الحوثية .. الأهداف الإستراتيجية والتكتيك السياسي

منذ 2015-01-22

تهدف الحركة الحوثية إلى استعادة الحكم الإمامي البائد، بالتوكؤ على نظرية الولاية والاصطفاء لآل البيت التي يحاولون تكريسها كجزء أساس من الدين.

تهدف الحركة الحوثية إلى استعادة الحكم الإمامي البائد، بالتوكؤ على نظرية الولاية والاصطفاء لآل البيت التي يحاولون تكريسها كجزء أساس من الدين.

ومؤخراً أفصح قيادي في جماعة الحوثي عن هذا المخطط بالقول: إن صعدة هي جمهورية مستقلة، وأن لا علاقة لباسندوة أو الرئيس هادي بها، وهي تخضع لقيادة السيد عبد الملك الحوثي ولا أحد ينكر ذلك على حد قوله.

وقال القيادي في الجماعة في تصريح لـ" إسلام تايمز": " أنا أتحدى أي شخص أو فرد أو حتى منظمة تزور محافظة صعدة دون أخذ إذن مسبق من قبلنا، ومن سيقوم بذلك فهو سيغامر بحياته، وأضاف: آن الأوان أن تعود الدولة بأكملها لأحفاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم –"، ما يعني الالتفاف على أهداف الثورة الشعبية، وإسقاط مشروع الدولة اليمنية الحديثة القائمة على حرية الاختيار، والمواطنة المتساوية والتداول السلمي للسلطة عبر العملية الديمقراطية.

وفي سياق هذا المخطط يسعى المشروع الحوثي إلى فصل شمال اليمن عن جنوبه، فهو ونتيجة لمورثه التاريخي (السياسي والطائفي) لا يؤمن باليمن الموحد، ولا يعمل لأجل بقائه في إطار دولة واحدة، لذا يؤازر الحوثيون الحراك الانفصالي المسلح ويدفعون بقوة نحو انفصال الجنوب.

ولتعزيز موقفهم يخطط الحوثيون لبناء جيش مواز، بالتعاون مع أجنحة صالح في السلطة، والاستعانة بالخبرات الإيرانية، حيث كشفت مصادر قبلية في محافظة صعدة عن وجود توجه حقيقي للحوثيين لإنشاء قاعدة عسكرية إيرانية حوثية مشتركة في جبال مران بمحافظة صعدة، وتأتي شحنات الأسلحة التي ضبطتها السلطات اليمنية في البحر العربي ضمن التحضيرات التي تجري لإنشاء القاعدة العسكرية الإيرانية (الحوثية)، بمساعدة خبراء إيرانيين وعناصر من حزب الله وصلوا صعدة لهذا الغرض.

التعاون الحوثي الإيراني العسكري

في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» أكد وزير الخارجية الدكتور أبوبكر القربي أن نتائج التحقيق الذي قام به أخيراً فريق من مجلس الأمن حول شحنات الأسلحة التي دخلت اليمن، أكدت تورط إيران في عمليات تهريب الأسلحة والمتفجرات، مبينا أن إيران، عوضا عن أن تمد يد العون والمدد لأشقائها في اليمن، قامت بإرسال الأسلحة وشبكات التجسس، متسائلاً عما قدمته إيران الرسمية من دعم حقيقي لليمن وهي التي تردد رسميا دعمها للوحدة والاستقرار في اليمن.

وذكر مسؤول يمني رفيع أن جزر البحر الأحمر اليمنية تحولت في الآونة الأخيرة إلى مخازن للأسلحة المهربة، والتي قال: " إن إيران تسعى إلى إدخالها إلى الحوثيين في محافظة صعدة"، وذكر المسؤول اليمني: " أن ورشاً كثيرة تم بناءها في محافظة صعدة لإعادة تجميع بعض الأسلحة التي تأتي من إيران".

في السياق، رصدت الأجهزة الأمنية نشاطات غير مشروعة تقوم بها الدبلوماسية الإيرانية في دعم خلايا حوثية مسلحة في العاصمة صنعاء منها استقدام خبراء عسكريين إيرانيين لتطوير أداء تلك المجموعات المسلحة التابعة للحوثي بعد أن تلقى المئات من أعضائها تدريبات عسكرية في جنوب لبنان في معسكرات تابعة لحزب الله وللحرس الثوري الإيراني، وشددت المصادر الأمنية تحذيراتها من خطورة المخطط الذي تنفذه جماعة الحوثي بإشراف خبراء إيرانيين ـ والذي يتجه نحو تفجير الأوضاع ـ وتمكينهم من السيطرة على مناطق محددة في العاصمة صنعاء ومحيطها، إضافة إلى ما يقومون به من استعدادات لتفجير الأوضاع العسكرية على الحدود الشمالية مع السعودية.

التكتيك السياسي

يلعب الحوثيون ضمن خطوات تكتيكية مدروسة؛ لبلوغ أهدافهم الاستراتيجية سالفة الذكر، فقد أبرموا تحالفات واتفاقات سرية مع الحراك الانفصالي المسلح، وأجنحة النظام السابق الموالية لصالح، لخلق مزيد من الفوضى والفراغ الأمني لإنهاك الحكومة والرئيس هادي بغية إفشال مؤتمر الحوار الوطني والتأثير على نتائجه.

فالحوثيون توقعوا انهيار نظام الرئيس هادي بفعل الفوضى والاختلالات الأمنية والاحتجاجات الفئوية المستمرة ضد الحكومة، وطوال الوقت ظل الحوثي يستزيد من الأسلحة ويستعد لحرب يراها قادمة لا محالة، وفي إطار التكتيك السياسي، يلعب الحوثيون على نغمة التدخلات الأمريكية في اليمن، وبخاصة ضربات الطائرات بدون طيار التي توقع أحياناً أبرياء، فيصورون الوضع وكأنه احتلال أمريكي لليمن، ليضربوا عصفورين بحجر واحد، فمن جهة يسهل اتهام الرئيس هادي وحكومة الوفاق- التي يشاركون فيها بوزير دولة- بالعمالة لأمريكا، والتشكيك في ولائهم الوطني وتعبئة الرأي العام ضدهم. ومن جهة ثانية، يبرز الحوثي كصاحب قضية وطنية ينافح عنها لجلب الأنصار.

وفي سياق التكتيك السياسي، يعمل الحوثيون بمساعدة إيران على تفريخ أحزاب سياسية جديدة تحت لافتات بعيدة عن توجهاتهم: " الحزب الديمقراطي- الحزب الليبرالي- حزب الأمة"، في الوقت الذي يتوسعون ميدانياً خارج حدود معقلهم في صعدة، في محاولة للوصول إلى البحر، وفي هذا الاتجاه، أكدت تقارير إعلامية أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وفي إطار تعزيز تحالفه مع الحوثيين، أهدى زعيم الجماعة مقره في حجه المطل على ميناء ميدي، ومزرعة قريبة منه؛ ليسهل سيطرتهم على الميناء، وفي جانب آخر، يستميت الحوثيون في احتواء الثورة الشبابية ومحاولة قيادتها والظهور كمتحدثين ومنافحين عنها، وهو أخطر تكتيكاتهم السياسية، وقد عملوا على تأسيس ما يسمى بـ "جبهة إنقاذ الثورة" التي ضمت لفيفاً من شخصيات سياسية وإعلامية ونشطاء من شباب الساحات، وينتمي غالبية هؤلاء إلى تيار اليسار، ويهدف الحوثيون إلى تشكيل قوة ثالثة، من خلال توحيد القوى الرافضة للمبادرة، ورفض طرفيها في السلطة والمعارضة، وخلق تيار ضد الجميع يتبنى شعار "يرحلون جميعاً".

وفي خطوة متقدمة لتعزيز موقفها السياسي، نجحت جماعة الحوثي في إحداث اختراق مهم على الجانب القبلي، وذلك بإشهار ما أسمته " مجلس التلاحم الشعبي القبلي"، الذي تم الإعلان عنه في اجتماع حاشد عُقد في صعدة، مطلع العام 2013م بمشاركة قبلية واسعة من مختلف محافظات الجمهورية، وبحسب مراقبين، فقد وضعت جماعة الحوثي في ذلك المؤتمر(القبلي) الذي ضم قيادات الحركة في كل محافظات ومناطق اليمن، الهيكل الرئيسي لدولة الحوثيين داخل الدولة، بمشاركة من شيوخ قبائل اليمن وسياسييها وضباط في الجيش وقيادات في أحزاب سياسية نزحت إلى حركة الحوثيين بينهم قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام. وتم تشكيل هذا الكيان على أنه تكتل شعبي وليس حركيا، حيث تعمد الحوثيون عدم إظهار أي طابع يتعلّق بهم في الاجتماع الحاشد وعدم حضور زعيمهم عبد الملك الحوثي الاجتماع وذلك من أجل عدم إظهار صلتهم بالتكتل وإبقاء الحركة الحوثية والتنظيم العسكري للحركة في صعدة مغلقاً في الوقت الحالي على المجموعة القديمة التي حاربت الدولة وأسست الفروع في المحافظات الشمالية.

ويُعدّ ذلك المجلس بمثابة خطوة استباقية للاحتماء من نتائج مؤتمر الحوار الوطني، والهروب منه تحت مظلة استكمال أهداف الثورة التي يتخذونها كقميص عثمان.

سلاح الحوثي التهديد الدائم

إصرار الحوثيين على امتلاك ترسانة سلاح هائلة وقوة ضاربة خارج إطار الشرعية، يحمل دلالات غير مطمأنة لمستقبل الوضع اليمني في قابل الأيام، فمن جهة يحاول الحوثيون تكريس وجودهم ومشروعيتهم من بوابة القوة والتلويح بالعنف لفرض سياسة الأمر الواقع. ومن جهة ثانية، فإن هذا الإعداد العسكري والتكديس المهول للسلاح والعتاد ونشر المليشيات، ينبئ عن استعدادات لتفجير الوضع عسكرياً فيما لو جاءت مقررات مؤتمر الحوار الوطني على غير هوى الحوثيين، وعطفاً عليه، يغدو من شبه المستحيل قيام الدولة المدنية المؤسسية في ظل وجود مؤسسات منافسة ومتمردة خارج سلطة الدستور والقانون، وليس هذا فحسب، فالسلاح بأيدي الحوثيين مدعاة لفتح شهيتهم للتوسع والتهام المزيد من المناطق، في ظل هشاشة الدولة، وما تشهده البلاد من فراغ أمني غير مسبوق، وفي هذه الحالة سيكون المواطنون اليمنيون عرضة لبطش الحوثيين وانتهاكاتهم، مثلما هو حاصل اليوم في بعض مديريات محافظة حجة وعمران والجوف، عدا ما يجري بالطبع من انتهاكات صارخة في صعده نفسها، وصلت حدّ بيع الحوثيين أرصفة الشوارع لأصحاب المحال التجارية! وكان تقرير حقوقي لمنظمة وثاق الحقوقية في اليمن كشف عن تسجيل 13905 انتهاكات تعرض لها مدنيون في محافظتي صعدة وحجة على يد جماعة الحوثيين.

وأكد التقرير الصادر عن منظمة "وثاق للتوجه المدني"، أن جماعة الحوثي المسلحة ارتكبت نحو 9039 انتهاكا في صعدة، و4866 انتهاكا في محافظة حجة، وأشار التقرير إلى أن عدد القتلى المدنيين على يد الحوثيين في المحافظتين وصل إلى 655 شخصاً، وبلغ عدد الأطفال الذين قُتلوا برصاص الحوثيين مباشرة 59 طفلاً، أغلبهم بدوافع انتقامية، علاوة على مقتل 48 امرأة، وأشار التقرير إلى وجود أسر تم قتلها بشكل جماعي من قبل مسلحي الحوثي، وخلال جولات الحرب الست، قال التقرير: إن الحوثيين قتلوا 531 مدنياً في صعدة، كما هجّروا 5300 شخص من منازلهم، وتم الاستيلاء على مزارعهم، وكل أملاكهم، وقال إنهم يمتلكون 36 سجناً في 7 مديريات من مديريات صعدة الخاضعة لسيطرتهم، كما سقط عشرات القتلى والجرحى من طلاب معهد دماج بصعدة بنيران مقاتلي الحوثي وقناصتهم بعد حصار شديد فرض عليهم استمر من 20 أكتوبر 2011 إلى يناير 2012م، كما وصلت خلافات الحوثيين وحروبهم حتى إلى أبناء الزيدية أنفسهم من المخالفين لتوجهات الحوثي أمثال جماعة العلامة عبد العظيم الحوثي، الذي قال: بأن الحوثيين لا يمثلون المذهب الزيدي، ولا يوجد وجه للتمثيل، وذهب إلى أبعد من ذلك في توصيفه لهم قائلاً: " جهادهم أفضل من الصلاة وأفضل من جهاد اليهود، وأنهم أخبث من إسرائيل وأضرّ على الإسلام".

وأشتكى الرجل، الذي تربطه صلة قرابة بعائلة الحوثي، من أن الجماعة متجبرين وعندهم أسلحة فتاكة ومال وجهاز إعلامي لمحاولة التعتيم على أي صوت يرتفع من أصوات المظلومين. كل ذلك يقدم دليلاً ناصعاً على استحالة التعايش مع الفكر الحوثي السلالي الطائفي، وسلاحه غير الشرعي الذي يكرسه دولة داخل الدولة، بزعم أحقيته في الحكم، واصطفاءه كسليل للطيبين الطاهرين!!

عادل أمين

  • 0
  • 0
  • 13,823

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً