الرسول صلى الله عليه وسلم والواقع السياسي المعاصر

منذ 2015-01-23

تمر الأمة الإسلامية بخمسة نظم من أنظمة الحكم على خمس مراحل؛ المرحلة الأولى مضت، والثانية مضت، والثالثة مضت، وأنت الآن في المرحلة الرابعة؛ وهي مرحلة الملك الجبري، وهو الذي قام منذ سقوط الدولة العثمانية إلى يومنا هذا، ثم بعد ذلك ستأتي المرحلة المرجوة المنتظرة التي يأملها كل مسلم، وهي مرحلة الخلافة التي تكون على منهاج النبوة.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
روى الإمام أحمد عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا غاضًا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيّاً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» ثم سكت، يؤخذ من هذا الحديث عدة فوائد:


الفائدة الأولى:
تمر الأمة الإسلامية بخمسة نظم من أنظمة الحكم على خمس مراحل؛ المرحلة الأولى مضت، والثانية مضت، والثالثة مضت، وأنت الآن في المرحلة الرابعة؛ وهي مرحلة الملك الجبري، وهو الذي قام منذ سقوط الدولة العثمانية إلى يومنا هذا، ثم بعد ذلك ستأتي المرحلة المرجوة المنتظرة التي يأملها كل مسلم، وهي مرحلة الخلافة التي تكون على منهاج النبوة.

الفائدة الثانية:
أن السمة البارزة لهذه المرحلة هي الحكم بالقوة، فلا يصل إلى الحكم إلا من لديه سطوة وقوة، فإذا فقد هذه القوة زال سلطانه، واستولى على الحكم أقوى منه، وذلك خلاف المراحل السابقة الراشدة يحكم فيها الأولى، والعضوض يحكم فيه الوريث، بينما الجبرية يحكم فيها الأقوى.

الفائدة الثالثة:
طالما احتيج الأمر إلى الحكم الجبري لإقامة الدين وتسيير مصالح العباد كان هذا سياسة شرعية، فلم يترك لنا النبي صلى الله عليه وسلم نظامًا ثابتًا للحكم، وإنما ترك مبادئ ومعايير للحكم، فالنظام يقام على حسب ما تقتضيه مصالح العباد؛ وهو السياسة الشرعية، فالمقصود هو إقامة مصالح العباد بدون فتنة ولا فساد.

الفائدة الرابعة:
يدل الحديث على أن أي محاولة لتغيير هذه السمة المميزة لهذه المرحلة، والانتقال بهذا النظام الجبري إلى نظام آخر، إن لم يكن إلى خلافة راشدة على منهاج النبوة -كما اخبرنا المعصوم- فهو انتقال من ملك جبري إلي ملك جبري أخر، كما كان الحال في المرحلة السابقة، فقد تخللت تلك المرحلة عدة دول كلها تتسم بالسمة المميزة لتلك المرحلة، وهي الملك الوراثي العضوض.

إذًا دعاوى الديمقراطية وغيرها دعاوى باطلة، تخالف منهاج النبوة، لن تجني الأمة منها سوى الفساد والفتن وسفك الدماء، واستحقاق الأمة لغضب الله، {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى من الآية:30].

الفائدة الخامسة:
ليس في الحديث ما يدل علي ذم جميع حكام هذه المرحلة، حيث أن قوة الحاكم من أهم معايير وشروط اختيار الحكام، فقد يصل إلى الحكم عدول أكفاء، لكن ذلك مرتهن بأحوال الشعوب، "كما تكونوا يول عليكم"، وقد حدث في المرحلة السابقة بأن تولى حكاماً هم بقية من الراشدين أمثال: (عمر بن عبد العزيز، ونور الدين محمود زنكي، ويوسف بن تاشفين، والخليفة العباسي).

الفائدة السادسة:
ليس هناك ثمة دليل شرعي على وجوب إقامة الخلافة الراشدة، فلم أجد أحدًا من السلف قام بالدعوة الى الجهاد والدعوة لإقامة الخلافة، فقد التزموا بالسمع والطاعة في غير معصية الله لأمرائهم، إبان الملك العضوض، وقد ذكر ابن خلدون في مقدمته: "أن من دعا لمثل ذلك إنما أتي من قلّة فقهه".

الأمر يتوقف على صلاح الناس واستقامتهم: "أعمالكم عمالكم وكما تكونوا يول عليكم"، فعند صلاح الناس واستقامتهم، يولّى الأصلح والكلّ يرضى به دون فتنة ولا فساد، فإن انعدم ذلك ولّي أفضل من تُدرأ به الفتنة والفساد، ويحصل به التمكّن.

المطلوب: إقامة دين الله، فإن احتاج هذا لإمارة لا تتمّ إلا بالتوارث كان هذا هو السياسة..
إن احتاج لإمارةٍ فيها بعض الجبر لبعض الناس، كان ذلك هو السياسة الشرعية.
كلمة التحرير: الذي يحب على الأمة وحاكمها هو تطبيق الشريعة بغض النظر عن شكل النظام السياسي. 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

محمد سلامة الغنيمي

باحث بالأزهر الشريف

  • 28
  • 3
  • 55,770

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً