي تولاها في بلاده؛ التدريس والفُتيا، ولكنه اشتهر بالقضاء، وبالفراسة فيه، ورغم وجود الحاكم الفرنسي إلا أن المواطنين كانوا عظيمي الثقة فيه، فيأتونه للقضاء بينهم من أماكن بعيدة، وكان يقضي في كل شيء إلا الدماء، والحدود، وكان لها قاض خاص.

- خروجه من بلاده:

خرج من بلاده لأداء فريضة الحج بَرًا، بنية العودة، فقد كان في بلاده يسمع عن الوهابية، وكان من فضل الله ومنته علينا وعليه أن قَدُمَ الحج، ونزل -بدون علمه- بجوار خيمة الأمير (خالد السديري) دون أن يعرف أحدهما الآخر، وكان الأمير (خالد) يبحث مع جلسائه بيتًا في الأدب -وهو ذواقة أديب-، إلى أن سألوا الشيخ فوجدوا بحرًا لا ساحل له، فكانت تلك الجلسة بداية منطلق لفكرة جديدة، فأوصاه الأمير إن قدم المدينة أن يلتقي بالشيخ (عبد الله بن زاحم)، (وعبد العزيز بن صالح)، وفي المدينة التقى بهما، وتباحث معهما ما سمع عن الوهابية، وكان صريحًا فيما عرض عليهما مما سمع عن البلاد، فدارت بينهم جلسات، وكان أكثرهما مباحثة معه فضيلة الشيخ (عبد العزيز بن صالح)، حتى اقتنع الشيخ بأن منهج المجدد الإمام (محمد بن عبد الوهاب) منهج ذو سلف، وأنه منهج سليم العقيدة، يعتمد الكتاب والسنة، وعليه سلف الأمة، ثم رغب في البقاء في المسجد النبوي؛ لتدريس التفسير، ودرس عليه الشيخ عبد العزيز بن صالح الصرف.

اختير للتدريس في المعهد العلمي بالرياض عند افتتاحه، فكان يدرس في الرياض، ويقضي إجازته في التدريس بالمسجد النبوي، ثم كان له دور في تأسيس الجامعة الإسلامية في المدينة، ثم عُيِّنَ كأحد أعضاء هيئة كبار العلماء عند بداية تشكيلها، وكان عضوًا في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي.

- تلامذته:

لا يحصهم إلا الله جل وعلا، حيث طال تدريسه في المعهد العلمي، ومن ثم في كلية الشريعة، ثم في المسجد النبوي، ولكن نذكر أكابر من درس عنده فمنهم:

1/ سماحة الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله؛ درس على الشيخ، شرح سلم الأخضري في المنطق، وكان يحضر حلقة الشيخ في الحرم النبوي .

2/ الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله؛ سأله في مسائل في التفسير والمنطق، ولَازَم دروسه في التفسير في الحرم النبوي.

3/ معالي الشيخ صالح اللحيدان؛ درس عليه في كلية الشريعة.

4/ الشيخ حمود العقلا الشعيبي رحمه الله؛ درس عليه في الكلية، وفي البيت، كما سيأتي.

5/ الشيخ عبد الله الغديان؛ درس عليه في كلية الشريعة.

6/ الشيخ العلامة محمد الصالح العثيمين رحمه الله؛ درس عليه في كلية الشريعة.

7/ معالي الشيخ عبد المحسن العباد؛ درس عليه في كلية الشريعة.

8/ معالي الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد؛ لازمه عشر سنين، وأخذ عنه المنطق، والأنساب، والتفسير.

9/ معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان؛ حدثني بذلك وفقه الله لكل خير، درس عليه في كلية الشريعة.(5)

10/ الشيخ العلامة عبد العزيز القارئ؛ لازمه حوالي ثماني سنين، و درس عليه في الجامعة الإسلامية.

11/ الدكتور عبد الله قادري؛ درس عليه في كلية الشريعة.

12/ ابنه الأستاذ الدكتور عبد الله.

13/ ابنه الأستاذ الدكتور المختار.

14/ عدد كبير من الشناقطة؛ منهم الشيخ أحمد بن أحمد الشنقيطي، والدكتور محمد ولد سيدي الحبيب، والدكتور

محمد الخضر بن الناجي بن ضيف الله.

وغيرهم كثير.

- تراث الشيخ رحمه الله:

* مؤلفاته:
نسب بني عدنان نظم يقول في مطلعه:

سميته بخالص الجمان   .:.    في ذكر أنساب بني عدنان

1/ كان ألفه في شبابه ثم دفنه لأنه يقول: "إنما ألفته للتفوق به على الأقران فدفنته لأن تلك كانت نيتي، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لصححت النية، ولم أدفنه".(6)

2/ رجز في البيوع على مذهب الإمام مالك ومطلعها:

الحمد لله الذي قد ندبا    .:.   لأن تميز البيع عن لبس الربا

ومن بالمؤلفين كتبًا     .:.     تترك أطواد الجهالة هبا

تكشف عن عين الجواد الحجبا   .:.   إذا حجاب دون علم ضربا

3/ ألفيته في المنطق ومطلعها:

حمدًا لمن أظهر للعقول    .:.      حقائق المنقول والمعقول

وكشف الرين عن الأذهان    .:.   بواضح الدليل والبرهان

4/ نظم في الفرائض، مطلعها:

تركة الميت بعد الخامس       .:.     من خمسة محصورة عن سادس

وحصرها في الخمسة استقراء   .:.    وانبذ لحصر العقل بالعراء

5/ منع جواز المجاز على المنزل للتعبد والإعجاز.

6/ دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب.

7/ مذكرة في الأصول على روضة الناظر.

8/ أدب البحث والمناظرة.

9/ أضواء البيان.

10/ الرحلة إلى أفريقيا؛ بعناية الدكتور خالد السبت وفقه الله لكل خير.

* ما فرغ من الأشرطة، وجمع من غيرها (7):

1/ العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير؛ تحقيق الدكتور خالد السبت. (8)

2/ آيات الصفات.

3/ حكمة التشريع.

4/ المثل العليا.

5/ المصالح المرسلة.

6/ حول شبهة الرقيق.

7/ اليوم أكملت لكم دينكم.

قال لي شيخنا الشيخ حمود رحمه الله: "درستُ على الشيخ في الكليّة، وفي البيت، وأما في البيت فكانت لي دراسة يومية معه في الأصول والمنطق، وكانت في المنطق سلّم الأخضري وشرحه، وفي الأصول روضة الناظر، وأتممتها على الشيخ رحمه الله، وكانت دراستي لها دراسة جيدة، وكانت الدراسة لوحدي بعد المغرب، وأذكر أنني لما تخرجت من الكلية عُينت قاضيًا في وادي الدواسر، فذهب الشيخ الشنقيطي للشيخ محمد بن إبراهيم وقال له: هذا لا يمكن أن يُعين في القضاء؛ بل في التدريس؛ لما يظهر منه من أهلية لهذا، وبروز في التدريس، والشيخ محمد بن إبراهيم إذا عَيَّن أحد في القضاء لا يمكن أن يتراجع أبدًا مهما حصل، ولكنه كان يُجِلُّ الشيخ الشنقيطي، ويحترمه جدًا، وكان عِلْم الشيخ الشنقيطي غزيرًا جدًا، خاصة في الأصول والمنطق والتفسير والتأريخ واللغة والأدب، وكان منقطع النظير في هذه، ويجمع لها غيرها".

فسألته رحمه الله: "ولماذا هذه العناية بالدراسة على الشيخ الشنقيطي بالذات؟"

فقال لي: "الشيخ محمد هو شيخي، وإمامي، في كل شيء، وكان من خيرة العلماء؛ علمًا وورعًا وزهدًا رحمه الله،

وغفر له، وكان يعاملني مثل أولادة ويعتبرني ولدًا له".

وسألت الشيخ حمود عن كلام بعض الناس أن الشيخ محمد الأمين رحمه الله عندما جاء للحج لم يكن على عقيدة

أهل السنة فهل هذا صحيح؟

فقال الشيخ رحمه الله: "كلا! لم يكن الشيخ الأمين على خلاف مذهب أهل السنة، بل كان من المتحمسين لمذهب

السلف وعقيدة أهل السنة" .

*وفاته رحمه الله:

توفي في ضُحي يوم الخميس، الموافق السابع عشرة من ذي الحجة لسنة ثلاث وتسعون وثلاثمائة وألف من

الهجرة، وصلى عليه سماحة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله في الحرم المكي.

قال الشيخ أحمد بن أحمد الشنقيطي -وهو غاسل الشيخ-: "من الغريب أن أحد أقاربه حاجًا معه في سيارته؛ فرأى ليلة جَمَعْ أن الرسول صلى الله عليه وسلم توفي، وأنه جاءه فوجده مسجى عليه ثوب، فرفع الثوب، فوجد أن الميت نبي، ولكنه ليس محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ فَقَبَّله في جبينه، فلما حكى الرؤيا على الشيخ، سأله: "وما يدريك أنه ليس بمحمد؟! قال: لم تتوفر فيه الصفات الثابتة بالسُنة التي نعرفها، فتكدر وجه الشيخ، فقال الرجل: أظنه أضغاث أحلام، فقال الشيخ: لا! بل هي رؤيا، ولكن يقضي الله خيرًا".

*مراثيه:

قيل في الشيخ مراثٍ كثيرة؛ منها ما رثاه به الشيخ محمد بن مدين الشنقيطي، وفيها قال:

الله أكبر، مات العلم والورع.    .:.    يا ليت ما قد مضى من ذاك يرتجع

يبكي الكتاب؛ كتاب الله غيبته  .:.    كذا المدارس والآداب والجمع

مفسرُ الذكر الحكيم، وما       .:.    من الحديث إلى المختار يرتفع

أخلاقه الشهد ممزوجًا بماء صفا    .:.  وما يغير طبعًا زانه طبع

فهو الإمام الذي من غيره تبع   .:.     له، وهل يستوي المتبوع والتبع

إلى أن قال:

حدث بما شئت من حلم ومن كرم    .:.     وانشر مآثره فالباب متَّسع

* قال عن نفسه، وقالوا عنه:

- "لا توجد آية في كتاب الله إلا درستها على حده".

(محمد الأمين الشنقيطي).

- "ملئ علمًا من رأسه إلى أخمص قدميه".

- "آية في العلم والقرآن واللغة وأشعار العرب".

(الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ).

- "جزى الله عنا الشيخ محمد الأمين خيرًا على بيانه هذا، فالجاهل عرف العقيدة، والعالم عرف الطريقة

والأسلوب".

(الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم آل الشيخ).

- "من خيرة العلماء علمًا وورعًا وزهدًا".

- "وكان علْم الشيخ الشنقيطي غزيرًا جدًا، خاصة في الأصول والمنطق والتفسير والتأريخ واللغة والأدب، وكان

منقطع النظير في هذه ويجمع لها غيرها" .

(الشيخ العلامة حمود العقلا).

- "يذكرني بشدة حفظه واستحضاره للنصوص بشيخ الإسلام ابن تيمية".

(الشيخ محمد ناصر الدين الألباني).

- "لو كان في هذا الزمان أحد يستحق أن يسمى شيخ الإسلام لكان الشيخ محمد الأمين".

(معالي الشيخ بكر أبو بكر).

________________________

(1) كتب ترجمة للشيخ   ترجمة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي د.عبدالرحمن السديس ، أضواء البيان الشيخ عطية سالم: 10/28، علماء ومفكرون عرفتهم محمد المجذوب: 1/171، علماؤنا: 20.

(2) أضواء البيان؛ ترجمة الشيخ:  10/28.

(3) قال الشيخ عبد الرحمن السديس المسألة هي: قول خليل في باب النكاح: ( في عشرة ندبه ولو بيع سلطان لفلس).

(4) معنى اللمي سمرة الشفتين واللثات يستحسن، ومما قيل في معنى اللمى: "يضحكن عن مثلوجةِ الأثلاج ** فيها

لمى من لعسة الأدعاج"، وهو اسم ابنتي الكبرى، حفظها الله وزينها بالإيمان، والعمل الصالح.

(5) راجع كتاب مسائل في الإيمان؛ لمعالي الشيخ صالح الفوزان بعنايتي.

(6) طبقات النسابين؛ بكر أبو زيد، مؤسسة الرسالة:298، برقم: 656، قال الشيخ بكر: "كان الشيخ يقول لي: إن

هذا العلم لم يتلقه عني في جزيرة العرب إلا أنت".

(7) ويجمع معالي الشيخ بكر أبو زيد مجموعة من آثار الشيخ؛ منها: فتوي في السعي في الدور الثاني، والصلاة

في الطائرة، ومنظومة في الفقه.

(8) جمعه الدكتور خالد وفقه الله؛ من أشرطة سجلت للشيخ في المسجد النبوي، وسيخرج قريبًا بإذن الله تعالى.

(9) ترجمة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي؛ الشيخ عبدالرحمن السديس: 179.

(10) السابق: 186.

___________________

رابط صفحة الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي بموقع طريق الإسلام

http://ar.islamway.net/scholar/83/ 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 1
  • 0
  • 9,560

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً