الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف - (7) تعريف المولد (1)

منذ 2015-01-18

بعد سقوط الخلافة الإسلامية الراشدة وانقسام بلاد المسلمين وتمزقها وما تبع ذلك من ضعف وانحراف في العقائد، والسلوك، وفساد في الحكم والإدارة ظهرت بدعة المولد النبوي الشريف كمظهر من مظاهر الضعف والانحراف.

المولد النبوي الشريف وحكم الإسلام فيه

تعريف المولد (1)

ما هو المولد النبوي الشريف؟ إن المولد النبوي الشريف في عرف اللغة العربية هو المكان أو الزمان الذي ولد فيه خاتم الأنبياء وإمام المرسلين محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

فمولده المكاني فداه نفسي وأبي وأمي هو دار أبي يوسف المقام عليها اليوم مكتبة عامة بمكة المكرمة.

ومولده الزماني هو يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل على أشهر الروايات وأصحها، الموافق لأغسطس من عام سبعين وخمسمائة من تاريخ ميلاد المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام.

هذا هو المراد من كلمة المولد النبوي الشريف في العرف اللغوي، والذي لم يعرف المسلمون غيره طيلة ستة قرون وربع قرن أي من يوم نزول الوحي إلي مطلع القرن السابع الهجري، ثم بعد سقوط الخلافة الإسلامية الراشدة وانقسام بلاد المسلمين وتمزقها وما تبع ذلك من ضعف وانحراف في العقائد، والسلوك، وفساد في الحكم والإدارة ظهرت بدعة المولد النبوي الشريف كمظهر من مظاهر الضعف والانحراف، فكان أول من أحدث هذه البدعة الملك المظفر صاحب إربل من بلاد الشام[1] غفر الله لنا وله، وأول من ألف فيها مولدا أبو الخطاب بن دحية سماه: التنوير في مولد البشير النذير قدمه للملك المظفر الآنف الذكر فأجازه بألف دينار ذهبا.

ومن طريف ما يعلم في هذا الشأن أن السيوطي ذكر في كتابه الحاوي أن الملك المظفر مبتدع بدعة المولد قد أعد سماطا في أحد الموالد التي يقيمها وضع عليه خمسة آلاف رأس غنم مشوي، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة فرس، ومائة ألف زبدية، وثلاثين ألف صحن حلوى. وأنه أقام سماعا للصوفية من الظهر إلى الفجر، وكان يرقص فيه بنفسه مع الراقصين.

فكيف تحيا أمة ملوكها دراويش يرقصون في حفلات الباطل، وإنا لله وإنا إليه راجعون؟!

وإن قيل: وإذا كان المولد بدعة أفلا يثاب فاعله على أفعال البر التي فيه من ذكر ودعاء وإطعام طعام؟ نقول: هل يثاب على صلاة في غير وقتها؟ هل يثاب على صدقة لم تقع في موقعها؟ هل يثاب على حج في غير وقته؟ هل يثاب على طواف حول غير الكعبة أو على سعي بين غير الصفا والمروة؟ فإن قيل في كل هذه لا، لا، قيل كذلك في أفعال البر المصاحبة للمولد لا، لا، لعلة الإحداث فيها والابتداع الذي صاحبها، إذ لو صح ذلك وقبل من فاعله لأمكن الإحداث في الدين، وهذا مردود بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»[2].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الصواب أنها من أعمال الموصل لا الشام. 

(2) تقدم وأنه رواه مسلم في صحيحه

 

كتاب الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف

تأليـف / فضيلـة الشيـخ أبي بكر جابر الجزائري

المصدر: طريق الاسلام

أبو بكر جابر الجزائري

مدرس بالمسجد النبوي وعضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية سابقا

  • 6
  • 1
  • 18,339
المقال السابق
(6) الموالد عامة وحكم الإسلام عليها
المقال التالي
علل غير كافية في إقامة المولد (2)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً